اعتمدت الأحزاب السياسية في قائماتها للإنتخابات التشريعية أسماء لامعة عرفت طيلة السنوات الماضية باقتراح الحلول للمشاكل والأزمات التي مرت بها البلاد على القنوات التلفزية والإذاعات وعدم تطبيقها بالمجلس التأسيسي. ويمكن القول أنّ عددا كبيرا من أعضاء المجلس التأسيسي تحوّلوا من أشخاص غير معروفين إلى وجوه تلفزية معروفة لدى كل الفئات، لهم محبيهم وأعدائهم ويتابع صفحاتهم على الفايسبوك مئات الالاف من المهتمين والمحبين والكارهين أيضا. هذه الوجوه التي صنعها الصراع الإعلامي بين ممثلي الاحزاب حول أزمات مرت بها البلاد ولا تزال، لم تقدّم للتونسيين سوى دستورا مغضوبا عليه من طرف فئات كثيرة وحكومة كفاءات لم تثبت إلى حد الأن أية كفاءة تذكر. غير أنّ هذه الوجوه نجحت فعلا في التّسريع في إجراء الإنتخابات، ففي وقت قياسي قام المجلس التأسيسي بتشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات وإعداد القانون الإنتخابي. و بضغط من هذه الوجوه السياسية نفسها سارعت هيئة الإنتخابات إلى سنّ النصوص الخاصة بها وتحديد ميزانيتها وتحديد التواريخ الخاصة بالإنتخابات التشريعية والرّئاسية.
أعضاء المجلس التأسيسي نجحوا أيضا في الحصول على عطلة نيابية من أجل التفرّغ لحملاتهم الإنتخابية. كما أنّهم عطّلوا المصادقة على مشروع قانون الإرهاب بسبب عدم انضباط أغلبهم في الحضور وعدم اكتمال النصاب في اغلب الجلسات المخصصة لهذا النّقاش. كلّ هذه الممارسات تعكس انتهاء مؤسسة المجلس التأسيسي مع نهاية المصادقة على الدستور في أذهان أعضاء المجلس التأسيسي، جرّاء رغبتهم في التسريع في إجراء الإنتخابات وتلهّفهم على العودة إلى مقاعد البرلمان لفترة أطول وبامتيازات أهم ولمهامّ أسهل وأقل أهمية شعبيا وإعلاميا.
جزء من أعضاء المجلس التأسيسي وجدوا أنفسهم خارج سباق الإنتخابات، حيث لم تضع الأحزاب الكبرى ثقتها فيهم أو لم يكونوا مقنعين بالنسبة لها لتمثيلها في عمليّة استقطاب الناخبين. وتصدّر آخرون القائمات الإنتخابية لأحزاب كبرى كحزب نداء تونس وحركة النهضة والجبهة الشعبية وغيرها. ورؤساء القائمات الإنتخابية لهذه الاحزاب من أعضاء المجلس التأسيسي تركوا مقاعدهم النيابية فارغة ليحتلوا الشوارع والأزقة وملاعب كرة القدم والساحات العامة في محاولة لإقناع التونسيين بأنّهم الأفضل للمرحلة القادمة. وسيستعرض هذا المقال أهمّ ما قام به هؤلاء النواب وما قدّموه طيلة الثلاث السنوات الفارطة كأعضاء للمجلس التأسيسي في محاولة لاستقراء ما سيمكنهم تقديمه خلال السنوات الخمس القادمة في صورة نجاحهم في الإنتخابات التشريعية.
قسيلة والقطّي رئيسي قائمتين بحزب النداء : من أبرز المتغيبين بالتأسيسي
رغم أنّ حزب نداء تونس نجح في استقطاب سبعة نواب بالمجلس التأسيسي إلاّ أنّه لم يمنح ثقته خلال الإنتخابات التشريعية القادمة سوى لنائبين فقط هما خميس قسيلة الذي تم تعيينه كرئيس قائمة بدائرة نابل 2 وعبد العزيز القطي الذي يترأّس قائمة أريانة. ويعتبر قسيلة المنشق عن حزب التكتل الديمقراطي للعمل والحريات وعبد العزيز القطّي المنشق عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية من النواب المصنّفين أقلّ حضورا بالتأسيسي حسب مرصد البوصلة. ويحتل المرتبة 199 من جملة 217 في المشاركة في التصويت بالمجلس التأسيسي بنسبة 35.74 %، هذا في حين يحتل القطّي المرتبة 192 بنسبة تقدّر ب37.92 %.
ولئن خيّر قسيلة البقاء “في الظل” طيلة فترة عمل التأسيسي والإكتفاء بتقديم عدد من اقتراحات التعديل في الدستور، فقد عرف عبد العزيز القطّي بمواقفه المعادية لأحزاب الترويكا ودعمه الشديد لحزب نداء تونس. وقد سجّل القطي مشاركة ملحوظة في اعتصام الرّحيل الذي تلا عملية اغتيال الشهيد محمّد البراهمي حيث نادى بإسقاط حركة النهضة متّهما إياها بالتورط في الأعمال الإرهابية التي مرت بها البلاد. كما سجّل القطّي تصدّيه الشديد لقانون العزل السياسي الذي كان يهدّد عددا من قيادات حزب نداء تونس ومن بينهم رئيسه الباجي قايد السبسي.
الإتحاد من أجل تونس : إتّحاد بين نواب التأسيسي
بعد تنصّل حزب نداء تونس من كلّ الأحزاب المكوّنة للإتّحاد من أجل تونس، لم يجد أعضاء المجلس التأسيسي المنتمين لهذا التحالف سوى تشكيل قائمتهم الإنتخابية الخاصة. وقد اختار جميع أعضاء التأسيسي المنتمين للإتحاد من أجل تونس تنصيب أنفسهم على رأس القائمات الإنتخابيّة التّي قاموا بتشكيلها وهم : سمير الطيّب عن دائرة تونس 1، سلمى مبروك عن تونس 2 ، الفاضل موسى عن ولاية أريانة، سلمى بكّار عن ولاية بن عروس، منية بن نصر عن ولاية بنزرت، نادية شعبان عن دائرة فرنسا 1، كريمة سويد عن دائرة فرنسا 2، ومحمود بوناب عن الدول العربية. وترواحت رتبة رؤساء قائمات الإتحاد من أجل تونس من أعضاء التأسيسي في المشاركة في التصويت بين المرتبة 76 (منية بن نصر) والمرتبة 167 (سمير الطيب)، في حين تجاوزت نسبة المشاركة في التصويت لأغلبهم ال 60 % وهي نسب تعتبر جيّدة. ولئن عرف سمير الطيب بالتخصّص في المنازعات السياسية أساسا وبالحضور الإعلامي المكثّف فإنّ العميد الفاضل موسى كان قد تولّى مهمّة ترأّس لجنة القضاء العدلي والإداري والمالي والدّستوري. وقد عرف موسى خلال فترة ترأسه لهذه اللجنة بقدرته على فرض عديد التعديلات على فصول الباب الخاص بالقضاء في الدستور ونجح بشكل لافت في تقديم الإستشارات القانونية في خصوص بعض فصول الدّستور. غير أن حضور موسى غير المنتظم وانخفاض نسبة مشاركته في التصويت (55.32 %) جعل تدخّله كأستاذ للقانون الدستوري في صياغة الدستور وبقية القوانين محدودا.
أمّا بخصوص المشاركة النسائية في ترأس قائمات الإتحاد من أجل تونس فتعتبر موفّقة إلى حدّ ما، حيث عرفت النائبات سلمى مبروك ونادية شعبان وكريمة سويد بمشاركتهن المكثفة والفاعلة في نقاشات اللجان التأسيسية وباستماتتهن في الدّفاع عن ضمان حقوق المرأة والأسرة في الدستور.
الجبهة الشعبية تعيد عناصر الضغط إلى الواجهة
قرّرت الجبهة الشعبية التي تضمّ عددا من الأحزاب اليسارية تعيين النائب المنجي الرّحوي رئيسا لقائمتها الإنتخابية بجندوبة ومراد العمدوني رئيسا لقائمتها الإنتخابية ببنزرت. ويعتبر هاذين النائبين من أشد أعضاء المجلس التأسيسي إثارة للجدل خصوصا إثر عمليتي اغتيال الشهيدين شكري بالعيد المقرب من الرحوي، والبراهمي المقرّب من العمدوني. وقد قاد كلاهما اعتصام الرّحيل الذي أدّى إلى إسقاط حكومة الترويكا. كما عرف هاذين النائبين بتصريحاتهما الحادة والمنتقدة لمسار المجلس التأسيسي وحكومتي الترويكا والتكنوقراط في ما يتعلق بمسائل هامة كغلاء المعيشة والتصدي للإرهاب والتمشي الإقتصادي العام للحكومتين. كما أعلن هاذين النائبين تلقّيهما لتهديدات بالقتل بسبب مواقفهما المعادية لحركة النهضة والرافضة لها والمتهمة لها في بعض المناسبات بالضلوع في الإرهاب والتستر على الإرهابيين.
حركة النهضة تحتفظ بقيادييها وتتجاهل مقرّر الدستور
تكشف أسماء رؤساء القائمات الانتخابية لحركة النهضة تجديد الحركة الثقة في قيادييها البارزين من أعضاء المجلس التأسيسي رغم كلّ المصاعب التي اعترضتهم خلال السنوات الثلاث الفارطة وفشل أغلبهم في كسب ثقة التونسيين من غير أنصار حزبهم. والمترشحين كرؤساء قائمات عن حركة النهضة هم : علي العريض ( وزير داخلية ورئيس حكومة سابق وعضو مجلس تأسيسي سابق)، عامر العريّض، محمد بن سالم (عضو التأسيسي ووزير الفلاحة السابق)، بشير اللزام، زياد العذاري، فتحي العيادي، نور الدين البحيري، عبد اللطيف المكي (عضو مستقيل من التأسيسي ووزير الصحة السابق)، محمود قوبعة، وليد البناني، أحمد المشرقي، إيمان بن محمد ومحرزية العبيدي ( نائبة رئيس المجلس التأسيسي).
وتتصدّر كتلة حركة النّهضة نسب المشاركة في التصويت بحضور بلغ 81.51 %. غير أنّ مجلس الشورى اختار أن يضع على رأس القائمات الانتخابية النواب الحاصلين على أقل نسب مشاركة من بين نواب النهضة (زياد العذاري 63.44 %، فتحي العيادي 61 %) ومن بين كل أعضاء التأسيسي أيضا (عامر العريّض 22.03 %). غير أن هؤلاء النواب أيضا هم من أهم ركائز الدفاع والدعاية الإعلامية لحركة النهضة حيث يتصدر جميعهم المشهد الإعلامي (باستثناء فتحي العيادي رئيس مجلس شورى حركة النهضة) للدفاع عن توجهات حركة النهضة واختياراتها ولرد الإتّهامات عنها خصوصا في ما يتعلق بتهم تخص الإرهاب.
كما أن أعضاء حركة النهضة المذكورين كانوا قد فشلوا في مناسبات عديدة في تضمين مبادئ تخص الحركة ذات توجهات إسلامية حيث استسلموا أمام ضغوط داخلية وخارجية وقاموا بتنازلات عديدة تهم التنصيص على مبدإ اعتماد الشريعة الإسلامية كمرجع من مراجع الدستور وغيرها من المسائل التي واجهها المجتمع المدني بالإضرابات والإعتصامات. كما أجبر الإنضباط الحزبي هؤلاء النواب على التخلي عن مبادئ وشعارات لطالما ردّدوها خلال ظهورهم التلفزي ومن بينها إقصاء التجمعيين حيث صوت جميع النواب المذكورين ضد قانون إقصاء التجمعيين إثر تلقيهم أوامر من رئيس حزبهم بالتخلي عن هذا القانون. وربّما كان هذا الإنضباط الحزبي وهذه الإستماتة في الدفاع عن الحزب رغم كل الأخطاء التي ارتكبها حين تسلم الحكم كانت سببا رئيسيا لإعادة منحهم الثقة ووضعهم في الصفوف الأولى.
وتجدر الإشارة إلى أنّ حركة النهضة قد تخلّت عن عنصر فاعل جدا من بين أعضائها في التأسيسي وهو الحبيب خضر. وخضر الذي كان يقدّم نفسه كأهم ممثّل لحركة النهضة في التأسيسي وضع في المرتبة الثالثة في القائمة الانتخابية للحركة بولاية قابس مما يجعل من إمكانية عودته إلى أروقة قصر باردو شبه مستحيلة بالنظر لشدة المنافسة بين حزب حركة النهضة وغيرها من الأحزاب. هذا التجاهل الغريب والذي لم تقّدم في شأنه أية توضيحات لم يكن الوحيد خصوصا بعد تخلي حركة النهضة عن العديد من ممثليها بالتأسيسي ومن بينهم الحبيب اللوز وبدر الدين عبد الكافي وكلثوم بدر الدين وسنية بن تومية.
ما تبقّى من المؤتمر والتكتّل يعود بنفس الشعارات
كافئ حزبي التكتل من أجل العمل والحريات والمؤتمر من اجل الجمهورية أغلب المتبقين في كتلهما من نواب بترشيحهم على رأس قائمات انتخابية. وقد رشّح حزب المؤتمر على رأس قائماته ممثليه بالتأسيسي عبد الوهاب معطر، نورة بن حسن، بشير النفزي، سليم بن حميدان، عمر الشتوي وهيثم بلقاسم. أمّا حزب التكتل فقد ترأس قائمات أعضاء التأسيسي خليل الزاوية، لبنى الجريبي، المولدي الرياحي، محمد الحبيب هرقام وجلال بوزيد. ورغم أن أداء ممثلي هاذين الحزبين اتسم بالرتابة وبالإنضباط لما تقرره حركة النهضة إلاّ أنّ بعض ممثلي حزب المؤتمر تجرّأ على الخروج عن هذا الإنضباط ونذكر هنا موقف أعضاء حزب المؤتمر الرافض لتعيين محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري وتصويتهم من أجل تمرير قانون العزل السياسي. ولا يولي الإعلام المحلي أهمية كبرى للقائمات الإنتخابية لهاذين الحزبين حيث يعتبر بعض السياسيين أن تحالفهما مع حركة النهضة قد اضعف شعبيتهما غير الصلبة في حين حافظت الحركة على دعم أنصارها. هذا في حين يسجّل أعضاء التأسيسي المنشقين عن حزب المؤتمر عودتهم للإنتخابات التشريعية من خلال ترشّحهم على رأس قائمات لأحزاب انبثقت عن المؤتمر كالنواب سامية عبو ونزار المخلوفي عن التيار الديمقراطي وعبد الرؤوف العيادي وأزاد بادي عن حركة وفاء.
الحزب الجمهوري/ التحالف الديمقراطي: وجهان لعملة واحدة
رغم انقسام الحزب الديمقراطي التقدمي سابقا إلى حزبين : الحزب الجمهوري برئاسة مية الجريبي والتحالف الديمقراطي برئاسة محمد الحامدي إلاّ أنّ أعضاء الحزبين انتميا طيلة فترة عمل المجلس التأسيسي إلى كتلة واحدة هي الكتلة الديمقراطية. وقد استجابت الكتلة إلى إعلان نجيب الشابي الإنتماء إلى المعارضة حتى أنّ بعض وسائل الإعلام كانت تنعتها ب”الكتلة المعارضة”. وقد كان لأعضاء كتلة المعارضة المنتمين لهاذين الحزبين والذين يترشح جميعهم للإنتخابات التشريعية على رأس قائمات انتخابية وزن سياسي هام حيث كانت هذه الكتلة طرفا رئيسيا في نقاشات التوافق حول الدستور التي كان مكتب المجلس التأسيسي ينظمها تجنبا للتصادم بينها وبين كتلة حركة النهضة. ويرشّح الحزب الجمهوري كل من عصام الشابي، مية الجريبي، إياد الدهماني والمولدي الزوابي على راس قائماته الإنتخابية في حين يرفض عضو الحزب الجمهوري رجل الاعمال قيس مختار إعادة الترشح للبرلمان.
ويضع التحالف الديمقراطي أيضا كل أعضائه بالتأسيسي على رأس قائمات انتخابية وهم : االمنصف شيخ روحو، محمود السماوي، مهدي بن غربية، شكري القسطلي، محمد الحامدي، نجلاء بوريال، محمود البارودي، محمد قحبيش، جمال القرقوري ورابح الخرايفي. ويعتبر محللون أنّ حظوظ التحالف الديمقراطي في الفوز أهم بكثير من حظوظ الحزب الجمهوري نظرا للشعبية التي يحظى بها ممثلو التحالف بالتأسيسي كمهدي بن غربية ومحمود البارودي. هذا ونذكّر بأن هاذين النائبين كانا أيضا من الوجوه النيابية المعروفة إعلاميا حيث كانا قد اعتادا على افتعال المشاكل مع عدد من النواب والخوض في ترّهات لا تتعلق بكتابة الدستور ثم مواصلة مناقشة هذه الخصومات ببرامج الحوارات السياسية مما خلق لهما شعبية على مواقع التواصل الإجتماعي يسعيان خلال الحملة الانتخابية لاستغلالها وتطويرها على أرض الواقع من خلال جولات داخل الاحياء الشعبية الفقيرة ووعود انتخابية غزيرة.
بقايا “العريضة الشعبية” ينعمون بالسياحة الحزبية
لم يتبق عن حزب التيار الشعبي (العريضة الشعبية سابقا) سوى بضعة نواب بالتأسيسي ترشحوا جميعا كرؤساء قائمات حزبية وهم ريم الثائري، أيمن الزواغي واسكندر بوعلاقي ونائبين آخرين. أما بقية أعضاء المجلس التأسيسي عن تيار المحبّة والذين ترشحوا خلال انتخابات 2011 فقد انسحبوا جميعا وتحولوا إلى أحزاب مختلفة ويتهمهم البعض ببيع أنفسهم إلى هذه الأحزاب بمقابل مادي. وبعيدا عن استفادة هؤلاء النواب من انتمائهم إلى أحزاب سياسية أخرى من عدمها، عدا عن عدم أهمية ما قدموه كأعضاء للمجلس التأسيسي، يأمل رؤساء الأحزاب المستقطبة في الإستفادة من انتماء هؤلاء الأشخاص إلى التأسيسي. ولعلّ أهم ثلاثة أحزاب عرفت هجرة أعضاء من التأسيسي عن تيار المحبة إليها والتحول من هذا الحزب إلى ذلك نذكر حزب الإتحاد الوطني الحر الذي عين النائبة حنان ساسي كرئيسة قائمة بدائرة صفاقس1 وحزب حركة الجمهورية ورئيسه العربي نصرة الذي عين النواب طارق بوعزيز ومنصف الشارني وحسني البدري كرؤساء قائمات وحزب حركة التونسي للحرية والكرامة الذي يرأسه العياشي العجرودي وقد نجح في استقطاب النائب محمد الطاهر الإلاهي وترشيحه على رأس قائمة انتخابية.
هذا ويخوض عدد هام من أعضاء المجلس التأسيسي غير المنتمين لأحزاب الانتخابات التشريعية القادمة على راس قائمات مستقلّة مترجمين رغبة محمومة في العودة إلى قصر باردو مهما كلّفهم ذلك من تضحيات مادية ومعنوية. أغلب هذه الأفواج من أعضاء المجلس التأسيسي المترشّحين عن قائمات انتخابية ستسجل عودتها للتأسيسي نظرا لانتمائها لأغلب الاحزاب المشاركة. وإن وُصف اداء المجلس التأسيسي بالفشل الذريع وبالفوضى فهل سيعيد نفس الأعضاء العائدون إنتاج نفس المسرحية النيابية التأسيسية ام أن وجوها جديدة او قديمة، تجمعية ربمّا، ستستعيد أماكن أقدم في التاريخ وستصفرّ لإعلان نهاية الفسحة الديمقراطية؟
عزيزتي الكربولة الرقيقة، لقد توقّف التاريخ في هذه الربوع منذ أن غمّس هذا الشعب المتخلف أصابعه في الحبر ذات أكتوبر أسود ليختار لنا مجموعة من المجرمين والمرتزقة الذين شيدوا أعمدة “دكتاتوريتنا الناشئة”. لن يتغير المشهد كثيرا بعد مسرحية الأحد القادم فسيدخل قصر باردو مئة أو أكثر قليلا من الخوانجية وخمسون من جلادي الحقبة البورقيبونوفمبرية الذين عفا عنهم الغنوشي وحملهم جلاد صبّاط الظلام الباجي قايد السبسي في جلبابه. أما بقية المقاعد فستوّزع (كما قرّرت السفارات الأجنبية) بين مجموعة من الأذيال والمرتزقة من هذا الجانب أو ذاك لإعطاء انطباع حول تعددية “الديمقراطية التونسية”. لقد وقعنا في الفخ أو في رواية العزوزة هاززها الواد وهي تقول العام عام ديمقراطية