الصديقات والأصدقاء الأعزاء، ممثلي المجتمع المدني من جمعيات ومستقلين وممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية والنقابية،
باسمي وباسم أعضاء المكتب التنفيذي لرابطة الحريات والتنمية البشرية بالكاف، أتوجه إليكم بأحر التحيات وأخلص مشاعر السعادة والاعتزاز بلقائنا اليوم على اختلاف انتماءاتنا المدنية أو السياسية.
الإطار العام
نحن المجتمعون هنا والآن : جمعيات وأحزاب ومستقلين ونقابيين، نشترك جميعا في حمل مسئولية ثقيلة ومشرّفة في آن واحد، إنها مسئولية التعبير عن إرادة الشعب بمختلف فئاته والارتقاء بها إلى مستوى الفعل والممارسة والمأسسة. وإذا كان الحمل مشتركا والطرائق مختلفة، فأولى بنا أن نتقاسم الحمل وأن نقرّب الرؤى على درب المبتغى المشترك : بناء وطن للجميع يكون أكثر استقرارا وأمنا في ظل دولة مدنية ديمقراطية حديثة تقوم ركائزها على الحرية كمبدأ لا يقبل التجزئة في تلازم وترابط بالكرامة والعدالة ومركزية الإنسان ولا مركزية السلطة.
وتونس تمر بلحظة مفصليّة حاسمة نظرا للمخاطر والأهوال التي تحيق لا فقط بالثورة واستحقاقاتها الشعبية بل أيضا بكيان الدولة أو ما ظفرنا به منها وبمدنيتها وشكل المجتمع وسلمه.
إن ما طبع مرحلتي الحكم الإنتقاليتين بعد ثورة 17 ديسمبر من تكبيل للهبة الشعبية وضرب للثورة المجهضة يوم 14 جانفي ولإرادة الشعب وتاريخه واستقلالية القرار الوطني (التداين المفرط ، إعدام أرشيف البوليس السياسي وقرائن إدانة قتلة الشهداء والمصادقة على مشروع الياسمين المطبع…)، وما طبع المرحلة الإنتقالية الحالية من انعدام للوضوح وضبابية في الرؤية وغياب الحوكمة الرشيدة ومنطق التوافق في مرحلة تأسيسية تقتضي تكاثف كل القوى لبناء صرح الديمقراطية ومؤسسات الدولة للعقود المقبلة، كل هذا أسهم في تعكير الأجواء والحيلولة دون حلحلة القضايا الأساسية وعلى رأسها محاربة البطالة والحيف الجهوي والاجتماعي. كل ذلك دون أي تقدم مشهود فيما يخص الجانب التأسيسي من كتابة دستور البلاد إلى وضع مؤسسات الديمقراطية الحديثة من إعلام وقضاء وهيئات للانتخابات تكون مستقلة عن السلطة بما يضمن التداول السلمي على السلطة عبر انتخابات حرّة، نزيهة وشفافة.
هذا إلى جانب ما طبع عمل الحكومة والمجلس التأسيسي على حد السواء من ارتباك في الأداء ومماطلة واختلاق لمسائل هامشية لا تمثل تطلعات الشارع واستحقاقات الثورة. كما أن تهميش الجهات اقتصاديا (العجز أو المماطلة في تنفيذ الميزانية) واجتماعيا وسياسيا (التعيينات المسقطة لمسئولين محليين على أساس الولاء والمحاصصة الحزبية المعطلة والمعيقة للتوافق خاصة فيما يخص تكوين النيابات الخصوصية مما أحدث إرباكا في عمل البلديات، وجهة الكاف تعاني من تبعات هذه التجاذبات).
ما زاد الطين بلة هو تعامل الحكومة مع الاضطرابات والاحتجاجات الاجتماعية السلمية المشروعة بمزيد من القمع والتضييق على الحقوق والحريات الخاصة والعامة مقابل تساهل إن لم نقل تواطؤ مع شكل من العنف والتطرف الغريب عن المجتمع التونسي والذي يهدد مدنية الدولة والسلم الاجتماعية وشروط نجاح الانتقال الديمقراطي.
موضوع الجمعية
طوال التاريخ، ساوم المستبدون شعوبهم بمقولة مختلفة من قبيل “الفوضى أو الحرية” (طبقا لفلسفة هوبز أواخرالقرن السادس عشر والتي بررت بداية ظهور الدولة القومية : الخيار هو بين “الملكية المطلقة ” و”الفوضى المطلقة”) أو “الخبز مقابل الحرية” أو “التنمية مقابل الحرية” كما أوهمنا بذلك الرئيس البائد، وهي كلها مقولات تمهد لتأسيس الحكم الشمولي والانقلابات وفي أحسن الحالات لعودة الاستبداد من الباب. إلا أن نار البوعزيزي أتت على مثل هذه الأطروحات الكاذبة فمثّل فعله ذاك صرخة محبّ للحياة أبى إلا أن يعيش حرا كريما.
في منظور رابطة الحريات والتنمية، الحرية والتنمية متلازمان لا يكون أحدهما دون الآخر. إذ طالما استعملت السلطة “الخبز” لابتزاز إرادة الشعب وابتكار أمكر الوسائل لإخضاع الأفراد والمجموعات وتكميم الأفواه وكبح الحريات. على هذا الأساس تكونت رابطتنا، رابطة الحريات والتنمية البشرية.
أهداف الجمعية
تسعى الرابطة إلى الدفاع عن تلازم الحريات والتنمية البشرية. ونعني بالتنمية البشرية مفهومها الشامل الذي يضع الإنسان في المركز ولا يغفل عن أي جانب من جوانب النهوض بالإنسان والمجتمع. أي، دون الحصر، تشمل التنمية البشرية مجالات الإقتصاد والتشغيل والتربية والتعليم والرياضة والبحث العلمي والبيئة والصحة والثقافة…
وتتبنى الرابطة في عملها الديمقراطية التشاركية التي تصبو إلى تكريسها محليا، جهويا، ووطنيا. كما تصبو الرابطة في فلسفتها وعملها ومناهجها وممارساتها إلى التجديد والابتكار في العمل المدني والميداني في سبيل إثراء المجتمع المدني والتفاعل مع مكوناته وربط علاقة وطيدة مع بقية قواه.
ويمكن أن نذكر، دون الحصر، الأهداف التالية التي تسعى الرابطة لتحقيقها :
-تكريس الديمقراطية التشاركية محليا، جهويا، ووطنيا كأحد أهم المبادئ وأنجع الوسائل لمحاربة التهميش والإقصاء والفقر
-تشريك مختلف الفئات الاجتماعية في بناء السياسات التنموية محليا، جهويا، ووطنيا
-تكريس الشفافية في سياسات وممارسات السّلط المحلية والجهوية وفي تسييرها للشأن العام المحلي والجهوي. وتعنى الرابطة بالحرص على الشفافية في مختلف الميادين ومن ذلك مناظرات التشغيل واستغلال الموارد البشرية والطبيعية
-دفع ودعم الحريات والتنمية البشرية كاستحقاقات أساسية لثورة 17 ديسمبر 2010
-الدفاع عن الحريات الخاصة والعامة ودعمها وحمايتها بكل الوسائل القانونية المتاحة
-توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم عبر تشجيعهم على المساهمة في الدفاع عن الحريات ودفع التنمية البشرية ومشاركة السلطات المحلية والجهوية في رسم السياسات التنموية.
وسائل تحقيق الأهداف
إضافة إلى الوسائل والموارد التي أتاحتها الفصول 5 و 34 و 36 و 37 من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرّخ في 24 سبتمبر 2011 والمتعلق بتنظيم الجمعيات، تسعى الرابطة إلى تحقيق أهدافها عبر الوسائل التاليــة:
إصدار دراسات استراتيجية مبنية على المنهجية العلمية والمعرفة الميدانية.
التعبير عن مواقفها وآراءها من السياسات التنموية وقضايا الشأن العام على المستويين الجهوي والوطني.
تنظيم ندوات فكرية وعلمية وثقافية بصفة دورية قصد تقديم أحدث الدراسات والتقارير ومناقشتها والتباحث في سبل تطويرها وتعميقها والاستفادة منها.
تنظيم اجتماعات شعبية لمناقشة أهم المشاغل والمشاكل الجهوية والوطنية وتباحث سبل تجاوزها بالتنسيق مع قوى المجتمع المدني وعند الاقتضاء تقديم مقترحات للسلط الوطنية والجهوية للمساعدة على حلها.
تنظيم الاجتماعات الشعبية الدورية والتظاهرات والمؤتمرات و ورشات العمل للتعريف بأهم وأحدث القرارات والمشاريع التي تتخذها السلط الوطنية والجهوية قصد مناقشتها وتدارسها بصفة دورية.
تبعث الرابطة لجنة إعلامية تضطلع بدور التوعية وكشف نقائص السياسات الوطنية والجهوية والمحلية وإبراز كافة مظاهر الفقر والتهميش والمشاكل الصحية والبيئية.
تبعث الرابطة مرصدا للحريات يعنى بمراقبة التجاوزات ذات العلاقة بالحريات ويسعى إلى الاستقصاء في هذه التجاوزات وإعلام المكتب التنفيذي الذي يقرر ما يراه مناسبا من تحركات. كما تسعى الرابطة إلى إشعار الرأي العام وبقية مكونات المجتمع المدني بكل التجاوزات ودفعهم إلى التحرك بما يرونه مناسبا.
هذا هو الدور الذي ألقاه التاريخ على عاتقنا كمجتمع مدني بصفة عامة وكرابطة بصفة خاصة، لن ننجح في هذا الدور دون مساعدتكم أنتم جميعا كمستقلين وتنظيمات سياسية ومدنية. لن ينجح المجتمع المدني التونسي كمهد للوعي السياسي والحس المواطني دون خلق التفاعل والتكامل اللازمين بين كل مكوناته على أساس وحدة الهدف، مجتمع متحرر ومزدهر إقتصاديا وسياسيا وفكريا وثقافيا، كل ذلك بعيدا عن التجاذبات السياسية والاستحقاقات المرحلية الظرفية.
نشاط الرابطة منذ التأسيس (23 أكتوبر 2012)
الحريات
ملفّ السيد فتحي التليلي (نقابي وسياسي بساقية سيدي يوسف، سجين سياسي منذ 25 ماي 2012 )
– الاجتماع بأحد محاميي هيئة الدفاع،
– دراسة ملف القضية،
– الاتصال بعديد المحامين من بين أصدقاء الرابطة (من الفريق 25)،
– زيارة ميدانية إلى الساقية لمقابلة عائلة السيد فتحي التليلي وأصدقائه وجمع عدد من الشهادات لمواطنين ومسؤولين محليين،
– سيكون السيد محسن صويلح، منسق الرابطة مع هيئة الدفاع، مراقبا في جلسة محاكمة السيد فتحي التليلي (16 نوفمبر 2012 ).
التنمية البشرية
– ترشح الجمعية واقتراحها لعدد من المشاريع في إطار مشروع القافلة البيئية تحت إشراف وزارة التربية والوكالة الوطنية لحماية البيئة، وهو مشروع يهدف إلى ترسيخ أهمية الرهانات البيئية العالمية لدى الناشئة، وقد قامت الرابطة في إطار هذا الترشح ب:
زيارة عدد من المدارس بمركز الولاية للوقوف على أوضاعها واختيار المدارس المستهدفة بالمشاريع،
إعداد مقترحات مشاريع على ضوء الجلسات والنقاشات مع مديري المدارس والإطارات التربوية.
المحطات القادمة
على المدى القصير
– تنظيم وقفة تضامن مع السيد فتحي التليلي ليلة 15 نوفمبر 2012 ويوم 16 نوفمبر 2012،
– إجتماع مع مكونات المجتمع المدني والسياسي لتباحث ملفات العمل البلدي وسبل الخروج من فراغ النيابة الخصوصية،
على المدى المتوسط
– تدارس مشروع الدستور لإصدار مواقف، توصيات ومقترحات،
– تباحث سبل التعاون مع هيئة الانتخابات وتهيئة المواطنين وتوعيتهم بخصوص قادم الاستحقاقات.
رئيس رابطة الحريات والتنمية البشرية بالكاف
أيوب المسعودي
iThere are no comments
Add yours