antimaghreblog.jpg

لقد ألزمت نفسي تجنب زيارة المدونات التونسية عملا بمثال تونسي أصيل احتذيته ” الكلام مع اللي ما يفهمكشي ينقص من الأعمار” . عدم التفاهم هذا لا يعكس حالة تصادم مع أشخاص بقدر ما ينم عن اختلاف في الإهتمامات و تباين في الأولويات التي لكل منا رأي فيها. ثم اضطررت لزيارتها و تحمل عناء قراءة ما يكتب فيها بهدف تغطية المدونة التونسية لصالح موقع أصوات عالمية. و قد عمدت خلال تلك المرحلة، التي أحمد الله أنها لم تطل، على تعقب ما ندر من الحوارات الجادة التي تمس مسألة الحريات و الرقابة و سياسية الحجب التي تمارسها الحكومة التونسية. بعدها و عندما انتقلت إلى مهمة أخرى كما تقول لغتنا الخشبية، ركنت إلى عادتي القديمة متجنبا مشاغل المدونة التونسية و هموم مدونيها الذين، كما وصفتهم سابقا في تدوينة سميتها “المدونة التونسية: منطقة سياحية“، يدافعون عن كل قضايا الكون و يهربون من وجه قضيتهم.

لماذا أعود اليوم للكتابة عن المدونة التونسية ؟ لسبب بسيط يعود إلى تلك الدعوة التي وُجّهت للمدونين التونسيين بخصوص “تدوينة المغرب الكبير“.

حتى لا أطيل عليكم أقول باختصار:

-  بصفتي كمدوّن (منذ سنة 2002) صفة لا يزال البعض يشكك فيها نظرا لميولاتي، كما وصفها البعض، السياسية. و كأن المدونة التونسية يجب أن تكون “لا سياسية” أو لا تكون.

-  و بصفتي كتونسي، على الرغم من أن حاكمنا و مولانا ، أطال الله سنواته و عقوده و أعادها علينا بالبركة، قد حرمني من وطني و جوازي و حقوقي كمواطن تونسي،

-  و بصفتي كمغاربي ذي علاقة دموية بالمغرب العربي، فأبي تونسي و أمي جزائرية،

قررت:

-  أن أدون ضد إتحاد مغاربي يحكمه العقيد القذافي منذ 1969 ( الذي كان قد تشرف بالحديث المباشر معه أحد المدونين التونسيين من أهل “النخبة” التي سترجع يوما من جامعة أكسفورد لتتشرف بخدمة بن علي. لا أدري كيف نتشرف بمقابلة من تلوثت أيديهم بدماء الأبرياء) و الجنرال بن علي منذ 1987 و مافيا العسكر الجزائرية منذ 1961 و المخزن الملكي المغربي منذ 1961 (أكره النظام الملكي مهما كانت “شرعيته” التاريخية) و مسلسل الإنتخابات و الإنقلابات الموريتانية.

-  أن أدون ضد إتحاد مغاربي تفتقد فيه الحرية و تنتهك فيه أعراض المعارضين السياسييين و تصادر فيه الكلمة و ليست لمواطنيه أية حقوق و لجوازاتهم أية قيمة و لسيادتهم أية معنى و لساساتهم أية محسوبية.

-  أن أدون ضد إتحاد مغاربي لأني قررت، منذ بداية عهدي مع التدوين، أن أدون من أجل تونس حرة ذات برلمان حر و صحافة حرة و شعب حر، من أجل نظام جمهوري تحترم فيه الجماهير و نظام رئاسي لا يبطش فيه الرئيس، و نظام برلماني تحي فيه روح علي بلهوان و أرواح شهداء 9 أفريل 1938 الذين تظاهروا و استشهدوا من أجل برلمان تونسي حر لم نرى منه إلى المُترفين و المـُتكرشين و الشحاذين على مائدة الحزب الحاكم.

-  أن أدون لتونس التي تحتفل اليوم باغتصاب دستورها الذي صدر في غرة جوان سنة 1959 و الذي لم يلتفت إليه مدونونا لشدة اهتمامهم بأحلام المغرب الكبير.

9avril34.jpg

قبل أن أتهم بعدائي للوحدة المغاربية، دعوني أخبركم أن الوسادة التي أوسدتني خيطت بالعلم التونسي و أن أمي علمتني النشيد الوطني الجزائري قبل النشيد التونسي لأنه كان مدحا فاحشا للرئيس بورقيبة.

أعطوني تونس حرة و جزائر حرة و مغربا حرا و ليبيا حرة و موريتانيا حرة و سأعطيكم أتحادا مغاربيا حرا. حينها سموه كما شئتم : مغربا عربيا، مغربا بربريا، مغربا متوسطيا، كبيرا أم صغيرا، فهذا غير مهم. المهم يومها أنكم ستصبحون أحرارا تسمون الأشياء بمسمياتها. أما الآن، فالمغرب الممتد من ليبيا إلى موريتانيا اسمه : إستبداد و رشوة و فساد. فلنستيقظ من هذا الكابوس و لنحرّر أوطاننا، فأحلام الوحدة العربية و المغاربية و الإسلامية، ووو، لن تنبت في أرض يحكمها فــُسّادها، و يهجرها شبابها و تسكت فيه نخبها.

لهذا كله أنا أدون لتونس، ضد إتحاد مغاربي مهما علا و كبر أو دنى و صغر.