بسم الله الرحمن الرحيم

كتبه مرسل الكسيبي

من قلب ألمانيا موطن الفلاسفة والمفكرين الأحرار كما القادة العظام الذي صنعوا الوحدة والمصالحة بعد أن جربوا مرارة الانقسام والاحتراب ومن فضاء حر وديمقراطي علمني كيف يسقط جدران برلين أكتب هذه السطور الصادقة رافعا التحية الخالصة وأسمى مشاعرالحب و التقدير والتضامن الى الأخ العزيز عمار بولعراس الذي شق طريقه الى عالم الكتابة والرأي الحر والجريء منذ أيام على شبكة الانترنيت , ولعل ماكتبه لم يكن البداية , وأقلب الأمر على هذا الوجه ترجيحا لأن مانطق به لم يكن مجرد كلمات دقت على لوحة المفاتيح بل كان صرخة مازالت تحمل معها كثيرا من الأدب والأفكار والموازنات لعله سبق الى تدوين بعضها ولكن حرارة افريقيا وقساوة الاتصال والنشر فيها كما العيش جعلت أدبه هذا واضافته في عالم الأفكار لاتعرف طريقها الى النور والتأثير في عالم سياسات الأوطان.

أخي العزيز عمار ,الاخوة الأحبة من المصابرين والمرابطين في أصقاع القارة الافريقية ومناخها الاستوائي الحار والقاسي ,أيها الاخوة القابضون على الجمر في تونس الخضراء :

لم يعد يخفى على أحد اليوم في تونس وخارجها ممن يواكب ماهو مكتوب ومنشور على مواقع الانترنيت الحرة والمستقلة : تونس نيوز ,الحوار نت ,موقع نواة اورغ وتونيزين أو حتى الحزبية كالموقع الرائد للحزب الديمقراطي التقدمي أن خلافا حقيقيا بات يشق أعضاء حركة النهضة وأنصارها ومحبيها تجاه كيفية تعاطي الجسم القيادي للحركة مع السلطة في تونس أو مع الفضاء السياسي بشكل عام فلئن كان هناك جناح في القيادة يحاول أن يغطي على هذا الخلاف ويستهجن خروجه على شبكة الانترنيت فان تيارا واسعا داخل الحركة بات يعتبر خروج هذا الأمر الى مثل هذا الفضاء الافتراضي أمرا طبيعيا أمام اصرار بعض من في القيادة على مسلك السلوك الاحتجاجي المغالب في الخطاب والممارسة السياسيين أضف الى ذلك عدم معالجة حالات واسعة من الاستقالات وتجميد العضويات بشكل غير معلن ضمن سياق الاحتجاج على الخط السياسي العام للحركة في السنوات الأخيرة أوفي حقبة التسعينات , بل ان غياب روح العمل المؤسساتي الذي يأخذ بعين الاعتبار طموح الجيل الجديد الى المشاركة في صناعة القرار في بعد عن رواسب الصراعات السياسية السابقة مع السلطة أدى الى عملية احتكار سياسية لبعض الزعامات التاريخية.

ولعل المشهد اليوم يقول حقيقة بأن ليس كل من في باريس أو لندن هو بالضرورة موال أو راض على خط انتهجته القيادة ولازال الجميع يدفع ضريبته بين سجن ومنفى , ب! ;ل ان هناك أغلبية صامتة مازالت لم تقل رأيها وهي تقدر أن تواصل الجرح في الداخل يؤجل معركة الحسم مابين تأسيس جسم حزبي جديد يقطع قيادة وخيارات مع سياسات الماضي المتشنجة والمغالبة أوبين عملية تصحيح واسعة تؤدي الى اعادة الاعتبار الى كل أبناء الحركة وبالتالي ترجيح كفة الموازين الى خيار الاعتدال الاستراتيجي في التعامل مع كل مكونات الفضاء السياسي التونسي سلطة ومعارضة بما يترتب عنه من فك اشتباك نهائي ولا مجال للرجعة فيه مع القائمين على تسيير شؤون البلاد وبالتالي الدخول في مرحلة جديدة من عمر الحرك! ة وتاريخ البلاد.

الأخ العزيز عمار,الاخوة الأعزاء في أدغال افريقيا ,الاخوة الأحباء من القابضين على الجمر داخل الوطن وخارجه :

انني اليوم وبكل تواضع وانكار للذات وأسأل الله سبحانه التثبيت على ذلك اخترت مع اخوة اخرين خط التمايز المعلن مع قيادة الحركة وأقول بكل وضوح جزء منها وليس كل من فيها على اعتبار أن القيادة في حد ذاتها ليست منسجمة مع تيار المغالبة الاحتجاجية ,وان اخترت اليوم هذا المسلك بكل وضوح وعلانية مع الجميع فان ذلك لايعني نسفا لروابط الأخوة في الله والوطن بل هو حرص على تحمل المسؤولية التاريخية بعد أن طال نزيف المسجونين وتواصلت عذاباتهم لفترة لم تحصل أبدا في تاريخ تونس المعاصر.

لقد راهنت مع اخوة اخرين وليس عددهم بالقليل ولتعلم القيادة في حركة النهضة ذلك ,راهنت على عنصري الصبر والزمن في علاج كثير من الأمور ولكن في لحظة تاريخية ما لم أعد مع هؤلاء الاخوة قادرين على سياسة الموافقة بالاجماع ولا سيما أن لنا رهائن يقبعون وراء قبور بالحياة وأن الظهور بمظهر الموافق على مايصدر من تصريحات ومواقف هو ضوء أخضر من قبلنا أقصد مجموعة كبيرة من الاخوة على سلوك الحركة ومفاصل علاقتها بالسلطة ,الشيء الذي يعطي انطباعا بأن السائد داخل الجسم هو بمثابة البيض الموضوع في السلة الواحدة ومن هنا يفتح الباب واسعا الى مزيد من تشديد الخناق على اخوان لنا يقبعون وراء القضبان أواخرين خرجوا لتوهم من السجن.
من هذا المنطلق كان التمايز في هذه المرحلة التاريخية ضروريا حتى لاتزر وازرة وزر أخرى, ولاأظن حينئذ أن منطق التخوين والسب والشتم لنا من قبل بعض من في القيادة أو من هو في حكم البطانة لها سيزيد هؤلاء الاخوان المغالبين قوة وجمهورا بقدر ماأنه سيدعو الكثيرين الى اعمال العقل وبالتالي اعلان هذا التمايز بعد أن حرص الجميع على اخفائه لفترة طويلة ايمانا منا بروح العمل الجماعي .

ان اتهامنا بالانبطاح للسلطة والانهزامية والتعب في منتصف الطريق وغير ذلك من كلام مازلنا صابرين عليه سوف لن يغير من حقائق الأمور شيئا وان دعوة بعض منابر الانترنيت القريبة من الحركة الى مصادرة ارائنا وعدم نشرها هو من قبيل ضعف الحجة وليس قوتها وليعلم كل الاخوة أن انزواء الشيخ عبد الفتاح مورو ومشاركة الأستاذ العزيز الفاضل البلدي لمثل هذه الطروحات واستقالة الشيخ خميس الماجري أحد حفظة كتاب الله العزيز واسناده لهذا الخط التصحيحي والاصلاحي ووقفة الأستاذ الفاضل عبد السلام بوشداخ أحد مؤسسي الحركة معنا في هذه المحنة واكبار الدكتور أحمد المناعي لهذا الخط وتجاوب كثير من الاخوة الذين اتصلوا بنا من أصقاع نيوزيلندا وماليزيا وبريطانيا وكندا وهولندا وفرنسا وايرلندا وألمانيا وتونس وأقطار أخرى هو مؤشر حقيقي على شعبية هذا التيار الدافق الذي يريد الاصلاح والمشاركة السياسية الهادئ! ;ة بعيدا عن سياسة الضغط المتواصل التي لم نجن من ورائها الا المحن والأزمات منذ أن أعلنت الحركة عن نفسها في بداية الثمانينات .

الاخوة الأحباب داخل الوطن وخارجه :

ان محاولة التشويش على أفكارنا وطروحاتنا عبرسياسة خلط الأوراق وشن الحملات المقصودة على الأخ والصديق الفاضل الدكتور محمد الهاشمي الحامدي يكشف حقيقة عن مدى هشاشة الطرح الديمقراطي الذي طالما حلمنا به جميعا داخل الحركة بل ان الذي يبرز اليوم يعكس حقيقة تناقضا واضحا بين التنظير والممارسة ,اذ أن اقدام غيرنا على نوع من الاجتهاد السياسي قصد خدمة بلده لاينبغي أن يواجه بمثل هذه الحملات التشهيرية والتشويهية بقدر ماينبغي أن يتعامل معه بأريحية تقتضيها قواعد اللعبة الديمقراطية .

ان سلوك الأخ الدكتور محمد هو اختبار حقيقي لديمقراطيتنا اليوم ونحن في المعارضة فكيف سيكون عليه الحال غدا لو قدر للحركة أن تشارك في السلطة أو تبتلى بأعبائها الرئيسية !
الاخوة الأحبة في كل مكان ان انتقادنا لبعض من في القيادة أو من يسند ظهرها لايعني الكراهية اطلاقا لمن هو قائم على هذا الخط ولكن انما هو هذا الخط الذي كرهناه لما ظهر من مفاسده الراجحة والمتحققة وبالتالي رجاؤنا منكم جميعا أن يغلب صوت العقل والحكمة في النظر للمسائل وألا تكون المشيخية التي تربى عليها البعض معمية للبصيرة …

رجائي حينئذ لكم جميعا في جزء من قيادة النهضة وجزء من قاعدتها الا تنظروا لنا كأعداء بقدر ماتثمنوا فينا شجاعتنا وجرءتنا في التعبير عن مواقفنا دون مجاملة أو معاداة ولتكن الكرة الان في ملعبكم اخوة الأمس القريب واليوم والغد بأن تصلحوا ماأفسدته الأيام بيننا وبين القائمين على الأمر في بلدنا او بين من ناصب مشروعنا العداء.

وفي نهاية هذه السطور أذكر السلطة في تونس أن أخطاء النهضة وان كنا ندينها ويجمع الأحباء في كل مكان على ضرورة تجاوزها الا أن ذلك لايبرر تواصل هذه المحنة وهذه العذابات وراء القضبان أو خارجها في ظل حرمان من أبسط حقوق المواطنة .

لقد آن الأوان أن تعلم السلطة أن أيادي الخير ستمتد لتعاونها كما تعاون كل الوطنيين على اخراج البلاد من أجواء هذه المحنة السياسية العصيبة وأن رجالا مثل عبد اللطيف المكي والفاضل البلدي وعلي العريض وعبد الفتاح مورو ونور الدين البحيري وزياد الدولاتي وغيرهم وهم كثر سيكونون رهن اشارتها لو طلب منهم تهيئة المناخ من أجل الدخول بالبلاد في مرحلة سياسية جديدة تضع حدا لآلام الماضي وعذاباتها …,وكلمة أخيرة لا أظن السلطة عاجزة عن ذلك !

أخوكم مرسل الكسيبي

ألمانيا الاتحادية

في 21ربيع الثاني 1426 ه الموافق ل 29 ماي من سنة2005 م

الهاتف القار00496112054989

الهاتف المنقول 00491785466311

reporteur2005@yahoo.de

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته