تحقيق: الإسبان الجمهوريون في القصرين، قصة قبور تأبى الاندثار

في ربيع 1938، مع رجوح كفة الحرب “الأهلية” الإسبانية للجنرال فرانكو، حليف هتلر وموسوليني، عرفت إسبانيا موجة رحيل جماعي لمئات الآلاف برا وبحرا هربا من التنكيل والانتقام. كانت عملية الانسحاب، كما تسميها المراجع عملية تشريد لا تضاهيها سوى نكبة الفلسطينيين. في مارس 1939، قبل شهر من إعلان فرانكو الانتصار،أرست سفن إسبانية في بنزرت. وانتهى، بين ماي 1939 وجوان 1940، مطاف اللجوء بمئات ضباط البحرية الجمهورية إلى ضيعة معلقة في جبل الشعانبي. كان حلم العودة يتطلب البقاء على قيد الحياة. عانوا ويلات المخيم والمرض والاستغلال وعاشوا معركة القصرين وذاقوا مع التونسيين طعم القهر والاستعمار. رغم ذلك، صمدت غالبيتهم طيلة الـ17 سنة التي قضوها في القصرين من 1939 إلى 1956، وحتى بداية الثمانينات لبعضهم. لم يختطف الموت الغادر سوى عشرين منهم في الفترة الممتدة من جويلية 1941 إلى أكتوبر 1949.

إكتشاف مقبرة الجمهوريين الإسبان في القصرين: رهان ذاتي، مخاض صحفي، مبحث علمي

ترجع علاقتي بالجمهوريين الاسبان إلى أيام الجامعة. تخرجت سنة 2010 من دار المعلمين العليا في اختصاص التاريخ بعد حياة طلابية صاخبة. تعرفت على الجمهورية الثانية (1931-1939) وحرب إسبانيا أو الحرب الاهلية (1936-1939) من خلال التاريخ والأدب والسياسة؛ درس “أوروبا بين الحربين ” ورواية “لمن تقرع الأجراس ” ومقالة “الطبقة والحزب والقيادة “.

اللاجئون الجمهوريون الإسبان: من هم وما الذي هجّرهم؟

تأسست الجمهورية الاسبانية الثانية في أفريل 1931 بعد انتصار القوى الداعية لها في الانتخابات. بدأت المرحلة الجديدة بدستور جديد وإصلاحات تحررية وديمقراطية ووعود باستعادة وحدة إسبانيا وقوتها. مثّل انتصار الجبهة الشعبية في انتخابات فيفري 1936 وقود انقلاب عسكري يوم 17 جويلية فشل في السيطرة على مدريد لكنه أطلق حربا (أهلية) بدأت إسبانية وانتهت عالمية.

حريق مبيت معهد تالة: شهادة والدة الفقيدة رحمة السعيدي

في منطقة ولجة الظل (15 كلم من تالة) تقطن عائلة رحمة السعيدي، إحدى ضحيتا الحريق الذي نشب بمعهد 25 جويلية بتالة يوم الإثنين 5 فيفري 2018. في منزل ريفي متواضع، تكلمت الأم عن ابنتها الفقيدة؛ عن الحلم الذي يسكنها بالتفوق الدراسي وعن حبها لأهلها واملها في تحسين اوضاعهم يوما ما عندما تكبر. حدثتنا الام عن واقع التلميذات القاطنات بالمبيت وعن واقع المبيت نفسه الذي تكررت فيه الحوادث بسبب تآكل البنية التحتية وقلة الصيانة محملة وفاة ابنتها للاهمال.

حريق مبيت معهد تالة: إهمال، شبهة فساد وأزمة ثقة

لم ينته الحريق الذي اندلع بإعدادية 25 جويلية بتالة، يوم الإثنين 5 فيفري 2018، بالتهام بعض الوسائد والأفرشة، بل أدى إلى وفاة هما تلميذتان رحمة السعيدي وسرور الهيشري، اللتين لم تتجاوزا السادسة عشر من العمر، وهما تلميذتان من أصل 112 قضين ليلتهن بمبيت المعهد في تلك الليلة. هذه الحادثة التي أثارت جدلا سياسيا وإعلاميا أخذتنا إلى إعدادية تالة، أين تحدثنا إلى أولياء التلاميذ والنقابة الأساسية للتعليم الثانوي، الذين أكدوا أن سبب الحريق ليس التماس الكهربائي فقط بقدر ما هو إهمال السلطة وفساد المقاولين، معبرين عن عدم استعدادهم لعودة الدروس إلا بعد إيجاد حلول للبنية التحتية المتآكلة للمعهد.

ريبورتاج في تالة: وعود العاصفة و استحالة المواطنة

غادرنا تونس مساء يوم الثلاثاء 09 جانفي 2018 باتجاه تالة (250 كلم) عبر الطريق السريعة تونس- مجاز الباب تاركين وراءنا احتجاجات في الأحياء واحتجاجات مضادة لها في إعلام السلطة. تعترضك شمال تالة مدينة الكاف، تمر السيارة بالطريق الحزامية وتمنحك المسافة عن وسط المدينة فرصة التمعن في جمال القلعة الرومانية وهيبتها. مكثر ليست بعيدة، قلعة سنان تصلها بعد ساعة وأمامك أفق ممتد من حيدرة غربا إلى سبيبة شرقا.

تالة تحتمي بالليل: قصّة القهر الجماعي والهروب من كاميرات البوليس

كانت مدينة تالة واحدة من أكثر المدن التي شهدت مواجهات عنيفة مع قوّات الأمن خلال موجة الاحتجاجات الأخيرة التي انطلقت بداية شهر جانفي الجاري. خلف صور المواجهات والإطارات المطّاطية المشتعلة وبلاغات الإيقافات الصادرة عن وزارة الداخليّة، رصدنا رواية أخرى للأحداث من مدينة تالة. دوافع التظاهر ليلا وشهادات المواطنين حول الاعتداءات العشوائيّة كانت محور هذا الريبورتاج المُصوّر خلال ذروة الاحتجاجات، أين قدّم المواطنون سرديّة مغايرة لرواية السلطة، بكلمات اختزلت حجم الضيم المسلّط على هذه المدينة وعَكَست حالة عامة من القهر والغضب.

Inscrivez-vous

à notre newsletter

pour ne rien rater de nawaat.org