بعد موعد 23 أكتوبر 2012 مرّ ما يقارب السنة عن تولّي الترويكا مقاليد الحكم في تونس، و شهدت البلاد أحداثا سياسية و أمنيّة و إقتصادية و إجتماعية عديدة، كما حصلت تطوّرات على مختلف المستويات و في شتّى الإدارات و المؤسسات، من هذا المنطلق وجب تقييم آداء الحكومة و تحديد ما لها و ما عليها.في المقال التالي سنحاول تقديم نظرة شاملة و موضوعية لآداء المؤسسة الأمنية بعد تسلّم السيد علي العريض مهامّها كوزير للداخلية.

قبل أيّام من تولّي السيد علي العريّض مقاليد وزارة الدّاخلية في تونس و تحديدا يوم 13 ديسمبر 2011 صرّح محافظ شرطة أعلى سمير الفرياني المدير السابق لمركز تكوين الإدارة العامّة للمصالح الفنيّة بوزارة الدّاخلية ( جهاز المخابرات) لنواة أنّ جهاز “البوليس السياسي” لا يزال قائما و فاعلا في تونس، و استدلّ على ذلك ببطاقة إرشاد تنقل تحرّكاته و توثّق لقائاته بالدكتور منصف المرزوقي و الأستاذ محمّد النوري بمقرّ حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، علما أنّه تمّ إيقاف سمير الفرياني عن العمل يوم 02 فيفري 2012 و إحالته على مجلس الشرف بسبب تصريحه في نواة.

جدير بالذكر أنّ الفرياني نبّه عبر الصحافة و عقب 14 جانفي 2011 إلى إتلاف أرشيف البوليس السياسي وأشار إلى الأماكن التي يتم فيها إعدام الوثائق حيث صرّح أن الوسائط المعدنية يتم حرقها في معمل الفولاذ بمنزل بورقيبة في حين أن الوثائق الورقية كانت تحرق في معمل الورق بحيّ الخضراء وحدّد أن ذلك تمّ أيام 16، 17 و 18 جانفي 2011، كما أشار إلى المتورطين في إعطاء أوامر قتل المتظاهرين أيام الثورة في ولاية القصرين وفق تفاصيل النسيج الأمني حينها وأشار إلى علاقات بن علي بالموساد و حذّر من إتلاف أرشيف الرئيس الفلسطيني الأسبق ياسر عرفات بعد مصادرته من منزله الخاص بتونس، في سياق ذلك أبلغنا الفرياني أنّه توجّه للصحافة بعد معاينته لصمت وزير الداخلية اثر مكاتبته له، علما أنّه تم إيقاف الفرياني يوم 29 ماي 2011 من طرف فرقة مكافحة الارهاب التي تضم أعضاء جهاز أمن الدولة السابق و ذلك على خلفيّة تصريحاته ثمّ تمّ احالته على القضاء العسكري الذي حكم ببرائته مقراً ضمناً حسب محامي الفرياني بصدق تصريحاته.يوم 24 ديسمبر 2011 تولّى السيد علي العريض منصب وزير الدّاخلية في ظلّ حكومة السيد حمادي الجبالي و تمّ تسليم المهامّ عمليّا يوم 26 ديسمبر 2011 و كان هذا نصّ بيان وزارة الدّاخلية الرسمي حول “حفل تسليم مهامّ وزارة الدّاخليّة” :

تولى السيد وزيرالداخلية “الحبيب الصيد ” اليوم الاثنين 26 ديسمبر 2011 بمقر وزارة الداخلية تسليم المهام إلى السيد “علي العريض” وذلك بحضور السيد كاتب الدولة المكلف بالإصلاح ” سعيد المشيشي” وبهذه المناسبة المتميزة التي تعيشها الوزارة و التي يتم من خلالها تحقيق سنة التداول السلمي على السلطة ، أكد السيد “الحبيب الصيد “على ما سيجده السيد الوزير ومساعده في هذه الوزارة من هياكل و أعوان جبلوا على حب الوطن و التضحية و خدمة الصالح العام ، وهم يعتزون بدورهم في إنجاح الثورة، و يساهمون من موقعهم في تحقيق أهدافها ، وكلهم يتحلون بالإرادة و العزم على مواصلة الجهد من أجل خدمة تونس ومناعتها وتقدمها.
وألقى السيد على العريض كلمة رحب خلالها بالحاضرين مستعرضا مدى توفق قوات الأمن الداخلي على امتداد الأشهر الماضية وثمن ما حققته من نجاحات في ترسيخ أسباب الأمن وحماية المجتمع كما أشار إلى النقائص من حيث الإمكانيات المادية والبشرية والإطار القانوني لحماية أعوان الأمن أثناء أدائهم لمهامهم وشدد على ضرورة تطبيق القانون والتصدي لكل المخاطر الداخلية والخارجية مع مراعاة المصلحة العليا للوطن . وحضر هذا الحفل السيد لزهر العكرمي والإطارات السامية بوزارة الداخلية.

تجدر الإشارة أنّنا نشرنا حوارا مع السيد علي العريّض يوم 7 أفريل 2007 أجراه السيد فوزي الصدقاوي عضو الجمعية الدولية لمساندة السجناء السياسيين إخترنا منه أهمّ المقتطفات :

القيادي الإسلامي و الناطق الرسمي باسم حركة النهضة سابقاً ، المهندس علي لعريض هو من مواليد1955،صدر في حقه حكم بالإعدام سنة 1987 ، كما قضت المحكمة في حقه بالسجن لمدة خمسة عشر سنة خلال حملة التسعينات التي شنتها السلطات التونسية ضد حركة النهضة ، أمضى خلالها إثنى عشر سنة في عُزلة إنفرادية وقضى من محكوميته تلك أربعة عشرة سنة قبل أن يُطلاق سراحه سنة2004 . هو الآن عضو في هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات، لكنه ممنوع من الحضور و المشاركة في التظاهرات السياسية القليلة في تونس التي غالباً هي أيضاً ما يُمنع عقدها. عليه جبر إقامة في تونس العاصمة حصراً وممنوع عليه مغادرتها إلا بإذنٍ من السلطات الأمنية، وهو في الغالب، إذنٌ لا يُمنح. لا تتوقف السلطات الأمنية عن تهديده بإرجاعه إلى السجن إن هو لم يُقلع عن محاولاته المشاركة في فعاليات سياسية وحقوقية وثقافية عامة، إن قدر لتلك الفعليات أن يُخلى بينها وبين الناس.
ولأن الجدال الفكري والسياسي حول الحركة الإسلامية في تونس والقضايا الحافة بها لاتزال تثير لدى السياسيين والمفكرين والحقوقيين إشكاليات هي اليوم بينهم محل تأملات عميقة ، طرحنا على السيد علي العريض عدداً من الأسئلة تلخصت في محورين :
محور سياسي عام يتعلق بالحركة الإسلامية في تونس بين مقاصد وجودها و مكاسب تصفيتها .
ومحور نظري يتعلق بالرؤية التي يقترحها الإسلاميون في إستلهام القضايا المعاصرة للمرأة.