بسم الله الرحمن الرحيم

عبد الحميد الحمدي ـ الدنمارك

الحزب الديمقراطي التقدمي شطب الصفة الديقراطية من إسمه قبل بضع سنوات واستبدلها بالصفة الديمقراطية.

ومع أنني أعترف بأنني غالبا ما أشك في ديمقراطية الذين تشبعوا يوما بالأفكار اليسارية ونظرية الحتمية التاريخية ودكتاتورية الطبقة العاملة، فإنني أصدق انتساب الحزب الديمقراطي التقدمي إلى الديمقراطية من حسن الظن بالناس.

وعندما أرسلت تعليقي الموجز على مقالة الأمين العام للحزب الديمقراطي حول سعي الإسلاميين للمصالحة مع السلطة، عندما أرسلتها بالأمس إلى موقع الحزب الديمقراطي، لم أكن أشك لحظة في أنه سيتعامل معها بديمقراطية
وينشرها من باب احترام اسم الحزب أو من باب احترام حق الرد والحفاوة بحق الاختلاف.

لكن المقالة لم تنشر، وديمقراطية الحزب الديمقراطي التقدمي ظهر جليا أنها لا تحتمل مساءلة صريحة ومؤدبة لأمينها العام.

من أجل الديمقراطية أكتب هذا النص الموجز لعل المشرفين على موقع الحزب الديمقراطي التقدمي يصححون خطأهم.

فإن لم يفعلوا فإن هناك مصلحة مؤكدة أن يعرف التونسيون حدود ديمقراطية بعض الأحزاب والتيارات التونسية التي تتنافس في الإنتساب للديمقراطية.

عندما أسجل حادثة عدم نشر مقالتي من قبل موقع الحزب الديمقراطي التقدمي، لا أملك إلا أن أسجل فخري واعتزازي بالمنابر الإعلامية المتألقة التي يديرها تونسيون من أبناء الحركة الإسلامية.

عندما أرى كثافة الأصوات اليسارية والعلمانية، وحتى غير المسلمة والمنتمية إلى ديانات وحضارات أخرى كما هو الشأن في برامج قناتي المستقلة والديمقراطية، ( لا شك أن أكثر الأصدقاء اليساريين يعترفون بأن المستقلة كانت الفضائية الأولى التي أتاحت لهم مخاطبة الشعب التونسي والرأي العام العربي مباشرة ومن دون حواجز وكذلك فعلت بعدها قناة الزيتونة).

وعندما أقرأ لأقلام يسارية وقومية ودستورية وإسلامية وغيرها في نشرة تونس نيوز من دون إقصاء ولا تسلط، وكذلك عندما أقرأ أيضا في منتدى الحوار ونواة و في تونس نيوز للإسلاميين التونسيين ينقدون بعضهم بعضا
بجرأة، وبقسوة جارحة أحيانا وأمام الناس كافة أشعر بالفخر والاعتزاز كما قلت لأن الإسلاميين التونسيين هم الذين يقدمون المثال الحقيقي في الإيمان بالديمقراطية وحرية التعبير واحترام الرأي الآخر، ويتقدمون في هذا المضمار على كل المواقع اليسارية التي سطا بعض أهلها على الصفة الديمقراطية وكادوا يجعلونها علامة تجارية مسجلة بأسمائهم هم وحدهم فقط.

تحية إجلال وإكبار واحترام للمنابر الإعلامية الحرة التي يديرها ويشرف عليها تونسيون وطنيون من أبناء الحركة الإسلامية ومن المدرسة الإسلامية المعاصرة لما تقدمه هذه المنابر الحرة والجريئة من مثال مشرق في الإيمان بالحرية والتعددية وحق الاختلاف، وللمواقع الأخرى التي لا تحتمل نقدا خفيفا مؤدبا مهذبا كالذي نشرته بالأمس أقول: سلوككم هذا غير ديمقراطي، ومن موقع المحبة لأنكم أبناء وطني أنصحكم بالإعتراف بالخطأ واحترام حق الاختلاف والتدرب على قبول الرأي المخالف مهما كان مصدره لأن التنوع واختلاف وجهة النظر شأن إنساني خلق الله البشرية جمعاء عليه، (ولا يزالون مختلفين…. ولذلك خلقهم). وإن لم تفعلوا عنادا أو كبرا فالحمد لله الذي جعل أشهر المنابر الإعلامية التونسية المؤثرة حاليا بعيدة عن نفوذكم وعن ديمقراطيتكم المزيفة، وهنا من الظلم التعميم
ولكن الأكثرية منكم وقعت في هذا المطب.

فعن أي ديمقراطية تتحدثون

هداني الله وإياكم إلى ما فيه مصلحة البلاد والعباد؟

والله من وراء القصد