أو للأذكياء فقط!!

بقلم عبد الرحمان الحامدي:

إن المتتبع لما نقلته الصحف التونسية حول تصريحات وزير الداخلية يوم الجمعة 12 جانفي 2007 تعليقا على المواجهات الأخيرة بين مجموعة من الشباب وقوات الأمن الوطني وفرق من الجيش التونسي يجد نفسه مضطرا إلى طرح إستفهامات حول مصداقية ما ورد في تناوله للموضوع في دار التجمع الدستوري الديمقراطي بالعاصمة خاصة إذا ربطنا تلك التصريحات بما نقلته صحف عالمية عبر وسائلها الخاصة في تقصي الحقائق حول الموضوع؛ وتزداد الحاجة إلى طرح الإستفهامات إلحاحا إذا ما قارنا تصريحات الوزير تلك بالتسريبات الأولى للصحف التونسية حول الموضوع عبر’’الناطقين غير الرسميين’’ أو عبر ما أسمته الصحف التونسية ب’’ مصادر وثيقة الإطلاع؛؛ أو عبر البيانات الأولى لوزارة الداخلية.

كل من تابع الأحداث يذكر ما نشرته صحيفة ليبيراسيون بتاريخ 4 جانفي حول الطريقة التي تم بها الكشف عن المجموعة المسلحة إثر تلقي رجال الأمن معلومات عن كمية كبيرة من الخبز يبيعها صاحب حانوت مواد غذائية لم يتعود على بيعها إلا في مناسبات معلومة كالأعراس وغيرها مما جعله يتساؤل عن الأمر ويتحدث بذلك إلى أصدقاء له حتى سقط الخبر في’’ آذان لا تنام.’’!

كما قد يذكر كلكم تلك الرواية الثانية التي تحدثت عن إشتباه دورية أمنية بسيارة مدنية رفضت الإمتثال لأوامرها بالوقوف فكانت المطاردة ثم الإستنجاد بقوات أخرى بعد إطلاق النار على الدورية.

أما ما ورد في تصريحات وزير الداخلية فقد جاء محكما ومعدا بطريقة تعطي الإنطباع بأن النية إتجهت إلى القطع النهائي مع كل الروايات السابقة حول الموضوع غثها وسمينها صحيحها وخاطئها فورد من بين ما نقلته الصحف التونسية عن تصريحاته ما يلي:

’’ إن الأجهزة الأمنية رصدت هذه المجموعة منذ دخولها تونس و فضلت متابعة حركاتها وتحركات عناصرها قبل الدخول معها في مواجهة مسلحة وإلقاء القبض على بعض أفرادها’’

وورد أيضا’’وقد كانت المصالح الأمنية تعرف هؤلاء الأشخاص وأسماءهم وإنتماءاتهم السلفية و الإرهابية وخيرت عندما دخلوا التراب التونسي ترصدهم لغاية التعرف على بقية أعضاء المجموعة في تونس وعلى أغراضهم و صلاتهم المحتملة بعناصر أخرى وأوضح الوزير أنه بمتابعة هذه المجموعة من قبل مصالح الأمن سجل إلتحاق أشخاص آخرين بها وهؤلاء معروفون أيضا لدى مصالح الأمن وهم بدورهم محل متابعة و قد بلغ عدد هذه العناصرالمنضمة 21 لتصبح المجموعة تضم 27 نفرا’’

و يضيف: ’’ و عندما تمركزت المجموعة متفرقة في منطقة قريبة من قرنبالية وبعدما تبين لمصالح الأمن من خلال ماتوفر لديها من معطيات وإرشادات أن المجموعة إكتملت من حيث العدد وأنها ستشرع في تنفيذ أعمالها الإجرامية وقعت محاصرتها بالتعاون مع وحدات من الدفاع الوطني ثم تمت مهاجمتها في أماكن تمركزها بداية من 23 ديسمبر 2006 إلى غاية 3 جانفي الجاري تاريخ إنتهاء العملية بشكل تام’’ تونس نيوز 13 جانفي 2007

لقد تعمدت نقل جزءا مهما من هذه التصريحات بهدف تمكين القارئ من متابعة ما سأبديه من ملاحظات وإستفهامات حول هذه الرواية الرسمية لما حدث في بلدي.

أولا: يبدو لي من خلال التأمل المركز في فيما وراء تصريحات الوزير وثنايا كلامه أن طريقة عرض مراحل الرواية الرسمية لما حدث تم إستلهامه من سيناريوات الأفلام والمسلسلات البوليسية التي ليس فيها Suspince.

أو تشويق فوردت باردة باهتة لا طعم لها بل و ممجوجة تذكرنا بسيناريوات أفلام الجريمة المصرية في الخمسينات من القرن الماضي حيث أن لا شيء يغيب البتة عن أعين وأذن البوليس وأن كل شيء يسير وفقا لعلم مسبق بكل شيء و مخطط له بعناية فائقة ومذهلة وأن أمثال هذه السيناريوات بهذا الشكل الإستعراضي و الممسرح لقدرات البوليس المطلقة في الإحاطة بالحقير والجليل مما يحدث في تونس وخارج حدودها إحاطة تامة لا تترك مجالا للمفاجآت غير السارة( و لم لا السارة كذالك) في كل ما يخص أمن المواطن والوطن بما يذكرنا كذلك بقدرات بطل أفلام الأطفال الصغار سوبر مان الذي أوتي من علم مسبق بالأمور ومن القوة مايمكنه بإستمرار من التدخل في الوقت المناسب وإحباط مخططات المعتدين و لم لا غلق ملفات الأحداث الخطيرة نهائيا لأن سوبر مان هذا مغرم بذلك أشد الغرام ويعشق العودة فرحا مسرورا سالما غانما إلى بيته ليركن للراحة الأبدية دون إنتظار الجديد لأن علمه بما سيحدث وقدراته الفريدة والمطلقة تمكنانه من كشف الجديد قبل حدوثه والتصدي له بحزم المقتدر على كل شيء!!! تلك هي إذا الصورة التي بدا لي أن خطاب وزير الداخلية يريد ترويجها عن الكيفية التي وقع بها كشف المجموعة والتصدي لها!!!

و عليه فإنني أقترح على مخرجي بعض الأفلام الفاشلة في بلدي ولم لا في العالم أن يتنافسوا على جائزة إخراج فيلم مقتبس من سيناريو وزير الداخلية التونسي( زاد الله مخيلته إبداعا و تألقا)

على أن نترك عنوان الفيلم لإختيار المخرجين ليروا أيها الأنسب لهذا السيناريو أما الجائزة فسأتركها مفاجأة لأفشل إخراج وأتعسه!!!

أقول هذا الكلام من باب الكوميديا السوداء والفذلكة الرمادية التي أحتمي بها حتى لا ينفجر لي عرق في رأسي وأتوفى من فرط الهم والغم الذي ركبني و أنا أطالع بكثير من الفخر والإعتزاز هذه الرواية التي أحسست فيها أن وزيرنا وحامي أمننا بلغ درجة لا حدود لها في إحترام عقول التوانسة بحيث يستحق أن أقترح وضع إسم سيادته في مدونة غينتس لإحترام عقول البشر في الألفية الثانية للميلاد.

كيف لا والصورة التي يرغب في تسويقها عن وزارته و رجالها صورة تفوق الخيال في قدرة أبطالها الخرافية على الإحاطة بكافة تطورات الأحداث الأخيرة من ألفها يائها وهو مايفوق طاقة بني آدم مهما أوتي من الخبرة والذكاء و الفعالية!!! و تتمثل هذه القدرات الخارقة التي روج لها وزير الداخلية بصلف ما بعده صلف وعلى الطريقة التجمعية فيما يلي: ( وصبركم علي أيها القراء الكرام لأني أعلم أن فيكم من لا يطيق قراءة المقالات المطولة!!)

  • أولا: رصد هذه المجموعة أثناء إختراقها لحدود البلاد قادمة من الجزائر( و هذا جيد!)
  • ثانيا: معرفة هؤلاء الأشخاص وأسماءهم وإنتماءاتهم السلفية الإرهابية (وهذا حسن!)
  • ثالثا قال الوزير’’ وقع تسجيل إلتحاق مجموعة أخرى بالمجموعة القادمة من الجزائر وهم كذلك معروفة أسماؤهم لدى مصالح الأمن’’( و هذا قريب من الحسن!)
  • رابعا: العلم المسبق بعد رصد تحركات المجموعة في مختلف المراحل بالعدد وهو 27 (لاحظوا أن هذا المجموع فيه رقم7!)( وهذا متوسط!)
  • خامسا: يقول الوزير’’ وبعدما تبين لمصالح الأمن من خلال ما توفر لديها من معطيات وإرشادات أن المجموعة إكتملت من حيث العدد وأنها ستشرع في تنفيذ أعمالها الإجرامية وقعت محاصرتها بالتعاون مع و حدات من الدفاع الوطني ثم تمت مهاجمتها في أماكن تمركزها بداية من 23 ديسمبر 2006 إلى غاية 3 جانفي الجاري تاريخ إنتهاء العملية بشكل تام’’ (دون المتوسط ؛ فيه حشو كثير وعليه بمزيد العمل و الإجتهاد) وما كتبته من تعاليق جاء نقلا عن ملاحظات أساتذتنا الأفاضل عند وضع ملاحظاتهم التقييمية لعمل الإنشاء و التعبير في مدارس بلدي تونس.

فأي عقل بربكم تريده أن يصدق أن العملية تمت بهذا الشكل الناجح مائة بالمائة وبهذه القدرة الرهيبة على إحتواء مراحلها مرحلة مرحلة ودون غفلة حتى أنني خلت أن الوزير سيحدثنا عن تفاصيل ما أكلته المجموعة المسلحة وما شربته وما وضعته من عطور مستوردة من مكة المكرمة أو من أفغانستان وهل كانت عناصرها تستعمل لتنظيف أسنانها أعواد الآراك أم معجون الأسنان إلى آخر معزوفة التصريح المهزلة!!

فبالعودة إلى بيان الداخلية الأول والثاني وإلى روايات الناطقين غير الرسميين عن مصادرهم الموثوقة و جهاتهم الرسمية ألاحظ تناقض المعلومات الرسمية و تخبطا في التعاطي مع الأحداث تحت ضغط الشائعات وروايات الإعلام العالمي بدءا بالتسمية والعدد والإنتماء وأماكن المواجهات مما يؤكد لدي وعبر التحليل الهادئ أن السلطة فعلا بوغتت بوجود هذه المجموعة وبتسلحها وبقدرتها على الصمود و التنقل في أماكن مختلفة ولمدة ليست بالقصيرة قياسا لخطورة الحدث منذ تاريخ 23 ديسمبر06 إلى حدود 3 جانفي 2007 أمام دولة بأكملها تملك من وسائل البطش ما يؤهلها لقمع أي إنتفاضة في سويعات !!

فضلا عن كل ذلك فكم من مرة إعتذرت السلطة على لسان مرتزقة الإعلام فيها عن إعطاء تفاصيل بحجة إستكمال التحقيق مما يؤكد فرضية تفاجئها فعلا بالأحداث إضافة إلى رغبتها في التعتيم لتخرج لنا في النهاية وبعد صبر أيوب بهذا السيناريو المهزلة والذي يبدو لي أنه جزء بسيط من الحقيقة لتحفظ به ماء الوجه بعد أن كادت أن تدمر الأحداث الأخيرة أسطورة تونس واحة الأمن والأمان التي نسجت السلطة في بلدي خيوطها وتضاريسها من دموع الثكالى والأيتام و عذابات المسجونين و إستغاثات المضطهدات و المضطهدين وأنين المغتربين و المغتربات لتجعل من البلاد بلدا آمنا و لكنه على فوهة بركان غضب لا ندري متى يتنفس و ينفجر

ويبقى الإستخفاف بعقل المواطن التونسي هو السمة الأكثر بروزا في خطاب وزير الداخلية عبر إسناد صفات الرجل الخارق للعادة لرجال مخابراته دون إعلامنا في الحقيقة عن مصادر تسلح المجموعة و كيفية دخول السلاح للبلد وأماكن إخفائه طيلة الأشهر التي سبقت المواجهات و أماكن تدربها التي سمعنا أنها تمت في الغابات المحيطة بمنطقة سليمان.مما يجعلني أميل إلى تصديق إحدى الروايتين اللتين صدرت بهما هذا المقال نظرا لقربهما من الواقع ومنطق الأمور!! و عملا بالمثل التونسي (إلي يسرق يغلب إلي يحاحي)!!

و لعل الرسائل التي أرادت السلطة تبليغها عبر هذه التصريحات سبعة والتي برأيي يريد بها و زير الداخلية ضرب سبعة عصافير بحجر واحد هي كالتالي :

أولا: الإيحاء وبالخصوص للعالم الديمقراطي أن نظام حقوق الإنسان في تونس ما فتئ وبتوجيه من سيادته يعمل بتلك المقولة المنصفة( المتهم بريء حتى تثبت إدانته) وعليه وحرصا على صون الحقوق و تجنب الظلم( لأنه ظلمات يوم القيامة) فإن أجهزتنا الأمنية على عادة أجهزة الدول الديمقراطية لا تحكم على النوايا بل تترصد الجناة بصبر المحقق والباحث العادل حتى تأخذهم بجريرتهم وجرمهم أوبلغة القانون لا توقف مواطنا حتى تتوفر فيه أركان الجريمة و هو ما تزعم السلطة أنها فعلته مع هذه المجموعة رغم كونها إرهابية سلفية خطيرة كما تقول!!

فتركتها تخترق حدودنا قادمة من الجزائر ! و تركت بقية المجموعة الثانية تلتحق بها وربما سمحت للجميع بالتدرب لأشهر في جبل بوقرنين على إستعمال السلاح و تركتها تتحرك بحرية وتركتها تخطط براحتها و قبل أن تمر هذه العصابة إلى تنفيذ مخططها الرهيب ألقت عليها القبض!!! (هكذا!!) أو Mon œil [1] ! ما يقول ناطقو لغة فولتير!

كان يمكن أن يكون الأمر صحيحا لو لم يحدث ما حدث من مواجهات دموية فنصدق رواية الوزير إذ أن سنة إستباق الأمورلدى المسؤولين الأمنيين في تونس هوالذي كان يمكن لولا الفشل الذريع هذه المرة أن تجنب وقوع هذه المواجهات فقد جرت العادة في بلدي أن أي معلومة تشتم منها

السلطة ( وعلى طريقتها) رائحة الإرهاب حتى تأتي الأوامر بالإيقاف الفوري والتحقيق الحازم

فلو كانت السلطة فعلا على علم ببداية تحرك المجموعة وبدخولها من القطر الجزائري بالذات مع علمها كما تزعم بأسماء عناصرها وبإنتماءاتهم السلفية الإرهابية لما صبرت( كما هي عادتها في التحوط لكل شيء) حتى يحدث ما حدث عملا (وهذا ما أثبتته التجارب الحاصلة مع المعارضة طيلة عقدين من الزمن) بتلك المقولة الظالمة (المتهم متهم حتى تثبت براءته!! )

فتحول الأمر إلى مواجهات في أماكن مختلفة من العاصمة و بعض أحوازها ولمدة ليست بالقصيرة يؤكد أن الأمر فعلا تجاوز السلطة وخرج من أيدي مخابراتها وهو برأيي ما يفند مزاعمها في الإحاطة بأطوار الرواية من ألفها إلى يائها !!!

أما المبدأ الحقوقي القائل ’’ المتهم بريء حتى تثبت إدانته’’ والتي تريد السلطة أن توحي لنا به في تعاطيها مع عناصر المجموعة التي تزعم بأنها تعلم أنها سلفية إرهابية فمصداقية تمسكها بهذا المبدأ تتمثل في تطبيقه بإخلاص نادر!! ولمدة عقدين من الزمن مع أنصار حركة النهضة والمعارضة الديمقراطية والصحفيين و مدافعي حقوق الإنسان وبعض الجمعيات المدنية وأخيرا وليس آخرا مجموعات الشباب المتدين قبل المواجهات الأخيرة في إطار حرب نظامنا على ما يسمى بالإرهاب و في إطار الحرب الإستباقية للإبقاء على تونس واحة أمن وأمان بالمفهوم النوفمبري!!!

’’ فالقانون هو الفيصل كما يريد الوزير إقناعنا’’!! سواء فيما تعلق بأدلة الجريمة وتوفر أركانها أو في مدة الإيقاف التحفظي أو في إحترام الحرمة الجسدية للموقوفين أوفي إستقلالية القضاء وشفافية سير التحقيقات وذلك بفضل حرص سيده على أن يأخذ العدل مجراه على حد تعبيراللغة المتخشبة لإعلامنا النزيه والحر!!!!

ثانيا: الإيحاء للأمريكان بالخصوص ( والتي كان لتونس شرف الإنخراط التلقائي والأوتوماتيكي بفضل حكمة سيادته في أجندتها للتصدي للإرهاب) بأن لا خوف على تونس من أن تصبح في يوم ما الحلقة الأضعف في جدار التصدي له وهي التي على إستعداد ووفاء لهذا الخيار أن تسجن نصف الشعب التونسي إذا إشتمت منه رائحة التعاطف مع’’ الإرهابيين’’ و لو عن بعد أي عبر الإنترنت على سبيل المثال لا الحصر و ما مجموعة شباب جرجيس (مدينة جنوب شرقي القطر التونسي) الذين حوكموا بسبب دخولهم مواقع محرمة تونسيا إلا دليل بسيط على ذلك

ثالثا: رسالة إلى الشعب التونسي : ( شد في مشومك ليجيك ما أشوم ) وهو ما يفسر تجدد الدعوة إلى إعادة إنتخاب سيادته فور إنتهاء الوزير من تصريحاته في دار الحزب الحاكم بالعاصمة بإعتبار سيادته الوحيد والفريد القادر على حماية البلاد والعباد من التطرف والإرهاب عبر التعاطي الأمني مع كل شيء وسلوك البنديتيزم [2] الذي بدأ يفرخ ’’إرهابا’’ أوعبرتجفيف منابع التدين الذي فرخ’’ تطرفا في الدين’’ وعليه فليس هناك أفضل في تونس كافة من سيادته لحماية الحمى و الدين وإلا فإن نشر الديمقراطية في تونسنا سيكون سببا في سيطرة الفكر الماضوي والرجعي وعودة البلاد قرونا إلى الوراء وعلى الشعب أن يفهم أن ديمقراطية العصا لمن عصا هي الكفيلة وحدها بحماية العباد والبلاد ولا حل آخر غير بقاء الأمور على حالها برعاية عباقرة صانعي السابع من نوفمبر وواقعيتهم الفذة!!

رابعا: رسالة إلى المعارضة : حذار من أن يصل بكم شعور الإحباط من جراء مانذيقكم إياه ليلا نهارا من قمع و تهميش إلى التفكير في حسم الخلاف السياسي بالسلاح فيصيبكم ما أصاب هذه المجموعة السلفية الإرهابية المجنونة التي تطاولت على أولياء نعمتها (عفوا أولياء قمعها) فحملت السلاح ضدهم إلا أنها لم تفلح فرجالنا بالمرصاد التام لكم ولهم ولهم تلك القدرات الخارقة التي أسوقها لكم بكل أمانة( أنا وزير أمن تونس العهد السعيد) وهي قدرة بموجبها يتم الإطلاع على نواياكم و برامجكم إن كانت تتبنى الإرهاب أم لا كوسيلة للإحتجاج فيتم حينئذ القضاء عليكم في الإبان وبفعالية واكتفوا بدور الكلاب التي تنبح على القافلة وهي تمر وإن كان ذلك في الأصل يزعجنا و يؤرقنا .لكننا نكتفي من جهتنا بمداعبتكم فقط وذلك عبر ترويعكم وتعنيفكم وإهانتكم مع سماحنا لكم بحق الحياة و البقاء!!

خامسا: رسالة إلى حامي الحمى و الدين : نحن تربية يديك وثمرة من ثمار شجرتك الكريمة المباركة و فرع من فروعها إ نتصرنا الأخير بالضربة القاضية على المجموعة السلفية الإرهابية وهذا من وحي نجاحك و نصرك المبين على حركة النهضة وعلى معارضيك لاخوف عليك وعلى تونس بعد اليوم! إهتم أنت بالإنشغال بمرضك و بمتابعة أخبار أصهارك الذين أطلقت أيديهم في البلاد وجنيت قلة النوم بسببهم وإهتم بمتابعة أخبار الصراعات من أجل خلافتك و واصل على بركة الله و بتوفيق منه ترصد من قال فيك كلاما جرح شعورك أوأثار غضب سيادتك

إثأر على عادة الكرام لشخصك ممن إستنقص من هيبتك و شكك في دكتوراك الفخرية التي حصلت عليها من جامعات أوروبا بقوله( إنك باك موان تروا ) [3] ( و أعني به المارق! حمة الهمامي) أو نقد سياستك الخارجية بمقارنتك برئيس الكيان الصهيوني آرييل شارون( وأعني به المتهور! محمد عبو) (عجل الله فرجه هذه من عندي و ليست من عند الوزير) أومن تجرأ على منافستك شخصيا في الإنتخابات دون رضاك (و أعني به المشاكس! المنصف المرزوقي) و تحسس مسدسك إذا ذكر أمامك إسم( الإرهابي! راشد الغنوشي) وإخرب بيت العلاني صاحب شركة باتام لأن أجهزة التنصت على المكالمات الخاصة أبلغتك في يوم ما أن الرجل نعتك( بالبهيم).

فحري برئيس دولة أن يهتم بكل ذلك وهي من عظائم الأمورالتي لا ينبغي السكوت عليها ففيها تهديد لإستقرارالبلاد وأمنها وسجن أصحابها عدل وهذا من أولويات السياسة فلك من الهموم مايكفي ونحن أحسن من ينوب عنك في مواجهة الإرهاب وظاهرة التدين وقمع المعارضة ومتابعة مشاريع التنمية بوليسيا في مختلف المجالات نم قرير العين و ضع في بطنك بطيخة صيفي وأترك لنا الباقي فنحن له أهل وبه جديرون!! لذلك ولغيره نستحق من سيادتكم لفتة كريمة تبقي بها على مناصبنا بعد الذي حدث في تونس و نعدك بمزيد من سفك الماء وبمضاعفة عدد ضحايا التعذيب!

سادسا: رسالة إلى إعلام المعارضة والصحافة العالمية: ظهر الحق وزهق الباطل وقلنا الكلمة الفصل وليخرس الشامتون والمغرضون الذين يريدون بالبلاد سوءا وها هو كشفنا للحقيقة يسفه أحلامهم المغرضة ويكذب إختلاقات الصحافة الأجنبية المدعومة من دوائر مشبوهة تريد المس من سمعة البلاد وأمنها وإستقرارها وتقويض المعجزة الإقتصادية بضرب مصالحنا وضرب السياحة والإستثمارات الأجنبية فلا يوجد في تونس إرهاب أصلا وإن وجد فهو القاسم المشترك مع أكبر الديمقراطيات في العالم وهو دليل على أن بلدنا ينتمي لهذه الديمقراطيات التي أكل الحسد شراذم ممن ليس لهم ضمير من الخونة والمرتزقة في محاولة يائسة لحرمان التونسيين من نعمة الإستقرار والأمن وحقوق الإنسان والديمقراطية والرفاهية!!!

سابعا : في الحقيقة وقف بي القلم عند حد هذا الرقم العقبة على مثال القائل( وقف حمار الشيخ عند العقبة) فلم أجد ما أضيفه لإتمام الحديث عن العصفور السابع الذي أراد الوزير ضربه بتصريحه هذا والظاهر أن رقم سبعة نحس علي وأعترف بأنه غلبني و عطل حركة التفكير في ذهني و أوقفها!! ولا أظن غير صانعه قادر عليه لأنه صانع أمجاده في بلدي تونس!!

هذه خلاصة ما جادت به قريحة مشاكس و’’ جلطام تونسي’’ [4] يكره الحمقى والأغبياء و الكذابين ويتمنى أن يخلص الله منهم البلاد والعباد وأن لا يبلونا الله بهم من جديد !! والسلام عليكم!!

لاجئ بسويسرا

abder58@hotmail.com

[1] إستعارة فرنسية تستعمل مع الإشارة بالسبابة إلى العين للتعبير عن عدم تصديق الشخص لما يقال له.

[2] هو شغل العصابات في بلد القانون و المؤسسات عبر الإلتجاء لميليشيات الحزب الحاكم و منحرفي الحق العم والعاهرات للتصدي لأحرار البلد والمعارضات

[3] باك موان تروا : لغير العارفين باللغة الفرنسية معناه بكالوريا ناقص ثلاثة بالفلاقي (سنة رابعة تعليم ثانوي)

[4] الجلطام في اللهجة التونسية: هو الذي يبحث عن المشاكل بإستمرار(ربي يهديه)!