ARAB COMMISSION FOR HUMAN RIGHTS

COMMISSION ARABE DES DROITS HUMAINS

International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the United Nations

تتابع اللجنة العربية لحقوق الإنسان بقلق بالغ توسيع دائرة الملاحقات والمضايقات في تونس، والتي تطال الأوساط السياسية الديمقراطية المعارضة، والمنظمات الحقوقية المستقلة عن الفضاء الحكومي، والمدافعين عن كرامة الإنسان، إلى المؤسسات ذات الطابع الثقافي والتعليمي والبحثي. فقد تم تجميد أرصدة المعهد العربي لحقوق الإنسان، أول منظمة تثقيفية إقليمية لحقوق الإنسان في العالم العربي، وتضييق الحصار عليه إعلاميا وتقنيا ونشاطيا ضمن سياسة تعتبر الموت السريري أفضل أشكال الاغتيال.

ففي ظل سلطة تنفيذية تبيع وتشتري بشعارات حقوق الإنسان، مفرغة لها من كل معنى ومبنى، يصعب على السلطات التونسية إغلاق المعهد العربي لحقوق الإنسان بشكل رسمي. خاصة وأن هذا المعهد هو أقدم مؤسسة حقوقية بحثية عربية مستقلة، تأسست سنة 1989، بمبادرة من المنظمة العربية لحقوق الإنسان واتحاد المحامين العرب والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وبدعم من مركز الأمم المتحدة لحقوق الإنسان واليونسكو واليونيسيف. وهي منظّمة تستمدّ رسالتها من الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وتتعاون في سبيل تحقيق أهدافها مع جميع الحكومات العربية والمنظمات الوطنية والإقليمية والدولية، الحكومية منها وغير الحكومية. كما تعتمد في تمويلها أساسا على المنظمات الدولية والإقليمية وعلى المؤسسات التمويلية والهيئات المعنية بحقوق الإنسان.

يكفي للاستدلال على مساهمة هذه المنظّمة في نشر الوعي بحقوق الإنسان وفي ترسيخه في الحياة اليوميّة وفي الفضاءات المدنيّة، أن نعدّد بين المستفيدين من أنشطتها:

المنظّمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان، النقابات العمّاليّة، المنظمات النسائية والشبابية والمنظّمات المهتمة بالطفولة، اتحادات المحامين والأطباء والصحافيين، المؤسسات التعليمية والتربوية بمختلف أصنافها، المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بحقوق الإنسان كالأجهزة الأمنية ومصالح السجون وأعوان الدولة المكلفين بتنفيذ القوانين إلى الأجهزة القضائية والتشريعية، إضافة إلى كافة شرائح المجتمع وكل الأطراف التي لها تأثير في النّهوض بحقوق الإنسان.

من المعروف للحكومة، قبل المعارضة، أن المعهد العربي لحقوق الإنسان يعتمد سياسة مالية تقبل المساعدات المالية التي لا تتضمن شروطا تمسّ باستقلاليتها. وهذه التّمويلات خاضعة لعقود تضبط وجوه صرفها بكامل الدّقّة والشّفافيّة. لم يسقط المعهد في يوم من الأيام في فخ “التمويل من أجل التمويل” أو إخضاع سياسته لسوق التمويل. وقد أخذ البعد اللازم من القضايا اليومية لحقوق الإنسان داخل وخارج تونس انطلاقا من مبدأ سد الذرائع في ظل سلطة أمنية تريد إغلاق كل منافذ ولادة ثقافة حقوقية ديمقراطية خلاقة.

لقد حاولت السلطات التونسية، خلال عقد ونصف، التدخل في نشاطات المعهد وتحديد سقف استقلاليته ما أمكنها، وأحيانا زجه في مواقف رسمية. فقد اعتقلت في 10/5/1996 مديره التنفيذي السابق فرج فنيش بحجة تضامنه مع حقوقي تونسي، ثم أفرجت عنه إثر حملة تضامن كبيرة معه. كذلك منعت عدة أشخاص من المشاركة بنشاطات المعهد بشكل مباشر أو غير مباشر. إلا أنها لم تتجرأ، حتى عهد قريب، على طرح مسألة وجود
المعهد بهذا الشكل الحاد ودون وجود أي دافع سياسي أو حقوقي مباشر.

إننا، وبحكم معرفتنا بطبيعة وعقلية السلطات الأمنية التونسية، لا نتوجه إليها بهذا البيان من أجل رفع الحظر على المعهد العربي لحقوق الإنسان كونها تعرف أكثر من غيرها ما تقوم به. إنما نستنفر كل القوى الديمقراطية والحقوقية عربيا وعالميا، للتعبئة من أجل حملة دولية واسعة للدفاع عن المعهد وكل النشاطات الحقوقية والثقافية والسياسية المستقلة عن فضاء السلطة. ذلك بعد أن أصبح التأهيل والتثقيف موضوع محاسبة، وصار التجهيل السياسي والحقوقي سياسة رسمية للسلطات التونسية.

إننا في اللجنة العربية لحقوق الإنسان نهيب بكل المثقفين والديمقراطيين والحقوقيين التحرك من أجل حماية المجتمع المدني التونسي من العسف المتصاعد الذي لم يعد أمامه أي خط أحمر يقف عنده، كما ونقدم الدعم اللوجستي الكامل إلى “اللّجنة الدّوليّة للدّفاع عن المعهد العربيّ لحقوق الإنسان”..

باريس في أول تموز (يوليو) 2005

C.A. DROITS HUMAINS

5 Rue Gambetta – 92240 Malakoff – France

Phone: (33-1) 4092-1588 * Fax: (33-1) 4654-1913

E. mail achr@noos.fr

www.achr.nu