تونس المريضة بالبكاء: شهادة عن إيقافي في «بوشوشة»

قبل دموع المكي شهدت تونس تجمعات بشرية مخيفة إبان توزيع المنح والمساعدات الاجتماعية التي أقرتها الدولة مما قوض كل ما أُنجز في الوقاية من الفيروس. خلل سبقته عدة ثغرات وأهمها فشل السلطة في توفير حاجيات من لا دخل لهم ولا تعويضات تشملهم في ظل الحجر الصحي. ستطفو على السطح مآس ربما لن يقدر أحد ردء صدعها. أغلب ساكنة البلاد لا تتوفر بيوتهم على عدد غرف يتماثل وعدد أفرادها. لن نطيل في هذا التفصيل لأن أصل المرض كامن في وزارة شقيقة هي وزارة الداخلية التي ربما تكون الحليف الرئيس لهذا الوباء… فيما يلي .شهادتي عن ليلة أمضيتها في معتقل «بوشوشة» بتونس العاصمة

منتصر الشلي وأحمد حمدوني، ناشطان متهمان بالإرهاب بسبب تدوينات أناركية

تبدو الحرية زئبقية إلى أبعد حدودها في تونس، حيث يمكن توجيه تهم المس من هيبة الدولة والرئيس أو التورط في الإرهاب إلى المدونين. موقع فيسبوك الذي جعل مالكه يُصنّف بين أغنياء العالم، يجر شباب تونس إلى السجون والتتبعات العدلية بسبب تدوينات. في صورة تشبه محاكم التفتيش في الضمائر التي مُورِست ضد الموريسكيين منذ قرون لا تتورع وزارة الداخلية عن التفتيش في جدران الفيسبوك. إذا خرجت عن سياق النمط المسطّر فأنت هدف مشروع للإيقاف. ربّما سأصبح مختصا في الدفاع عن المدونين المسجونين وأُسجن أخيرا لكن الأمر سيان. قصة أخرى تراود الحرية وتبتعد عنها، إيقاف منتصر الشلي وأحمد حمدوني.

كراس شروط للإحتجاج، حتى لا تغضب السلطة التونسية

حركات شبابية بتصور أفقي تتشكل وتنتفض في تونس، التي تسلك طريقا نحو طمس كل التعبيرات التي تتعارض مع مقاييس السلطة في الاحتجاج. « فاش نستناو « أحد تمظهرات الاحتجاج المواطني خارج الصناديق الحزبية الذي أثبتت فشلا في إدارة الشارع. تحاول الحركة تنسيق خبرات نشطاء ما قبل 14 جانفي بأحلام شباب نشأ في ظل الحرية. تنسيق واعٍ يضع تعليق ميزانية الدولة لسنة 2018 هدفا معلنا، بعد أن فشلت المعارضة البرلمانية الموصوفة بالقلة العددية في فرض خيارات تخدم الطبقات السفلى. هذا كله يندرج في الوقت الذي ينتهج فيه حزبي الحكم (نداء تونس وحركة النهضة) منوالا اقتصاديا نيوليبراليا، سيَفتك بكل مقدرات الاقتصاد الوطني ذو القدرة التنافسية الضعيفة.

في تونس، الأماني تسجن أصحابها

فِعلٌ أو أمرٌ موحش في حق رئيس الجمهورية قد يحقق حلمك في خوض تجربة سجنية في تونس ما بعد 14 جانفي 2011. هذا ما تحيل عليه المحاكمات التي تنتصب تحت يافطة ارتكاب فعل موحش في حق رئيس الجمهورية منذ توليه المنصب في جانفي 2014. لن نخصّص هذا المقال للتعريف بمعاني “الفعل الموحش”، لأنه يندرج ضمن الصلاحيات التقديرية لقضاة التحقيق والنيابة العمومية. سنتناول عيّنة مجردة من الفعل حتى نفهم ماهيته وتأثيره على رمز الدولة المقدس.

مقهى “اللوح”: حكاية فضاء ثقافي أغلِق بسبب هيئة مرتاديه

إن تسلح القوى المُهيمنة بالقمع غير المباشر للثقافة الثورية باعتماد ترسانة ضخمة من السيطرة على مداخل القانون وطرائق توظيفه بما يتلاءم مع مقتضيات مصلحة الفئة المسيطرة، جعل من الأفكار المجددة و القافزة في بحار الثورة وبالا على أصحابها. انتهى وائل محمدي صاحب الخمس وثلاثين سنة إلى غلق حلم بناه بحبات عرق تناثرت خارج تونس الخضراء طيلة إحدى عشر سنة. من فنلندا إلى السنغال، إلى 25 ديسمبر 2010 حين عزف لحن الثورة، عاد مهندس الصحة و السلامة المهنية حاملا قيثارته، طامحا في مشاركة بقية التونسيين رَسم واقع ثقافي يتلاءم مع مقتضيات السفر نحو مستقبل أفضل.