Gauche 49

جبنيانة: كيف صارت مدينة تاريخية لليسار؟

يَتشكل جزء كبير من الذاكرة الجمعية في مدينة جبنيانة، ولاية صفاقس، على فكرة ”الخروج عن الحاكم“ التي كانت بالنسبة للأهالي سببا في مظلومية سياسية مازالت مستمرة إلى اليوم. ويلوح الرفض السياسي جزءا مهما في التاريخ المعاصر للمدينة، وقد ساهم في بناء شعور جمعي مشحون -في معظمه- بازدراء للسلطة المركزية وامتداداتها الجهوية. ولئن يعود البعض بتاريخ الرفض في جبنيانة إلى المشاركة الأهلية في معركة التحرر الوطني من الإحتلال الفرنسي، فإن الأكثر لفتا للانتباه استمرار ديناميات الاعتراض السياسي في فترة مابعد الاستعمار، وطيلة هذه الحقبة يبرز الفكر اليساري كفعالية مؤثرة في الإبقاء على حرارة الرفض وتجذيره في المجتمع المحلي، خصوصا في الحركتين التلمذية والطلابية.

عماد الشطي: حكاية عامل يومي اعتنق الفكر اليساري

في مدينة جبنيانة بولاية صفاقس التي تحتفظ بذاكرة خصبة للفكر اليساري، يروي عماد الشطي، 40 سنة، انخراطه في النضال اليساري رغم انقطاعه المبكر عن الدراسة واختيار العمل في البناء والانتصاب في الأسواق. يتحدث عماد عن تأثره بالحركة التلمذية اليسارية الناشطة في المدينة، وعن معايشته لجزء من تجربة العمل السري زمن النظام السابق. يبدو انخراطه في العمل اليساري -رغم انحداره العمالي- ملمحا هامشيا، نظرا لما عُرف عن هذا الفكر من تجذر مقصور على الشرائح المتعلمة والنخب ”المثقفة“. من خلال هذه السيرة الهامشية يروي عماد حكاية اصطدامه بهذا الفكر ومكافحته من أجل أن يصبح ”رفيقا“ ذو مكانة معترف بها.

”نظارات أمي“ لعز الدين الحزقي: دوعاجيات السجن

يُصرّح عز الدين الحزقي في كتابه أنه لم يحلم أبدا داخل السجن، والحال أن أشرطة التذكر كانت تلازمه ليلا حين كان يمارس فسحة الهروب من السجن حاملا معه ”بعضا من رفاقه تشفيا وشماتة في الحاكم“. ”نظارات أمي“ هي تاريخ السجين المستيقظ، صفحات أخرى تُضاف إلى دفاتر اليسار لتُمتّن جدار الذاكرة بأحجار أخرى من الكتابة. تأخّر الرجل كثيرا في إصدار مذكراته السجنية. صدر الكتاب بدار كلمات عابرة في فيفري 2018. حاول من خلاله عزالدين الحزقي تسليط الضوء على فترته السجنية الممتدة من 14 نوفمبر 1973 إلى حدود ماي 1979، بسبب انتمائه إلى تجمع الدراسات والعمل الإشتراكي المسماة إختصارا ونسبة إلى جريدتها الناطقة بالعامية آفاق أو برسبكتيف.

شكري بلعيد الشاعر: ”عاشق مرتبك“ مضى إلى ”نهايته الممكنة“

ربّما نعرف الكثير عن شكري بلعيد المعارض السياسيّ الذي اغتالته رصاصات الإرهاب بسبب مواقفه وأفكاره، ولكنّنا لا نعرف الكثير عن شكري الشاعر. كان بلعيد، على قول محمود درويش، ”يمشي بين أبيات هوميروس والمتنبي وشكسبير، يمشي ويتعثّر كنادل مُتدرّب في حفلة ملكيّة“. كتب العديد من القصائد التي نشرها الاتحاد العام التونسيّ للشغل تحت عنوان ”أشعار نقشتها الريح على أبواب تونس السبعة“ سنة 2015، وقدّم لها الكاتب والجامعي شكري مبخوت الذي تسّلم من الصحافيّة مفيدة العباسي دفترا قديما ”يضمّ وديعة شكري الشعريّة“. ديوان شكري بلعيد غير متوفّر للعموم على اعتبار أن الطبعة الأولى كانت محدودة النسخ، وعلى أمل أن تصدر طبعة ثانية حتى يتعرّف الناس على الوجه الآخر للمعارض السياسيّ الشرس، سنحاول الحديث في هذا المقال عن شكري الشاعر المغمور.

”تبّت يدا أبي لهب“ : خواطر حول ماهية التعذيب

ولد فتحي بن الحاج يحي سنة 1953. حوكم غيابيا بالسجن لمدة سنتين بتهمة الانتماء إلى منظمة العامل التونسي. بعد إيقافه في مارس 1975، أصدرت في شأنه محكمة أمن الدولة عقوبة بالسجن لخمس سنوات و نصف بتهمة التٱمر على أمن الدولة و الإنتماء إلى جماعة محضورة و إجتياز الحدود خلسة. كانت تلك التجربة موضوع إصداره الأول “الحبس كذٌاب… والحيٌ يروٌح” . بعيدا عن بكائيات أدب السجون، يفاجئ فتحي بن الحاج يحي بأسلوبه التراجيدي الكوميدي. بعد أن طلبت منه إحدى قرائه الأوائل مزيدا من الإيضاح حول مسألة التعذيب، يقترح بن الحاج يحي قراءة سوسيولوجية لممارسة تتجاوز جدران المعتقلات.

اليسار في الحكومة الجديدة: قفازات اجتماعية لحكومة ليبرالية

مشاركة هذه المجموعة من وزراء ”اليسار“، سواء من أحزاب عرفت بتوجهاتها السياسية والفكرية ذات المضمون الاجتماعي واليساري، أو النقابيّين المنحازين للمطالب الاجتماعية والحقوق الاقتصادية تأتي في سياق شاذ من تعزيز التحالف بين قوتي اليمين الحاكم بجناحيه الليبرالي والديني الذّي تبنى خلال السنوات الخمس الماضية نهجا اقتصاديا يتماشى مع توصيات هيئات النقد الدولية وبرامج إعادة هيكلة الاقتصاد المحليّ القائمة على إقصاء الدولة من دورها التنظيمي وإلغاء الجانب الاجتماعي ومحاصرة الحراك المطلبي والاجتماعي للفئات المهمشة في الدورة الاقتصاديّة.

الجبهة لا تكون إلا في المعارضة

يعتبر تأسيس الجبهة الشعبية حدثا فارقا في تاريخ اليسار التونسي باعتبار ان الجبهة جمعت مكونات يسارية مختلفة اديولوجيا من ماركسيين وناصريين وبعثيين بالاضافة الى كونها الخيار الثالث الذي يكسر الاستقطاب الثنائي ما بين حركة النهضة ونداء تونس.

هل يكرر يساريو نداء تونس تجربة يساريي نظام بن علي

اجتماع بعض اليساريين مع حزب النداء كان حول “لا” ولم يكن حول “نعم” والتاريخ يؤكد أن الإجتماع حول الرفض والإنكار لا يمكن أن يستمر نظرا لأن هذا الإتفاق ينتهي بانتهاء أسبابه والأيام القادمة ستوضّح مدى نضج هذه العلاقة.

لمـاذا نغـادر الجبهة الشعبية

قرر المناضلون والمناضلات وبأغلبية عريضة، خلال الاجتماع العام المنعقد في باريس يوم 27 سبتمبر 2014، مقاطعة الإنتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2014، كما قرروا في هذا الإطار، القيام بمقاطعة نشيطة، بالإشتراك مع تنسيقيات أخرى في تونس وفي المهجر، للتنديد بالمال الفاسد والرشوة وتمويل المؤسسات الأوروبية والأمريكية لأحزاب وجمعيات تساهم في الحملة الإنتخابية، وللتنديد بالتدخل الإمبريالي المباشر في الشؤون الداخلية للبلاد…

الجبهة الشعبية والإنتخابات : بديل سياسي منشود أم طرف ثالث ؟

تعتبر الجبهة الشعبية من بين أهم الإئتلافات التي تعلقت حولها آمال شعبية كبيرة، إلا أنّها أضاعت طريق الوصول إلى ثقة الناخبين لأسباب عديدة أهمها القرارات السياسية المتذبذة والوقوع في شراك التحالفات الظرفية التي كان حزب نداء تونس أهم المستفيدين منها. هذا بالإضافة إلى هشاشة دور القيادي حمة الهمامي وضعف قدرته على تقديم شخصه وحزبه كعنصر فاعل وقادر على التغيير في البلاد.