حين تزور برج التركي، تتصاعد من حولك مع كل خطوة تخطوها كميات كبيرة من الأتربة، وإذا رغبت في زيارته بسيارتك، ستكون مجبرا على غلق النوافذ جراء ما تخلفه حركة العجلات من غبار إلى حد منعك من رؤية الطريق بوضوح. في هذا التجمع السكني المعزول، الذي تعود أهالي أريانة على تسميته “حي البهايم” نسبة لمتساكنيه الذين دأبوا في العقود الماضية على نقل المياه من وسط المدينة إلى منطقتهم على الحمير، لا يمكن تجاهل مئات المنازل العشوائية المتفرقة على امتداد 3 كيلومترات في أسفل المنتزه والتي تشغل حيزا لا يستهان به من مساحته، منازل يصل عددها تقريبا إلى 150، أغلبها غير متصل بشبكة تزويد المياه أو بشبكة الكهرباء، يغلب على ألوانها الآجر الأحمر والإسمنت الرمادي، منها ما هو مبني بما تمكن سكانها من جمعه من حديد وقصدير.
يقع المصب على بعد 500 متر من المدرسة الابتدائية ببرج التركي، كما تفصله مسافة كيلومتر ونصف عن مستشفى عبد الرحمان مامي للأمراض الصدرية، والأغرب هو بعده 5 أمتار فقط عن بعض المنازل أسفل الجبل.
عند وصولنا للمصب، كانت شاحنة البلدية قد انتهت من سكب ما تحمله من نفايات في مدخل المصب، غير مبالية باختيار المكان الأبعد عن السكان القاطنين بقربه.
النفايات، الخبز اليومي لأهالي برج التركي
”رفعنا شكاوى عدة لبلدية أريانة، ولم يفعلوا شيئا“. هكذا استهلت “سلوى” حديثها. لم ترغب في البداية مشاركتنا معاناتها لأنها تعتقد أن الإعلام لن يحل المشكل الذي طال أكثر من سبع سنوات. تواصل محدثتنا معبرة عن غضبها لما آل إليه الوضع في الحي الذي ترعرعت فيه: ”نحن لا نطالب بالكثير، نرغب فقط باحترام حقوقنا وغلق هذا المصب الذي حول حياتنا إلى جحيم“.
أردفت سلوى بنبرة حزن في صوتها: ”ليس من المعقول أن نعيش على هذه الحال في سنة 2021“. تعتبر هذه المرأة أن عائلتها تعيش في وضع يشبه وضع دولة تعاني من الحرب أو من الإفلاس، وما زاد الطين بِلَّة في نظرها فقدانها لموطن شغلها بسبب جائحة كورونا، فهي اليوم تعيش على ما يوفره والداها من دخل بفضل تربية المواشي، وتعتبر مصب النفايات تهديدا لاستقرار أسرتها المالي، وذلك بسبب فقدان عدد من المواشي بعد أكلها مواد سامة مثل الكرتون والبلاستيك.
تتابع سلوى: “نحن نعاني بسبب المصب على مدار السنة، في فصل الصيف نعاني من الروائح الكريهة وانبعاثات الأدخنة السامة وفي الفصول الأخرى نعاني من مخلفات الأمطار والفيضانات… نحن فعلا مرهقون ولم يعد لدينا الكثير من الطاقة لمواجهة ما نعيشه من ظلم“.
تختتم سلوى حديثها معنا قائلة: ”لقد كبرت هنا، عمري اليوم 39 سنة، لقد كنت شاهدة على كل التغيرات التي حصلت في هذا المكان، رأيت الحي يتغير ويتطور، لكن لم أتوقع أبدا أن يصل الإنسان إلى هذا الكم الهائل من اللامبالاة، ويكون سببا في جعل حياة الآخرين عرضة للخطر دون احترام الغير أو القانون“.
قوانين متروكة، حقوق مهضومة
يتواصل نشاط مصب برج التركي منذ سنة 2015 بشكل مخالف لجميع القوانين والتشريعات المعمول بها وطنيا ومحليا ودوليا، ليرتفع معدل الشاحنات الساكبة للنفايات في 2021 لـ50 شاحنة يوميا، مخلفة بذلك ما يقارب الطن من النفايات الصلبة والمنزلية في المصب في اليوم الواحد، وذلك دون اتخاذ السلطات المحلية التدابير والإجراءات الجادة لإنهاء هذه المعضلة.
وتجدر الإشارة أن النفايات هي ما يخلفه الإنسان من أنشطته المنزلية والزراعية والصناعية والإنتاجية، والتي يهدد إهمالها الصحة والسلامة العامة. وقد ضمن دستور سنة 2014 الحق في البيئة السليمة في فصله 45 والذي ينص على: ”تضمن الدولة الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ. وعلى الدولة توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي”.
تعود أولى التدابير الوقائية للمحيط والبيئة إلى قمّة الأرض المنعقدة بالبرازيل فـي 05 جوان 1992، حيث خرجت بعديد الإجراءات لصالح البيئة أهمها خطة العمل ”الأجندة 21“ والتي تسعى لضمان التنمية البيئية المستدامة للقرن 21، وصادقت تونس على أهم المعاهدات المتعلقة بمجال البيئة في 10 جويلية 1995 كإحداث القانون عدد 63 المتعلق بالترخيص في انضمام الجمهورية التونسية إلى اتفاقية “بازل” بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود.
رغم كل هذه القوانين والتشريعات التي من شأنها حماية البيئة والمحيط، يجد سكان منطقة برج التركي والأحواز المجاورة نفسهم عرضة لما تخلفه النفايات من أضرار على صحتهم.
في هذا الصدد، يؤكد أنيس عموري، أحد متساكني مدينة النصر بولاية أريانة المجاورة لمصب النفايات، أن الأمر ازداد سوءا بالمنطقة في السنوات الأخيرة، مضيفا أن الأشخاص المتضررين مما يخلفه المصب من أضرار تقدموا بشكاوى عديدة لبلدية أريانة ولم يقع حل المشكل، جازما أن أكبر مشاكله عدم احترام الضوابط المعتمدة لاستعمال الأرض كمصب للنفايات إضافة للاخلالات البيئية الجسيمة التي يخلفها.
وتجدر الإشارة أن عدة دراسات علمية وثّقت المخاطر التي تخلفها مجامع النفايات العشوائية، فهي تساهم في انبعاث غازات سامة مثل غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون، وهو ما يتنافى تماما مع اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون التي انضمت إليها تونس بموجب القانون عدد 54 لسنة 1989، خاصة أن هذه الغازات من يؤدي ارتفاعها إلى الانحباس الحراري.
وأوضح محدثنا أنه خلال السنتين الأخيرتين (2020-2021) عاش السكان المجاورين لمصب النفايات على وقع الاختناق والأدخنة المنبعثة من جراء الحرائق المتتالية في المصب، بمعدل حريق كل يوم في الصيف. مشيرا أنه يضطر إلى غلق كل المنافذ لحماية نفسه وعائلته من الروائح المضرّة المزعجة التي من شأنها أن تضر بالجهاز التنفسي.
وحسب تقرير “هيومن رايتس ووتش” سنة 2017 بعنوان “كأنك تستنشق موتك” حول المخاطر الصحية لحرق النفايات في لبنان، يتعرض الإنسان “لجزيئات دقيقة، كالديوكسين والمركّبات العضوية المتطايرة ومركبات كل من الهيدروكربون العطري متعدد الحلقات وثنائي الفينيل متعدد الكلور، التي ترتبط بأمراض القلب والسرطان وأمراض الجلد والربو والأمراض التنفسية”.
أكد أنيس أن سكان المنطقة قاموا بحركة رمزية لتحسيس البلدية ولفت انتباهها للوضع الخطير الذي يهدد صحة المتساكنين في السنة الفارطة، عبر تعبئة المياه في أوعية مختلفة الأحجام لإطفاء النيران المشتعلة في المصب، كما اجتمعوا عديد المرات للقيام باحتجاجات للمطالبة بحقهم في بيئة سليمة.
ومن ناحيته، عبر سامي (اسم مستعار) عن خيبة أمله، متحدثا عن تعاطي بلدية أريانة مع هذه الأزمة: ”لقد شاركنا في الانتخابات ومنحنا الثقة لأعضاء المجلس البلدي لرعاية مصالح السكان والمجموعة، لكن بلدية أريانة للأسف لم تكن في مستوى الانتظارات“، كما أضاف: “اليوم البلدية تتمتع بالعديد من الصلاحيات التي تمكنها من التصرف بحرية واتخاذ كل التدابير القانونية لتسليط الخطايا وإنذار المخالفين بهدف وقف النشاط الملوث للبيئة“.
للتذكير، تمنح مجلة الجماعات المحلية المؤرَّخ في 9 ماي 2018 مهام ومسؤولية أكبر للبلديات في إدارة النفايات الصلبة والمحافظة على البيئة والنظافة والتنمية المستدامة، حيث يمكن الفصل 141 البلديات من فرض رسوم وضرائب على الأنشطة الخطِرة الملوِّثة للبيئة.
احتجاج مواطني دون نتيجة
من خلال نافذتها الشاسعة المطلة على المصب العشوائي تجلس “مها” البالغة من العمر 28 سنة على كرسيها مرتدية قناعها الواقي من فيروس كورونا لتحدثنا عما تعيشه منذ انتقالها إلى حي النصر. لم تكن مها تعلم بوجود مصب النفايات على بعد أمتار من الإقامة التي تقطن بها لتجد نفسها اليوم أمام مأزق كبير بعدما تعودت على مسكنها القريب من مكان عملها في إحدى صالونات التجميل بالحي.
تقول “مها”: “لا أستطيع اليوم أن أبحث عن إيجار جديد، فمنذ جائحة كورونا أصبحت أعمل يوما بيوم وانخفض راتبي إلى النصف، ما يجعل الأمر معقدا خاصة مع ارتفاع أسعار الإيجار بالمنطقة”.
ما شد انتباهنا أثناء لقائنا مع محدثتنا أن مسكنها لا يتجاوز الـ70 متر، وقد كشفت لنا أنه مع تصاعد الدخان ورائحة الحرائق تركض فورا لغلق كل منافذ المنزل، لتقضي في بعض الأحيان يومين متتالين على نفس الحال، كما تعاني من مشاكل أخرى بسبب الحرائق، ففي أغلب الأحيان تضطر لإعادة غسل ملابسها عدة مرات جراء التصاق الرائحة والدخان في ما ترغب في ارتدائه.
ومع تفاقم الأزمة وتصاعد عدد المتضررين، قامت مجموعة من المتساكنين ببعث مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك بعنوان “معا من أجل غلق مصب برج التركي” والذي يصل عدد المنخرطين فيه إلى 176 عضوا، ينشطون بطريقة تشاركية لمناصرة قضيتهم ودفع بلدية أريانة إلى التدخل وإيجاد حل لمشكلة المصب التي أصبحت تؤرق متساكني المنطقة.
يقوم أعضاء المجموعة بتبادل الأفكار ونشر الصور في حالة اشتعال حريق بالمصب إيمانا منهم بأن نشر المعلومة تسهل عملية إبلاغ وحدات الحماية المدنية بشكل مكثف حتى تتحرك لإطفاء النيران والحد من الأضرار المتأتية من جراء الحرائق.
وفي رحلة البحث عن المزيد من المتضررين تمكنا من مقابلة، مهدي أحد سكان المنطقة، حيث صرح لنا أنه عانى الأمرين بسبب وجوده في إقامة قرب المصب، وأضاف أن ابنته البالغة من العمر 4 سنوات تعاني من مشاكل في الجهاز التنفسي و يرجح سبب مرضها إلى ما تخلفه النفايات الملقاة في المصب والغازات المنبعثة منه.
بعيدا عن المنازل الراقية والتي يقع أغلبها على مسافة تتراوح بين 300 متر و500 متر من المصب، يقطن عمران بن حسن في منزل يبعد بضعة أمتار عنه، منزل على وشك الانهيار تمتد على جدرانه شقوق كبيرة لدرجة دخول الهواء من بعضها.
في حوارنا معه قال عمران: “لن أتحدث كثيرا عن النفايات ومخلفاتها فالمشهد وحده يعبر عما يحدث”، وأضاف: “تعرض ابني للعنف الجسدي من قبل أحد سائقي الشاحنات. تعرضنا للاعتداء الجسدي فقط لأننا تصدينا للشاحنات التي تأتي هنا لتلقي فضلاتها وتسمم الأراضي المجاورة لنا جاعلة حياتنا جحيما”.
يسترسل في حديثه متسائلا: “ما هو الدور الذي تقوم به الشرطة البلدية ؟ أليس من الأجدر أن يقوموا بمراقبة المخالفين للقانون ؟”، كما أفاد مخاطبنا أن أهالي المنطقة هم من ساهموا في خلق مسلك تقليدي عبر صرف مبلغ مالي يقدر بـ700 د ساهمت فيه 5 عائلات لتسهيل عملية التنقل فما راعهم إلا استعمال الشاحنات لهذا المسلك لإلقاء نفاياتها مسببين بذلك اهترائه.
ويعتبر عمران أن بلدية أريانة هي المسؤول الأول عما يحصل في المنطقة وأن السماح للخواص باستعمال الأرض لإلقاء النفايات هو تواطؤ منها في تفاقم الكارثة البيئية.
بعد التثبت من المعلومة، تبين أن الأرض المسخرة لسكب النفايات على ذمة خواص، وهو ما أكده مدير النظافة ببلدية أريانة، لطفي الدشراوي.
بدا رئيس المجلس البلدي فاضل موسى على مسافة من الموضوع. إذ تجنب الخوض فيه عند اتصالنا به وأحالنا إلى نائبه الذي أحالنا بدوره إلى رئيس اللجنة البلدية المعنية الذي امتنع عن الإجابة كغيره من الأعضاء المنتخبين المتصل بهم.
أزمة الماء الصالح للشراب أفاضت الكأس
على الرغم من صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة حول البناء العشوائي، فإن التقديرات المتداولة لهذا الشكل من البناء تشير إلى أنه لا يمثل إلا 1% في ولاية أريانة. ويعاني متساكنو برج التركي من مشاكل عدة، منها عدم تزويدهم بالمياه الصالحة للشراب.
على الرغم من تواجد شبكة المياه على بعد مسافة قصيرة لا تتجاوز 150 مترا من المنازل الخمسة القريبة من مصب النفايات، تقوم الأسر الخمسة بالاعتماد على تجميع مياه الأمطار وشراء المياه المعبأة وتعبئة الخزانات مرة كل شهر مما يكلفهم الكثير.
على الأرجح أن العزوف عن تهيئة حي التركي يعود إلى الكلفة التي تتطلبها عملية التهذيب التي تكلف للمجموعة الوطنية أموالا طائلة، مقابل الكثافة السكانية الضعيفة في المنطقة، مع العلم أن بلدية أريانة في ميزانية 2019 وضعت مخططا لمشروع تأهيل المنطقة.
لم يتردد العم حمادي في الإجابة عن أسئلتنا المتعلقة بمشكلة المياه في حيه، وهو الذي يقطن هناك منذ 40 سنة. يبلغ العم حمادي 75 سنة، نحيلا كشجرة نخل معمرة بملامحه الريفية الاصيلة، وعلى وجهه علامات القلق الممزوج بالحلم. لم يخف سعادته بقدومنا للتحقيق في ما يحصل بالقرب من منزله.
استهل حديثه وهو يبتسم قائلا: ” كنا نعيش هنا في جنة، المنظر الطبيعي وحده يشفي هموم صعوبات الحياة“.
لم يستلطف في المقابل فكرة عدم انصاف الأسر القاطنة بحي التركي متشكيا من عدم تزويدهم بالماء الصالح للشراب، خاصة وأن شبكة المياه ليست ببعيدة عن منزله ومؤكد أنها موجودة منذ سنة 1995.
غياب التشاركية في أخذ القرار
أتت مجلة الجماعات المحلية لتمنح السلطة اللامركزية المزيد من الصلاحيات والحق في التدبير الحر. لكن تعجز أغلب البلديات عن إيجاد حلول للمشاكل المحلية لأسباب عدة، منها المادية ومنها المرتبطة بالصلاحيات المشتركة. ويتصل موضوع إدارة النفايات بالأساس بما سبق ذكره من مشاكل، مع اقتراب موعد إغلاق مصب برج شاكير نهائيا الذي سيضع حد “لمعاناة” 180 ألف من القاطنين بالأحياء المجاورة له.
أكد المسؤول البلدي لطفي الدشراوي في حواره معنا أن غلق مصب شاكير سيعقد الأمور على بلدية أريانة نظرا لكمية الفضلات، مشيرا إلى أنه سبق وان أثرت الإضرابات المتتالية للأحياء المجاورة في برج شاكير برفع مستوى التلوث في بلدية أريانة.
وفي ما يخص مصب النفايات ببرج التركي، أكد مدير النظافة أن بلدية أريانة تسعى لحل المشكل اعتمادا على حلول مؤقتة عبر ردم النفايات بغطاء ترابي مراعية توصيات اتفاقية “بازل”، كما اشتكى من غياب استراتيجية واضحة للدولة بشأن إدارة هذا الملف، مؤكدا أن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات ملزمة بدعم البلديات في التصرف في النفايات نظرا لتكلفة هذه العملية.
ومن جانب آخر، لفت الدشراوي انتباهنا إلى سعي بلدية أريانة للعمل على مشروع تثمين النفايات في منطقة “رياض الأندلس”، مشيرا إلى أن البلدية انطلقت في الخطوات الأولى لهذا المشروع، كما أفاد أنه لم يتم تشريك المواطن في أخذ القرار، رغم ما تقتضيه مجلة الجماعات المحلية في هذا الصدد، مبررا ذلك بأن تشريك المواطن في أخذ القرار في هذا النوع من المشاريع، يشكل عائقا.
أما في ما يتعلق بمصب برج التركي، اقتصر حديثه على تفسير ما يحصل بعدم قدرة البلدية على مراقبة المصب نظرا للنقص العددي في أعوان الشرطة البيئية. موضحا أن “ما تقوم بنقله بلدية أريانة من نفايات لمصب برج التركي ما هي إلا بقايا أشجار وليس لها تأثير كبير على البيئة”.
تبقى الإشارة إلى أنه بات من المؤكد أن الأزمة في طريق مسدود، على الأقل في مدى الأشهر القليلة المقبلة، لبلورة تصور مشترك لحل نهائي ناجز.
من ناحيته، يقول الخبير في التصرف في النفايات، حمدي الشبعان، إنّ المصبات العشوائية أزمة تمس كامل تراب الجمهورية وغياب الإحصائيات حول موضوع النفايات يمثل عائقا لرصد التجاوزات في حق البيئة، كما شدد على واجب بلدية أريانة في خلق حل لمصب برج التركي، ﻷنه يتسبب في كارثة بيئية و يهدد صحة المواطن.
وفي تعليقه على مشروع تثمين النفايات برياض الأندلس في مدينة أريانة، استغرب الخبير من أقوال مدير النظافة في ما يتعلق بتغييب دور المواطن كطرف في أخذ القرار مبرزا أنه على البلدية التراجع عن هذا التوجه وسيدفع باتجاه ذلك. وفي سياق متصل، قال الخبير إن بلدية أريانة قامت بمشاريع الفرز الانتقائي للنفايات شركت فيها المواطنين، حيث يتم تسلم هذه النفايات من منزل المواطن مباشرة، مشيرا إلى أن هذا النوع من المبادرات يساهم بشكل مهم من الحد من الارتفاع في المبالغ المنفقة على النفايات واستثمارها في مشاريع من شأنها المساهمة في الحفاظ على البيئة على المستوى اللامركزي.
تبقى مشكلة المصبات العشوائية مَأْزِق أمام الدول، لكن من المهم العمل على إيجاد حلول باعتماد توصيات الخبراء التي تتمحور في أغلبها حول تطوير وتنفيذ إطار وطني لإدارة النفايات يتوافق مع أفضل الممارسات البيئية والصحية، وإعطاء حيز مهم لمعاقبة المخالفين وتنفيذ القانون، ومن المهم أيضا تشريك المواطن كنواة أساسية في المجتمع، في تحديد الاستراتيجيات اللازمة والتنسيق بينه وبين البلديات لرسم خطط واضحة لإدارة النفايات.
iThere are no comments
Add yours