المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

nida-frontpop

بقلم وليد بادة

تسعى بعض الاطراف في المعارضة لايجاد توافقات “وهمية” لتكوين حكومة ائتلاف وطني واسعة تشمل كل التيارات السياسية بما فيها حركة النهضة غير واعية بان هذا الطرح لايمكن ان يكون الا حلا عقيما و محاولة يائسة من شانها ان تعمق الازمة. مشكل الارهاب و ما يتسبب فيه من انعكاسات على الاقتصاد وعدم الاستقرار و السياحة و الامن والاحتقان الاجتماعي لايمكن ان يعالج بحكومة غير منسجمة تتصارع فيما بينها فكريا و سياسيا, بل يستوجب ارادة سياسية موحّدة وجدية لمعالجة هذا الموضوع بطريقة جذرية و عميقة.

بوصلة تحصين الثورة يجب ان تدور 180 درجة و تنتقل من شبح التجمع المنحل والذي تسلل أعضائه الى كل الاحزاب بدون استثناء الى تحصين المجتمع من المجموعات الدينية المتطرفة والعنيفة التي لا تعترف بالدولة و لا تؤمن بالديمقراطية وهي تارة تتكلم عن الخلافة و تارة اخرى تنادى بالشرعية الانتخابية في تناقض صارخ مع نفسها.

تجميد نشاطات كل الجمعيات المرتبطة عضويا بهذه المجموعات وتجفيف منابع تمويلاتها الخارجية اصبح ضرورة من ضروريات المرحلة. كما ان معالجة هذه الظاهرة لا يجب ان تقتصر على مثل هذه الاجراءات الردعية بل يجب ايضا العمل على برامج بيداغوجية و اجتماعية مدروسة لاعادة ادماج هؤلاء المغرر بهم من الشباب في المجتمع والحياة الجمعياتية و المدنية عبر التاطير و الحيطة والمراقبة.

من البديهي ان لا يصدر مثل هذا التمشي عن حركة متعاطفة مع التيارات الاسلامية الاصولية, بل بالعكس وجودها في دائرة الحكم سيعرقل اي مسار اصلاحي اجتماعي او امني يحاول التصدى لهذه الظاهرة.

ماهو الحل اذا علما و ان خروج النهضة من الحكم سلميا امر مستبعد حتى و ان كان هناك ضغط شعبي كبير؟ الحل لا يمكن ان يكون الا بخروجها بنفس الالية التي جاءت بها: “الشرعية” لكن هذه المرة ليس بمزيد اضاعة الوقت بل بالمرور مباشرة الى استفتاء شعبي حول خيارين اثنين: الخيار الاول هو حكومة الترويكا بصيغتها الحالية والثاني مشروع تقترحه جبهة انقاذ تضم كل القوى الديمقراطية المعارضة يتمحور حول تكوين حكومة كفاءات مصغرة وهيئة خبراء لاستكمال الدستور في اجال محددة.

صحيح ان فكرة الاستفتاء جاءت اول مرة في اشارة من رئيس الحكومة السيد على العريض خلال ندوة صحفية اجراها بعد ان علت و تكاثرت اصوات المنادين باسقاط حكومته اثر اغتيال الشهيد محمد البراهمي, الا ان نبرة الارتباك و التخبط في خطابه تاكد ان هذا الاخير لم يكن جادا في اقتراحه وانه بادر فقط بذلك لشق الطريق امام المعارضة وتهديدها حتى تتجنب هذا الخيار. فالاستفتاء في هذا التوقيت بالذات يمكن ان يخرج حركة النهضة نهائيا من الحكم خاصة وان حالة استنفار الشعب بلغت أقصاها بعد الاحداث المؤلمة و المتتالية التي عاشتها البلاد. كما ان إمكانية تزوير الانتخابات في هذا الوقت بالذات صعبة جدا ليقظة الشارع وضغط المعارضة و المجتمع المدني. هذا من جهة اما من جهة ثانية فان الاستفتاء سيجبر القوى الديمقراطية في المعارضة على ان تلتف كلها حول مشروع جبهة واحدة وسيضعها امام مسؤوليتها التاريخية لتمثل الخيار البديل والوحيد عن الترويكا الحاكمة مما سيسهل عملية الاختيار للناخبين.

قد تبدو فكرة الاستفتاء للبعض فكرة غير عقلانية وغير مضمونة النتائج لكن ماذا لو التجأت اليها حركة النهضة بعد التهدئة عبر فتح قنوات حوار وهمية واطالة المفاوضات؟ هل يمكن ان ترفض المعارضة الديمقراطية حينها اليات الديمقراطية؟ ام انها ستغامر بالاحتكام للصندوق بعد ان اضاعت على نفسها التوقيت المناسب والظروف الملائمة للنجاح؟

الاكيد ان على القوى السياسية الديمقراطية التفكير مليا و بجدية تامة في هذه الامكانية وجس نبض الشارع حول هذا الموضوع عوض البحث عن توافقات مزيفة و فتح قنوات حوار وهمية مع حركة النهضة التي اثبتت ان اديولويجيتها و مصلحة مشروعها المجتمعي ياتيان قبل مصلحة الوطن ووحدة المجتمع.