فور صدور الحكم التعقيبي بتثبيت الحُكم الاستئنافي برفض الدعوى المرفوعة لإبطال المؤتمر الاستثنائي للاتّحاد العام التونسي للشغل، دوّن أحد قيادات الصفّ الثّاني في المنظّمة الشغيلة ”صدر الحكم التعقيبي لصالح القيادات الشرعية…أتمنى أن يحرر غلق الملف القضائي المنظمة“، في تلخيص لما يمثل أحد أهم مكبلات المركزية النقابية وموانعها عن الفعل رغم تراكم الأسباب وتعددها على كل المستويات بداية من تردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي وصولا إلى الانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد منذ حوالي السنتين وغلق السلطة باب الحوار مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
ففي داخل الأوساط النقابية تلقى فكرة إمكانية استخدام السلطة لقضية الطعن في شرعية المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي للاتحاد العام التونسي للشغل، الذي عقد بسوسة يومي 8 و9 جويلية 2021، رواجا كبيرا. فحتى قيادات المنظمة لم تخف تخوفها من تحول قضية الطعن إلى ورقة بيد السلطة تضع بها القيادات التي أفرزها المؤتمر الانتخابي في مربع التهديد، لكن اليوم طويت صفحة تلك التخوفات ولم تعد لتلك الورقة المحتملة أي تأثير ولن تكون إحدى المحددات في حسابات المنظمة في تعاطيها مع الأحداث والسلطة.
تخوف وإرباك لخصهما الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري في تصريح مقتضب تم تصويره فور صدور الحكم التعقيبي، ونُشر على الصفحة الرسمية للمنظمة، قال فيه ”تم اليوم البت في القضية التي رفعتها بعض الأطراف ضد إتحاد الشغل بتأكيد الحكم الاستئنافي برفض الطعن في شرعية المؤتمر الاستثنائي (…) كل من خرج عن صف المنظمة مآله الفشل والعزلة ونعتقد أن هذا الحكم قد أسدل الستار عن محاولة لإنهاك الإتحاد وإرباكه طيلة سنة ونصف“.
تغير المعطيات المحددة لتحركات الاتحاد العام التونسي للشغل، ومسببات ما يمكن اعتباره غيابا عن الساحة خلال الفترة الأخيرة ووقوفه شبه متفرج على سير الأحداث في البلاد إن صح التعبير، لا تقتصر على قضية إبطال مؤتمره الاستثنائي وإفرازات المؤتمر العادي الـ 25 المنعقد بصفاقس في جانبه الانتخابي، حيث تشمل كذلك التوازنات الداخلية للمنظمة والمواقف المختلفة داخل هياكلها من السلطة وتوجهاتها التي تبلغ حد التناقض، مما جعل المخاوف من الإنقسام توضع في أعلى سلم النتائج المحتملة لأي فعل أو تحرك مهما كان اتجاهه.
لكن اليوم، وبعد تغير موقف التيار العروبي القومي بمختلف تفرعاته من السلطة ورأسها، بعد أكثر من سنتين عن إطلاق الرئيس قيس سعيد لمسار 25 جويلية، لم تعد الفجوة في الموقف من المسار، وما بلغه داخل الاتحاد العام التونسي للشغل معطى يمكن أن يؤثر كما في السابق على قرارات المنظمة وتحركاتها، لتتماهى تقريبا كل التيارات الإيديولوجية داخل الاتحاد في تقييم سلبي لما ذهب إليه الرئيس قيس سعيد ومسار 25 جويلية.
وخلافا لما صرح به الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي من تغير لموقف الحركة من مسار 25 جويلية، يمكن إعتبار نتائج مؤتمر قطاع عصي ومتناغم كقطاع التعليم الثانوي الذي انعقد يومي 1 و2 أكتوبر 2023، بمثابة محرار أثبت تغليب المعطى النقابي الداخلي وتوحيد الصفوف ضد أي هجمة من السلطة والموقف منها على المعطى الإيديولوجي والقطاعي البحت، حيث لم تفز القائمة الرسمية، أي المدعومة من الكاتب العام المتخلي لسعد اليعقوبي سوى ب3 مقاعد، من جملة 11 مقعدا في المكتب التنفيذي للجامعة، بعد أن فاز اليعقوبي خلال المؤتمر السابق، المنعقد في أفريل 2019، بكل المقاعد في المكتب التنفيذي للجامعة العامة أمام قائمة مدعومة من المركزية النقابية، وتحديدا من حفيظ حفيظ آنذاك.
بمعنى آخر مثل لسعد اليعقوبي وقائمته التي تضم أعضاء من المكتب التنفيذي المتخلي، صورة أو انعكاسا لإمتداد السلطة ومحاولتها شق الصفوف داخل المنظمة نظرا لموقفه من مسار 25 جويلية والاتفاق الذي أمضاه مع وزير التربية محمد علي البوغديري وعلاقته به، خاصة التقائهما في رفض المؤتمر الاستثنائي لاتحاد الشغل وما أفرزه من تنقيح الفصل 20 الشهير والتشكيك في شرعية المكتب التنفيذي المنبثق عن المؤتمر العادي الـ 25 المنعقد أيام 16 و17 و18 فيفري 2022 بصفاقس.
إن قراءة نتائج مؤتمر قطاع الثانوي وفق تلك الصورة تدفع لقناعة، وإن كانت نسبية وضمن قراءات عديدة أخرى من زوايا مختلفة، بأن الجسم النقابي لإتحاد الشغل ككل يتقارب في الموقف من السلطة وأصبح يلفظ كل ما ينتج انقساما محتملا في تمظهر لجدية المخاوف من انقسامات في المنظمة أو ”طعنات في الظهر“ كما وصف اتفاق التعليم الثانوي الممضى في 23 ماي 2023 وما تبعه من رفع تحرك حجب الأعداد وترك قطاع التعليم الأساسي، ومن ورائه جزء من المركزية النقابية، وحيدا بين فكي السلطة التي انقضت عليه وخيرته بين اتفاق مذل أو الخروج بخفي حنين مجبرا بعد حجب أجور آلاف المعلمين وإيقاف عشرات المديرين عن العمل.
وبالتالي فمؤتمر الجامعة العامة للتعليم الثانوي، وفوز قائمة ”رد الاعتبار“ ب8 مقاعد على حساب قائمة اليعقوبي تحتمل قراءة مفادها تغليب نواب المؤتمر للمعطى النقابي الصرف والخوف من تغلغل السلطة داخل المنظمة عبر قطاع قوي كقطاع الثانوي، في مواصلة لسياسة المركزية النقابية لتفادي أي انقسامات وتصدع أو حتى تباين يمكن أن يؤدي إلى انشقاقات، كان أبرز المحاولات لتفاديه ترك حرية الاختيار في المحطات الانتخابية التي شهدتها البلاد، وحتى في الاستفتاء على الدستور الجديد رغم ما قوبل به فحواه من رفض من سلطات قرار الاتحاد العليا، من مركزية نقابية ومكتب تنفيذي موسع وهيئة إدارية وطنية.
ذلك التوجه نحو لحمة داخلية غير قابلة للاختراق أو التصدع لا يبدو غير منطقي، في ظل ما أبدته السلطة من استهداف للنقابيّين عبر سجن كاتب عام نقابة شركة تونس للطرقات السيارة أنيس الكعبي وتسريح 200 عون متعاقد مع المؤسسة ممن شاركوا في الإضراب، والحكم إبتدائيا ب4 أشهر سجنا على كاتب عام جامعة النقل وجيه الزيدي وعدد من قيادات القطاع، وغيرها من ردود الفعل على التحركات النقابية القانونية كالتساخير التي واجهت بها السلطة إضراب قطاع البريد وتسليمها للأعوان من طرف الحرس الوطني في الجهات، ما اعتبرته نقابة البريد آنذاك ترهيبا واستعمالا غير قانونية للتسخير باعتبار أن قطاع البريد ليس بالقطاع الحيوي.
كل ردود الفعل تلك من طرف السلطة على العمل النقابي ساهمت من جهة في استشعار خطر أدى إلى وضع المعطى النقابي في أعلى سلم محددات الخيارات والاصطفاف داخل الاتحاد العام التونسي للشغل، من جهة أخرى تفسر نوعا ما تراجع نسق تحركات الاتحاد وهياكله الجهوية والقطاعية، وفحوى خطابات رأس المركزية النقابية نور الدين الطبوبي الذي غاب لأشهر بعد أن كان يمثل نقيضا للسلطة مقدما انطباعا عاما بالتماهي مع جبهة الخلاص، وهو ما تحاول قيادات الاتحاد تفاديه قدر الإمكان حتى بإسداء نصيحة للطبوبي بالتخلي عن إلقاء كلمات في كل الأحداث النقابية، ينتقد من خلالها السلطة برأسها والحكومة وتوجهاتها، حتى لا يتم وضعه في نفس سلة جبهة الخلاص والنهضة.
بل بلغ الأمر حد توضيح رأس المركزية النقابية نور الدين الطبوبي لتوجه الاتحاد وتموقعه في معارضة الرئيس قيس سعيد وما يأتيه هو وحكومته من قرارات، بالقول أن الاتحاد في صف أو خيار ثالث داعيا الوطنيين الصادقين إلى الالتحاق به، فالصف الثالث لا هو من مؤيدي الرئيس قيس سعيد ومساره دون أي تحفظ، ولا هو في الصف المعارض الذي يطالب بالعودة إلى ما قبل 25 جويلية 2021 كما هو حال جبهة الخلاص ومكوناتها وخاصة حركة النهضة، فالاتحاد بتصنيف موقفه أو تسميته ب”الصف أو الخيار الثالث“ يرفض العودة إلى ما قبل 25 جويلية، كما يرفض التوجه إلى حوار معلوم النتائج والمخرجات قبل انطلاقه لا يجمع كل التونسيين ، وفق ما صدر عن رأس المركزية النقابية نور الدين الطبوبي في ديسمبر 2021.
إلا أن ذلك التوضيح لم يكن له الوقع المرجو بترك فسحة للحوار والنقاش مع السلطة، حيث سارع الرئيس قيس سعيد كعادته بالرد على تصريح الطبوبي بالقول من خلال كلمة توجه بها للتونسيين في 13 ديسمبر 2021 ”تواتر الحديث عن صف ثالث وإن أرادوا فليزيدوا صفا رابعا أو خامسا (…) أنا انتمي فقط إلى صف الشعب…ولن أقبل الاصطفاف مع من يريدون صناعة الصفوف“، ليضع سعيد الاتحاد وقياداته في مربع خيارين لا ثالث لهما، إما الاصطفاف خلف السلطة ومباركة كل ما تأتيه أو الوقوف في الجهة المقابلة ومعارضة قائد ”حرب التحرير الوطنية من الخونة والمحتكرين وسارقي مقدرات الشعب التونسي الذين يعرفهم الرئيس والشعب بالأسماء…“.
وهنا تقع أكبر مطبّات الاتحاد العام التونسي للشغل في تحركاته وفعله بكل صيغه، بداية من مبادرته التي أعلن عن الانطلاق في صياغتها منذ أكثر من سنة والانتهاء منها على أمل تقديمها لرئيس الجمهورية، إلا أن كل المؤشرات بل والتصريحات المباشرة من قيس سعيد قبرت مبادرة الإنقاذ التي صاغها الاتحاد العام التونسي للشغل وشركائه من رابطة حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادي قبل ولادتها، فالرجل لا يعترف بغير نفسه ولا يسمع غير صوته مما ضيق أكثر مربع تحرك إتحاد الشغل.
كما أن التحركات التقليدية من إضرابات ومسيرات على مستوى وطني خاصة لن تصنف أو تُجابه من طرف الرئيس قيس سعيد بغير ما جوبهت به كل التحركات التي لا تساند السلطة، سواء بالتخوين وكيل التهم لمن ”هم ضد حرب تحرير الوطن“، إن لم يكن رد الفعل أشد حدة باللجوء إلى أدوات الدولة من شرطة وتساخير وإحالات على القضاء وحتى السجون، الأمر الذي تعيه جيدا قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل.
فتقدير المنظمة يفيد بأن الوضع لا يحتمل أي صدام بين السلطة والاتحاد، وهو أحد أهم الأسباب التي جعلت المنظمة تخير التريث أو عدم الإنخراط الكلي والميداني في معارضة سلطة تفيد كل المؤشرات أنها غير عقلانية ولا حدود لها في ضرب من يهدد مسارها في ”إنقاذ البلاد“، والنظام الذي هو بصدد التشكل، معولة على الأرجح على الوقت وما سيثبته من فشل المنظومة في إيجاد حلول لمشاكل للتونسيين بل وتعمقها أكثر وإسقاط سردية ”الهم والمحتكرين والخونة المتلاعبين بمقدرات الشعب“، مع فقدان أو ندرة المواد الأساسية مثلا.
ففي تصريح أدلى به الناطق الرسمي للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري لـ”موازييك أف أم“ في 13 سبتمبر 2023 قال ”الاتّحاد يعمل في صمت (…) خوفنا على البلاد دفعنا إلى التصرّف بحنكة وهدوء وعدم دفع الأمور إلى أقصاها في بعض الأحيان (…) البلاد في وضع مخيف والانهيار وشيك“، مضيفا ”الوضع دقيق، وبالتالي كلّ خطوة يجب أن تكون مدروسة…جزء من المعارضة، وجبهة الخلاص بالأساس، يحبّوا الاتّحاد يخدم خدمتهم“.
نظم الاتحاد العام التونسي للشغل يوم السبت 04 مارس 2023 تجمعيا عماليا ومسيرة حاشدة بمشاركة آلاف النقابيين والنشطاء المدنيين والسياسيين، رفضا لسياسات قيس سعيد. أمين عام الاتحاد أكد رفضه انتهاك حقوق المواطنين منددا بالهجمة الشعبوية التي يشنها الرئيس وأنصاره على كل الأصوات النقابية و السياسية المعارضة، مع ادانة الفضيحة العنصرية في حق مهاجري جنوب الصحراء.
فالوعي الجمعي للشعب التونسي لا يزال يستسيغ ويصدق مثل تلك السرديات التي تصدر عن الرئيس قيس سعيد من وجود لوبيّات معروفين بالأسماء ومحتكرين يعلم التونسيون من هم ويقفون وراء اختفاء بعض المواد، مما سيجعل التحرك ضد ”رفع الدعم المقنع المتسبب في ندرة المواد الأساسية المدعومة“ مثلا دون مقبوليّة شعبية كبيرة، بل سيكون له على الأرجح إنعكاس سلبي على المنظمة بوضعها من طرف الجماهير المتعطشة للثأر ممن سرقوا مقدراتهم في خانة المعطلين لعملية ”التطهير“ التي يقودها الرئيس قيس سعيد، هذا إن لم يحصل صدام في حال التحرك وإقرار إضراب عام مثلا.
زد على ذلك، وبالعودة إلى داخل المنظمة، مثلت الأشهر الماضية فترة لتجديد كل هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل بعد عقد مؤتمره العام بصفاقس وانتخاب مكتب تنفيذي جديد، حيث وجهت المنظمة كل جهودها طيلة الفترة الماضية لتجديد المكاتب التنفيذية للاتحادات الجهوية للشغل والجامعات العامة القطاعية، في ترتيب البيت الداخلي على قاعدة حسابات وفرضيات صدام محتمل مع السلطة القائمة، التي لا تتوانى عن إرسال إشارات للمنظمة مفادها أن لا صدر رحب لها لتقبل تحركات نقابية ذات وزن يمكن أن تصب سياسيا في مصلحة معارضي رأسها قيس سعيد.
فالسلطة لا تخفي توجهها للصدام إن لزم الأمر، ولا تترك في المقابل هامشا للمناورة بتصلبها الذي تنذر به من خلال ردود فعلها على تحرّكات قواعد وهياكل المنظمة، وحتى المركزية النقابية ذاتها من خلال منع أو طرد ضيوفها من القيادات النقابية الدولية خلال مساندتها تحركات الاتحاد الاحتجاجية وما آتاه سعيد من اتهام بإقحام الأجانب في الشأن الداخلي التونسي غير المقبول من وجهة نظره، في مقابل اتحاد الشغل الذي تحدث حينها عن تضامن نقابي معلوم لدى القاصي والداني في كل دول العالم.
وعلى كل حال انتهى الخلاف حينها بين الاتحاد العام التونسي للشغل والرئيس قيس سعيد، بمنع السلطة دخول ضيوف اتحاد الشغل رغم ما ينتجه ذلك الفعل من انعكاس سلبي على صورة تونس وسمعة الرئيس قيس سعيد في العالم، لكن لا يبدو سعيد عابئا بذلك أو يعتقد أن بلاغات الرئاسة لها الأثر الذي يمحو تبعات منع نقابيين في منظمات دولية من دخول البلاد بتعلّة التدخل في شأن داخلي في تعارض مع مبدأ التضامن النقابي الذي يعتنقه كل نقابيي العالم.
وبطبيعة الحال لا يمكن تعديد الموانع والحسابات التي تجعل المنظمة تتريث قبل العودة للاضطلاع بالدور الذي عهده عليها التونسيون منذ سنة 2011، ما يشاع من تلويح أو تهديد من طرف السلطة بإلغاء الإقتطاع الآلي من أجور المنخرطين في إتحاد الشغل، وتفعيل التعددية النقابية بالعودة إلى نقطة الصفر وإلغاء كل الإنخراطات وفتح الباب من جديد للانخراط في النقابات مع تعدّد خيارات الإنظمام إلى المنظمات النقابية، هو أمر لا تخفيه الحكومة التي تعلن عن لقاء مع إحدى النقابات كلما توترت علاقتها مع إتحاد الشغل أو علا صوته في علاقة بملف أو مطلب.
أما اليوم وبعد ترتيب الاتحاد العام التونسي للشغل لبيته الداخلي، والانتهاء من تجديد كل هياكله الوسطى القطاعية والجهوية، فالأرجح أن المنظمة ستتجاوز بيانات سلطات قرارها العليا وستمر إلى التحرك بصيغ وطرق جديدة يفرضها عليها الواقع الجديد لسلطة لا يتوانى رأسها في توجيه التهم بالخيانة والعمالة والفساد لكل من يعارضه أو يكون عقبة أمام تقدمه في ”مسار حرب تحرير تونس ممن سرقوا مقدرات وأموال الشعب لعشرات السنين“، كما يقول الرئيس ويعيد في خطاباته الليلية.
فلا أحد يمكنه إنكار تأثير الترهيب الذي مارسته وتمارسه السلطة على كل من ليس في صفها، بمن فيهم النقابيين خاصة في مستواهم الأول، أي النقابات الأساسية بدرجة أولى والفروع الجامعية بدرجة ثانية، خاصة أن أغلبهم لم يخبر العمل النقابي في ظل الاستبداد والتسلط، فغالبية الذين مارسوا العمل النقابي زمن حكم بن علي منقسمون بين من خرج على التقاعد النقابي ومن أصبح يحتل مسؤولية نقابية متقدمة من كتابة عامة للاتحادات الجهوية أو الجامعات العامة القطاعية أو يشغلون عضوية المكتب التنفيذي الوطني وعلى رأسهم سامي الطاهري وحفيظ حفيظ اللذان كانا من أبرز النقابيين الذين قضوا مضجع بن علي خلال توليهما قطاعي التعليم الثانوي والأساسي.
ولكن الثابت اليوم أن الاتحاد العام التونسي للشغل سيعود للفعل الصاخب عوض النضال الصامت، بداية من الموقف من انتخابات مجلس الجهات والأقاليم الذي ستكون لسلطات قراره العليا منه موقف واضح، تصدره للقواعد النقابية والعمالية، وفق الناطق الرسمي باسم إتحاد الشغل سامي الطاهري في تصريح صحفي في 13 سبتمبر الماضي الذي قال ”هناك توصيات من النقابيين خلال انعقاد اجتماعات لمؤسسات الاتحاد بوجوب اتخاذ قرار بالتصويت بنعم أو لا خلال الانتخابات المحلية والجهوية والأقاليم (…) ليست هناك فكرة لترك حرية الإختيار كما في المحطات الانتخابية السابقة…“.
iThere are no comments
Add yours