نظم مرصد ايلاف لحماية المستهلك اليوم الجمعة 9 مارس 2011 ندوة صحفية بنزل الماجستيك على الساعة الثالثة بعد الزوال انطلقت بعد تاخير باربعين دقيقة. الحضور كان محتشما و قليل العدد و اقتصر على مجموعة من الصحفيين.

اعطى السيد “عبد الجليل الظاهري” عن المرصد اشارة انطلاق الندوة الصحفية مقدما لمحة عنه و عن حداثة عهده بما انه بعث منذ حوالي الشهرين ثم رحب بالحضور. واحال اثر ذلك الكلمة الى المتدخل الاول و هو السيد”طارق ترجمان” رئيس مركز الدراسات والبحوث للهيئة الوطنية لعدول التنفيذ و الذي استهل مداخلته بالتعرض لدور العدل المنفذ في حماية المستهلك مشيرا الى انه اول الاطراف المتدخلة اذا ما تم المرور الى مرحلة النزاعات موضحا بانه مامور عمومي يعنى بتحرير وثائق تخص بالاساس الوقائع وذلك بطلب مباشر من المواطن او اثر صدور اذن قضائي في الغرض.

السيد “طارق ترجمان” تعرض ايضا إلى قصور و نقص النجاعة و الفاعلية التي تميز القوانين المنظمة لمهنة العدول المنفذين مما يجعلها لا تستجيب لمقتضيات حماية المستهلك مبينا ان هذ القصور يشمل ثلاث مستويات

1- .ارتفاع كلفة خدمة العدول المنفذين

2- صعوبة الحصول على خدمة العدل المنفذ خارج الاوقات الادارية مع العلم ان عديد المواطنين يجهلون وجود عدول منفذين يقومون بحصص استمرار خارج الاوقات الادارية.

3- صعوبة اجراء المعاينة في محلات الغير بما ان في صورة امتناعهم عن السماح للعدل المنفذ باداء مهامه يجب لهذا الاخير ان يحصل على اذن قضائي في الغرض و حتى في صورة الحصول عليه يجب الحصول على اذن بالمساعدة على التنفيذ من لدن وكيل الجمهورية.

و في ختام تدخله اشار السيد “طارق ترجمان” الى وجوب اعادة النظر في النصوص القانونية المنظمة لمهنة العدول المنفذين قصد تسهيل ادائهم لمهامهم.

اثر ذلك احيلت الكلمة الى السيد “كمال العيادي” وهو قاضي و باحث والذي اشار الى ان الامم المتحدة دعت عبر مؤسساتها على غرار الجمعية العامة الى ادراج حماية حقوق المستهلك في جميع النصوص التشريعية و ان بعض البلدان ادرجتها في دساتيرها على غرار اسبانيا في حين ان اول قانون اعتمد في تونس لحماية المستهلك هو قانون ديسمبر 1992. ومنذ ذلك التاريخ الى اليوم تواترت التشريعات المنظمة لهذا المجال مما ادى الى حصول تشتت تشريعي ساهم في خلق حالة من اللاوعي لدى المواطن.

السيد “كمال العيادي” اشار ايضا الى قصور و محدودية النصوص التشريعية التونسية و التي تعنى بحماية المستهلك مستشهدا في ذلك بمنطوق نص قانون 1992 و الذي يعرف المستهلك بكونه “كل من يشتري منتوجا استهلاكيا” و هو ما اعتبره ضحكا على ذقون الناس على حد تعبيره بما ان هذا التعريف ينحصر في مفهوم العقد دون ان يتجاوزه الى مفهوم العلاقة. و بناءا على هذه المعطيات فانه يرى بانه يجب التوسيع في مفهوم المستهلك.

كمال العيادي تعرض ايضا الى مسالة انه من الاخطاء الشائعة اعتبار المستهلك ضحية في كل الحالات مبرزا اهمية ان يكون هذا الاخير من جهته مواطنا مسؤولا كي يشارك بدوره في ضمان حقوقه. و في نهاية تدخله ذكر الحضور بان جوهر المشكلة في تونس هو انتظار وقوع الضرر للمستهلك كي تتحرك الجهات المسؤولة و المعنية في حين انه من الاجدر التحرك بمجرد الشك في امكانية وقوع الضرر اي بطريقة استباقية على غرار ما تنص عليه تشريعات بعض الدول الاوروبية في هذا المجال مثمنا ما اتى به المرسوم الصادر بتاريخ سبتمبر 2011 و الذي مكن اخيرا جمعيات و منظمات المجتمع المدنيمن الحق في رفع الدعاوي امام القضاء التونسي بخصوص حماية المستهلك الا ان هه الجمعيات قليلة العدد و محدودة الفاعلية الى حد هذه اللحظة.

المتدخل الثالث كان السيد “المنصف زغاب” وهو قاضي و باحث و استاذ جامعي اعطى في بداية تدخله لمحة تاريخية عن حقوق المستهلك ثم اشار الى ان المستهلك في حاجة الى التوعية قصد وقايته قبل التفكير في حمايته بما ان العديد يعون مضار التدخين مثلا لكنهم يقتنون السجائر الى جانب العديد من اولئك الذين يقتنون منتوجات بخسة الثمن و يلهثون وراءها رغم علمهم المسبق بان اسعارها المتدنية مرتبطة بعدم ارتقائها الى مستوى الجودة المطلوبة او المواصفات المطلوبة وبذلك فانه من الاجدر توعية المواطن بالابتعاد عن هذه المنتجات منذ البداية.

كما اشار من جهته الى ان قانون 1992 المنظم لحماية المستهلك يعاب عليه عدم الاتعاظ بنسبية فاعلية الرقابة البعدية و عدم التنصيص على الرقابة الاستباقية لحصول الضرر، كما يعاب عليه ايضا عدم السعي الى تفعيل النصوص القانونية المتعلقة بحماية المستهلك و ضمان تطبيقها خاصة انه لا توجد هيئات قضائية متخصصة وان بعث مثل هذه الهياكل سيساهم في اخراج القضايا المتعلقة بحماية حقوق المستهلك من دائرة انظار القضاة الجزائيينو الذين ينقصهم التكوين في هذا المجال.

هذا و قد قدم السيد “منصف زغاب” مجموعة من التوصيات اهمها:
– توحيد التشريع المتعلق بحماية المستهلك
– اعادة النظر في تفعيل دور المجتمع المدني من خلال تمتيعه بسلطة تقريرية في بعض الهيئات المعنية بحماية المستهلك
– احداث هياكل قضائية متخصصة في حماية المستهلك

اخر المتدخلين كان السيد “لسعد الذوادي” و الذي ابرز على غرار سابقيه النقائص و الثغرات الموجودة في النصوص القانونية الى جانب النقص الفادح في اعوان الرقابة المعتمدين بالمصالح العمومية مشيرا الى النقص المتعلق بالرقابة المخبرية خاصة و انه هناك مواد متسببة في امراض دون ان تكون هناك امكانية لمراقبتها. كما ابرز ايضا محدودية تعامل المواطن مع المجلس الوطني لحماية المستهلك من جهة و مجلس المنافسة خاصة و ان الفصل الخامس من قانون المنافسة و الاسعار و من حيث الصياغة يشل فاعلية هذا الاخير.

السيد لسعد الذوادي قدم مجموعة من الحلول اهمها:

– السماح للجمعيات بالدفاع عن المصالح المشتركة بين المواطنين
– تسهيل رفع الدعاوي المتعلقة بحماية المستهلك
– جمع النصوص القانونية صلب مجلة قانونية تعنى بحماية المستهلك مع التنصيص على اجراءات التظلم
– هيكلة مجلس المنافسة و مراجعة النصوص القانونية المتعلقة به

الملاحظ ان غالبية السادة المتدخلين قدموا تصوراتهم حول المنظومة القانونية المتعلقة بحماية المستهلك في تونس و ضمنوها مجموعة من الحلول و التوصيات فهل سيكون مرصد ايلاف الحديث النشاة قادرا على تفعيلها و ايجاد الاليات و الحلول العملية الكفيلة بتطبيقها خاصة و ان البلاد التونسية تمر بمرحلة تاسيسية يقوم فيها المجلس الوطني التاسيسي بصياغة دستور جديد للبلاد ستتحدد من خلاله ملامح المنظومة القانونية التونسية الجديدة و التي من شانها ان تتجاوز اخطاء و نقائص و ثغرات المنظومة السابقة.