groupe-zouari-laarayedh

لا شكّ أنّ من أركان النظم الديمقراطيّة مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث (التنفيذية، التشريعة والقضائية)، كما أنّ من أسس الدول الديمقراطية إستقلال القضاء و عدم سعي مسؤولي الدولة لإخضاعه أو التدخّل في شؤونه.

من ضمن أخطر الإخلالات في تونس ما بعد الثورة و أكثرها تهديدا لإصلاح القضاء و بالتالي لمسار الإنتقال الديمقراطي هو تدخّل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء، خصوصا عندما يكون الدّافع وراء التدخّل هو المُحاباة التي طالما اقترنت قبل 14 جانفي 2011 بالمحسوبيّة و الفساد السياسي و المالي و الإداري.

نضع بين أيدي قرّائنا اليوم تفاصيل تعدّي وزير الداخلية السيد علي لعريض على السلطة القضائية لصالح رجل الأعمال السيد حافظ الزواري الذي قدّم “هبات” لوزارة الداخلية في شكل سيارات.

بدأت أطوار القضية حينما إشترى المواطن التونسي السيد الهادي فرانسيس إسماعيل سنة 1995 من الشركة العمومية للعقارات و التصرّف : الإسكان أصلا تجاريّا بالمزاد العلني، بمبلغ 260 ألف دينارا، يقع على مساحة 8500 متر مربّع بالمنطقة الصناعية ببن عروس في الضاحية الجنوبية، و تحديدا على طريق سوسة كلم 5، على حافّة الطريق الرئيسي.

إستمرّ السيّد فرانسيس إسماعيل في إستغلال الأصل التجاريّ ثمّ فوّت فيه خلال شهر مارس 2010 لشركة طباعة هو وكيلها و يمتلك مُعظم أسهمها.

⬇︎ PDF

في أثناء ذلك إشترت شركة “سوتوديس” التي يشغل في صُلبها رجل الأعمال حافظ الزواري مهمّة رئيس مدير عامّ سنة 2010 العقار من نفس الشركة الدولية، و بدل أن تبادر شركة “سوتوديس” بإعلام مالك الأصل التجاري بانتقال الملك إليها عمدت يوم الأحد 18 أفريل 2010 في الصباح الباكر إلى إقتحام المحلّ و الإستيلاء عليه.

إتّصل حينها السيّد فرانسيس إسماعيل بمركز الشرطة و بوكيل الجمهورية، حيث أُجريت الأبحاث و أُحيل السيد حافظ الزواري بحالة سراح على محكمة بن عروس و رغم خطورة الأحداث و القرائن التي قُدّمت لإثبات التعدّي قضت المحكمة بعدم سماع الدعوى في حقّه و رغم إستئناف النيابة العمومية و صاحب المطبعة للحكم حكمت المحكمة بتقرير الحكم الإبتدائي، علما أنّ هذه الأحداث و الأحكام حصلت قبل الثورة.

أمّا بعد الثورة فقد عقّبت النيابة الحكم و تمّ نقضه لدى محكمة التعقيب و إرجاع القضية لدى محكمة الإستئناف التي حكمت على رجل الأعمال السيد حافظ الزواري غيابيّا بالسجن من أجل إفتكاك حوز بالقوّة و الإضرار بملك الغير.

إثر إعتراضه على ذلك قضت محكمة الإستئناف في شهر جانفي 2013 بثبوت الإدانة و إبدال الحكم بالسجن بخطيّة.

حوصلةً لمُجريات الأحداث و توضيحا للمستجدّات فقد قام السيد فرانسيس إسماعيل بتقديم قضايا إستعجاليّة قصد إسترجاع الأصل التجاري. و صدر الحكم الإبتدائي و الإستئنافي ثمّ التعقيبي لصالحه: إي إسترجاع الأصل التجاري المُغتصب. و رغم محاولات رجل الأعمال حافظ الزواري المتكرّرة برفع قضايا إستعجالية من أجل إيقاف التنفيذ إلّا أنّها جوبهت جميعها بالرفض و الإذن بالتمادي بالتنفيذ كما أنه استوفى جميع مراحل الطعن و صار الحكم باتّاً، علما أنّ التنفيذ على المسودّة جاري.

منذ صدور الحكم الإستعجالي في ديسمبر 2010 و وقوع الإعلام به يوم 22 جانفي 2011 و رغم جميع المحاولات المتكرّرة للتنفيذ و الحصول على الإذن بالقوة العامة من وكيل الجمهورية في مناسبتين و الإستعانة بعدل منفّذ أوّل ثمّ ثاني إلّا أنّ المحكوم عليه رجل الأعمال حافظ الزواري تصدى لأعمال التنفيذ و السلطة لم تحرّك ساكنا. و رغم إرتكابه لجرائم التصدّي لأعمال التنفيذ و التهديد بالحرق و التعاصي على أعوان الأمن إلّا أنّه بقي يتمتّع بحصانة قانونية و أمنية غريبة.

ما السرّ إذا وراء تمتّع السيد حافظ الزواري بالحصانة في مواجهة أعوان الأمن المُكلّفين بتطبيق حكم قضائي ؟

نشرت صحيفة “لو تون” يوم 24 أوت 2012 مقالا بعنوان “مبادرة طيّبة من مجموعة الزواري، دفعة ثانية من السيارات مهداة إلى وزارة الداخلية، علي لعريّض يعبّر عن إمتنانه”، حيث نشرت الصحيفة صورة فوتوغرافيّة إلتُقطت يوم 23 أوت 2012 تاريخ تسلّم وزير الداخلية للهديّة تُظهر الوزير رفقة رجل الأعمال حافظ الزواري، كما إستعرض المقال تفاصيل تتعلّق بالهبة الثانية من “مجموعة الزواري” لوزارة الداخلية و المُتمثّلة في عشرين سيّارة من نوع “سانغ يونغ”، تعرّض المقال إضافة إلى ذلك حضور وزير الداخلية علي لعريّض إلى جانب عدّة إطارات أمنيّة.

فهل تكون هذه الهبات العينية لوزارة الداخلية سببا في تعطيل تنفيذ الحكم القضائي ضد رجل الأعمال حافظ الزواري؟

⬇︎ PDF

من جهة أخرى قام الأستاذ عبد السلام خصيب مُحامي السيد الهادي فرانسيس إسماعيل بمراسلة وزير الدّاخلية علي لعريض و وزير العدل نور الدين البحيري في عدّة مناسبات خلال سنة 2012، عارضا الخلل المُتمثّل في عرقلة رجل الأعمال حافظ الزواري تنفيذ الحكم القضائي من طرف القوّة العامّة، لكنّ وزير الداخلية و وزير العدل إمتنعا عن الإجابة.

⬇︎ PDF

أرسل وزير الداخليّة ردّا بتاريخ 22 أكتوبر 2012 إلى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بشأن عريضة المحامي عبد السلام خصيب محدّدا المرجع و هي المراسلة عدد 77/2012 بتاريخ 4 سبتمبر 2012 حيث إستطرد السيّد علي لعريّض في مناقشة الحكم القضائي المتمثّل المُراد تنفيذه في تعدّي صارخ على السلطة القضائية و تجاوز واضح لصلاحيّاته كوزير للدّاخلية.

⬇︎ PDF

هذا و قد اتصلنا بالسيد عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي أكد صحة هذه الوثيقة.