كتاب مُنع من العرض، بعد أن أعلنت هيئة تنظيم المعرض، الأحد 30 آفريل، خلال ندوة صحفية عن إرجاع الكتب المسحوبة إلى الأجنحة التي عُرضت بها. لا يزال حبيب الزغبي مدير دار الكتاب يبحث عن إجابة بخصوص مصير الكتاب الذي نفذت الطبعة الأولى منه. يقول بصوت متوتر لنواة : ”منذ 28 أفريل الماضي، لم نتحصل على أية وثيقة بالمصادرة أو إعلام بالمنع، راسلت يوم 6 ماي إدارة المعرض للحصول على إجابة أو تفسير بخصوص تواصل منع كتاب فرنكشتاين تونس من العرض. عقدت لجنة في اليوم ذاته، لكننا لم نظفر بإجابة إلى حد اليوم“.
بدأ الجدل بخصوص كتاب ”فرانكشتاين تونس“ حين سُحبت نسخ الرواية المعروضة، من جناح دار الكتاب التونسي، في اليوم الأول من معرض تونس الدولي للكتاب وغلق جناح دار النشر التي أصدرته. في حين أكدت رئيسة لجنة تنظيم المعرض زهية جويرو في تصريح إعلامي أن إغلاق جناح دار الكتاب جاء ”على خلفية عرض كتاب غير مدرج بالقائمة المصرح بها“ في إشارة لكتاب ”فرانكشتاين تونس“. اتهمت جويرو في التصريح ذاته دار النشر بإخفاء الكتاب ضمن الرفوف من أجل إثارة جدل والإشهار.
يقول حبيب الزغبي في تصريح لنواة إن دار الكتاب أرسلت لإدارة المعرض يوم 25 أفريل الماضي قائمة تكميلية بالكتب التي ستُلحق بجناحها، وكان من ضمنها كتاب ”فرنكشتاين تونس“. ”رغم أننا أرسلنا القائمة التكميلية في الآجال التي مددتها إدارة المعرض والتي فُتحت بين 25 و28 أفريل، إلا أن الكتاب ما يزال ممنوعا من العرض في جناحنا إلى غاية اليوم“. تؤكد هناء الطرابلسي، عضو الهيئة التنظيمية لمعرض تونس الدولي للكتاب في تصريح لنواة، أن دار الكتاب أرسلت قائمتها التكميلية خلال آجال التمديد التي حددتها إدارة المعرض، أي يوم 25 أفريل الماضي، وأنه وفق القانون الداخلي، فإنه لا يمكن السماح بعرض الكتاب قبل قرائته من قبل اللجنة المتخصصة مضيفة : ”أتحفظ على ذلك الإجراء وأرفض الرقابة. لكن للأسف هو إجراء إداري يتحتم على إدارة المعرض اتباعه. بدأت الإدارة بالإجابة على دور النشر التي تقدمت بقائمات كتب خلال آجال التمديد، وذلك ابتداء من يوم 3 ماي“.
خلال زيارته لمكتبة الكتاب بالعاصمة يوم الثلاثاء الماضي، اتهم الرئيس قيس سعيد القائلين بمنع كتاب ”فرانكشتاين تونس“، بالكذب والافتراء. و ظهر في الثواني الأولى من فيديو نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية ممسكا بكتاب الروائي كمال الرياحي قائلا : ”هذا الكتاب لم يوضع في قائمة الكتب التي ستعرض في الجناح والدليل على ذلك أنه موجود ولا مجال للحديث عن منع أي كتاب“.
لم يفرج عن كتاب ”فرانكشتاين تونس“ إلى حد الآن، وظلّ معروضا محاطا بالأغلال في واجهة مكتبة الكتاب بشارع يوغرطة احتجاجا على منع عرضه في معرض تونس الدولي للكتاب.
في المقابل، سرعان ما أُرجع كتابان آخران حجزتهما إدارة المعرض في اليوم الأول له، وهما كتابا ”قيس سعيد ربان سفينة ضائعة“ لصاحبه نزار بهلول و”التشيع في البلاد التونسية بحث في النشأة والتحولات“ للكاتب صلاح الدين العامري. يقول سليم بوعلي، وهو مسؤول عن جناح الدار التونسية للكتاب التي أصدرت كتاب بهلول، في تصريح لنواة إن الدار لم تخطط لعرضه خلال هذه الدورة لأنه طُبع سنة 2021، لكنها قررت إلحاقه في القائمة التكميلية للكتب خلال الآجال المحددة لذلك. ويضيف : ”بعد الجدل القائم بخصوص كتاب ”فرنكشتاين تونس“، سُحب كتاب ”قيس سعيد ربان سفينة ضائعة“ من جناحنا بتعلة أنه لا يوجد في القائمة التي تقدمت بها دار النشر، رغم أنه موجود، ثم أعيد للعرض بعد التثبت من وجوده. أعتقد أن هناك سوء إدارة وخوف لدى إدارة المعرض بعد الجدل الذي رافق كتاب الروائي كمال الرياحي، فغالبا ما تدقق لجنة القراءة في قائمات الكتب الأجنبية وتهمل التدقيق في الكتب المنشورة في تونس. لقد سُحب الكتاب بعد أن أشار إلى وجوده أحد المنشطين في تدوينة، وأعتقد أن هناك تقصيراً من إدارة المعرض في التثبت من قائمات الكتب، إضافة إلى ردة فعل انفعالية بعد الجدل الذي صاحب سحب كتاب فرنكشتاين تونس“.
موجة سحب الكتب التي شنتها إدارة معرض تونس الدولي للكتاب، شملت جناح دار النشر مؤمنون بلا حدود التي أصدرت كتاب ”التشيع في البلاد التونسية بحث في النشأة والتحولات“. المسؤول عن دار النشر المذكورة رفض الحديث عن تفاصيل سحب الكتاب. وقال المسؤول عن جناحها في المعرض في تصريح لنواة إنه لم يتم منع الكتاب بل تم سحبه من أجل التثبت في محتواه ثم أُرجع إلى الجناح بعد أن تبيّن أنه دراسة عادية عن التشيع في تونس (وزارة الداخلية) .وتحدّث صاحب دار نشر أخرى، تحفظ على هويته، عن وجود فرقة للمصالح المختصة جابت المعرض عند افتتاحه، وقال لنواة إن تلك الفرقة عرفت بنفسها وسألته وتصفحت كتابا صادرا عن تلك الدار يتحدث عن الشعبوية وسألته عن مضمون ذلك الكتاب غير أنه لم يجبها حسب قوله.
يتحفظ أصحاب أجنحة دور كتب تونسية أخرى عن الحديث عن منع الكتب، في حين يعبر تيجاني بن زايد، المسؤول عن جناح دار مسكلياني للنشر، في تصريح لنواة إنه يرفض أية رقابة على الكتب رغم أنه لا يمانع في التثبت في محتوى الكتاب من أجل تبيّن عدم اعتدائه على حقوق الغير أو الثلب، مضيفا ”أرفض أية رقابة على الكتب أو سحبها من المعرض، ذلك موقفي المبدئي بغض النظر عن دور النشر أو أصحاب الكتب التي منعت من العرض“.
في المقابل، تكفي جولة صغيرة لتبين مواقف أخرى بكل سهولة، خاصة عند الوقوف أمام جناح اتحاد الكتاب التونسيين، تتبين أن لا شيء يحيل إلى قلق الاتحاد تجاه الجدل المحتدم بخصوص سحب كتب معيّنة من المعرض. وتلاحظ ثلاث صور كبيرة بخلفية علم تونس تتوسطها صورة محمد الأوسط العياري الذي ترشح للانتخابات الرئاسية في العام 2019، وتتوسط الصور الثلاثة صورة أخرى للرئيس قيس سعيد كتب تحتها بالبنط العريض ”بالعلم ترقى الأمم“.
سنة 2011، ألغت تونس نظام الترخيص لإصدار الكتب والمنشورات الذي كان سيفا مسلطا للرقابة على حرية التعبير والنشر، وبعد قرابة اثني عشر عاما، بدأت بوادر ذلك السيف تلوح مع الكتابة العريضة لاسم الرئيس قيس سعيد في افتتاح المعرض، وكأن الأمر كابوس حتى يُخيّل لك أن اختيار صورة أبي الطيب المتنبي المعلقة على إحدى دعامات مدخل المعرض هي صورة لقيس سعيد معمما.
iThere are no comments
Add yours