هناك دائماً متشابهات لا تضع الامور في ميزانها المحكم , فكما فهم البعض مفهوم ( الجمع بين القرائتين ) فهما تراثياً ورده الى مصادر ظنية مثل ” ما فرطنا في الكتاب من شئ ” او العلاقة بين الكون المسطور ( القرأن ) والكون المنثور ( الوجود ) غافلاً ارتباط الجمع بين القراءتين ( بجدلية الغيب والانسان والطبيعة ) وفق نهج تحليلي يأخذ بجدل الانسان وجدل الطبيعة بطريقة معرفية مستوعبة ومتجاوزة للمنطقية الوضعية الحديثة بكل افاقها النسبية والاحتمالية من جهة واللاهوت من جهة اخرى .
أتى بعضهم برد محكم العالمية الاسلامية الثانية وجدليتها الى متشابه ( الرسالة الثانية في الاسلام ) لصاحبها ( محمود محمد طه ) علماً اني قد استبقت الامر في الطبعة الاولى حين قلت في صفحة 153 و 154 :
( الايمان المحمدي هو مقدمة البشرية لتعرف طريقها الى الله في المادة وفي الحركة دون حلولية ودون ما ورائية ودون ارتداد الى مبدأ المادة الناقصة . انها من اعظم المراحل واغناها في التاريخ الايماني للبشرية وقد جاء افتتاحها بعبارة ( اقرأ ) وانتهت الى الجمع بين القراءتين وهذا هو جوهر الحقيقة المحمدية الكونية .
وهي حقيقة تورث والارث عن الاصل المتلقي اي عن محمد والذي يملك حق التوريث هو الله لمن يصطفي من عباده . ولها مواصفات شتى على انواع ثلاثة والثاني وسط بين اثنين أولهما ظالم لنفسه واخرهما سابق بالخيرات ( والذي اوحينا اليك من الكتاب هو الحق مصدقاً لما بين يديه ان الله بعباده لخبير بصير * ثم اورثنا الكتاب الذي أصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بأذن الله ذلك هو الفضل الكبير ) ( سورة فاطر : الايات 31 -32 ) . وارث الحقيقة يخرج معجوناً في لحمة العصر . فعلاقة من يلي محمداً بالكتاب لا تكون علاقة نبوة ولا علاقة تجديد ولا علاقة رسالة ثانية ولا ثالثة وانما علاقة توريث يتفاعل فيها وحي الكتاب مع شخصية العصر حافظاً لاستمرارية الحكمة والمنهج الالهي ” .
ان من يفهم حكمة انقضاء مرحلة النبوات سيفهم تماماً ان الله قد جعل ارادته في اعادة اكتشاف القرأن وفهمه ضمن كل مرحلة من مراحل التطور البشري بما ينسجم والخصائص الفكرية لشخصية المرحلة الحضارية . وقد ضمن القرأن وحي كل مرحلة كنور تتضح به حكمة المنهج الالهي وتطبيقاته الكونية ” .
فالذين ظنوا ان ( رسالة ثانية ) تتنزل عليهم ليسوا ضمن منهجنا , ولسنا من انصار الاتجاهات الاشراقية ولو كانت معاصرة او اهتمت بتحديث المفاهيم الاسلامية وعصرنتها لتتكيف مع العقل الليبرالي وبطريقة انتقائية تعتمد على ( التأويل الباطني ) .
قد قسم صاحب الرسالة الثانية القرأن الى فروع وأصول حيث جعل من الفروع أساساً لما سبق , ومن الاصول اساساً لرسالته هو الثانية , وكما كتب :
( الاسلام رسالتان : الفهم الجديد للاسلام اللي بتقدموا – الدعوة الاسلامية الجديدة – وهو انوا الاسلام فيهو رسالتين , رسالة اولى بتقوم على فروع القرأن , ودي مرحلية في كثير من صورها , وهذه الصورة ما اصبحت مناسبة لحاجةالناس اليوم , ورسالة ثانية بتقوم على اصول القرأن , ودي سنة النبي ( ص ) وعاشها هو وحده وما عاشتاه الامة المؤمنة في الوقت ذاك لانها اكبر من حاجتها , ونحن الجمهوريين بنقول انها مدخرة للناس اليوم ) – راجع كتاب محمود محمد طه في ( أصول القرأن ص2 و3 ) .
بتحليل هذه الفقرة نجد ان صاحب الرسالة الثانية يطرح نفسه كباعث لآصول القرأن وليس فروعه في حين اننا نرفض جذرياً مفهوم تجزئة الفهم القرأني بين أصول وفروع , فالقرأن بالنسبة لنا كتاب منهجي يتمتع بخصائص الوحدة العضوية التي قضت باعادة ترتيبه خلافاً لترتيبه السابق استناداً الى أسباب النزول ,ولتاكيد هذه الوحدة العضوية للكتاب التي تعطي منهجيته لم نتعامل مع القرأن بالتمييز بين المكي والمدني . ونصوصنا المفارقة لصاحب الرسالة الثانية والنقيضة لها ايضاً واضحة جداً ,فقد قلنا في كتابنا العالمية الاسلامية الثانية ص 168 ما نصه :
” ليس ثمة جديد يضاف ولكنه فهم للحديث المستجد في اطار الوعي المنهجي بالقديم المتجدد , ونتوقف هنا لما نسميه بوعي المنهج متسائلين لماذا بقيت كتب التفسير دون شرح القرأن شرحاً منهجياً متكاملاً ؟ ولماذا لم نرث هذه المدرسة بتمامها عن السلف الصالح ؟ ليس ثمة تقصير ولا لوم ولا عتاب .
لو فصلنا مجموعة من سير خاصة المتلقين من الصحابة لأمكننا ان نكشف في حياتهم اثراً كبيراً طبعها به فهمهم للمنهج الالهي في الكون كله . ويلحق بهم في هذا المجال اخرون من رجال هذه الامة غير ان تحليل السيرة وصولاً الى الكشف عن كوامن الشخصية امر لم يعرفه العرب من قبل وهي من الامور المستحدثة في الذهنية العربية من خلال القصة والنقد . اما القرأن فانه يشتمل بطريقة فريدة على هذا المبنى من الفن الحضاري ولكن بأسلوب خاص ومتميز في التحليل ضمن السرد ( وراودته التي هو في بيتها ) بما يعني تحليلاً للحالة التي تمت ضمنها المراودة . فالامر ليس محض رغبة جنسية كما فهمه البعض .
اذن منهجيتنا هي منهجية القرأن التي نشأت ضمنها التجربة المحمدية العربية , ولا ندعي أن ثمة جديداً يضاف , سوى محاولة الوعي بالقرأن في أطاره المنهجي الكلي على نحو كوني شامل بوصفه معادلاً للحركة الكونية , وكل دلالاتها .
هذا الفهم ليس جديداً في ذاته ولكنه جديد في تناوله اي انه كان موجوداً في القرأن غير ان العرب لم يكن من شأنهم وطبيعتهم ان يتناولوه بشكله المنهجي الكلي ولا يعود الامر لنقص فيهم وكمال فينا وانما يعود لطبيعة مقومات تجربتهم وخصائص تكوينهم التاريخي والاجتماعي ” .
ثم ان اخطر ما توصل وانتهى اليه صاحب الرسالة الثانية بعد أن قسم القرأن الى أصول وفروع انه جعل ممن سبقه من الانبياء ( طلائع ) لرسالته هو الثانية , كما جعل خاتم الرسال والنبيين ( مبشراً ) بأمة الرسالة الثانية التي تأتي من بعده :
( وهذه أمة لم تجئ بعد وانما جاء – طلائعها فرادى – على مدى تاريخ المجتمع البشري الطويل , واولئك هم – الانبياء – وفي مقدمتهم سيدهم وخاتمهم , هو قد بشر بمجئ هذه الامة كما جاء برسالتها مجملة في القرأن مفصل في ( السنة ) محمود محمد طه في كتاب ” تعلموا كيف تصلون ” ص 16 .
ان المتغيرات العصرية لا تفترض بالضرورة نشوء رسالات ثانية وثالثة ورابعة , والا للزم على كل مصلح او مجتهد ادعاء انه صاحب رسالة ثانية وثالثة وذلك منذ ان دخلت المنطقة الاسلامية في تفاعل مع عالمية الغرب الاوربي الوضعية والمركزية والخذة بهمينة العلم على مقولات العقل الطبيعي . وبداية في منتصف القرن التاسع عشر , فلماذا لا يكون اولئك الرواد من امثال الافغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وبن عاشور وبن ياديس وغيرهم وبما أثاروه من محاورات التجديد , هم اصحاب الرسالات الثانية اذا كانت مجرد المتغيرات العصرية هي الدالة عليها والباعثة لها ؟ فالمتغيرات العصرية لا تستلزم ( رسالة اسلامية ثانية ) ولا حتى ( عالمية اسلامية ثانية ) وانما تستلزم فقط اجتهاداً وتجديداً وتجدداً ؟ فلماذا قال محمود محمد طه بأنها (رسالة اسلامية ثانية ) ولماذا قلنا نحن بعاملية اسلامية ثانية وما هو الفرق بينهما ؟ وما هي علاقة ذلك بمتغيرات العصر التي لا تستدعي سوى الاجتهاد فقط .
لم نقل بعالمية اسلامية ثانية رجوعاً الى المتغيرات العصرية , او تأسيساً عليها , ولم نجعل منها رسالة ثانية , وانما قلنا بها كدورة تاريخية ثانية للاسلام تعقب الدورة الاولى , ولكن ضمن شروط تحقق ( جدل تاريخي محدد ) يبتدئ ( بعالمةي الاميين ) ثم ( العالمية الشاملة ) للاسلام عبر تدافع ما بين العرب والاسرائيليين . وقد حدد القرأن هذا المسار التاريخي الجدلي والذي استهلك أربعة عشر قرناً بداية بطرد اليهود من المدينة المنورة ثم عودتهم الى الارض المقدسة .وقد شرحنا الامر في كتاب العالمية ص ( 175 – 176 ) ثم اكدنا في ص 258 :
” وقد قضى الله أن تنتهي العالمية الاولى بعودة بني اسرائيل الى فلسطين ( المسجد الاقصى ) وانشائهم لدولتهم وامدهم الله كما قضى بأموال وبنين تتدفق عليهم من ارجاء كثيرة في العالم وجعلهم اكثر نفيراً . وكما يعتبر قيام دولة بني اسرائيل المظهر الاكثر عملية لانتهاء دورة تاريخية كاملة في التاريخ الحافل لهذه المنطقة الحضارية بالذات فأن مظاهر اخرى متزامنة تعتبر مظاهر عملية اخرى لانتهاء تلك العالمية وهي الارتدتا نحو الاقليمية وعناصر الانقسام والتحول نحو البدائل الوضعية والعودة الى الاصول الحضارية السابقة على الاسلام . كل هذه المظاهر ذات علاقات جدلية متفاعلة باتجاه اهزيمة الكبرى فليس غريباً اذن ان يعلن الرئيس المصري برنامجه للصلح مع اسرائيل وهو يخاطب الصحفيين مشيداً بحضارة مصر الضاربة الجذور ومتخذاً من الاهرامات الثلاثة خلفية لمظهره التلفزيوني .
غير انه ومع انقضاء تلك المرحلة في شكلها التاريخي العالمي الا انها قد ابقت في داخلها وضمن موروثاتها امكانية الانطلاق نحو العالمية الاسلامية الثانية التي تأتي ضمن أفق تاريخي جديد ومغاير وضمن خصائص موضوعية متميزة . وتوالد العالمية الثانية عن العالمية الاولى هو دلالة قرأنية على تواصل الرسالة المحمدية باعتبارها خاتمة الرسالات وعلى امتداد القرأن بشكل مطلق في الزمان والمكان . وفي أطار العالمية الثانية سيتحقق قضاء الله ( فاذا جاء وعد الاخرة ليسئوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ) .
ومع ان العالمية الثانية ترث في انطلاقتها عن العالمية الاولى مقومات الوجود والبقاء الكياني الا انها لا ترث عنها مفهومها السلفيس التطبيقي للقرأن ولا ترث عنها مفهومها التأويلي , بل تستعيض عن السلفية التطبيقية والتأويلية الباطنية بمفهوم منهجي جديد للقرأن في وحدته العضوية ودلالاته الكونية .
ولا تأتي هذه الاستعاضة من قبل الاجتهاد الفكري التجديدي بل ترتبط بتجاوز التاريخ ومقومات التكوين للشروط الواقعية التي حكمت مرحلة تحويل العربي بالقرأن من الأطر البدوية ضمن خضائصها المحلية والى أطر اسلامية مغايرة . فالانسان العربي قد فهم القرأن ضمن خصائص تكوينه الموضوعية وقد كانت بسيطة ومتخلفة اجتماعياً وفكرياً بالقياس الى خصائص التكوين الحضاري العالمي الراهنة .
اذن على أي المرتكزات بنى الشيخ محمود محمد طه فهمه للرسالة الثانية طالما انه لم يأخذ بجدل التدافع التاريخي بين العرب وبني اسرائيل , وقد كان هو من اوائل من نادى بالصلح مع اسرائيل في كتابه ( الصلح خير ) واول من ساند الرئيس المصري الراحل انور السادات ؟ وهذا ضد منهجنا كلياً .
ثالثاً : يعتبر الشيخ انه يأخذ رسالته الثانية ( مباشرة ) عن الله وبلا واسطة وذلك عبر ( العلم اللدني ) وصلاة ( الصلة ) وبما تحقق له من عبودية :
فعلى مستوى صلاة الصلة فانه يعرفها بأنها تتحقق في حال ( الشهود الذاتي ) حين ( يتم رفع حجاب الفكر ) :
” وفي مقام الاستقامة يحصل ( التوقف الفكري ) . والتوقف الفكري هو ما يعرف برفع حجاب الفكر .. وبرفع حجاب الفكر هذا يتم الشهود الذاتي .. والشهود الذاتي هو ما اتفق للنبي الكريم .. في المعراج العظيم , بعد ان تخلف جبريل عن سدرة المنتهى .. وفي هذا المقام – مقام الشهود الذاتي – فرضت صلاة الصلة ” – محمود محمد طه – تعلموا كيف تصلون ص30 .
ويعتبر ان صلاة الصلة هي ذكر الله الحقيقي وما الصلاة الشرعية الا وسيلة لها , ففي تأويله للاية ( اتل ما اوحي اليك من الكتاب وأقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاءوالمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ) .
يقول الشيخ محمود محمد طه :
” ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ” .. هذه هي الصلاة الشرعية .. ( ولذكر الله أكبر ) اشارة الى صلاة الصلة , فصلاة الصلة هي الصلاة ( الحقيقية ) اما الصلاة الشرعية فهي صلاة ( المعراج ) – محمود محمد طه -تعلموا كيف تصلون – ص 37 و 38 .
ثم يعتبر ان صلاة الصلة هي صلاة الثلث الاخير من الليل ( التهجد ) , وهي الصلاة الحقيقية والاهم ويحولها من ( نافلة ) الى ( فريضة ) :
” وصلاة الثلث من أهم صلاتك . وهي قد كانت مكتوبة على النبي , ولم يكن – الاصحاب – الا مندوبين اليها ندباً , غير مكلفين بها شرعاً .. وهي اليوم بفضل الله ثم بفضل حكم الوقت , قد أصبحت مكتوبة على هذه الامة المعاصرة , التي يطلب اليها ان تبتعث – سنة النبي – بعد اندثارها لترقى ببعثها الى مقام – الاخوان ” – محمود محمد طه – تعلموا كيف تصلون – ص 58 .
” نحن بشرية القرن العشرين , نحن بشرية الثلث الاخير من ليل الدنيا , ومعلومة قيمة الثلث الاخير من ليل النوم : أن ناشئة الليل هي أشد وطأ واقوم قيلاً ” بنفس هذا القدر يجب ان نعلم قيمة الثلث الاخير من ليل الدنيا . وقيمة البشرية التي تعيشه .. فهذه البشرية هي الموعودة بأن تملأ الارض عدلاً , في وقتها كما ملئت جوراً , وهي الموعودة بتحقيق جنة الارض في الارض .. هذه البشرية المعاصرة هي بشرية ( اليوم الأخر ) الذي من اجل تحقيقه أرسل الرسل وأنزلت الكتب وشرعت الشرائع في جميع حقب هذه الدنيا ” محمود محمد طه – تعلموا كيف تصلون – ص 96 .
ولكن ما هي خصائص هذه الامة , والتي حدد الشيخ زمانها بأنها ( أمة القرن العشرين والثلث الاخير من ليل الدنيا ) ؟ أنها في مصلحة امة اخوان النبي وليس أمة الصحابة وهي أمة افضل من امة الاصحاب :
” أن مستوى جديداً من البشرية سيظهر على هذه الارض , وانما بظهوره تملأ الارض عدلاً كما ملئت جوراً , وهذه البشرية التي ستظهر في هذا المستوى الانساني الكبير – بمحض فضل الله – , أنما هم – أخوان النبي – الذي أشتاق اليهم حين قال وهو بين ( أصحابه ) : واشوقاه لأخواني الذين لما يأتوا بعد . قالوا : أولسنا أخوانك يا رسول الله ؟ قال : با أنتم أصحابي . قالوا : من اخوانك ؟ قال : قوم يجيئون في أخر الزمان , للعامل منهم أجر سبعين منكم . محمود محمد طه – تعلموا كيف تصلون – ص 96 و97 .
ولكن هل فصلت السنة النبوية في تطبيقاتها على ( نسبية الواقع ) مطلق القرأن ؟ ان الاجابة دائماً لدى الشيخ ان السنة تقوم على ( اصول القرأن ) فيما طبقه الرسول على ( خاصة نفسه ) وبما يماثل ما سيكون عليه ( تطبيق الاخوان ) وليس الاصحاب , يقول الشيخ :
” هناك الشريعة , والطريقة , والحقيقة , فأما الشريعة فهي قاعدة التكليف العام , وهي أدنى درجات التكاليف على المؤمن . واما الطريقة فهي النهج المؤكد الذي كان يلتزمه النبي في خاصة نفسه , وهي من ثم ( سنة النبي ) والسنة شريعة وزيادة , وأما الحقيقة فهي حالة القلوب التي تكون عليها المعرفة بالله نتيجة للعمل بالشريعة , او للعمل بالطريقة , حسب مقتضى الحال ” . ونسب الشيخ للرسول ما قيل ( قولي شريعة , وعملي طريقة , وحالي حقيقة ) – تعلموا كيف تصلون ص 76 و77 .
ثم جعل الشيخ من سنة النبي الأصل للمسلم اما الشريعة فهي للمؤمن :
” الشريعة هي تكليف ( المؤمن ) وهي من ناحية الالزام قصاراه , وهي بالنسبة للمسلم تكليف في بداية امره , وهي بالنسبة اليه منفتحة على الطريقة , فالمسلم شريعته السنة ” .
فما مفهوم الشيخ بين المؤمن المرتبط بالشريعة والمسلم المرتبط بسنة النبي على مستوى ( الطريقة اولحقيقة ) ؟
يقول الشيخ :
” ان المسلم مطلوب منه الترقي المستمر , من نهج الشريعة الى نهج الطريقة الى نهج الحقيقة , وفي نهج الحقيقة اذا شدد وجود يدخل – في مقامات الشرائع الفردية فتكون شريعته طرفاً من حقيقته – وهذه هي ( العبودية ) ” .
ها قد وصل الشيخ الى مبتغاه – مقام ( الشريعة الفردية ) على مستوى بلوغ الحقيقة تذرعاً بسنة الرسول في ( خاصة نفسه) وهكذا انتفت مصدرية القران الذي سبق وان قال عنه أنه ( كتاب هذه الامة المبشر بها ) وانتفت حتى ضوابطه في مقام الشريعة الفردية .
ويؤكد الشيخ هذا المعني نصاً ( 95 كيف تصلون ) :
” أسمعوا قولي هذا فأن شريعة الاسلام في أصلها أنما هي شريعة فردية .. والقرأن يركز على الفردية , تركيزاً مستفيضاً .. وحين كانت شريعة الاسلام , في أصله فردية , كانت شريعته في الفرع جماعية , وما الشريعة الجماعية الا وسيلة للشريعة الفردية ” .
قد قضى الشيخ على ( عالمية الخطاب ) الاسلامي وعلى مفهوم الانتماء للامة والجماعة والتواصل مع تاريخها عبر ( التدافع ) مفككاً الأمة الى مستوى الفرد فاذا قلنا ان ذلك كله ناتج عن فهم باطني تأويلي خاطئ لسنة خاتم الرسل والنبيين ولمفهوم الرسالة نفسها ,فاه الأدهى من ذلك فهم الشيخ للقرأن والذي يحتوي على ( الضوابط الاساسية ) للفهم .. فكيف يفهم الشيخ
القرأن ؟
” كتاب الله في الأصل , وهو الأكوان جميعاً , وهو الانسان في المكان الاول لآن في الأنسان – جسمه وعقله – اجتمعت ايات الظاهر وايات الباطن .. يقول تعالى في ذلك ( سنريهم أياتنا في الأفاق وفي أنفسهم ) .
جسم الانسان هو كتاب الله .. والقرأن المحفوظ بين دفتي المصحف والمقروء باللغة العربية , انما هو صورة لفظية وصوتية , وعلمية لهذا الكتاب العظيم .. و( المثاني ) انما تعني زوجين .. وأعلى الزوجين النفسان : نفس الرب ونفس العبد .. كما أن المثاني في القرأن تعني , المعنى البعيد عند الرب والمعنى القريب التي تدنى لتفهيم العبد ” – تعلموا كيف تصلون – ص 3 و4 .
المصدر: العالمية الإسلامية الثانية
تأليف: محمد أبو القاسم حاج
iThere are no comments
Add yours