في اتّصال له مع نواة ذكر يوسف الزّيدي مدير البيئة الصناعيّة التابعة للإدارة العامّة للبيئة وجودة الحياة بوزارة البيئة أنّ الحادثة تعود إلى يوم 13 ماي، حيث تمّ إشعار السًّلط المختصّة بوجود حُطام باخرة على بُعد 4 أميال من سواحل جربة بالجنوب التونسي. وقد اجتمعت لجنة جهويّة تحت إشراف والي مدنين أقرّت جملة من الإجراءات تتعلّق بشفط الزّيوت والمحروقات وإبعادها عن الشاطئ بما أُتيح من إمكانيّات.

ناقلة النفط لايدي ساندرا قبالة سواحل مالطة. مصدر الصورة: القوات المسلحة المالطية

لا وجود لأضرار بيئيّة

تحدّث الوالي حبيب شوّاط إلى نواة بخصوص تفاصيل الحادثة، حيث انقسمت ناقلة النفط ”لايدي ساندرا“ إلى جزءَين، أحدهما علق في جربة في عمق يقارب 45 مترا والآخر في مالطة. ونظرا لما تطلّبه المسألة من إمكانيات ماديّة ولوجستيّة لا تستطيع السلطة المحلّية توفيرها اجتمعت لجنة جهوية تحت إشراف الوالي بحضور الجيش الوطني والدّيوانة والحرس البحري بالتنسيق مع وزارات البيئة والداخليّة والدفاع للسيطرة على الوضع. ثمّ انعقدت اللجنة الوطنية للوقاية ومكافحة التلوّث برئاسة وزارة البيئة وفق ما أفاد به يوسف الزيدي مدير البيئة الصناعيّة بالوزارة المذكورة، طبقا للقانون عدد 29 لسنة 1996 المتعلق بإحداث خطة وطنيّة لمكافحة حوادث تلوّث البحر. وتضمّ هذه اللجنة قرابة 20 عضوا أقرّت جملة من الإجراءات لمنع تسرّب النفط من خزّان السفينة إلى الشاطئ. “قمنا بشفط أكثر من 40 طنّ من النفط وحمينا الشواطئ من التلوّث في ظرف يوم ونصف”، يتحدّث الوالي إلى نواة.

وتولّت الشركة التونسية لمواد التزييت شفط الزيوت من السفينة حتى لا تتسرّب إلى الشاطئ وإفراغها من الزيوت والمحروقات وتوفير شاحنات لنقل حُطامها عن طريق لود قرقنة بتاريخ 20 ماي 2020 لأنّ بطّاح جربة لم يكن مؤهّلا للاستخدام نظرا لعدم قدرته على استيعاب الحمولة. كما كلّف وزير البيئة والي الجهة بالتنسيق مع المصالح المحلّية لإبعاد الحطام حوالي 16 ميلا داخل المياه الإقليميّة. ووفق الرواية الرّسمية وما نقله أحد نشطاء المجتمع المدني في الجهة لنواة فإنّه لا أثر لوجود تلوّث بحري على شواطئ جربة.

ناقلة النفط لايدي ساندرا قبالة سواحل مالطة. مصدر الصورة: القوات المسلحة المالطية

التصرّف في النفايات الخطرة

تمثّل تونس منطقة تبادل تجاري من خلال استيراد وتصدير المحروقات عبر موانئ بنزرت ورادس والصخيرة وجرجيس، ممّا قد يتسبّب في ظهور حوادث قد لا يمكن السيطرة عليها من شأنها أن تؤثّر في مرحلة لاحقة على جودة المياه والثروة السمكيّة وعلى النشاط الاقتصادي في المناطق الّتي تعيش بالأساس على صيد الأسماك.

وتتأتّى مصادر التلوّث بالأساس من منشآت استكشاف النفط واستخراجه وإنتاجه أو من بارجات نقل وتخرين النفط أو من خطوط أنابيب النفط والغاز. ووفق دراسة أنجزتها الوكالة الوطنية لحماية المحيط حول تقييم مخاطر التلوّث البحري الناجم عن المحروقات فإنّ أكثر أنواع المحروقات شيوعًا والمتسبّبة في التلوّث البحري هي وقود السّفن النّاجم عن تحطّم الناقلات البحرية والّذي يتسبّب في تلويث 75 متر مكعّب من المساحة البحرية. كما تُساهم زيوت التشحيم المتسرّبة في البحر الناتجة إمّا عن حوادث عرضيّة إمّا من خلال شحن البراميل أو تلف خزانات البراميل في تلويث البحر بمقدار يتراوح بين 1.5 و3 متر مكعّب. أمّا عن تسرّب النفط الخامّ فهو ينتج بالأساس عن إعادة تشغيل الآبار وقنوات محطّات الإنتاج التي تتسبّب في تسرّب 5 متر مكعّب من النفط، أي ما يعادل 30 برميلا، أو اهتراء قنوات الناقلات في تلوّث مساحة تتراوح بين 22 و45 متر مكعّب، أي ما بين 140 و280 برميلا. أما اختراق صهاريج التخزين فيتسبّب في تلوّث ما يناهز 13.600 متر مكعب، اي ما يعادل 85 ألف برميلا.

وتُعدّ زيوت المحرّكات وزيوت التشحيم من النفايات الخطرة وفق ما ينصّ عليه الأمر عدد 2339 لسنة 2000 المتعلّق بضبط قائمة النفايات الخطرة التي تستوجب طرقا خاصّة في التعامل معها بالنظر إلى تأثيراتها السلبيّة على البيئة والمحيط وصحّة الإنسان. ولدى عرضها تقريرا حول التصرف في النفايات الخطرة أمام لجنة الإصلاح الإداري بالبرلمان يوم 29 جانفي 2018، أوضح ممثلو دائرة المحاسبات أنّ استراتيجية التصرف في الموادّ الخطرة محدودة حيث لم تتمكّن الدولة وهياكلها من التصرّف في نسبة 64% من زيوت التشحيم، كما عجزت عن معالجة ما يقدّر بحوالي 1.41 ألف طنّ من النفايات وقامت بإلقائها في عرض البحر.

فإذا كانت السّلطة قد اتّخذت إجراءات لمنع تسرّب الزيوت والمحروقات إلى شواطئ جربة فإنّ الحيطة واجبة للحفاظ على الثورة السمكيّة والثروات الطبيعيّة وموارد رزق البحّارة وسلامة المحيط.