يفاجئني دائما الكم الهائل من القمع الذي مارسه ومايزال النظام السوري ضد شعبه كأحد الأنظمة القمعية التي تعمل حسب منهج واضح ومحدد وحتى أحيانا يقرب التشابه بين الأنظمة القمعية في الممارسات لحد التصور أنها جميعا تطبق قواعد مكتوبة في كتاب مطبوع وموزع على كافة الحكومات…ولكن لم أعد أتفاجأ منذ استخدام النظام السوري لآلة القتل ضد شعبه ليبرهن أن القمع المستخدم ليس له حدود فعلا وخارج عن كل القواعد الإنسانية ويبقى على الناجين أن يمارسوا حريتهم بالتعبير إما سرية أو علنا ويتحملوا مسؤولية هذه الحرية وكأنها واجب لا حق طبيعي.

كل أنواع التعبير وأشكاله تواجه بالعنف ولا يمكنك في ظل هذه الحكومة أن تنتقد حتى ممثليك في مجلس الشعب الذي تحول في سوريا إلى مجلس دمى تقتصر مهماته على التصفيق..علاء رستم الصحفي ورسام الكاركاتير الشاب كان أحد ضحايا النظام الأسدي في عام 2007 وذلك بعد قيامه برسم كاريكاتير ينتقد فيه تجديد (البيعة) لبشار الأسد ليحكم سبع سنين أخرى حكما وراثيا أخاف التونسيين والمصريين وعاشه السوريون مرتين واليوم هم في حالة (حرب) لمواجهته.

رغم وجود أسماء فنية كبيرة في مجال الرسم الكاريكاتيري السوري إلا أنهم إما يعملون حسب الأجندة أو يعتقلون ويعذبون وينفون خارج بلادهم وعودة لـ 2007 فقد رسم علاء الكاركاتير ونشره في جريدة بلدنا (الخاصة) يوم 16 أيار/ماي 2007، و يمكننا أن نجده في أرشيف رسوم اليوم في موقع بيت الكرتون العربي، في الوقت الذي لا تحتفظ الجريدة بأرشيفه.

ولكن الرسم والذي نشر بالتزامن مع موافقة مجلس (الشعب) السوري على قرار ترشيح بشار الأسد لولاية ثانية في جلسة يوم 12 أيار، و حسب ما أفاد الرسام علاء وقتها فإن الرسم قدم للجريدة قبل ذلك التاريخ، ولكن لم ينشر بسبب كثرة الإعلانات في الصفحة الأخيرة، مما أدى الى تأجيل النشر حتى يوم 16 أيار، فكان (الالتباس).

الفنان علاء رستم كان يبلغ من العمر 23 عاما وعمل في معظم الصحف السورية، و وجد حسبما أفاد جريدة بلدنا الأعلى سقف، ولم يعاني الفنان من مشاكل تذكر من حيث مستوى الحرية في جريدة بلدنا في ذلك الوقت، و وجه علاء نداء للرقابة على الصحف في سورية للتخفيف من القيود و إعطاء مزيد من الحرية وكان ذلك نداءا في الهواء طبعا حيث أن الجريدة التي تدعي الحيادية وبعدها التام عن النظام والإعلام الحكومي يملكها مجد سليمان، ابن الرئيس السابق للفرع الداخلي في المخابرات العامة اللواء بهجت سليمان، و هي جريدة قريبة من السلطات السورية، و مازالت تصدر على الإنترنت بصفحات كاملة لكن بدون كاريكاتير.

اليوم علاء يرسم ما يشاء وينشره عبر موقع الكتروني للأخبار هو أحد فريق تحريره (موقع الرادار) وطبعا مع مرور الأعوام كانت الخطوط الحمراء في سوريا تضيق أكثر فأكثر حتى تدمي من يتجرأ على قول لا أو حتى رسمها وما كان مصير رسام الكاركاتير المعروف علي فرزات سوى الملاحقة والضرب بعنف وتكسير أصابعه من قبل شبيحة النظام السوري كعقاب له على رسوماته المناهضة للنظام، في حين كان للثورة الدور الكبير في فتح أبواب لحرية التعبير وكان الرسم الكاركاتيري واحدا منها حيث أفرزت جملة من الفنانين الذي اتخذوا من الثورة السورية عنوانا لرسوماتهم و الفنان جوان .

زيرو واحدا من هؤلاء الفنانين الذين يتميزون بنقد لا للنظام وحده وإنما حتى للممارسات الخاطئة من قبل الثوار فيقول” انتقد الخطأ باي كان حتى لحبيبتي ، الخطأ لا يتجزأ”

جوان زيرو ،مواليد 1976 ، يعمل كمصمم غرافيك، بدأ رسمه الفني والنقدي في سوريا واضطر بعد تسريب اسمه والمطالبه به من قبل الأمن لمغادرة بلاده والتنقل عبر البلدان التي يصفها بأنها رخيصة ولا تحتاج فيزا باحثا فيها عن مكان يأويه، حاملا معه ريشة وقضية حيث أنه يستنكر التقصير بالنسبه للاسماء القديمه من الفنانين واصحاب الاقلام والتي كانت تدعي محاربتها الفساد بالجرائد الحكوميه نجدها الان خرساء او عوراء او عرجاء وعن تأثير الرسم الكاريكاتيري يقول:

الموسيقا لغه العالم والرسم منافس قوي أما اهدافه هي اسقاط الفساد بالنظام السوري وبناء دوله حديثه وعادله للجميع أما حلمه الشخصي فهو العودة إلى سوريا وإكمال عمله ولكن كيف لذلك أن يتحقق باستمرار النظام بكتم الأفواه وقتل الأرواح واعتقال أي شخص يتجرأ على الوقوف في وجهه ومؤخرا وتحديدا في تاريخ 2 تشرين الأول/أوكتوبر 2012 كان هناك ضحية أخرى من ضحاياه وهو الفنان السوري أكرم رسلان وهو من الفانيين الذين شهروا بعد الثورة السورية فقد اعتقلته جهات أمنية و ذكرت عدد من الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي أن الاعتقال أو الاستدعاء تم أثناء تواجده في مبنى صحيفة الفداء الحكومية حيث يعمل، و ما زال مصيره مجهولاً بحسب نشطاء.

وقالت مصدر مطلع بأن رسلان إنتقد النظام السوري برسومه الكاريكاتيرية، ثم ارتفعت وتيرة النقد في النصف الثاني من عام 2011 عندما بدأ يتناول الرئيس شخصياً في رسومه، و من لوحاته الأخيرة رسماً يجسد الرئيس الأسد و بيده لافتة كتب عليها الأسد أو نحرق البلد و النار تحيط به و تقترب منه كثيراً و قد أذابت قدميه .يذكر أن الفنان أكرم رسلان من مواليد عام 1974 في مدينة صوران التي تبعد 18 كم عن مدينة حماة، و يحمل إجازة في الآداب العامة- قسم مكتبات- من جامعة دمشق في عام 1996، عمل في عدة صحف عربية و سورية.

اليوم هناك صفحة على الفيس بوك تعمل باسم (كاريكاتير الثورة السورية) وتحتوي على 4000 رسم كاريكاتيري لفنانين عرب وسوريين ،العرب هم فنانون قدامى قاموا بتكريس ريشتهم لدعم الثورة السورية، أما بالنسبة للسوريين فمنهم قدامى ومنهم جدد ومنهم هواة أحبوا أن يشاركوا موهبتهم مع الثورة ومعظم الفنانين بالشكل العام يتابعون أحداث الثورة أول بأول ويقومون برسم الأحداث الجديدة ومن أكثر المواضيع التي يقومون بالتركيز عليها هي مدى إجرام النظام السوري بحق شعبه وكيف أن العالم يقف متفرجاً بدون أي استجابة لطلبات السوريين هؤلاء الفنانين هم:أحمد جلل، أكرم رسلان ،تميم حسن ،جوان زيرو ،حسام سارة ،خالد جلل ،خليل أبو عرفة (فلسطيني سوري) ،سعد حاجو ،سمير الخليلي ، عامر الزعبي ، علي فرزات، كاميران شمدين ،محمد عبد الله ،محمد كامل ،ياسر أبو حامد (فلسطيني سوري) ،ياسر أحمد (فلسطيني سوري) الكل يرسمون ، يحررون بريشتهم ويتحررون ومازال النظام الأسدي مستمرا ..!