حصاد الموسم السياسيّ: يا أحرار تونس انتبهوا؛ إنهم يكرهون الديمقراطيّة

ينغلق في هذه الأسابيع، مع حلول شهر الصيام، الموسم السياسيّ السابع منذ الثّورة. فتنسدل ستائر العام السياسيّ بنجاح نسبيّ لا محالة عبّرت عنه تعبيرا باهتا الانتخابات البلدية بنتائجها عددًا وبرسائلها سياسةً. ورغم عيوبها السافرة من حيث المشاركة ومن جهة النتائج فمن الغباء المُلهي عن الحكم الصحيح إنكار ثقلها في استكمال بناء مؤسّسات الانتقال الديمقراطيّ ومن الظلم القائم إنكار فضل من قام عليها وشارك فيها ترشحا وانتخابا. لكن النّجاح النسبي الذي مثّلته هذه الانتخابات لا يجب أن يحجب عنّا خطر حالة الانسداد السياسيّة وتعطيل عمل المؤسّسات ودعوات الردّة والتشكيك والانقلاب على الثقافة الدستورية الديمقراطيّة الوليدة عندنا.

من وحي المأساة التونسية: من الاستبداد الديمقراطي إلى الديمقراطية الفاسدة

نبّه كل من اشتغل بدراسة دول الاستبداد إلى قيامه على تحالف المال مع السلطة. نبه أفلاطون إلى عواقب اجتماع الغنى الفاحش والفقر المدقع على استقرار الجمهورية الفاضلة وقال ابن خلدون أنّ تجارة السّلطان مضرة بالرعايا ولم يفت الكواكبي التنبيه إلى حاجة الاستبداد لأهل الثّروة لإحكام سيطرته على المجتمعات وإدامتها وتأبيدها. فهل ما نراه في بلدنا اليوم والذي اتفقت النخبة بمختلف مكوناتها على تسميته فسادا يقف عند التحالف بين المال والسّلطة؟

حين تفضح أزمة الخليج ضحالة الفكر الاستراتيجي عند النخب التونسيّة

ما دخلنا نحن معشر التونسيين أصلا في خلاف بين تلك المحميّات الغربيّة وتصارعها وخلافاتها على صيغ الحماية الأمريكيّة لها؟ ما هي مصلحتنا في الوقوف مع هذا الطّرف أو ذاك؟ ما الذي سنغنمه من نصرة السّعوديّة وحلفائها أو معارضتهم وما الذي سنخسره لو وقفنا مع قطر أو ضدّها؟ فلكلّ تلك الدّول مصالح وحسابات وأجندات إقليميّة تخصّها وحدها. فكل ما ترونه من توتّر في الخليج هذه الأيّام لا يزيد في النهاية عن تسابق فيما بينها على إرضاء الحامي الأمريكي الذي تغيّرت بوصلة سياساته الدّوليّة مع رحيل أوباما ومجيئ ترامب بفلسفة حكم وإدارة جديدين.

قراءة في حالة الإنسداد التونسية بين خط السلطة وخط الثروة

الصّراع اليوم في تونس ليس صراعا على السلطة بل هو صراع على الثّروة. وقد نكون نجحنا في السنوات الست الأخيرة في حل مشكل التنازع على السّلطة. لكن استمرار الفقر والبطالة وتفاوت التنمية المرعب بين الجهات على نطاق بهذه الضخامة وبفوارق بهذا العمق يدل دلالة واضحة على أننا قد فشلنا في حل مشكلة التنازع على الثّروة. ومن الواضح بالنسبة إلى البرجوازيّة المتوارية وراء نداء تونس وفي تصوّر من حالفها أيديولوجيًّا أنه من المسموح به تقاسم خطّ السلطة إلى حدود هي ترسمها. وهذا ما يجري بالضبط مع النهضة.