في الظاهر يبدو إضراب الوظيفة العمومية اليوم الخميس 22 نوفمبر 2018 انعكاسا لأزمة تفاوض داخلية بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة يوسف الشاهد، ولكن يلوح العامل الخارجي ممثلا في صندوق النقد الدولي طرفا في الصراع الاجتماعي المحلي من خلال برنامج الإصلاح الهيكلي المعروف بـ”تسهيل الصندوق الممدّد” الذي تبلغ قيمته 2.8 مليار دولار. ضمن هذا البرنامج كان ملف الوظيفة العمومية عنوان صراع بين منظمة الشغالين والمانح الدولي، سعت خلاله الحكومات المتعاقبة إلى فرض الأمر الواقع من خلال إبراز تمسكها بالالتزامات الدولية.
نواة في دقيقة: شعراء وفلاسفة، لكنهم أعضاء مجلس نواب
عرفت جلسة المصادقة على التحوير الوزاري في حكومة الشاهد يوم الاثنين 12 نوفمبر 2018، سجالات بين أعضاء مجلس النواب من مختلفة الكتل البرلمانية. وقد تحولت بعض المداخلات إلى استعراضات شعرية وبلاغية ومحاولات في التأصيل الفلسفي. فقرة “نواة في دقيقة” اختارت لكم بعض المقتطفات من مداخلات أعضاء مجلس نواب الشعب.
العدالة الانتقالية في تونس: جلاّدو الأمس فوق المحاسبة
نبيل البركاتي، فيصل بركات، أنيس الفرحاني، هي ليست أسماء تشير إلى ضحايا عابرين فتكت بهم آلة القمع والقتل النظامية على امتداد ثلاث أجيال من أواسط الثمانينات مرورا بأول التسعينات وصولا إلى جانفي 2011، وإنما هي علامات دائمة على حصانة الجلادين من المساءلة والمحاسبة. يشتغل إفلات الجناة من العقاب ضمن منظومة يشتبك فيها الإعلام بالسياسة وبالأجهزة الأمنية والنقابات المنضوية تحتها، من خلال استراتيجيا التشكيك في ممكنات المحاكمة العادلة والضغط على البرلمان والقضاء.
جلبير الأشقر: ”الماركسية في منطقتنا العربية مُحَنّطة، والأمل في الجيل الجديد“
عُرِف الكاتب والباحث اللبناني، جلبير الأشقر، خاصة في الفترة التي تلت الإنتفاضات العربية المُنطلقة من تونس في ديسمبر 2010، بمحاولاته العميقة في تحليل دينامية الأحداث الثورية التي شهدتها المنطقة والحفر في جذورها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهو ما سعى إلى تضمينه في مؤلَّفَيه “الشعب يريد: بحث جذري في الانتفاضة العربية” و”انتكاسة الانتفاضة العربية: أعراض مرضية”. كان لنواة حوار مع جلبير الأشقر، تطرقنا فيه بالأساس إلى أوضاع اليسار العربي في ارتباطه بمحيطه الإقليمي والدولي، إضافة إلى مسار الانتفاضات العربية وآفاقها على ضوء العلاقة بين الفاعل اليساري وبقية القوى السياسية المُهيمنة في المنطقة.
سيدي حسين: عائلة أيمن العثماني وشهود عِيان يكذّبون رواية الديوانة
لم يحدّد البيان الرسمي، الذي أصدرته الديوانة التونسية أمس الثلاثاء، بدقة أسباب وفاة الشاب أيمن العثماني (19 سنة)، وإنما اكتفى بملاحظة “سقوطه أرضا”. من جهته تملّص رضا نصري رئيس المكتب التنفيذي للنقابة الموحدة لأعوان الديوانة من مسؤولية أعوان الدورية الديوانية في إطلاق الرصاص على الشاب أيمن العثماني. هذا الغموض في الرواية الرسمية قادنا إلى حي 20 مارس بسيدي حسين السيجومي بالعاصمة، أين تحدثنا إلى عائلة أيمن العثماني وعدد من شهود العيان، الذين أكدوا مقتل العثماني -الذي يعمل في حضيرة بناء- برصاصة في الظهر على يد أحد أعوان الدورية الديوانية رغم أنه لا علاقة له بالمناوشات التي جدت، وإنما كان من ضمن السكان الذين تجمهروا بعد سماع طلقات الرصاص.
نواة في دقيقة: سليم الرياحي، حرباء السياسة في تونس
جاء اندماج حزب الاتحاد الوطني الحر مؤخرا في حزب نداء تونس، كجزء من مسار متقلب في مواقف مؤسسه سليم الرياحي. في سنة 2014 -قبل صعود الباجي قايد السبسي إلى الحكم- صرح الرياحي بأن الحكم متجه إلى العائلة وليس للباجي قايد السبسي فقط، ولكنه انخرط في مسار تشكيل حكومة يوسف الشاهد التي انبثقت صائفة 2016 عن وثيقة قرطاج، ثم عاد مجددا ليمزق هذه الوثيقة في أفريل 2017 مصرحا أنها “قادت الدولة بأكملها إلى منزل العائلة الحاكمة ومونبليزير (مقر حركة النهضة)”. هذه التقلبات تبدو غير مفهومة ولا يحكمها اتساق سياسي في نظر البعض، ولكنها تعكس في جزء كبير منها مصالح آنية تضطر سليم الرياحي إلى تغيير مواقفه السياسية.
زغوان: عاصمة الماء التي أدركها عطش الفساد
مازالت الذاكرة الجمعية في مدينة زغوان تحتفظ بوقائع ثورة الماء، التي تعود إلى سنة 1858، حين تمرد الأهالي على أحمد باي بعد أن قرر الاستيلاء على عين عياد ونقل مياهها عبر الحنايا إلى العاصمة. وبعد مرور أكثر من قرن ونصف على تلك الحادثة مازال سكان مدينة زغوان ينفذون احتجاجات متواصلة، منذ سنة 2015، ضد الانقطاعات المتكررة للمياه في مدينتهم. وتتزامن هذه الانقطاعات مع اتهام السكان وجزء من المجتمع المدني المحلي للسلط المعنية بسوء استغلال المائدة المائية، سواء عبر الرخص الممنوحة للآبار العميقة الموجهة للأنشطة الفلاحية والصناعية أو عبر شركات المياه المعدنية.
فيضانات نابل: سوء تصرف، غياب إستراتيجيا وسطحية اتصالية
أثارت الفيضانات الأخيرة التي شهدتها جهة الوطن القبلي العديد من الإشكالات، المتعلقة بالتهيئة العمرانية والبنية التحتية ومواجهة الكوارث الطبيعية، وغيرها. وقد بَرز الخطاب الحكومي بأداء هزيل وتلطيفي، وكشف في جزء منه عن عدم إدراك لحجم الكارثة وأسبابها البشرية والمناخية. وفي الأثناء تشير آراء الخبراء في التغيرات المناخية والمختصين في مجال المياه، إلى أن تونس تعيش أزمة مزدوجة؛ تتراوح بين سوء التصرف في الموارد الطبيعية وبين افتقاد سياسات استراتيجية تواجه التغيرات المناخية.
أزمة التعليم في تونس: هل انتهى عصر المدرسة العمومية؟
تشير آخر الإحصائيات التي نشرتها وزارة التربية إلى أن عدد المدارس الإبتدائية الخاصة بلغ 534 مدرسة إلى حدود فيفري 2018، متوزعة على كامل مناطق الجمهورية دون استثناء. ويأتي الارتفاع المتزايد لهذه المدراس في ظل أزمة شاملة تعيشها المدرسة العمومية، وهو ما جَعلها تحظى بجاذبية اجتماعية لدى الطبقات الميسورة والمتوسطة رغم تكاليفها المالية الباهظة. بين تعليم ابتدائي خاص يسوّق للجودة والتفوق وبين تعليم عمومي بات يُنظر إليه بازدراء، تعيش تونس تحولا تاريخيا في مشروعها التعليمي والتربوي، يُنذِر بانتهاء عصر قديم والدخول في عصر جديد.
شوقي الطبيب ”مجلة الإجراءات الجزائية تساعد على الفساد..والهيئة تتعرض إلى ضغوطات“
بعد مرور أكثر من سنة عما يعرف بـ”الحرب على الفساد” التي أطلقتها حكومة الشاهد أواخر ماي 2017، وبعد صدور بعض التشريعات المناهضة للفساد آخرها قانون التصريح بالمكاسب، مازال يسود انطباع عام بأن هذه الظاهرة آخذة في الاستفحال. في هذا السياق كان لنواة حوار مع شوقي الطبيب، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، حول راهنية ظاهرة الفساد في تونس ومدى تطور مكافحتها تشريعيا وسياسيا ومجتمعيا.
صلاح الدين الجورشي: ”النخب الدينية ضعيفة فكريا، ولكنها استغلت أخطاء الآخرين“
لم ينته الجدل السياسي والمجتمعي حول تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، ومازال ينتظم على وقع التجييش والاصطفاف والشيطنة والتوظيف السياسي المتبادل. في هذا السياق كان لنواة حوار مع صلاح الدين الجورشي، عضو لجنة الحريات الفردية والمساواة والباحث في الفكر الإسلامي، حول جملة من المحاور من بينها موقف حركة النهضة من التقرير، إضافة إلى الجدل المطروح حول القوانين الوضعية وعلاقتها بالتشريع الإسلامي، والدور الذي لعبته النخب السياسية والفكرية طيلة فترات الصراع.
المٌشرّدون، الوجه الأخر للأزمة الاجتماعية
تٌساهم العديد من العوامل في ارتفاع عدد الذين لا مأوى لهم في شوارع تونس، من بينها تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار الإيجار وضعف تدخل الدولة، وقد قُدر عددهم بحوالي 3000 حالة سنة 2014. لقد أصبح وجودهم جليا في الشوارع وبجانب المحطات، وأمام مداخل العمارات، في الحدائق العامة وفي أماكن أخرى. وتمثل هذه الفئة أحد أعراض البؤس الاجتماعي والتهميش المنجر عن قيم المحافظة الاجتماعية.
ومية: الرئيس والنهضة، العدو الودود
كانت حركة النهضة الفاعل السياسي الأكثر حضورا في الخطاب الذي ألقاه الرئيس قايد السبسي في 13 أوت 2018 تزامنا مع عيد المرأة. وقد أشار الرئيس في أكثر من مناسبة إلى “الدور الإيجابي” لحركة النهضة في الحياة السياسية، وإلى وزنها السياسي والبرلماني. وأثناء التقدم بمبادرته التشريعية حول المساواة في الإرث لم يخف الباجي قايد السبسي احترازات حركة النهضة على تقرير لجنة الجريات الفردية والمساواة، وهو ما جعله ينتهي إلى صيغة تلفيقية تُراوح بين الإحتكام للدستور والقانون والإلتزام بأحكام الشرع.
نواة في دقيقة: ZIM_dégage#، حملة مقاطعة ناجحة ضد باخرة صهيونية
ألغت شركة “زيم” الإسرائيلية الوجهة التونسية من مخططاتها البحرية إثر الضغط الذي مارسه الاتحاد العام التونسي للشغل وعدد من منظمات المجتمع المدني. وقد كان من المنتظر أن تٌرسي سفينة تابعة لهذه الشركة بميناء رادس في 04 أوت 2018 تحت الراية التركية. وبالتزامن مع ذلك شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملات داعية إلى منع رسوّ سفينة “زيم” بالموانئ التونسية.
المجلس الإسلامي الأعلى: فقهاء الأنظمة، من بن علي إلى حركة النهضة
منذ أن تمت إقالة رئيسه في جويلية 2015 خلال فترة حكومة الحبيب الصيد، غاب المجلس الإسلامي الأعلى عن مسرح الجدل الديني والسياسي، ليعود في 20 جويلية 2018 من خلال بيانه المعارض لتقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة الذي اعتبره ”مخالفا لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية من أحكام شرعية قطعية الثبوت والدلالة“. هذه المؤسسة التي تعود نشأتها إلى أواخر الحقبة البورقيبة، ارتبط دورها وتركيبتها بالسياسيات الدينية لأنظمة الحكم، منذ عهد الرئيس الأسبق بن علي إلى صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم بعد سنة 2011.
نواة في دقيقة: حكومة الشاهد… تاريخ الإقالات و الإستقالات
مازالت حكومة يوسف الشاهد تثير جدلا، خاصة بعد منح الثقة لوزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي يوم السبت الفارط وسط صراع بين مختلف الكتل البرلمانية. لم تكن هذه المرة الأولى التي يذهب فيها رئيس الحكومة إلى البرلمان لسد شغور وزاري بسبب استقالة أو إقالة. منذ حصولها على ثقة مجلس نواب الشعب في 26 أوت 2016 شهدت الحكومة الحالية موجة من الإقالات والاستقالات طالت العديد من الوزارات.
العلوم الإنسانية والإجتماعية، سلة مُهملات التوجيه الجامعي في تونس؟
تشكّل عملية التوجيه الجامعي بالنسبة للناجحين في الباكالوريا وعائلاتهم لحظة مصيرية يقف فيها الطالب الجديد بين مفترق طرق، وعادة ما تتربع الاختصاصات التقنية والهندسية والطبية على عرش الإنتظارات الاجتماعية. وفي الأثناء تُرسَل شعب علوم الإنسان والمجتمع والآداب والفنون إلى الهامش، ليصبح التوجّه إليها علامة على مستقبل مِهني غامض. سجلت السنوات الثلاث الأخيرة تخفيضا في طاقة الاستيعاب المخصصة لشعب الفلسفة وعلم الاجتماع والتاريخ وغيرها من العلوم الإنسانية والاجتماعية، فهل يعكس هذا التراجع سياسة رسمية تتجه نحو تهميش هذه الشعب والحد من دورها المجتمعي أم أن للظاهرة وجوه ودلالات أخرى؟
تجريم الإحتجاج في تونس: مُحاكمات الصيف، إدانة لغضب الشتاء
مَثُل اليوم الأربعاء جريح الثورة مسلم قصد الله أمام المحكمة الابتدائية بالمنستير بعد أن تم إيقافه أول جويلية بسبب احتجاجه على تدهور حالته الصحية. ويُحال غدا الخميس عدد من شباب منطقة شربان على المحكمة الابتدائية بالمهدية على خلفية احتجاجات جانفي المنقضي. وفي منطقة البطان التابعة لولاية منوبة دخل عدد من الأهالي في اعتصام مفتوح منذ يوم الأربعاء 04 جويلية للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم الموقوفين منذ جانفي 2018. تُشكّل معظم هذه المحاكمات فصلا آخر من الحراك الاجتماعي الذي شهدته البلاد طيلة شتاء 2018، وتريد من خلالها السلطات الضغط على الأزمة عبر تجريم الفئات المشاركة في الحراك.