على اثر قرصنة موقع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية
التونسي المعارض.

اختلف الفاعلون والضحيّة وحجم القضية … ولكن الجرم واحد.

قراصنة جبناء رغم تدجيجهم بأعتى السلاح اقتحموا تحت جناح الظلام أسطول الحرّية في المياه الدوليّة لوأد التضامن ومنع محبّي العدل والسلام من كسر الحصار الظالم المضروب على غزّة العزّة والاباء …

وآخرون أشدّ منهم خساسة وجبنا مدّوا أيديهم الآثمة والمرتعشة، من خلف سُتر وأحجبة، ليقرصنوا أحد مواقع الحرّية في المجال الافتراضي الكوني، كما فعلوا ذلك ويفعلون في كل وقت وحين، من أجل وأد الكلمة الصادقة ومنع محبّي الحرّية والتغيير الحقيقي من كسر الحصار الإعلامي الغاشم المضروب على شعبنا مسلوب الكرامة والحرّية …

قد يتمادى هؤلاء القراصنة وأولئك في غيّهم وسيتمادون … ولكنّهم مع كل قرصنة جديدة يقرّبون أنفسهم من نهايتهم الحتميّة البائسة. لأنّ من سنن الخلق وعِبر الزمان أن تعمى بصيرة القرصان في آخر عمره، وأن يشتدّ صلفه وطغيانه بالتمادي، حتّى يظنّ هو، وأغلبيّة ضحاياه، والأجوار والمتابعون والعالم أجمعون، أنّه قضاء مؤبّد لا مردّ له، لا فائدة ترجى من مقاومته ولا أمل في دحره .. وأنّه لا حلّ إلا في استرضائه أو تجنّبه لاتّقاء شرّه …

عندئذ .. عند إستواء الحال، وإنهيار أمل الانعتاق، وتصاعد دعوات التطبيع مع الوضع، وإنتفاء الشروط الموضوعيّة والذاتيّة لتغييره … عندئذ علّمنا التاريخ أنّه تهُبّ من تحت الرماد قلّة متمرّدة ترفض الإذعان والتطبيع والواقعيّة .. وتدعو للصمود والمقاومة ونزع الشرعيّة .. وتُؤمن بقدرة ضحايا القرصنة على وقف العدوان وتحقيق المصير وصناعة غد أفضل.

ستواجَه تلك الفئة أوّلا باستخفاف القرصان واستهزائه، ثمّ بنقمته وانتقامه. كما تواجَه بلامبالاة أغلبيّة الضحايا الفاقدين للأمل .. بل وبشكوك قطاع منهم واتّهاماتهم لها بالتنطّع والعنتريّة …

عندئذ إن فهمت تلك القلّة واقعها واستجمعت قواها وعزائمها .. علّمتنا تجارب الأمم أنّ التاريخ يدخل حتما في حركة تصاعديّة: مقاومة متصاعدة تنتشر في المجتمع كبقعة الزيت تُوسّع كلّ يوم دوائر التعاطف معها في الوطن وخارجه. وفي المقابل قمع وقرصنة متزايدان، بهدف الانتقام ووأد المقاومة وكسر التضامن وتحطيم الأمل، يقلّصان كلّ يوم دوائر الحلفاء والمطبّعين وغير المكترثين …

حركتان فيزيائيتان متقابلتان: تمدّد من ناحية وتقلّص من ناحية أخرى، توحيان بالنتيجة الطبيعيّة الحتميّة لصراع الأمم ضدّ قراصنتها. غير أنّ هذا التحليل الفيزيائي للأمور لا ينطبق على كيفيّة نهاية الصراع. حيث أنّه من دروس التاريخ المُدهشة أنّ تلك النهاية لم تكن يوما طبيعيّة أي بتطوّر موازين القوى حتّى التعادل، ثمّ تفوّق قوى المقاومة وتدهور القوّة المُقابلة تدريجيّا حتّى الانهيار. بل كانت نهاية القراصنة والطغاة دائما مفاجئة، بين عشيّة وضحاها، في أوج الجبروت، دون اعتبار لموازين القوى على أرض الواقع ..

عند تلك النهاية ينفضّ عن القرصان الحلفاء والمطبّعون والمستفيدون والجنود المخلصون، ويجد نفسه وجها لوجه مع ضحاياه المطالِبين بعدالة الأرض قبل عدالة السماء.

سيحفظ التّاريخ يومئذ كلّ من قاوم وناصر وتضامن .. ويحتفظ للعبرة بالقراصنة ومن والاهم وتبع خطاهم ..

فهل من معتبر!!


1- عمّار : هو الاسم الذي يُطلقه ناشطو حملة مقاومة الحجب والقرصنة في تونس على الرّقيب وبوليس الأنترنت
2- تسحّال: هو اسم الدلع الذي يطلقه الاعلام الصهيوني وجزء من الاعلام الغربي على جيش الكيان الغاصب