هناك قضايا حقيقية تشغل الشارع فلمذا لايطرحها قادة18 أكتوبر!؟

كعادتها كانت أم زياد أو الأستاذة نزيهة رجيبة جد متألقة ليس فقط عبر ماتطرحه من كتابات و! انما كان الحوار معها عن بعد وعلى بعد الاف الكيلومترات مليئا بمشاعر الوفاء للوطن والمواطن
لم أعرف خلال حديثي معها خلال حوالي النصف ساعة مللا أو كللا بل تمنيت لو أن لي قنطارا من ذهب يتيح لي فرصة التواصل معها لزمن أطول نتطرق فيه لكثير من القضايا الشائكة التي تثقل كاهل بني وطني من الشرفاء والمساكين
محاور حديثنا مست جملة من القضايا المستجدة التي لاداعي الى اعادة التذكير بها
ولا شك أن هيئة الحقوق والحريات التي أعلن مؤخرا عن تأسيسها كانت احدى نقاط الحوار وتلك العريضة التي استهجنت التحالف الحاصل بين طيف واسع من القوى السياسية والأهلية التونسية لم تفلت من بين ألسنتنا ومسائل أخرى تتعلق بصدى زيارة مجموعة من قادة تحرك 18 أكتوبر والهيئة المنبثقة عنه لسويسرا كانت هي الأخرى معرض تعليق واهتمام
وبين دفة موضوع واخر أردت أن أوفر على القارئ جملة من المشاق حتى ينتبه الى أن الرصد المتواصل للحدث التونسي لاينبغي ان يكون فقط من خلال صدى مايكتب وينشر وانما يشكل الاتصال المباشر بالمناضلين الأشاوس والمواطنين البسطاء وتبني هموم الشارع والجماهير هو طريق أي حزب أو هيئة أرادت أن تحقق لنفسها النجاح
ومن خلال هذه الجولة بين الملفات التي ارقني البحث في ثناياها اكتشفت أن أم زياد امرأة تعانق حس الجماهير من خلال حديثها حول مجموعة من القضايا الوطنية التي تغفل النخب أحيانا عن المساس بها وربما قد يكون ذلك من باب الحسابات وقد يكون الأمر أحيانا من باب الابتعاد عن مشكلات السواد الأعظم من الناس بحكم طبيعة الأحلام والامال كما الالام والاهتمامات
قضايا البطالة المتفشية في! صفوف شرائح واسعة من الشباب وظاهرة اقبال واسع من الشبيبة اليافعة على تعاطي شرب الخمور والكحول واليأس الذي قاد اخرين الى الغرق في افة المخدرات والجريمة والسرقة والاغتصاب وقوارب الموت التي تهدأ أحيانا وتنشط في مواسم الهجرة الى الشمال
المجتمع الذي تشقه ظاهرة التظلم من الفساد المالي الذي ينخر ثناياه ,قصص حقيقية وأخرى يضخمها المخيال العام انتقاما من رجل السياسة الذي لايتحلى بالشفافية والمصداقية الا في الخطابات
غياب النزاهة في الحسابات السياسية وانعدام المصداقية لدى قطاع واسع من رجال السياسة وربما حتى نسائها,ظاهرة تقض بلا شك كاهل الرسميين ولكنها ظواهر تحتاج الى معالجة لدى بعض من احترفوا تقويض كل تكتل معارض يهدف الى احداث بصيص من الأمل في كبد العتمات
هناك جالية تونسية داخل تونس تريد تفكيك أقدار من ت! وحد الصف المعارض بدعوى تباين في المشاريع بين واحد تقدمي واخر رجعي لايمت الى الحداثة على حد زعمهم بصلة
خواطر انبعثت هنا وهناك وليس من الضروري أن تكون انطلقت من فم تلك المرأة التي تزن ألفا من رجالات تونس ,ولكن بلا شك أن تلاقحا في الأفكار حصل وأن مشاريع سياسية تكون قد اكتشفت ولو انها مازالت في محضن الأفكار والورقات والنصوص المرقونة
أستخلص بين هذا وذاك أن على هيئة الحقوق والحريات أو من قاد حركة 18أكتوبر المباركة ألا يكتفي بطرح السقف الأدنى من القضايا وأن ترتقي هذه المجموعة الوطنية المناضلة بأفكارها واهتماماتها الى معانقة الممكن من هموم الجماهير كتلكم التي تتعلق بتدهور المستوى الدراسي وضياع الشباب وانزلاقه الخطير نحو الانحراف وانحداره الى مستوى عال من اليأس وقضايا أخرى تتعلق بمعاناته اليومية
قضايا الشرعية السياسية والاصلاحات الدستورية الجوهرية قد تكون مشروعا سياسيا كبيرا لايفقهه المواطنون البسطاء ولكن يحق للنخب أن تطور هذا المشروع الوطني الذي تبلور في خطوته الثانية نحو هيئة الحقوق والحريات حتى يعانق بذلك نضجا سياسيا أكبر يحقق قدرا اكبر من الانتقال السياسي الهادئ نحو مراحل متقدمة من الاصلاح الوطني الشامل
قد يكون من الجدير في تقديري الشخصي المتواضع تنمية هذا المشروع الذي أطلق عليه المتابعون تسمية حركة أكتوبر وتطويره ليحتوي جملة هذه التطلعات ويجسد النضال من أجلها في مشروع سياسي أكبر لن أظن بأنه سوف يكون محل اختلاف بين المعارضات وقد يكون أيضا من المعقول بمكان مساندته بمشروع سياسي اخر يطرح قضايا أخرى تعانق مطالب النخب والجماهير ولملا عندها فليتنافس في ذلك المتنافسون ولتتعدد المبادرات مادام هدف الجميع هو الاصلاح والارتقاء نحو فضاء عمومي اكثر ثراء وأعلى نضالية ومجتمع أكثر تحررا وانعتاقا
بلا شك أن المعارضة التونسية تقف اليوم امام عتبات النضج الحقيقي وهي تدخل بوابة العمل الوطني المشترك بعد أن غادر أغلبها بوابات العمل السياسي المتشرذم الا أن البعض سيبقى عالقا بلا شك بين حواجز يضعها النظام وأخرى يضعها سقط المتاع من خلال عدم الانسجام مع قوانين الارتقاء والتطور بعد أن غادر الجميع مراحل الولادة والنشوء
ولكن ولادة أكبر تنتظر رحم المجتمع فمن الذي سيخصب حالة الاحتقان التي تعتمله ومن الذي سيحسن التعامل مع هذه الحسناء التي تدعى تونس

أخوكم مرسل الكسيبي
reporteur2005@yahoo.fr
كتب مساء
العاشر من ذي القعدة 1426 هجري
الموافق للعاشر من ديسمبر 2005