Gauche 49

جدلية الفرص والهوامش : مجموعة الامتيازات ضد المهمشين

ماهو القاسم المشترك بين كل المواطنين الذين رأوا في أستاذ جامعي مساعد رمزا لهم فانتخبوه؟ وماهو القاسم المشترك بين كل الذين صوتوا للرئيس ترامب والحال أنه ليس أكثر المترشحين دفاعا على طبقاتهم؟ وماهو العامل الجامع بين كل الأوكرانيين الذين وجدوا ضالتهم في ممثل فكاهي يتقمص دور أستاذ تاريخ؟ الأكيد أن العالم يعيش ظاهرة جديدة تغير السائد في الانتخابات والحياة السياسية.

الجيل المخضرم والانحياز للشعب لإسقاط المنظومة (الجزء الثالث)

يبدو أن الدول التي عرفت الاستعمار وتقيّدت بسبب الديون المتراكمة عليها بمناويل تنموية تابعة لأقطاب الرأسمالية العالمية، وعرفت بالتوازي نظما سياسية دكتاتورية مثل تونس، قد طورت أشكالا اقتصادية خاصة بها تقوم على نظام ريع المواقع. فالاقتصاد الريعي التابع لا يعرف الرسملة، هومُقيّدconditionné, assigné بمنوال يضمن سلب الثروة وتراكم جزء منها لدى الطغمة الحاكمة مقابل أن يذهب الباقي لتقوية أقطاب الاقتصاد الرأسمالي المعولم.

جبل جلود: شكري بلعيد ”ديما حي“ بين سكان منشئه الأول

“كان شابا قوي الشخصية، فصيح وجريء. كان ينتهي من يوم دراسته في المعهد الثانوي برادس ثم يمر إلى دار الثقافة بجبل جلود، هناك تحمى النقاشات الأيديولوجية ويعلو صوت الاختلاف في تقييم كل شيء سياسي في العالم وليس في تونس فقط. كانت فترة أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، حين كنا ننشط في دار الثقافة ونحاول أن نؤسس خلايا عمل للحزب الشيوعي التونسي. الآن نفتقده بشدة، وكل من له ثقافة سياسية ولو بسيطة يحب شكري بلعيد. هناك من يكرهه إلى الآن وتلك فئة قد لا تعنينا كثيرا، لكن أغلبية البسطاء في جبل جلود يتمنون لو كان اليوم حيا بيننا”.

من أجل استرجاع فكرة اليسار بعد إنهيار الجبهة الشعبية

بدأت أصوات تصدّع البناية الجبهوية ترتفع بطريقة لم يعد يمكن التستر عنها، وسط حالة من إنكار جزء كبير من أطرافها. أصوات تنبؤ بانهيار قريب، مثلما كان سقوط الجدار إنذارا لانهيار الإمبراطورية السوفياتية. تماما مثل ذلك الإنهيار، لكن مع التنسيب المناسب بطبيعة الحال، تحدث بوادره حالة من التشاؤم وتعمق من حالة الإحباط التي يعيشها أغلب من يعلن انتماءه لليسار، إما نضالا يوميا أو فكرا أو وجدانا، حالة إحباط تشمل حتى أولئك اللذين غادروا الجبهة وأحزابها في إحدى الفترات السابقة. ولكن في نفس الوقت تُشعل شمعة أمل جديد لدى هؤلاء بإمكانية إعادة بناء حلم اليسار الذي قضت عليه تجارب فترة الانتقال الديمقراطي وقياداتها. فبعد انهيار القلاع وتهاوي الصنم، يفتح لنا التاريخ نافذة من نوافذه القليلة علّنا نقتنص فرصة لبناء بديل يرفع راية اليسار.

نحن وانتخابات 2019، لنحدّد رؤيتنا و خصومنا

ما نستطيعه، وما يتعيّن علينا اليوم الاضطلاع به لوقف هذا الانحدار، وهذا لا يزال ممكنا، هو الحفاظ ضرورة على طاقتنا كسلطة مضادة كامنة ومنغرسة في المجتمع المدني والتحتي وكذلك العمل من أجل التّشكل كتعبيرة سياسيّة برلمانية ومنتخبة تبني فضاءات التّصادي بين مجتمع الثورة ومجتمع المقاومة الذي يراد طمسه من جهة، والمؤسسات المنتخبة من جهة أخرى. فتفكك مثل هذه العلاقة وضعف التمفصل بين جسم المجتمع المحتج والرافض والحركي والجسم الانتخابي المفترض سهّل تشكل الثورة المضادة ووضعنا في المأزق التاريخي الحالي.

أنفلونزا الدخولية لدى اليسار المريض في تونس: الأعراض وحتمية المواجهة

في الليلة المفصلية والفاصلة بين 8 و9 جانفي 2011، سقط عدد كبير من شهداء مدينتي تالة والقصرين العظيمتين، ولسان بعضهم يردد: “الشعب يريد إسقاط النظام!”. ولايمكن أن يخفى على أحد، اليوم، الجدل الراهن -صريحا كان أو ضمنيا- حول الجدوى التاريخية لواحد من الشعارات/العناوين الكبرى للمسار الثوري التونسي.

انتخابات المجالس العلميّة: تتويج لأزمة تعصف بالإتحاد العام لطلبة تونس

أعلنت وزارة التعليم العالي و البحث العلمي عن نتائج انتخابات ممثلي الطلبة في المجالس العلمية، والتي شهدتها مؤسسات التعليم العالي يوم الخميس 28 فيفري. وقد تحصل الإتحاد العام لطلبة تونس على 32% من مجموع المقاعد البالغ عددها 534، مقابل حصول غريمه التقليدي، الإتحاد العام التونسي للطلبة، على أغلبية الأصوات بنسبة 45%. هذه الأرقام عكست حجم الأزمة التي يعيشها الإتحاد العام لطلبة تونس. للبحث عن عواملها، حاورت نواة عددا من الأطراف ذات الصلة بالشأن النقابي الجامعيّ.

مارس 68: فصل منسي من تاريخ اليسار التونسي

عندما يتم التطرق إلى النضالات الاجتماعية التي وقعت سنة 1968 يتحدث الجميع عن ماي 68 في فرنسا. ولايذكر الكثيرون أن تونس شهدت أحداثا لا تقل أهمية عن تلك التي عرفتها فرنسا. في مارس 1968 شهدت الجامعة التونسية تحركات الطلابية انتهت باعتقال مجموعة كبيرة من مناضلي حركة برسبكتيف. للتعريف بهذه الحركة التي ظلت منسية وتاريخها غير مدون، نظمت جمعية برسبكتيف-العامل التونسي- للذاكرة والمستقبل، ندوة بالمكتبة الوطنية والأرشيف الوطني، أيام 26-27-28 أكتوبر 2018، تحت عنوان ربيع 68. نواة واكبت هذا النشاط وسلطت الضوء على أبرز أبعاد هذه الحقبة المنسية.

جلبير الأشقر: ”الماركسية في منطقتنا العربية مُحَنّطة، والأمل في الجيل الجديد“

عُرِف الكاتب والباحث اللبناني، جلبير الأشقر، خاصة في الفترة التي تلت الإنتفاضات العربية المُنطلقة من تونس في ديسمبر 2010، بمحاولاته العميقة في تحليل دينامية الأحداث الثورية التي شهدتها المنطقة والحفر في جذورها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهو ما سعى إلى تضمينه في مؤلَّفَيه “الشعب يريد: بحث جذري في الانتفاضة العربية” و”انتكاسة الانتفاضة العربية: أعراض مرضية”. كان لنواة حوار مع جلبير الأشقر، تطرقنا فيه بالأساس إلى أوضاع اليسار العربي في ارتباطه بمحيطه الإقليمي والدولي، إضافة إلى مسار الانتفاضات العربية وآفاقها على ضوء العلاقة بين الفاعل اليساري وبقية القوى السياسية المُهيمنة في المنطقة.

قضية قتل نبيل بركاتي: محاسبة جلاّديه وردّ اعتبار لنضاله

نظرت يوم الأربعاء 4 جويلية الدائرة المتخصّصة في العدالة الانتقاليّة بالمحكمة الابتدائيّة بالكاف في ملف مناضل حزب العمال نبيل بركاتي الذي قتل في ماي 1987 بمركز الشرطة بقعفور. وقد حضر المحاكمة ولأوّل مرّة اثنين من رجال الشرطة الضالعين في تعذيبه. ويعتبر ملف نبيل بركاتي من الملفات المهمة ليس فقط على مستوى إعادة إحياء الذاكرة المغمورة وإنمّا على المستوى السياسيّ لما يتضمّنه من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان استنادا إلى الفصل 8 من قانون العدالة الانتقاليّة ولما تتضمنه المحاكمة من شحنة رمزية على اعتبار أنّها محاكمة للاستبداد والجلادّين. نواة كانت حاضرة وفي هذا الريبورتاج حاولنا تصيّد شهادات ممّن عاشوا معه وعرفوه عن قرب.

جبنيانة: كيف صارت مدينة تاريخية لليسار؟

يَتشكل جزء كبير من الذاكرة الجمعية في مدينة جبنيانة، ولاية صفاقس، على فكرة ”الخروج عن الحاكم“ التي كانت بالنسبة للأهالي سببا في مظلومية سياسية مازالت مستمرة إلى اليوم. ويلوح الرفض السياسي جزءا مهما في التاريخ المعاصر للمدينة، وقد ساهم في بناء شعور جمعي مشحون -في معظمه- بازدراء للسلطة المركزية وامتداداتها الجهوية. ولئن يعود البعض بتاريخ الرفض في جبنيانة إلى المشاركة الأهلية في معركة التحرر الوطني من الإحتلال الفرنسي، فإن الأكثر لفتا للانتباه استمرار ديناميات الاعتراض السياسي في فترة مابعد الاستعمار، وطيلة هذه الحقبة يبرز الفكر اليساري كفعالية مؤثرة في الإبقاء على حرارة الرفض وتجذيره في المجتمع المحلي، خصوصا في الحركتين التلمذية والطلابية.

عماد الشطي: حكاية عامل يومي اعتنق الفكر اليساري

في مدينة جبنيانة بولاية صفاقس التي تحتفظ بذاكرة خصبة للفكر اليساري، يروي عماد الشطي، 40 سنة، انخراطه في النضال اليساري رغم انقطاعه المبكر عن الدراسة واختيار العمل في البناء والانتصاب في الأسواق. يتحدث عماد عن تأثره بالحركة التلمذية اليسارية الناشطة في المدينة، وعن معايشته لجزء من تجربة العمل السري زمن النظام السابق. يبدو انخراطه في العمل اليساري -رغم انحداره العمالي- ملمحا هامشيا، نظرا لما عُرف عن هذا الفكر من تجذر مقصور على الشرائح المتعلمة والنخب ”المثقفة“. من خلال هذه السيرة الهامشية يروي عماد حكاية اصطدامه بهذا الفكر ومكافحته من أجل أن يصبح ”رفيقا“ ذو مكانة معترف بها.

”نظارات أمي“ لعز الدين الحزقي: دوعاجيات السجن

يُصرّح عز الدين الحزقي في كتابه أنه لم يحلم أبدا داخل السجن، والحال أن أشرطة التذكر كانت تلازمه ليلا حين كان يمارس فسحة الهروب من السجن حاملا معه ”بعضا من رفاقه تشفيا وشماتة في الحاكم“. ”نظارات أمي“ هي تاريخ السجين المستيقظ، صفحات أخرى تُضاف إلى دفاتر اليسار لتُمتّن جدار الذاكرة بأحجار أخرى من الكتابة. تأخّر الرجل كثيرا في إصدار مذكراته السجنية. صدر الكتاب بدار كلمات عابرة في فيفري 2018. حاول من خلاله عزالدين الحزقي تسليط الضوء على فترته السجنية الممتدة من 14 نوفمبر 1973 إلى حدود ماي 1979، بسبب انتمائه إلى تجمع الدراسات والعمل الإشتراكي المسماة إختصارا ونسبة إلى جريدتها الناطقة بالعامية آفاق أو برسبكتيف.

شكري بلعيد الشاعر: ”عاشق مرتبك“ مضى إلى ”نهايته الممكنة“

ربّما نعرف الكثير عن شكري بلعيد المعارض السياسيّ الذي اغتالته رصاصات الإرهاب بسبب مواقفه وأفكاره، ولكنّنا لا نعرف الكثير عن شكري الشاعر. كان بلعيد، على قول محمود درويش، ”يمشي بين أبيات هوميروس والمتنبي وشكسبير، يمشي ويتعثّر كنادل مُتدرّب في حفلة ملكيّة“. كتب العديد من القصائد التي نشرها الاتحاد العام التونسيّ للشغل تحت عنوان ”أشعار نقشتها الريح على أبواب تونس السبعة“ سنة 2015، وقدّم لها الكاتب والجامعي شكري مبخوت الذي تسّلم من الصحافيّة مفيدة العباسي دفترا قديما ”يضمّ وديعة شكري الشعريّة“. ديوان شكري بلعيد غير متوفّر للعموم على اعتبار أن الطبعة الأولى كانت محدودة النسخ، وعلى أمل أن تصدر طبعة ثانية حتى يتعرّف الناس على الوجه الآخر للمعارض السياسيّ الشرس، سنحاول الحديث في هذا المقال عن شكري الشاعر المغمور.

”تبّت يدا أبي لهب“ : خواطر حول ماهية التعذيب

ولد فتحي بن الحاج يحي سنة 1953. حوكم غيابيا بالسجن لمدة سنتين بتهمة الانتماء إلى منظمة العامل التونسي. بعد إيقافه في مارس 1975، أصدرت في شأنه محكمة أمن الدولة عقوبة بالسجن لخمس سنوات و نصف بتهمة التٱمر على أمن الدولة و الإنتماء إلى جماعة محضورة و إجتياز الحدود خلسة. كانت تلك التجربة موضوع إصداره الأول “الحبس كذٌاب… والحيٌ يروٌح” . بعيدا عن بكائيات أدب السجون، يفاجئ فتحي بن الحاج يحي بأسلوبه التراجيدي الكوميدي. بعد أن طلبت منه إحدى قرائه الأوائل مزيدا من الإيضاح حول مسألة التعذيب، يقترح بن الحاج يحي قراءة سوسيولوجية لممارسة تتجاوز جدران المعتقلات.

اليسار في الحكومة الجديدة: قفازات اجتماعية لحكومة ليبرالية

مشاركة هذه المجموعة من وزراء ”اليسار“، سواء من أحزاب عرفت بتوجهاتها السياسية والفكرية ذات المضمون الاجتماعي واليساري، أو النقابيّين المنحازين للمطالب الاجتماعية والحقوق الاقتصادية تأتي في سياق شاذ من تعزيز التحالف بين قوتي اليمين الحاكم بجناحيه الليبرالي والديني الذّي تبنى خلال السنوات الخمس الماضية نهجا اقتصاديا يتماشى مع توصيات هيئات النقد الدولية وبرامج إعادة هيكلة الاقتصاد المحليّ القائمة على إقصاء الدولة من دورها التنظيمي وإلغاء الجانب الاجتماعي ومحاصرة الحراك المطلبي والاجتماعي للفئات المهمشة في الدورة الاقتصاديّة.

الجبهة لا تكون إلا في المعارضة

يعتبر تأسيس الجبهة الشعبية حدثا فارقا في تاريخ اليسار التونسي باعتبار ان الجبهة جمعت مكونات يسارية مختلفة اديولوجيا من ماركسيين وناصريين وبعثيين بالاضافة الى كونها الخيار الثالث الذي يكسر الاستقطاب الثنائي ما بين حركة النهضة ونداء تونس.

هل يكرر يساريو نداء تونس تجربة يساريي نظام بن علي

اجتماع بعض اليساريين مع حزب النداء كان حول “لا” ولم يكن حول “نعم” والتاريخ يؤكد أن الإجتماع حول الرفض والإنكار لا يمكن أن يستمر نظرا لأن هذا الإتفاق ينتهي بانتهاء أسبابه والأيام القادمة ستوضّح مدى نضج هذه العلاقة.