Coup de Force 76

تونس-حصيلة 2022: في ظل انفراد الرئيس بالحكم، دولة البوليس تبسط نفوذها

بدايات سنة 2022، اقترنت بمضي قيس سعيّد في تنفيذ استشارة وطنيّة الكترونية، لفرض ما اعتبره اصلاحات سياسية. بدءًا بالاستفتاء على تغيير الدستور وصولاً إلى تنظيم انتخابات تشريعيّة، لم يُراعِ الرّئيس وهو ينفّذ هذه الخارطة مطالب معارضيه الّذين دعوا إلى حوار وطني يجمع مختلف الفرقاء، ولم يأخذ في الحسبان تردّي الأوضاع الاجتماعيّة والماليّة والاقتصاديّة. وفي الأثناء، تواصل قمع الاحتجاجات وتواترت حالات الموت المستراب، وافلات جهاز البوليس من العقاب.

تشريعيات 2022: نحو طبقة سياسية جديدة على مقاس الرئيس

انتقادات عدة رافقت سير العمليّة الانتخابية والمشاريع والبرامج الّتي يروّج لها المترشّحون، مثل تحرير فلسطين والانتصار لحقوق الرّجل و”الضرب بقوّة” على أيدي الخارجين عن القانون، حتّى أضحت الانتخابات مدعاةً للتندّر في ظلّ غياب برامج ومشاريع فعليّة للمترشّحين، في الوقت الّذي تزعم فيه “منظومة 25 جويلية” القطع مع عبث عشرية 2011-2021. المؤشرات الأولية للحملة الانتخابية تدفع إلى التساؤل حول الطّبقة السياسيّة التي ستُفرزها الانتخابات القادمة، ومدى قدرتها على الفعل والصّمود.

التركة الثقيلة، تناقضات قيس سعيد وارتباك اولوياته

لشخصيّة قيس سعيد الأستاذ تأثير على تصوّراته الفكرية، وطريقة ممارسته لها. فهو يظنّ أنّه بإمكانه إعادة تشكيل القوانين وتأسيس النموذج الذي يرغب فيه بطريقة عموديّة كما يفعل الأساتذة بالضبط أثناء الفصل .رغم هذا، مازال سعيد يعيش تخبّطاته التي تظهر عادة الأمر أثناء خطاباته، فهو يتبنى هذه المفاهيم بطريقة رومنسية، لكنه عاجز على التأسيس لما يرغب فيه باعتبار أنّ تصوراته لا تعدو أن تكون عناوين كبرى ونوايا تفتقر لخطط واستراتيجيات.

من منعرج 25 جويلية إلى تشريعيات 2022: مناورات الاتحاد في مواجهة قرطاج والقصبة [سلّم زمني]

سياسيّا، كان الاتحاد العام التونسي للشغل مساندًا لقرارات قيس سعيّد في 25 جويلية 2021، حيث اعتبرها استجابة لمطالب شعبية وحلا للأزمة الاقتصادية والسياسية التي مرّت بها البلاد خلال تلك الفترة. لكنّه حذّر من تركيز السلطات بيد رئيس الجمهورية ومن انتهاك الحقوق والحريات، داعيا إلى التمسّك بالشرعية الدستورية وتحديد سقف زمني للتدابير الاستثنائية.

متحف باردو: من مرجع علمي ووجهة سياحية إلى مقبرة آثار موصدة

يشترك مجلس نوّاب الشعب ومتحف باردو في بوّابة الدّخول. ومنذ اتّخاذ التدابير الاستثنائيّة في 25 جويلية 2021، ضُربت أسوار من حديد ونُصبت مدرّعات أمام البوّابة لمنع أعضاء البرلمان من مباشرة مهامّهم، فيما بقي المتحف رهين الإجراءات الاستثنائية، يدفع ثمن غضب الرّئيس على المجلس التشريعي، بأبواب موصدة بإحكام أمام الباحثين والسياح وغيرهم من الزوار منذ سنة.

نواة على عين المكان: تحرك شبابي رفضا للاستفتاء بشارع الحبيب بورقيبة

نفذت مجموعة من الشباب تحركا غير معلن يوم الإثنين 18 جويلية 2022 بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس تعبيرا عن رفض الاستفتاء و مشروع الدستور وتنديدا بالمنحى التسلطي لمسار 25 جويلية .وردد المتظاهرون (مجموعات شبابية قادت الحراك الشبابي سنتي 2020 و 2021 خلال حكم النهضة/ الميشيشي) شعارات ضد حركة النهضة وعبير موسي و قيس سعيد معتبرين إياهم أوجه مختلفة لمضمون تسلطي واحد.

حملة الاستفتاء: خروقات مختلفة ودور سلبي لهيئة الانتخابات

استغلال شعار الجمهورية، خرق مبدأ حياد الإدارة، عدم تحديد سقف الإنفاق الانتخابي، إشهار سياسي على خلاف الصّيغ والإجراءات القانونية، كلّها إخلالات شابت بدايات حملة الاستفتاء، رصدتها المنظّمات المختصّة في مراقبة مسار الانتخابات والاستفتاء. وهي مؤشّر على أنّ مسار الاستفتاء برمّته متعثّر، خاصّة في ظلّ الخلافات التي بدأت تتصاعد داخل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.

نواة في دقيقة : صعود شاهق غير مسبوق تسرب فيه خطأ

لم يجد الرئيس قيس سعيد حرجا في نشر نسخة معدلة لمشروع الدستور، أسبوعا واحدا بعد نشر النسخة الأولى، معللا ذلك بتسرب أخطاء الى النسخة الأولى نسبت الى المجهول. أخطاء واختيارات في غير محلها لم تكن الأولى، أصر عليها الرئيس ثم تراجع ليمر إلى غيرها وكأن شيئا لم يكن.

تونس-الجزائر: مد وجزر في انتظار مرور العاصفة

كان قرار الرئيسين الجزائري والتونسي يوم 5 جويلية بإعادة فتح الحدود أمام التنقل البري ابتداء من 15 جويلية قرارا منتظرا بشدة لمحاولة تدارك الموسم السياحي الحالي بتونس، ولإعادة شريان جديد للتبادل التجاري بالنسبة إلى الجزائر، وهو في المقام الأول عودة الوضع الطبيعي الذي ينبغي ألا يخضع لجرعات إضافية من تسجيل المواقف.

وزارة الداخلية، مركز العملية السياسية في تونس

منذ 25 جويلية 2021 تحولت وزارة الداخلية إلى رقم مهم داخل المعادلة السياسية في تونس، وأصبحت لاعبا أساسيا له تأثير مباشر في المشهد السياسي، لا محركاً في الكواليس كما جرت العادة. التنصت على المكالمات وإيقاف شخصيات عامة خارج الأطر القضائية واتخاذ الرئيس قيس سعيد لوزارة الداخلية منبرا لإعلان قراراته المصيرية ليست سوى مؤشرات على تحول وزارة الداخلية من جهة سيادية تسهر على أمن البلاد إلى مركز للعملية السياسية برمتها.