إزاء استنفاذ كلّ سبل الحوار مع الحكومة قرّرنا الاعتصام منذ 13 نوفمبر 2019، ولكنّنا عُدنا إلى القصرين خلال فترة الحجر الصحّي الإجباري بعد تعهّد الحكومة بتسوية وضعيّتنا. ولكنّها الآن تتعامل معنا معاملة أمنيّة بعد إيقاف 4 شباب من المعتصمين ونقل إحدى المعتصمات إلى المستشفى،

الأزهر السائحي خرّيج المدرسة العليا للتقنيات منذ سنة 2008 والمتحدّث باسم المعتصمين.

كخطوة تصعيديّة يرى السائحي أنّ الحلّ يكمن في خوض إضراب جوع جماعي ومحاولة انتحار جماعيّة إزاء انسداد الأبواب أمامهم.

الأزهر السائحي

يعود اعتصام 2016 إلى حادثة وفاة رضا اليحياوي المتحصّل على شهادة فنّي سامي في الهندسة الكهربائيّة، حيث فوجئ بعدم إدراج اسمه ضمن قائمة المُنتَدَبين رغم إمضاء اتّفاق سابق مع والي الجهة والمعتمد الأوّل. كان ذلك في 12 فيفري 2015 بحضور النائبَيْن في البرلمان السابق كمال الحمزاوي ومحمود القاهري. يقضي هذا الاتّفاق بانتداب رضا اليحياوي مع مجموعة أخرى من المعتصمين في الوظيفة العموميّ. وكحركة احتجاجيّة منه، أقدم رضا اليحياوي على تسلّق عمود كهربائي ممّا أدّى إلى وفاته. وكانت هذه الحادثة شرارة انطلقت إثرها سلسلة من الاحتجاجات المطالبة بالتشغيل. وسعيا منها لامتصاص غضب المعطّلين عن العمل من أصحاب الشهادات بالجهة، قرّرت حكومة الحبيب الصّيد آنذاك انتداب 550 معطّل عن العمل على دفعات. وتمّ انتداب دُفعَتَين إلى حدود سبتمبر 2019 في انتظار تسوية وضعيّة الدّفعة الثالثة، وفق ما تحدّثت به الناطقة باسم الاعتصام عفاف الجنحاني لنواة في سبتمبر 2019 أثناء اعتصام المعطّلين عن العمل بمقرّ حزب تحيا تونس.

يُطالب المعتصمون اليوم باستكمال الدّفعات المتبقّية للانتداب. يبلغ عددهم 50 شخصا تتراوح أعمارهم بين 30 و45 سنة، منهم خرّيجو جامعة بين مهندسين ومتحصّلين على الأستاذيّة والماجستير والدكتوراه في اختصاصات مختلفة، إلى جانب 5 من خرّيجي مراكز التّكوين المهني. تُحدّثنا سُكينة إحدى المعتصمات والمتحصّلة على شهادة دكتوراه سنة 2019 أنّ الحلّ المتبقّي أمامهم هو التّهديد بالانتحار الجماعي حتّى تتفاعل الحكومة مع مطالبهم إزاء التسويف وإرجاء النظر في هذا الملفّ. وتقول سُكَينة إنّها اشتغلت في التّعليم الخاصّ ومعوّضة في التعليم العمومي، معتبرةَ أنّ هذه الحلول وقتيّة في انتظار الانتداب في الوظيفة العموميّة كما وعدت به الحكومة.

يقول الأزهر السائحي المتحدّث باسم المعتصمين إنّ المستشار لدى رئيس الحكومة جوهر بن مبارك قد تفاوض مع المعتصمين في مرحلة أولى، ثمّ ذكر أنّ الملفّ تشوبه بعض المشاكل، دون الخوض في التفاصيل. واعتبر السائحي أنّ الملفّ لا يخلو من شبهات الفساد. “في الدّفعة الأولى الّتي تضمّ 85 اسما تمّ انتداب أبناء مسؤولين في الدّولة وفق ما وصل إلينا من أخبار. كما بلغ إلى أسماعنا أنّ ابنة أخ الأمين العام للاتحاد العامّ التونسي للشغل نور الدّين الطبّوبي تمّ انتدابها ضمن الدّفعة الثانية، والحال أنّ هذه الدّفعات تخصّ جهة القصرين فقط في إطار التمييز الإيجابي”. وحتّى نتبيّن تفاصيل المفاوضات بين المعتصمين والطّرف الحكومي، حاولنا الاتّصال أكثر من مرّة بجوهر بن مبارك ولكنّه لا يردّ على الهاتف.

في الأثناء، صادقت لجنة الشّباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي يوم 17 جوان 2020 على تنقيح القانون المتعلق بأحكام استثنائية للانتداب في القطاع العام. ويتعلّق هذا التنقيح بالانتداب المباشر لمن طالت بطالتهم أكثر من 10 سنوات، مع مراعاة الموازنات الماليّة للدّولة، إذ لا يمكن بمقتضى الفصل 63 من الدّستور إقرار تشريعات تضرّ بالتوازنات الماليّة للدّولة الّتي تمّ ضبطها بقوانين الماليّة.  وينصّ التنقيح على ما يلي:

لا تنطبق صيغة المناظرة الخارجية بالملفات والاختبارات على:

الانتداب المباشر على دفعات سنوية متتالية للعاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا الذين قضوا فترة بطالة لمدة عشر سنوات فأكثر والمسجلين بمكاتب التشغيل. ويتم ترتيبهم تفاضليا وفقا لمقياسي سن المتخرج وسنة التخرج.

يخضع العاطلون عن العمل المشار إليهم في هذا الفصل إلى فترة تكوين مناسب.

وتضبط كيفية تطبيق هذا الفصل بمقتضى أمر حكومي.