تواجه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ تنقيح القانون الأساسي المنظّم لها تحدّيات تتعلّق بضمانات تأمين الاستفتاء والانتخابات التشريعية بطريقة نزيهة وشفّافة. وقد تعقّدت الوضعية مع تعليق القضاة العمل بالمحاكم إثر إعفاء 57قاضيًا بأمر رئاسي، والتوصية بعدم الترشّح لعضويّة الهيئات الفرعيّة للانتخابات، إضافة إلى إعلان أحد أعضاء الهيئة الحاليّة المترشّح عن فئة القضاة العدليّين، الاستقالة من عضويّة مجلس الهيئة العليا “مساندة لزملائه القضاة” وفق نصّ تدوينة نشرها على صفحته الخاصّة على فايسبوك. ومع اقتراب الآجال المتعلّقة بنشر مسودّة الدّستور الجديد، أصدرت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات يوم 13 جوان قرارا يتعلّق بضبط شروط وإجراءات المشاركة في حملة الاستفتاء.
بين إدماج المقاطعين واستبعادهم من المشاركة في الحملة
يعرّف قرار الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات حملة الاستفتاء بأنّها “مجموعة الأنشطة التي تقوم بها الأطراف المعنيّة بالمشاركة في حملة الاستفتاء […] قصد حثّ الناخبين على التصويت على المشروع المعروض بنعم أو لا”، ممّا يعني أنّ الحملة مخصّصة للمدافعين عن فكرة مشروع الدّستور الجديد والمعارضين لها. ويعزّز هذه الفكرة ما جاء به الفصل 22 من القرار نفسه الّذي ينصّ على ضرورة تحديد موقف الأطراف المشاركة في الحملة من الاستفتاء، “وذلك إمّا بتبنّي موقف مناصرة مشروع النصّ المعروض أو موقف معارضة ذلك المشروع”.
وخلال اجتماع مجلس الهيئة بتاريخ 13 جوان 2022، اقترح العضو سامي بن سلامة إدراج المقاطعين ضمن المصرّحين بالمشاركة في الاستفتاء، لأنّهم “سيشاركون بطريقة غير مباشرة”، وذلك لضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من المصوتين من مختلف الأطياف. ومن ناحية عمليّة، يرى عضو الهيئة أنّ إدماج المقاطعين ضمن فئة المشاركين في الحملة يسمح للهيئة بمراقبتهم وإخضاعهم لقواعد الحملة الانتخابيّة حتّى لا تُرتَكب مخالفات خارج إطار الحملة وتكون خاضعة للقانون الجزائي وليس للقانون الانتخابي.
وجاء في تصريح عضو الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات محمّد التليلي المنصري لموزاييك أف أم يوم 14 جوان أنّ المقاطعين مطالبون بالتصريح بمشاركتهم في حملة الاستفتاء في الفترة الممتدّة بين 21 و27 جوان، وبتوضيح موقفهم في الاستفتاء في أجل أقصاه 48ساعة من نشر نصّ الاستفتاء، تماما مثل غيرهم من مناصري المشروع أو معارضيه.
تصريحات أثارت ردود فعل غاضبة من قبل مقاطعي الاستفتاء أحزابا ومنظمات؛ من ذلك موقف أحزاب التيار والجمهوري والقطب والتكتل والعمال التي اعتبرت في بيان مشترك أن هيئة الانتخابات تجرم بهذه التصريحات الموقف الداعي الى مقاطعة الاستفتاء، واصفة الهيئة الحالية بالمنصبة والاستفتاء بالمهزلة.
نفقات الانتخابات على كاهل الهيئة
بلغت كلفة الانتخابات التشريعية سنة 2019 ما يناهز 140 مليون دينار، لتغطية مصاريف الشراءات وخلاص منح مسدي الخدمات ونفقات التسيير الأخرى. وقد خصّص قانون الماليّة لسنة 2022 مبلغا ماليّا قدره 27,778 مليون دينار لتمويل ميزانية الهيئة. وفي تصريح سابق لموقع “نواة”، أفاد عادل البرينصي، عضو الهيئة العليا المستقلة السابقة للانتخابات، أنّ الهيئة حدّدت نفقات الانتخابات بـ85 مليون دينار، مضيفًا أنّ وزارة الماليّة تعهّدت بصرف الأقساط لتغطية النّفقات عند طلب الهيئة.
وتعتمد الهيئة بالأساس على نفقاتها الذاتية المتأتّية من ميزانية الدّولة لتمويل الحملة الانتخابيّة، “ولا يمكنها تلقّي هبات أو أموال خارجيّة لأنّ ذلك ممنوع قانونيّا”، وفق عضو الهيئة محمّد التليلي المنصري، الّذي أكّد أنّ العمليّة الانتخابيّة ستشهد حضور الملاحظين الوطنيّين والدّوليين كما جرت العادة. وقد أصدرت الهيئة يوم 14 جوان بلاغا حول فتح باب اعتماد الملاحظين والصحفيين المحليين والأجانب والضيوف لاستفتاء 2022، توضّح من خلاله إجراءات إيداع المطالب.
وقياسا على ميزانية 2019 التي أعدّتها الهيئة، فإنّ النفقات الانتخابيّة قُدِّرت بـ60 مليون دينار بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية، على أن يتمّ توظيف اعتمادات إضافيّة عند الضرورة من الاعتمادات الموزّعة بباب النّفقات الطارئة. لكن المصاريف الفعلية تجاوزت التقديرات كما وضحنا أعلاه. فيما بلغت تكلفة الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2014 بدوريها اﻷول والثاني حسب تقرير محكمة المحاسبات 84.196 مقابل 81.752 مليون دينار حسب تقديرات الهيئة. والمُلاحَظ أنّ ميزانيّات مختلف الوزارات والهيئات لم تُنشَر في موقع وزارة الماليّة كما جرت العادة، أمر قد يحدث لُبسًا في كيفيّة ضبط الموارد وتوظيف النّفقات.
سدّ الشغور وعضوية الهيئات الفرعية: الخطّة “ب” لهيئة الانتخابات
قبل شهر ونصف من تاريخ استفتاء 25 جويلية، أعلن عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حبيب الرباعي استقالته من عضوية الهيئة عن فئة القضاة العدليّين تعبيرًا عن مساندته لزملائه القضاة، وللمطالبة بقانون أساسي للقضاة طبق المعايير الدّولية. “تمّ إيداع الاستقالة وسيعاينها مجلس الهيئة. وفي كلّ الحالات لن تضرّ الاستقالة تركيبة الهيئة لأنّ النّصاب يبقى متوفّرًا”، يقول محمّد التليلي المنصري عضو الهيئة في تصريح لنواة. وينصّ الفصل 18 من المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المنقّح لبعض أحكام القانون الأساسي للهيئة أنّ اجتماعات الهيئة تُعتبَر صحيحة بحضور خمسة أعضاء على الأقلّ. وعند قبول استقالة حبيب الرباعي يصبح عدد أعضاء الهيئة ستّة، ليبقى النصاب القانوني متوفرا لعقد اجتماعات الهيئة والتصويت على قراراتها.
بعد معاينة مجلس الهيئة حالة الشغور الناتج عن الاستقالة، يدوّن المجلس ملاحظاته ويحيلها على أنظار رئيس الجمهورية ليتولّى سدّ الشغور، من خلال تلقّي مقترحات لأسماء ثلاثة قضاة عن مجلس القضاء العدلي، يختار منهم رئيس الجمهورية قاضيًا بأمر رئاسي.
أمّا فيما يتعلّق بعضوية الهيئات الفرعية، فقد دعا المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين، إثر الاجتماع المنعقد يوم السبت 4 جوان، القضاة العدليين والماليّين والإداريّين إلى عدم الترشّح لعضويّة الهيئات الفرعيّة للانتخابات. وطبق قرار الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات عدد 05 المؤرّخ في 11 أفريل2017، فإنّ الهيئات الفرعيّة للانتخابات تتكوّن من أربعة أعضاء على أقصى تقدير من بينهم قاض عدلي وقاض إداري. وفي صورة تواصل إضراب القضاة والتزامهم بتوصية تنسيقيّة الهياكل القضائيّة الداعية إلى عدم الترشّح لعضوية الهيئات الفرعيّة، “سيتمّ اعتماد أعضاء الهيئات الفرعيّة السابقين الّذين سبق وأن عملوا ضمن الهيئة، وهم محامون وأساتذة جامعيّون أكفّاء”، يقترح محمّد التليلي المنصري، مُشيرا إلى أنّ عمل الهيئة لن يتوقّف وسيتواصل بنفس الوتيرة التي عملت بها خلال المواعيد الانتخابيّة السابقة.
وإن كانت الجوانب التقنية والإجرائية حاسمة لمرحلة ما قبل استفتاء 25 جويلية فإن جوهر الاستفتاء والنصوص التي سيبنى عليها تبقى ضبابية حتى الآن، في أول حدث من نوعه بعد 14 جانفي 2011 يفترض تهيئة مناخ ديمقراطي، تتواجه فيه الأفكار والخيارات دون تهديدها ومحاصرتها إداريا وإعلاميا، خدمة لطرف على حساب آخر.
يا للغباء ! ألم تتفطّن نواة بعد بأن التجمّع يقف وراء سعيّد وان هذا الاخير ليس في صحّة جيدّة وهو يطبّق أوامرهم حرفيا أفكار سعيّد معروفة، ويمكنكم العودة للوثائق ،وبالعيد ومحفوظ سيقدّمون دستور بحسب الاملاءات الخارجية، دولة لادينية ومع التطبيع وضدّ الاضراب وضدّ عديد الحرّيات الاخرى ومركزة السلطة لدى رئاسة الجمهورية واضعاف الرّقابة والمعارضة ومع توجّهات اقتصادية معيّنة حسب شروط صندوق النقد الدولي الذي يستغل جيّدا اغلاق مجلس النواب. بعد أن يقوم التجمّعيون بجميع الافعال الشنيعة عبر سعيد ويهيئوا الأرضية لانتخابات مزوّرة سيستبعدونه. وسيضعون الاسلاميين وحتى النّقابيين في السجون ربّما حتى قبل الوصول للانتخابات. انتم في مواجهة دول أجنبية واجهزة مخابرات كانت تعمل من عشرة سنوات لتقويض المسار الديمقراطي في تونس، فعن أي استفتاء تتحدّثون، من سيراقب ومن سيتصدّى للتجاوزات. لاأدري هل انتم مطّلعون على الوثيقة المسرّبة منذ أشهر والتي تبيّن الاجتماع الذي قاموا به مع المصريين والامارتيين، اثر زيارة الرّئيس لمصر، طبعا كل الناس مطلعون على ذلك. وقد أكّد لي أحد العارفين أنّه من المستحيل ان يتدخل المصريّون أو غيرهم في الشأن التونسي بتلك الشاكلة بدون موافقة دولة اخرى لها حضور في البلاد. قد لاتصدّق ولكن يبدو ذلك منطقي جدّا عندما تشاهد مساندة حفتر في ليبيا ومايحدث في لبنان من محاولات لضرب حزب الله والذي يمكن أن يكون في اطار مقاومة الارهاب والإسلام السّياسي. مبروك عليكم إذن الجمهورية الجديدة ! سؤال هل من يريد بناء جمهورية جديدة يختار تواريخ 25 جويلية ؟ يجب الحذر فقد لاتقتصر المؤامرة على اعادة النظام السابق للحكم، بل ربّما تدمير كلّي لتونس على شاكلة ماحدث في ليبيا أو سوريا (أحيانا بدون قصد). الديمقراطية في تونس وحسب رأيي المتواضع لم تعد خيارا بل أصبحت من البديهيات من حيث أنّها الطريقة الوحيدة لتسيير البلاد وايجاد توازن بين القوى والسّلط لكي يتمكّن الناس من الكشف و التصدّي لأي تجاوز