بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم عبد الحميد الحمدي ـ الدنمارك

في مثل هذه الأيام قبل أربعة وعشرين عاما اجتمع ثلة من أبناء تونس يعلنوا ميلاد حركة الاتجاه الإسلامي التي قادت الصحوة الإسلامية الحديثة في تونس، وأسهمت بشكل وافر في دعم تجارب الحركات الإسلامية المعاصرة على الرغم مما شاب مسيرتها من عراقيل ونكبات متعددة.

لقد قدمت الحركة تضحيات جسيمة من أجل تعميق الصحوة الإسلامية ومقاومة الفكر التغريبي الوافد من الغرب ودفعت من أجل ذلك أرواحا زكية التحقوا بصفوف الشهداء من النبيين والصديقيين وحسن أولئك رفيقا، بينما قدم
آخرون زهرة شبابهم من أجل هذه القيم التي نشأت على أساسها حركة الاتجاه الإسلامي إما في السجن أو مقبورين في الغربة والمنافي.

وهي تقف اليوم بعد ما يناهز العقد والنصف من الزمن على محنتها مع السلطة الحاكمة في تونس لتطفئ الشمعة الرابعة والعشرين من عمرها.

والمناسبة تدعوني شخصيا وتدعو كل غيور على العمل الإسلامي أن يقف وقفة إجلال لأولئك الرجال الصناديد الذين رووا بأعمارهم هذه الشجرة المباركة فرحمة الله على من رحل منهم والدعاء بطول العمر والتوفيق والصبر والسداد ولم الشمل لمن لازال منهم على قيد الحياة.

الآن تستعد قيادة حركة النهضة في العاصمة البريطانية لندن إلى إطلاق مبادرة قيل بأنها سوف تجيب عن تساؤلاتنا جميعا التي طرحناها على مدى الشهرين الماضيين عبر الصحف الالكترونية. وبين يدي المؤتمر الصحفي
لقيادة النهضة أضيف الأسئلة التالية:

1 ـ

إن أهم ما ننتظره من المؤتمر الصحفي أن يعلن الشيخ راشد الغنوشي حفظه الله بوضوح وبجلاء موقف قيادة حركة النهضة من دعوات التوصل إلى الاتفاق على أرضية مشتركة مع باقي أجنحة التيار الإسلامي الآخذة في
التململ منذ فترة طويلة. وقد ظهر ذلك منذ نشر د. محمد الهاشمي الحامدي القيادي السابق في حركة النهضة رسالة طالب فيها بالتجاوز من أجل المساجين والمستقبل، وأيضا بيان الخمسين وفي مقدمتهم الشيخ عبد الفتاح مورو الذي تفاعل مع أفكار المهندس علي العريض الناطق الرسمي سابقا باسم حركة النهضة وطرحت في ندوة فضائية مباشرة احتضنتها قناة المستقلة.

2 ـ

. لماذا لا تلتحق قيادة النهضة الرسمية بالموقعين على بيان الخمسين الذي يمد يده للصلح والتجاوز والمطالبة بإنهاء ملف المعتقلين السياسيين كمرحلة أولى؟

3 ـ

لماذا لا يطور الإسلاميون التونسيون خطابهم باتجاه الحسم العلني مع الإزدواجية في الخطاب والممارسة فيقدمون برنامجا سياسيا يتماشى وأطروحات رموز التيار الإسلامي التونسي وعلى رأسهم الشيخ راشد الغنوشي،
وهي أطروحات أهم ما يميزها الوسطية والاعتدال والإيمان بالديمقراطية أسلوبا في العمل الحزبي والسياسي؟

4 ـ

الإعلان بوضوح وبما لا يدع مجالا للتأويل والشك وبعبارات عربية واضحة الموقف من باقي الأحزاب السياسية بمختلف تلويناتها وعلى رأسها حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي يقود البلاد منذ الإستقلال.

5 ـ

إطلاق مبادرة جادة تراعي امكانية إعادة جسور الثقة بين الإسلاميين أنفسهم وبينهم وبين مكونات المجتمع المدني بما في ذلك السلطة الحاكمة.

6 ـ

تقديم تصور واضح المعالم لسبل معالجة الاختلافات التي اجتاحت التيار الإسلامي النهضوي طيلة سنوات المحنة من أجل رأب الصدع وإعادة الأمور إلى نصابها، وذلك بالدعوة لمؤتمر استثنائي تدعى له جميع الأطراف للقيام بمراجعات عاجلة للوصول إلى ميثاق شرف يمهد عودة القيادات والكوادر والأعضاء المجمدين أو المستقيلين للجسم الإسلامي النهضوي.

7 ـ

إعادة الاعتبار لرموز التيار الإسلامي الذي أبعد نفسه أو استبعد بسبب الخلافات.

8 ـ

توحيد الجهود بين قيادات الداخل والخارج وإعطاء الفرصة للخطاب الواقعي الذي كشف عنه المهندس علي العريض بوضوح وجلاء في المناسبة الإعلامية الوحيدة التي أتيحت له في 20 أفريل الماضي في قناة المستقلة
الفضائية في حوار نادر مع بعض أنصار الحكومة. وهو خطاب كشف عن قدرة فائقة في قراءة الواقع والمستجدات الدولية والتعاطي معها بغض النظر عن الجرح الغائر طيلة عقد ونصف في السجن.

9 ـ

أن توضح قيادة النهضة معيار العلاقة وضوابطها مع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية في ضوء الحوار الجاري بين واشنطن ورموز التيار الإسلامي المعتدل.

هذه أسئلة ومقترحات أضعها بين يدي قيادة النهضة اليوم وهي تقف علىأعتاب مرحلة جديدة وأعتقد أنها مختلفة بكل المعايير وعليها أن تكون قيادة تاريخية مثلما أن المرحلة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

وندائي لكل أبناء الحركة الإسلامية أن يتساموا عن الخلافات من أجل وحدة الصف والكلمة، وندائي أيضا موجه للنظام التونسي بقيادة السيد الرئيس زين العابدين بن علي من أجل تونس ووحدتها أن يتجاوب مع نداءات العفو
والمصالحة وطي صفحة النزاعات الأليمة مصداقا لقوله تعالى: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”.

سدد الله خطاكم جميعا إلى ما فيه الخير للبلاد والعباد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته