أسرار وخفايا في كواليس السياسة العربية وصنع القرار

-  الكاتب: د. أحمد القديدي

-  الناشر: مركز الراية للتنمية الفكرية- دمشق

-  عرض: الطاهر العبيدي

تواريخ مسافات طويلة زمن النعاس – فواصل بصمات ذاكرة تنبش في دفاتر الماضي وتستنطق الأحداث – نقش في جدران الحاضر وعبور إلى المستقبل- مشاهد تجريدية لأحداث مستندة على وقائع وشواهد- صور متزاحمة متناسلة متعانقة بين حنايا التاريخ وجمالية الأدب وألاعيب السياسة-

تأملات هادئة واعترافات عفوية- ومضات حسية وجدانية، تزاوج بين الإنسان والمحن، تقارب بين المناخ والمحيط، بين الحقيقة والعبثية، تسجيلات صوتية وأخرى كتابية وأخرى مرئية لهمسات وعينات وأحداث واقعية، تأوهات تكاد تسمع خلف السطور، اقتناص للحظات الهاربة واستدعاء للتاريخ، كاميرا متجولة بين الماضي والحاضر، بين الثابت والمتحول وبين معادن الرجال، تصيّد للمشاهد الرمزية والصور التعبيرية، تسلسل سينمائي مسرحي روائي خفيف لأحداث من العيار الثقيل، تصوير دقيق للوجع للألم للغربة للمنفى للمحن، ونبض متدفق بالإرادة ومعبأ بالصبر والأمل…

تلك هي بعجالة الخطوط الجيومترية لكتاب الدكتور أحمد القديدي ” ذكرياتي من السلطة إلى المنفى أسرار وخفايا في كواليس السياسة العربية وصنع القرار”، الصادر عن مركز الراية للتنمية الفكرية دمشق، الذي كان عصارة ألم وأمل، وتفاعلات بين الأحداث والمحن، وتجاوب بين الصامت والساكن والمتحرك، وبين الرمز والشجن، والمستيقظ بين ركام المنفى والمحن، واستنطاق للماضي والحاضر واستخلاص للعبر، ومحاورة للحظات المتسللة من قواميس الشعوب والأمم، وهو خلاصة مثقف وإعلامي عربي وتجربة سياسي “…جاء للسياسة من عالم الأدب على عكس من جاء للسياسة من باب قلة الأدب…” (ص 113)

* الأبعاد الحاضرة عبر التواريخ المتناثرة؟

كتابات كثيرة وحكايات طويلة، وأشرطة سمعية وبصرية وكتب في رفوف الذاكرة الإنسانية، تروي تفاصيل مذكرات سير شخصية وسير ذاتية، ومذكرات جماعات وأفراد، تختلف في ترجمتها وبصماتها وخصائصها وانفعالتها، باختلاف أصحابها في المكان والزمان والمحيط والمناخ، وقليلة هي المذكرات التي يعتمد أصحابها البعد التنويري والبعد الثويري للروح المقاومة، والمتأملة بهدوء في استجلاء السواكن من الأحداث، والوقوف على روابي التاريخ لا للقعود والرثاء، ولكن لتفتيت مناطق الظل، والسفر والانطلاق وعدم الركود في ثلاثية الصمت والبكائية ومضغ الماضي، كي لا يكون الراوي معتقلا في دهاليز الذات..

ولئن كان أغلب هؤلاء المدوّنين لمذكراتهم، تغلب عليهم النزعة الذاتية الموغلة في تأريخ حياتهم، بعد أن لفظهم التاريخ أو تقيأتهم الأحداث، أو طوتهم صفحات الزمن، أو كنستهم الظروف، فإن كتاب ” ذكرياتي من السلطة إلى المنفى…” للدكتور أحمد القديدي كان انقلابا هادئا دون عساكر أو مدرعات أو صواريخ عابرة للقارات، وانتفاضة على الطبعات الكلاسيكية لتدوين المذكرات، بعيدا عن الحقد المسلح، مفخّخا بكثير من الإشارات والتهويمات والارتسامات، والحكم والتأملات، والمواقف المستخلصة من رحلة طويلة في بورصة السياسة وصقيع المنفى، لتكون هذه المذكرات، سفر مسافات العقل والتجربة والإرادة والإيمان والصبر والنضج في رسم الأحداث، بعيدا عن الانفعالية وامتلاك الحقيقة المطلقة “… متخلصا من رواسب الخجل والندم والحقد ” (ص17 ) ليكون الكاتب راويا وفي نفس الوقت مترجما لتأوهات الأيام وعطش السنين…

* “تأمل ذاتي وغير موضوعي في الناس والأحداث”:

كان الكاتب شاهدا على مرحلة من مراحل تاريخ تونس، وشاهدا في نفس الوقت على نفسه، من خلال تأثره وتأثيره في الأحداث، مما جعله يقف على رأس بداية صفحات الكتاب، ليعلن اعترافات لم تنتزع تحت التعذيب مدونا : “أقف كمن مرّ بالطهارة الكبرى متخلصا من الرواسب الصغيرة ضد هذا وضد ذاك” (ص 17)،

ويضيف مترجما بوعي، وبكثير من الصراحة المفقودة في عصر فقدان الإنسان، وفقدان القيم، وفقدان المثل: “… تأمل ذاتي وغير موضوعي في الناس والأحداث…” (ص 19)، وتتسرّب هذه المذكرات، منتفضة مشتعلة متحرّكة في محطات وتواريخ خفايا القصور وكواليس السياسة وأخبار صناع القرار، لترسم للقارئ صورا بالألوان، حول واقع السياسة والسياسيين، ودهاليز القصور، دون روتوش ولا نحت سوى بعض لمسات حسية مرهفة للكاتب، الذي يرافق القارئ ليطوف به في ثالوث السياسة والأدب والفكر، ويسافر به إلى عالمه الخاص ويستدعيه إلى حيث يوجد هو متنقلا بين قراءات متنوعة سياسة تاريخ أدب فكر صحافة، تجعل منه ذاك المثقف المسكون دوما بهواجس المعرفة والاطلاع المستمر على إبداعات الفكر الإنساني، المساهم في تنضيج العقل والروح، وتروية المفاهيم واستدراك الحقائق النسبية…

* سقوط أم صعود

كتاب من السلطة إلى المنفى، فصل من فصول رحلة طويلة، ومسافة فاصلة بين الصعود والسقوط، استطاع الكاتب اعتمادا على تكوينه الإعلامي، وتجربته الصحفية، وعشقه للكلمة والأدب والأرض، أن يوقظ الأحداث البعيدة، ليجعل منها أحداثا تتجاوز الجغرافيا التونسية، وترتبط عضويا وواقعيا بالزمن السياسي العربي، ويمتزج البعد الإقليمي بالبعد الدولي، من خلال معايشة الكاتب الحسية والأرضية من حيث الزمان والمكان، وارتباطه بمرحلة سياسية ساخنة، كانت فيها بلده تونس مفترق الطرق للسياسة العربية والدوليةـ حيث كانت محطة تحت الأضواء، بحكم تواجد الجامعة العربية على أراضيها في تلك الفترة، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتأزم العلاقة الليبية التونسية، ومرض بورقيبة، وتشابك النسيج الاجتماعي بالاضطراب السياسي والتأرجح الاقتصادي، كل هذه القضايا وغيرها من حالات القحط السياسي وتداخل عناوين الاضطراب والعشوائية وتصدع القرارات ، أعطى للكتاب دورا متجاوزا للبعد الإقليمي، ليكون سفينة عبور تجوب المضيق والممر، وميناء لتقاطع المياه الإقليمية المحاذية للصراع…

فرغم كثافة الأحداث وتنوعها وتشعبها، إلا أن الكاتب استطاع أن يقتنص الوقائع والتواريخ والممرات ومناطق الظل، ويعيد ترتيبها أفقيا وعموديا، مع المحافظة على التسلسل التاريخي والربط بين الماضي والحاضر واستنهاض الهمم، ليكون الكتاب تمازج بين التاريخ والاجتماع والسياسة والأدب، وسفر في أحوال الناس والمجتمعات، من خلال مشاهدات ورسائل ولقاءات وأحداث وروايات وعينات موثقة تاريخيا، مما جعل رواية الأحداث رغم ضخامتها وثقلها السياسي، تصبح في شكل شريط سينمائي، كان فيه الكاتب ملتحما بوقائع الأرض، بعيدا عن التحليق في مناطق الضباب…

* إيحاءات في شكل بلاغات

انطلق الكتاب من بدايات الزكام السياسي، الذي عاشته تونس في مرحلة من مراحل الصراع المحموم حول خلافة بورقيبة، وما رافق هذه الفترة من مؤامرات وصراعات وأسرار وتحالفات، دون إغفال الأحداث المركزية التي عصفت بتونس، بحكم تموقعها الجغراسياسي، ضمن التمدد التاريخي على أكثر من جبهة عربية ودولية، حيث كانت مركزا للتجاذبات الإقليمية والدولية، ليكون حجمها السياسي متجاوزا جسمها الجغرافي، ويظل الكتاب مفتوحا على صفحات الماضي، غائصا في التقاط ذبذبات التحولات السياسية الدولية، وانعكاساتها على الواقع العربي، ويظل الكاتب متمركزا خلف السطور، لا للسرد الجاف وتدوين الأحداث بشكل تقريري خطابي ممل، بل كان حاضرا خلف الستار، وأحيانا في العلن ليشرف بنفسه على وضع الإكسسوار، ونحت الصور واختيار المشاهد، وتطعيمها بعطور أدبية مقنّعة بين السطور…

وكما كانت صفحات الكتاب صارخة ومتحرّكة في رصد الغيوم التاريخية، فإنها أيضا كانت مفتوحة بعفوية على القناعات السياسية والفكرية للكاتب، الذي كان جريئا في التصريح علنا وإيحاء على انتمائه إلى مدرسة سياسية، ورفضه تقديس الأشخاص، فرغم أنه عبّر في أكثر من موضع على انتمائه للحزب الدستوري، إلا أن هذا لم يمنعه من نقد بورقيبة أحد المؤسسين البارزين لهذه المدرسة الحزبية، كما نقرأه يقول : “زعيم تاريخي بلغ أرذل العمر وأخذ المعول ليهدم كل ما بناه في ثلث قرن…” (ص 24)، وفي مواقع أخرى يرسم “طوبوغرافيا” المسافة المتقاطعة بين الوفاء للفكرة والتشبث بالصنمية المصلحية، كما يعبر عنهابقوله: “لا أدري كيف يكون الإخلاص لبورقيبة نافيا للوطن” (ص 31)، بل ويكون أكثر وضوحا في نقد انحرافات الزعماء، الذين يختصرون الأوطان في سجلات أملاكهم، من ذلك ما يرويه على لسان الطيب قاسم: “…. إن بورقيبة كان يغفر لمن خان الوطن، ولا يغفر لمن خانه شخصيا لأنه يرى نفسه فوق الوطن” (ص 125).

كما أن البعد العقائدي كان جليا لدى الكاتب، فكلما اشتدت به المحنة يستند على المخزون الروحي والقيمي للحضارة العربية الإسلامية، ويعود إلى القرآن ليستقي منه وقودا يمكنه من العبور والمرور والتسلح، إذ لا يمكننا أن ننسى كذلك أن الكاتب كما أشار في عدة منعرجات خافتة، إلى أنه أصيل مدينة القيروان عاصمة الأغالبة ومدينة عقبة ابن نافع، وقد كانت هذه المدينة مستلقية بثقلها التاريخي والحضاري بين ثنايا الكتاب…

* عزف على أوجاع المنفى

لم يكن الكتاب راكدا في أسرار وخفايا وكواليس السياسة، رغم تدفق الأحداث المترادفة والمتواترة، والمتشابكة والمتناسلة، والمتجادلة والمترابطة، التي تجعل القارئ يغرق في الصمت من أجل المتابعة للمشاهد العلنية والإيحائية والرمزية والانطباعية، الممزوجة بالمرارة أحيانا وبالطرافة أحيانا أخرى، وبالتشويق والفضول في عدة مواضع أخرى، بل كانت سطور الكتاب خيولا عابرة لعدة مواني وتضاريس جغرافية وزمنية، تشابكت فيها السياسة بالأدب بالتاريخ بالاجتماع بالقيم، لتتعانق فيها مفردات السلطة والمؤامرة والمنفى تعانقا مكلوما، تنسكب تراجيديا عبر أخاديد الغربة والمنفى والحنين.

* “المنفى هو مرصد مثالي للأحداث” ( ص 198) ..

وكم كانت موجعة إلى حد الإبداع، مؤلمة إلى حد الاجتياح، تلك الصور العذراء المفعمة بالعواطف الإنسانية والأحاسيس البشرية، التي يرسم فيها الكاتب بكثير من الألم والوجع والخوف والأرق والحنان، العملية الجراحية التي أجريت على ابنه الطيب، فرغم بساطة العملية وعدم خطورة المرض، إلا أن تصوير المشاعر الأبوية والأحاسيس العائلية، كان إحساسا موجعا إحساسا عابرا للقارات، يجسّد الألم الإنساني والالتقاء البشري، فكان جرحا مفتوحا في صدور القراء، ووجعا مستيقظا وموقظا لأخبار زمن التيه زمن الغربة والمنفى القسري، وزمن فقدان الأوطان..

* تجليات عبر أوراق الكتاب

تظل نواصي وبواطن كتاب من السلطة إلى المنفى، حبلى ومرصّعة بقيم الوفاء للصداقة وعدم التنكر للصديق حتى في حالة السقوط، “لديّ تقديسا للصداقة والوفاء أعطيته الأولوية” ( ص 35 )، ليكشف الكاتب من خلال هذه الومضات الحسيّة تشبثه بمصطلحات الصداقة والوفاء، يؤكده اجترار أسماء بعض الأصدقاء، وتكرار صفاتهم، ورواية الجزئيات العائلية الدقيقة، للتدليل على العلاقة الحميمية التي لم تصفعها برودة المنفى، ولم تلطمها السنوات العجاف، ويطفو في أكثر من صفحة اسم صديقه رئيس الوزراء السابق محمد مزالي، حيث كان جليا عمق الصداقة المتينة بينهما، والتي ولدت وترعرعت بين ضفاف مجلة الفكر، فكانت علاقة فكرية أدبية، قبل أن تكون علاقة سياسية… كما أن الكتاب كان متعاليا على النبش في بواطن الناس، بل اكتفى “بالفلاش إنفو” لرصد بعض المحطات التاريخية للشخصيات السياسية المحورية، ملتمسا الأعذار للذين غيّروا جلودهم وهم كثيرون في رحلة المتاعب: “كلهم كانوا مع النظام بدرجة أو بأخرى وتحولوا مع التحول ولا حول ولا قوة إلا بالله” (ص 202)، وتبرز جليا معاني النضج في التعامل مع القضايا الدولية والإقليمية، والاستفادة من تجربة “السيستام”، واستدعاء الماضي لتفعليه واستجوابه موضوعيا، للمرور والعبور إلى البناء الفكري والتكوين السياسي، وعدم الرسوب في المناطق الوسطى ما بين الساكن والمسكون، من ذلك القول الصارخ: “الخطأ في التقدير السياسي معناه الموت إن لم يكن الموت الحقيقي في أسوأ الحالات” (ص 35).

* مناطق ظل تستحق إعادة نظر:

كتاب من السلطة إلى المنفى، كان زاخرا بالأحداث والأسرار والحقائق المكفنة، إلا أنه ظل متمنعا عن توضيح عدة قضايا سياسية مركزية، كانت مرتبطة بعهد صديق الكاتب، رئيس الوزراء السابق محمد مزالي منها:

  • أن الكاتب لم يتطرق إلى منشور 108 الذي يمنع ارتداء الحجاب، وما رافق هذا القانون من احتجاجات وتململ لدى شريحة كبيرة من المجتمع، ولا زالت آثاره باقية إلى اليوم، والمرتبط لدى الذهنية التونسية وعدة عائلات فكرية، بأنه أحد إنتاجات الوزير السابق محمد مزالي …
  • لم يوضّح الكاتب ما تعرض له الاتحاد العام التونسي للشغل من محاولات تشقيق في عهد مزالي، وخلق كيان مضاد سمّي “بالشرفاء”، لمحاولة تضعيف الطبقة الشغيلة، اعتبرها البعض من المهتمين بأنها مثالا سيئا أصبحت مرجعا للسطو على الشرعيات السياسية والحقوقية.
  • لم يتناول الكاتب كذلك بدقة ملابسات أحداث ثورة الخبز، وتحديد المسؤولية السياسية على هذا الانفجار الاجتماعي، كما تحاشى التعريج على الخطاب المتلفز للسيد محمد مزالي في اليوم الثاني من اندلاع الأحداث 5 جانفي 1984، الذي وصف فيه المتظاهرين ضد ارتفاع أسعار الخبز، بالشرذمة ومروجي الأراجيف.
  • تغافل الكاتب عن التعريج على خطاب صديقه محمد مزالي، على إثر الاعتداء الصهيوني على حمام الشط، حيث رآه الكثيرين من المتابعين خطابا هزائميا، يخرّب الروح المقاومة ويحط من العزائم، حين صرّح قائلا: إن سيارة من نوع “رينو4 ” لا يمكن أن تقارن بسرعة سيارة من نوع ” بي إم .دبيو “…

    وإن كنا نتفهم عمق الصداقة بين الكاتب ومحمد مزالي، إلا أننا نعتقد أن توضيح الحقائق والاستدلالات التاريخية تبقى فوق كل الاعتبارات، إذ لا يمكن للأجيال أن تنسى تلك الوعود اليانعة المليئة بالآمال العرجاء، التي أطلقها الوزير الأول السابق محمد مزالي، منها مشروع “صرا ورتان” الذي حسب خطب مزالي المتناثرة سيشغل عشرين ألف مواطن، غير أنها ظلت وعودا بتراء وأحلاما من ورق…

  • لا ندري لماذا أهمل الكاتب دور وسيلة بورقيبة (زوجة الرئيس التونسي السابق) في الأحداث، هل كان سهوا أم عمدا، رغم أنها كانت لها سلطة نحاسية، مستمدة من نفوذ زوجها بورقيبة قبل أن يطلقها…

هذا ويعتبر ظلما طي الكتاب، دون أن نسجل انه يستحقّ الكثير من التوريق، والتمعّن وإعادة القراءة والسباحة لفتح العديد من النوافذ والأبواب، لاستخراج معادن الرجال ومعادن الأصحاب، والاطلاع على مرحلة مضطربة، مرحلة ما قبل الانقلاب.

موقع الوحدة الإسلامية بتاريخ 18 – 1 – 2006

* الطاهر العبيدي: صحفي وكاتب تونسي مقيم بباريس