بلغ مجموع المخالفات المعاينة حسب تقرير دائرة المحاسبات بالملك العمومي البحري خلال الفترة الممتدّة بين سنوات 2010 و2015 في كلّ من سوسة والمهدية والمنستير 951 مخالفة، 52% منها بولاية المنستير فيما يتوزع الباقي مناصفة بين ولايتي المهدية وسوسة. وتعلّقت أغلب المخالفات “بالبناء بالصلب والتمركز العشوائي والتعدّي على الكثبان الرملية علاوة على عدم التقيّد بمقتضيات تراخيص الإشغال الوقتي”. وأشار التقرير إلى ضعف نسبة إزالة المخالفات التي لم تتجاوز 25% نظرا إلى “عدم اتخاذ السلط الجهوية قرارات الهدم المقترحة وضعف تنفيذ القرارات”.
إطار قانوني ومؤسساتي غير ناجع
يعود الشريط الساحلي الممتدّ على طول 1600 كلم إلى الملك العمومي البحري، حيث تتمركز أكثر من%70 من الأنشطة الاقتصادية وثلثي السكان و%90 من الأنشطة السياحية والصناعية. وينقسم الملك العمومي البحري إلى أملاك طبيعية على غرار ضفاف البحر والبحيرات والمستنقعات والسباخ المتصلة طبيعيا وسطحيا بالبحر، وأخرى اصطناعية على غرار المراسي والمواني البحرية وتوابعها.
في هذا الإطار اندرج إصدار القانون عدد 72 المؤرخ في 24 جويلية 1995 المتعلّق بإحداث وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي التي اتّخذت شكل مؤسسة عمومية ذات صبغة تجارية وصناعية تخضع إلى إشراف الوزارة المكلّفة بالبيئة (الفصل 2). وأُوكلت إلى هذه الوكالة مهمّة “تنفيذ سياسة الدولة في ميدان المحافظة على الشريط الساحلي بصفة عامّة والملك العمومي البحري بصفة خاصّة” (الفصل 3)، والتصرّف فيه ومتابعة أعمال تهيئته وتسوية الوضعيات العقارية القائمة والمخالفة للقوانين والتراتيب المتعلّقة بالملك العمومي البحري. كما كُلّفت “بإعداد دراسات حماية الشريط الساحلي وإحياء المناطق الطبيعية”. هذا وتمحورت الأعمال الرقابية لدائرة المحاسبات الخاصّة بالملك العمومي البحري في معظمها حول سوء تصرّف الوكالة في نطاق مشمولاتها وتسجيل خروقات عديدة على مستوى الإشغال الوقتي واللزمات إضافة إلى إخراج أجزاء من الملك العمومي البحري لإدراجها بملك الدولة الخاصّ أو التفويت فيها.
وقف تقرير دائرة المحاسبات في المستوى الأوّل على نقائص شابت عملية تحديد الملك العمومي البحري حيث أشار إلى أنّ 71% من العلامات المحدّدة للملك العمومي البحري بولاية سوسة اندثرت أو تآكلت. كما طرأت العديد من التغييرات الطبيعية في المنستير والتي تفرض إعادة عملية التحديد، كما أضاف التقرير أنّ عمليات مراجعة حدود الملك العمومي البحري توقّفت عند مرحلة التحديد الوقتي ولم يتمّ استكمالها منذ 2002. هذا وكشف التقرير عن وجود علامتي تحديد مركزتين داخل البحر في المهدية بمسافة تصل إلى 17 مترا، وحسب دائرة المحاسبات لم تقدّم كلّ من الإدارة الجهوية المكلّفة بالتجهيز والمصلحة الجهوية لديوان قيس الأراض تبريرا لتواجد العلامتين داخل البحر رغم عدم تطابقه مع التعريف القانوني للملك العمومي البحري.
كما تعرّض التقرير إلى وضعية الفروع الجهوية للوكالة التي تشكو “ضعفا في مستوى التنظيم والإدارة حيث لم يتم تحديد صلاحيات هذه الفروع ومهامها وضبط توزيع العمل داخلها، ولم يتم وضع دليل موحّد لإجراءات تدخّلها في حماية الملك وإدارته وفي ردع المخالفات”. إضافة إلى وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي يتوزّع التصرّف في الملك العمومي البحري بين الوزارة المكلّفة بالتجهيز والجماعات المحليّة وتحديدا البلديات، وتتولى الوزارة وفق القانون عدد 73 لسنة 1995 إسناد قرارات التصفيف اللازمة لإقامة بناءات أو منشآت حذو الملك العمومي البحري (الفصل 18) في حين تمنح الجماعات المحليّة رخص البناء. وأشار تقرير دائرة المحاسبات إلى ضعف التنسيق بين المتدخّلين مما ساهم في إنجاز بعض المشاريع العمومية داخل الملك العمومي البحري دون الحصول على الموافقة المسبقة للوكالة. واستعرض التقرير في هذا السياق مشاريع تهيئة طريق هرقلة شط مريم بسوسة والطريق الرابطة بين سقانص وخنيس والطريق الشاطئية لمطة صيادة والطريق الشاطئية صيادة البقالطة وطريق البحيرة البغدادي بالمنستير.
خروقات بالجملة على مستوى التراخيص واللزمات
بلغ عدد تراخيص الإشغال الوقتي سارية المفعول إلى حدود سنة 2015 على المستوى الوطني حسب تقرير دائرة المحاسبات 1018 ترخيصا، أُسند 13% منها بولاية سوسة و9% منها بولاية المنستير و12% منها بولاية المهدية. ووصل عدد اللزمات في طور الاستغلال في كامل البلاد إلى 12 لزمة تتوزع أربع منها مناصفة بين ولايتي سوسة والمنستير. وأشار التقرير أنّ %70 من تراخيص الإشغال الوقتي واللزمات المسندة لفائدة الشركات السياحية عرفت تجاوزات عديدة تعلّقت بإجراءات إسناد التراخيص واستخلاص المعاليم الموظّفة عليها.
يسمح بالاستعمال الخاصّ للملك العمومي البحري في إطار إشغال وقتي أو لزمة طبقا لخصوصية هذا الملك وبصفة متماشية معها ووفق الشروط التي يحدّدها هذا القانون. الفصل 22 من القانون عدد 73 لسنة 1995
وقد أفاد التقرير السنوي العامّ الثلاثون لدائرة المحاسبات أنّ “أعمال التصرف في التراخيص حادت عن القواعد المعتمدة وعن الإجراءات الواجب إتباعها في معالجة مطالب الإشغال الوقتي“، مشيرا إلى أنّه تمّ تجديد تراخيص لفائدة 9 مستغلّين مخالفين بالولايات الثلاث لفائدة مؤسسات سياحية وأفراد “رغم عدم مبادرتهم بإزالة ما ارتكبوه من تجاوزات كالتوسع في المساحة المستغلّة أو البناء بالصلب أو تخريب كثبان رملية”. كما تواصل إشغال أجزاء من الملك العمومي بتراخيص منتهية الصلوحية بما مجموعه 42 ترخيصا في ديسمبر 2015 بولاية سوسة على سبيل المثال. وقد ذكر التقرير أن الاستغلال استمرّ لفترات طويلة امتدت في بعض الحالات إلى 20 سنة دون أن يتم تجديد الرخص، ممّا كلّف الخزينة العامّة حوالي 43 ألف دينار إلى غاية 31 ديسمبر 2015 كمعاليم غير مستخلصة. كما أفاد التقرير أنّ بعض الهياكل العمومية تشغل بدورها مساحات من الملك العمومي البحري دون وجه شرعي على غرار وزارة التربية والشركة التونسية للكهرباء والغاز والديوان الوطني للتطهير، كما أقامت بعض البلديات ملاعب ومقاه وسوق أسبوعي ومعهد ومحوّل كهربائي ومحطة ضخّ في أجزاء من الملك العمومي البحري، ويتواصل استغلال هذه المشاريع “دون الالتزام بالإجراءات القانونية المتّبعة في الغرض”.
معاليم الاستغلال وعمليات التفويت: ثروة مهدورة
يوظّف على كل إشغال للملك العمومي البحري معلوم لفائدة الدولة، غير أنّ هذه المعاليم الموظّفة لا تتناسب مع المردود الحقيقي للاستغلال علاوة على ضعف عمليات الاستخلاص. ويعود الإطار القانوني المعتمد في تحديد هذه المعاليم إلى الخمسنيات من القرن الماضي ويتم احتساب قيمته حسب نسب لم تراجع منذ سنة 1995 مما أدّى -حسب دائرة المحاسبات- إلى تدني هذه القيمة “مقارنة بما تفرزه الأنشطة التي تتم ممارستها في الملك العمومي البحري من إيرادات لصاحبها وإلى ارتفاع هام في عدد طلبات الإشغال الوقتي لبعث مشاريع استثمارية تتطلب أحيانا تواجدا قرب البحر”. وقد لاحظت دائرة المحاسبات تفويت عدد من البلديات في تراخيص الإشغال الوقتي التي تحصلت عليها لصالحها بحيث تفوق المداخيل المتأتية سنويا من إحالة الرخص عشرات المرّات ما تدفعه هذه البلديات بعنوان معاليم الإشغال الوقتي. في هذا السياق، استعرض التقرير تفويت بلدية هرقلة في ثلاثة تراخيص مقابل 52 ألف دينار سنويا في حين لا يتجاوز المعلوم الموظّف لفائدة الدولة بعنوان الإشغال الوقتي 1000 دينار. هذا وسبق أن تعرّضت الأعمال الرقابية لدائرة المحاسبات لسنة 2012 للموضوع بشكل تفصيلي مطالبة بـ”تحيين الإطار القانوني المتعلّق بضبط المعاليم تماشيا مع التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي عرفه الشريط الساحلي بما من شأنه أن يدعم ميزانية الدولة بموارد إضافية”. كما طالبت دائرة المحاسبات منذ ذلك التاريخ بجرد كامل لشاغلي الملك العمومي البحري وتسوية وضعيات المخالفين منهم، والإسراع بتصفية وتثقيل المعاليم المستوجبة بعنوان تراخيص الإشغال الوقتي ومطالبة أصحاب التراخيص بدفع المبالغ المتخلّدة قبل تجديدها أو إسنادهم تراخيص جديدة بالإضافة إلى تضمين رقم بطاقة التعريف الوطنية أو المعرف الجبائي لشاغلي للملك العمومي البحري بالتراخيص. إلاّ أنّ نفس التوصيات الخاصّة بتراخيص الإشغال الوقتي تجدّدت في التقرير عدد 30 الأخير.
أمّا بخصوص البناءات الدائمة بالصلب فقد سجّل التقرير الأخير لدائرة المحاسبات العديد من التجاوزات. إذ تستوجب هذه الإنشاءات إبرام عقود لزمة يتم بمقتضاها ضبط مدة ومعلوم الإشغال وشروط إحداث البناءات ووضع التجهيزات وفق ما ينصّ عليه الفصل 25 من القانون عدد 73 لسنة 1995 “إذا كان الإشغال يتضمن إقامة منشآت أو تجهيزات ثابتة قرب البحر أو داخله، فإنّ ذلك لا يتمّ إلاّ بموجب عقد لزمة (…)”. وقد تعهّدت الوكالة بطلب من دائرة المحاسبات بإزالة المخالفات وفتح تحقيق في شأنها. كما استعرض التقرير أمثلة لعقود لزمة لم يتمّ تحيينها رغم التغييرات التي طرأت عليها طيلة فترات الاستغلال الممتدّة منذ حوالي 20 سنة بنفس قيمة المعلوم السنوي، في كلّ من سوسة والمهدية والمنستير.
كما تعرّضت أعمال الرقابة لدائرة المحاسبات إلى عمليات إخراج أجزاء من الملك العمومي البحري وإدراجها بملك الدولة الخاص وعمليات التفويت في تلك الأجزاء. واستندت دائرة المحاسبات إلى المبدأ العامّ للقانون الذي يقتضي ضرورة المحافظة على الملك العام واقتران عملية الإخراج بالمصلحة العامّة، إلاّ أنّ التقرير استعرض عددا من الملفّات التي تمّت بصفة غير مطابقة للمقتضيات القانونية الخاصّة بالملك العمومي البحري ودون موافقة مختلف المصالح المعنية. كما تمّت الإشارة إلى التفويت في أجزاء من الملك العمومي البحري المُدمج بملك الدولة الخاص دون رجوع وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية إلى تقارير الاختبار الأولية ممّا أدى إلى اعتماد أثمان لا تتماشى مع القيمة الحقيقية لتلك العقارات.
استعرض التقرير الأخير لدائرة المحاسبات انتهاكات متنوعة في حقّ الملك العمومي البحري. تجاوزات تكرّرت في التقارير السابقة دون أن يتمّ البتّ فيها بشكل حاسم لضعف آليات التتبّع والتنفيذ. أمّا بالنسبة للملفّات المحالة على القضاء، فقد سبق وأن تمّ التخلّي عن التتبعات القضائية والإدارية بتدخّل من الإدارة العامّة للوكالة وإعفاء المخالفين من العقوبات المنصوص عليها، مما أدّى في نهاية المطاف إلى تراكم الخطايا المالية التي ناهزت 200 ألف دينار في 12 حالة فقط بين 2014 و 2015 والتي تطرّق إليها تقرير دائرة المحاسبات.
ما يحدث على الشريط الساحلي جريمة .. هذا بالتأكيد ، أحب من أحب و كره من كره .. الشمس لا يمكن تغطياتها . إذا اردنا أن نسوي وضعية بعض ما أنجز (مخالف لكل ما هو حفاظ على الشريط الساحلي ، لكنه فرض نفسه عبر الادارة (حتى لا قول قانوني ) ، نتيجة الرشاوي الكبرى ):
– يجب دفع للدولة مئات الملايين من الدينارات ، إن ليس المليارات من الدينارات (ضرائب ، …) لم تسدد نتيجة التقرب من النظام السابق ، و بعض الثورة نتيجة غياب هيبة الدولة و غياب حكم محلي له القدرة على الفعل )..
– يجب وضع قانون جديد ، يحدد التصرف ، للحفاظ على المحيط ، و يحدد أنواع الضرائب و الاستخلاصات ، حتى تكون تلك “المشاريع ” السياحية أو غيرها موارد جديدة للمحليات ، كما للمركز … و هنا يجب الإرتقاء بالذكاء المحلي ، حتى يكون في مستوى العصر و مستلزمات السياحة …
أما أن يكون لأحد المستثمرين ألفين أو 3 الآف مرة مربع أو أقل أو أكثر ، و لا يغدق مشروعه مئات الملايين على المحليات و على الدولة ، فهذا إستهتار بالملك العمومي و حتى إغتصاب . الملك العمومي الذي تسلم فيه الدولة أو البلدية يجب أن يرجع بالمنفعة على كل المجموعة الوطنية … و المنفعة ليست 4 أو 5 ملايين من المليمات كل عام جبائي ، هذا سخرية و سرقة .
لا أطيل الكلام ، و هناك مسؤولية كبرى يجب أن تتحملها الدولة .. كفى فسادا في واضح النهار !
بن علي هرب و الفساد الحرب قائمة عليه !
إعادة تنزيل نتيجة أخطاء في التنزيل الأول (و عفوا ).
ما يحدث على الشريط الساحلي جريمة .. هذا بالتأكيد ، أحب من أحب و كره من كره .. الشمس لا يمكن تغطياتها . إذا اردنا أن نسوي وضعية بعض ما أنجز (مخالف لكل ما هو حفاظ على الشريط الساحلي ، لكنه فرض نفسه عبر الادارة (حتى لا قول قانوني ) ، نتيجة الرشاوي الكبرى ):
– يجب دفع للدولة مئات الملايين من الدينارات ، إن ليس المليارات من الدينارات (ضرائب ، …) لم تسدد نتيجة التقرب من النظام السابق ، و بعد الثورة نتيجة غياب هيبة الدولة و غياب حكم محلي له القدرة على الفعل )..
– يجب وضع قانون جديد ، يحدد التصرف ، للحفاظ على المحيط ، و يحدد أنواع الضرائب و الاستخلاصات ، حتى تكون تلك “المشاريع ” السياحية أو غيرها موارد جديدة للمحليات ، كما للمركز … و هنا يجب الإرتقاء بالذكاء المحلي ، حتى يكون في مستوى العصر و مستلزمات السياحة …
أما أن يكون لأحد المستثمرين ألفين أو 3 الآف متر مربع أو أقل أو أكثر ، و لا يغدق مشروعه مئات الملايين على المحليات و على الدولة ، فهذا إستهتار بالملك العمومي و حتى إغتصاب . الملك العمومي الذي تسلم فيه الدولة أو البلدية يجب أن يرجع بالمنفعة على كل المجموعة الوطنية … و المنفعة ليست 4 أو 5 ملايين من المليمات كل عام جبائي ، هذا سخرية و سرقة .
لا أطيل الكلام ، و هناك مسؤولية كبرى يجب أن تتحملها الدولة .. كفى فسادا في واضح النهار !
بن علي هرب و الفساد الحرب قائمة عليه !