المقالات المنشورة بهذا القسم تعبّر عن رأي كاتبها فقط و لا تعبّر بالضرورة عن رأي نواة

هل يستمر رفاق الوطن في الهرولة خلف الاحداث وهل يستمر رفاق المنفى توسد الانترنيت ؟ أم نتقدم الى أمام بتشكيل القيادة المشتركة لفصائل اليسار العراقي؟

لم يتعرض الحزب الشيوعي العراقي طيلة تأريخ الصراعات فيه الى ما يتعرض له اليوم من انحسار لدوره الطبقي والوطني على حد سواء.فقد اتسمت جميع الصراعات وحتى الانشقاقات السابقة للاحتلال الامريكي لبلادنا , بسمة اساسية طبعت بطابعها صورة الصراع الداخلي في الحزب تتمثل بالصراع على اولوية جوهرية هي اسقاط الانظمة العميلة للاستعمار البريطاني حتى قيام ثورة 14 تموز 1958 الخالدة, والخلاف على اسلوب التصدي للانظمة الدكتاتورية في المرحلة الوطنية بعد الاستقلال وهدف استلام السلطة حد وصول الخلاف الى اسلوب الاطاحة بالحكم العارفي ( الانتفاضة الشعبية المسلحة أم الانقلاب العسكري) , ولم ينخفض سقف قضايا الخلاف جوهريا في مرحلة السبعينيات, اذ تمحور على رفض فكرة طريق التطور اللاراسمالي واستراتيجية التحالف مع القوى البرجوازية الصغيرة المتمثلة بحزب البعث والذي تمخض على انتصار الخط اليميني الانتهازي في الحزب بدعم السوفييت والنظام البعثي معا, بعقد التحالف الذيلي في تموز 1973 وآثاره المدمرة على جماهيرية الحزب وصلت حد حل تنظيمه العسكري والمنظمات المهنية والديمقراطية ( اتحاد الطلبة العام – اتحاد الشبيبة – رابطة المرأة العراقية) , وهو خلاف يمثل امتدادا للصراع الذي احتدم في صفوف الحزب الشيوعي العراقي اثر انقلاب 8 شباط 1963 البعثي الفاشي وتصفية مكتسبات ثورة 14 تموز 1958 وفقدان الحزب الشيوعي لقيادته التأريخية الثانية ممثلة بالرفيق الشهيد سلام عادل ورفاقه الابطال , هذا الصراع المتمثل بتصدي القاعدة والكوادر وعدد من القيادات لخط آب 1964 الخروشوفي التصفوي القاضي بحل الحزب الشيوعي العراقي في حزب عارف الرجعي , صراع تواصل حتى انتفاضة الاهوار المسلحة واستشهاد قادتها وفي المقدنة منهم الشهيد الخالد خالد احمد زكي وقيام المخابرات الامريكية بعملية تسليم البعث السلطة للمرة الثانية في 17 تموز 1968. فجوهر قضايا الخلاف ظل في اطار وسقف استراتيجية استلام السلطة , صراع حول اساليب الكفاح من اجل استلام السلطة , صراع فكري حول طريق التطور الاجتماعي للوصول الى الاشتراكية.

ولم ينخفض سقف القضايا الحزبية والوطنية موضع الصراع اللاحق للفترة( 1979- 2003) , اي لما يقارب ربع قرن من الزمان فقد تمحور فكريا وتنظيميا , طبقيا ووطنيا على المحاور التالية

المحور الاول : مطالبة القاعدة الحزبية والكوادر بعقد مؤتمر وطني استثنائي لتقييم فترة 1968- 1979 ومحاسبة العناصر القيادية المسؤولة عن سياسة التحالف الذيلي مع البعث .

المحور الثاني : رسم سياسة الحزب الجديدة الهادفة الى اسقاط النظام البعثي الفاشي بأستخدام كافة أساليب النضال وفي المقدمة منها اسلوب الكفاح المسلح , ورفض مناورات قيادة عزيز محمد الانتهازية الهادفة الى امتصاص انتفاضة القاعدة الحزبية برفعها شعار يبقي على الطريق مفتوحا لعودة الحزب الشيوعي العراقي الى التحالف الذيلي حينما رفعت هذه القيادة شعار – انهاء الدكتاتورية – بدلا من رفع شعار القاعدة الحزبية – اسقاط النظام البعثي الفاشي – .

المحور الثالث : الموقف من الحرب العداونية التي شنها النظام البعثي الفاشي بالنيابة عن الامبريالية الامريكية والانظمة الخليجية المتخلفة وعموم النظام العربي الرجعي بهدف حرف الثورة الايرانية عن مسار تطورها التقدمي , الموقف من الحرب بعد تحولها الى حرب توسعية من جانب النظام الايراني وانقسام قيادة عزيز محمد الى اتجاهين احدهما يدعوا للعودة الى احضان النظام البعثي الفاشي تحت – شعار الدفاع عن الوطن- والاخر التعويل على العدوان الايراني في اضعاف النظام ومن ثم اسقاطه

المحور الرابع : مواجهة القاعدة لنتائج المؤتمر الرابع 1985 والذي حول الصراع في الحزب الشيوعي العراقي الى صراع أثني حيث حمل اعضاء القيادة من العرب مسؤولية السياسة الخاظئة ( 1968 – 1979) وكوفؤت العناصر الكردية اليمينية وعلى راسها سكرتير الحزب عزيز محمد ليس بحفاظها على مواقعها القيادية فحسب , بل توصل المؤتمر الخامس الى قرار فصل منظمة اقليم كردستان عن جسد الحزب الطبقي والوطني والاممي على اساس عرقي وتحويلها الى حزب شيوعي كردستاني تابع تبعية مطلقة للقيادة الاقطاعية البارزانية – الطالبانية.

المحور الخامس : رفض القاعدة الحزبية لسياسة فرض الحصار الدولي على الشعب العراقي بعد ان دار النظام البعثي الفاشي على حلفاء الامس امارات الخليج وبضوء امريكي باحتلاله امارة الكويت , فقد رفضت القاعدة والكوادر الحزبية موقف القيادة الانتهازية القاضي بمواصة فرض الحصار على العراق بحجة اضعافه للنظام وتسهيل اسقاطه.

المحور السادس : رفض القاعدةوالكوادر الحزبية للسياسة الذيلية القديمة الجديدة في التحالفات مع القوى الاقطاعية الكردية والقوى الدينية الرجعية بعد انتهاء حركة الكفاح المسلح في 1989, بأعتبارها سياسة تعود الى الجذور التصفوية التي تسببت في قطع طريق تطوير ثورة 14 تموز 1958 من ثورة وطنية الى ثورة وطنية ديمقراطية بقيادة الحزب الشيوعي العراقي , وعليه فقدت تصدت القاعدة والكوادر الحزبية لسياسة التبعية وطالبت بأن يلعب الحزب الشيوعي العراقي بأعتباره حزب الطبقة العاملة العراقية والفلاحين .. حزب الشعب العراقي دوره الكفاحي المستقل من اجل الاطاحة بالنظام البعثي الفاشي واقامة دولة القانون والعدالة الاجتماعية , وان تخضع جميع تحالفات الحزب لهذه القاعدة الثورية.

لقد اختارت زمرة عزيز محمد ولاحقا خليفته زمرة حميد طريق الذيلية والتبعية للقيادة الاقطاعية الكردية اوصلتها الى حد الخيانة الوطنية بعقود تخادمية بين عناصرها والمخابرات المركزية الامريكية حد انبطاحها تحت جزمة المحتل الامريكي , فكان دخولها العراق بعد سقوط الفاشية واحتلال الوطن ضمن صفقة عملاء الاحتلال , لينتقل الصراع في الحزب الشيوعي العراقي ولأول مرة في تأريخ الحزب من صراع فكري وتنظيمي الى صراع بين القاعدة والكوادر الحزبية من جهة وزمرة حميد مجيد الخائنة , صراع على الهوية الوطنية للحزب وتأريخه الطبقي والوطني , فأنتقل الصراع بعد الاحتلال الى صراع انقاذ الحزب الشيوعي العراقي من مخالب اللصوصية الامبريالية ممثلة بخونة الحزب والشعب والوطن , فاستعادة الحزب اسما وتنظيما واجب وطني قبل ان يكون واجبا حزبيا.

اما السؤال الراهن اليوم فهو

هل يستمر رفاق الوطن في الهرولة خلف الاحداث وهل يستمر رفاق المنفى توسد الانترنيت ؟ أم نتقدم الى أمام بتشكيل القيادة المشتركة لفصائل اليسار العراقي؟

صباح الموسوي