غياب التشاركية في أخذ القرار
أتت مجلة الجماعات المحلية لتمنح السلطة اللامركزية المزيد من الصلاحيات والحق في التدبير الحر. لكن تعجز أغلب البلديات عن إيجاد حلول للمشاكل المحلية لأسباب عدة، منها المادية ومنها المرتبطة بالصلاحيات المشتركة. ويتصل موضوع إدارة النفايات بالأساس بما سبق ذكره من مشاكل، مع اقتراب موعد إغلاق مصب برج شاكير نهائيا الذي سيضع حد “لمعاناة” 180 ألف من القاطنين بالأحياء المجاورة له.
أكد المسؤول البلدي لطفي الدشراوي في حواره معنا أن غلق مصب شاكير سيعقد الأمور على بلدية أريانة نظرا لكمية الفضلات، مشيرا إلى أنه سبق وان أثرت الإضرابات المتتالية للأحياء المجاورة في برج شاكير برفع مستوى التلوث في بلدية أريانة.
وفي ما يخص مصب النفايات ببرج التركي، أكد مدير النظافة أن بلدية أريانة تسعى لحل المشكل اعتمادا على حلول مؤقتة عبر ردم النفايات بغطاء ترابي مراعية توصيات اتفاقية “بازل”، كما اشتكى من غياب استراتيجية واضحة للدولة بشأن إدارة هذا الملف، مؤكدا أن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات ملزمة بدعم البلديات في التصرف في النفايات نظرا لتكلفة هذه العملية.
ومن جانب آخر، لفت الدشراوي انتباهنا إلى سعي بلدية أريانة للعمل على مشروع تثمين النفايات في منطقة “رياض الأندلس”، مشيرا إلى أن البلدية انطلقت في الخطوات الأولى لهذا المشروع، كما أفاد أنه لم يتم تشريك المواطن في أخذ القرار، رغم ما تقتضيه مجلة الجماعات المحلية في هذا الصدد، مبررا ذلك بأن تشريك المواطن في أخذ القرار في هذا النوع من المشاريع، يشكل عائقا.
أما في ما يتعلق بمصب برج التركي، اقتصر حديثه على تفسير ما يحصل بعدم قدرة البلدية على مراقبة المصب نظرا للنقص العددي في أعوان الشرطة البيئية. موضحا أن “ما تقوم بنقله بلدية أريانة من نفايات لمصب برج التركي ما هي إلا بقايا أشجار وليس لها تأثير كبير على البيئة”.
تبقى الإشارة إلى أنه بات من المؤكد أن الأزمة في طريق مسدود، على الأقل في مدى الأشهر القليلة المقبلة، لبلورة تصور مشترك لحل نهائي ناجز.
إستمع لشهادة لطفي الدشراوي
من ناحيته، يقول الخبير في التصرف في النفايات، حمدي الشبعان، إنّ المصبات العشوائية أزمة تمس كامل تراب الجمهورية وغياب الإحصائيات حول موضوع النفايات يمثل عائقا لرصد التجاوزات في حق البيئة، كما شدد على واجب بلدية أريانة في خلق حل لمصب برج التركي، ﻷنه يتسبب في كارثة بيئية و يهدد صحة المواطن.
وفي تعليقه على مشروع تثمين النفايات برياض الأندلس في مدينة أريانة، استغرب الخبير من أقوال مدير النظافة في ما يتعلق بتغييب دور المواطن كطرف في أخذ القرار مبرزا أنه على البلدية التراجع عن هذا التوجه وسيدفع باتجاه ذلك. وفي سياق متصل، قال الخبير إن بلدية أريانة قامت بمشاريع الفرز الانتقائي للنفايات شركت فيها المواطنين، حيث يتم تسلم هذه النفايات من منزل المواطن مباشرة، مشيرا إلى أن هذا النوع من المبادرات يساهم بشكل مهم من الحد من الارتفاع في المبالغ المنفقة على النفايات واستثمارها في مشاريع من شأنها المساهمة في الحفاظ على البيئة على المستوى اللامركزي.
إستمع لشهادة حمدي شبعان
تبقى مشكلة المصبات العشوائية مَأْزِق أمام الدول، لكن من المهم العمل على إيجاد حلول باعتماد توصيات الخبراء التي تتمحور في أغلبها حول تطوير وتنفيذ إطار وطني لإدارة النفايات يتوافق مع أفضل الممارسات البيئية والصحية، وإعطاء حيز مهم لمعاقبة المخالفين وتنفيذ القانون، ومن المهم أيضا تشريك المواطن كنواة أساسية في المجتمع، في تحديد الاستراتيجيات اللازمة والتنسيق بينه وبين البلديات لرسم خطط واضحة لإدارة النفايات.