أردنا المساهمة في الاحتفالات بمرور ستين سنة على استقلال بلادنا، و كذلك على تكوين النواة الأولى لجيشنا الوطني، برصد أهم المعارك و العمليات الحربية التي خاضتها لقوات المسلحة التونسية طيلة هذه الفترة. و الدافع لذلك حسب رأينا هو أن المهمة الرئيسية للقوى المسلحة العسكرية في كل البلدان هي الدفاع على حوزة الوطن و سلامته، ويمكن أن تسند مهام ثانوية أخرى مثل التدخل لمجابهة الكوارث والمساهمة في التنمية.
فما هي المهمات والمعارك والعمليات الحربية التي قام بها الجيش التونسي منذ الاستقلال الى الان؟
للإجابة على ذلك سوف نتطرق بادئ ذي بدء إلى تحديد مجالات القوات المسلحةالتونسية ثم إلى المعارك التي خاضتها هذه القوات.
تحديد مجالات المؤسسة العسكرية التونسية
اثر الاستقلال في20 مارس 1956 واعتراف الأمم المتحدة بتونس وقبولها عضوا رسميا
في 7ماي1956، وبما أن الجيش يمثل أحد أهم دعائم السيادة فقدتم إحداث وزارة الدفاع الوطني في 3ماي 1956 والبدء في تكوين النواة الأولي له في 24 جوان 1956. و قد تكون هذا الجيش بـ:
● 850 ضابط وضابط صف وجنود الحرس الملكي آنذاك.
● 1300عسكري تونسي كانوا يعملون بالجيش الفرنسي.
● 3000 جندي من حصتي 1954 و 1955.
كما تم في أكتوبر 1956 فتح مدرسة ضباط الصف بباردو و إرسال أول دفعة ضباط إلى الأكاديمية العسكرية الفرنسية بسان سير.
وفي 10 جانفي 1957 صدر أول قانون للتجنيد بعد الاستقلال، ولعله من الجدير بالتذكير، بأنه رغم تواضع عدد وعتاد الجيش التونسي آنذاك فقد مر بفترة عصيبة من تاريخه، حيث خاض عدة معارك لتحقيق السيادة الوطنية ولإجلاء الاستعمار عن البلاد، سوف نتطرق إليها واحدة بواحدة في الفقرة الثانية من هذا المقال، لكن قبل ذلك أردنا إبراز الإستراتيجية الدفاعية التونسية وما حدد للمؤسسة العسكرية من مجالات.
وليس خافيا على الأذهان أن تلك الاستراتيجية، هي التي ساهمت بقسط كبير في جعل الجيش يقوم بمهمته الدفاعية، وجنبته العديد من العواقب الوخيمة التي تترتب عن تدخل القوة العسكرية في الحياة السياسية، يقول الصحافي الأمريكي لويس وير،في مقال حول دور الجيش التونسي “استخدمت القوات المسلحة في الشرق الأوسط والبلدان العربية في النصف الثاني من القرن العشرين لخدمة أغراض سياسية، لكن القيادة في تونس أرادت تجنب ذلك التوجه واتخذت عدة إجراءات قانونية مؤسساتية من اجل تحديد مجال عمل المؤسسة العسكرية ومن ذلك :
● جعلت الموارد المخصصة للجيش كافية لمهمة الدفاع عن البلاد ولم تركز على اقتناء معدات هجومية.
● نظرا للضغوطات الديمغرافية، تم تشجيع تشريك المؤسسة العسكرية في بناء البلاد وتنميتها.
وقد بقيت القوات المسلحة التونسية وفية لمبادئها إلى حد الآن، كما تم ضبط إستراتيجية الدفاع الشامل انسجاما مع ما سبق ذكره للحفاظ على استقلال البلاد وثرواتها البشرية و المادية.
وهذه الخطة تتطلب الاستعداد الدائم لكل القوات الحية بالبلاد للدفاع ضمن خمس مجالات :
● الدفاع الاقتصادي: حماية الاقتصاد وجعله قادرا على تغطية حاجات البلاد زمن السلم وزمن الحرب.
● الدفاع المدني: دعم السلط وحماية الِمؤسسات و ضمان الأمن الداخلي والنظام العام.
● الدفاع الاجتماعي: قيام كل مواطن بواجباته ومنها الدفاع على حوزة الوطن، وضمان تعلقه بالمجتمع التونسي.
● الدفاع العسكري: يعود ذلك للقوات المسلحة يعززهاجيش الاحتياط.
● الدفاع الدبلوماسي: بتعزيز مكانة تونس و إشعاعها بين الدول وخدمة التضامن والأمن والسلم.
و تندرج مشاركة تونس في المهمات الأممية ضمن هذا الاطار.
وتتلخص مشاركة القوات المسلحة التونسية منذ تكوينها في المهمات التالية:
1- الكونغو: أول مهمة حفظ سلام تحت لواء الأمم المتحدة في بعثتين للتراب الكنغولي :
● البعثة الأولى: من 15 جويلية1960 إلى جويلية 1961 بـــ2261 عسكري.
● البعثة الثانية: بداية من جانفي 1962 إلى مارس 1963 بـــ 1100 عسكري لحفظ مخيمات اللاجئين هناك.
2- المشاركة في حرب جوان 1967: بفيلق عسكري عمل إلى جانب القوات المصرية.
3- مراقبة وقف إطلاق النار بالأردن: ساهم الجيش في سنة 1970 في مهمة وقف إطلاق النار بين القوات الأردنية والفلسطينية إلى حين توقيع اتفاقية سلام بين المتنازعين.
4- المشاركة في حرب أكتوبر 1973: في أكتوبر 1973 شاركت تونس إلى جانب القوات العربية بفيلق مشاة محمولة عدده 1100 فردا وفي جانفي 1974 أرسل فيلق القوات الخاصة لتعويض الفيلق المذكور. وعاد فيلق القوات الخاصة في 19 ماي 1974.
5- كمبوديا : أرسل فيلق مشاة محمولة سنة 1992 إلى كمبوديا لنزع أسلحة القبائل الكمبودية المتنازعة وعاد الفيلق في 7نوفمبر1993.
6- الصومال : في 1991 أرسل 143 عسكريا تونسيا للمشاركة في مهمة حماية القاعدة اللوجسكية للقوات المتعددة الجنسيات بعاصمة الصومال وعادت القوات في فيفري 1994.
7- بورندي : شاركت بعثة متكونة من 4 ضباط و ضابط صف في مهمة حفظ السلاح بهذا البلد من يوم 4 جانفي 1994 إلي أوت 1995.
8- رواندا : شاركت القوات المسلحة التونسية بداية من 16 أوت 1993 إلى 9 ديسمبر 1995 بـ844 عسكريا.
9- ساحل العاج: 4 ضباط من 2003الى الان.
جمهورية الكونقو الدمقراطية: شاركت تونس في حفظ السلام ثانية من ماي2000ومازالت المهمة متواصلة.
وقد تم تشريف بلادنا باسناد مهمة ممثل الامين العام للامم المتحدة للسيد كمال مرجان،وزير الدفاع الوطني من1999الى2002
ومن الناحية القانونية، فقد ورد بمجلة المرافعات والعقوبات العسكرية الصادرة في جانفي1957 (اثر الاستقلال مباشرة) ما يدل أن المشرع التونسي أراد تكريس المبادئ المذكورة انفا، حيث اقر أن الصفة العسكرية تتنافى مع الانتماء إلى الأحزاب السياسية ونشر المقالات وإلقاء الخطب و الاشتراك في الاجتماعات حسب المادة 128 من المجلة المذكورة.
أما المعطيات الرقمية للميزانية التونسية منذ الاستقلال إلى الآن فقد بينت ان الأولوية اعطيت للقطاع الاجتماعي (الصحة – التعليم) وهو خيار منطقي و ناجح.
الميزانية | 1960 | 1995 | 2005 |
---|---|---|---|
ميزانية الدولة | 164 مليون دينار | 6595 مليون دينار | 1299 مليون دينار |
ميزانية الدفاع | حوالي 20 مليون دينار | 241 مليون دينار | 287 مليون دينار |
المعارك التي خاضها الجيش التونسي منذ تكوينه إلى الآن
● الاشتباكات على الحدود الغربية 1956 – 1958
● معركة رماده
● معركة برج الخضراء
● معركة بنزرت
●حوادث 1978، 1980 و 1983.
1- الاشتباكات في الحدود الغربية 1956 – 1958 : نشبت هذه الاشتباكات بسبب مساعدة وحدات الجيش التونسي المجاهدين الجزائريين ضد الجيش الفرنسي، الذي أراد القيام بعمليات عسكرية داخل التراب التونسي لمنع هذه المساعدة، ومن هذه الاشتباكات:
● عين دراهم يوم 31 ماي 1957
● عين الخنفة يوم 2 جانفي 1958
● قصف قرية سيدي يوسف بالطائرات يوم 8 فيفري 1958و استشهد منها حوالي مائة تونسي.
2- معركة رماده :اثر محاصرة الجيش الفرنسي بالجنوب داخل ثكناته كسر الفرنسيون الحصار باحتلال قرية بئرعمير 40 كلم جنوب رمادة.
و تمكنت القوات التونسية من استرجاع القرية يوم 19 ماي1958 وحاصرت القوات الفرنسية بحامية رماده، ولجأ الفرنسيون إلى استعمال الطيران لفك الحصار.
3- معركة برج الخضراء: اثر معركة رماده تأزم الوضع بين فرنسا وتونس، أعلمت القوات التونسية ببرج الخضراء الفرنسيين انه لا يمكن لهم التزود بالماء من البئر بالتراب التونسي فقاموا بالهجوم يوم 20 جويلية 1961على الثكنة هناك و استمرت القوات التونسية في الدفاع عليها حتى دحرت الفرنسيين أرجعتهم من حيث أتوا. واستشهد في هذه الواقعة 13 عسكري.
4- معركة بنزرت: بعد محادثات أكتوبر 1956 مع الحكومة الفرنسية بشأن جلاء جنودها، تم الجلاء عن توزر والقيروان وجندوبه في جويلية 1957، لكنها أرادت الإبقاء على بنزرت تحت سيطرتها.
و عندما شرعت فرنسا في تمديد مسالك هبوط طائرات قاعدة سيدي احمد ببنزرت جندت الحكومة التونسية حوالي 20 ألف متطوع و أعلنت قطع العلاقات مع فرنسا.
وبدأت المعركة يوم 19 جويلية 1961 عندما أسقطت المدافع التونسية طائرة عمودية فرنسية حلقت فوق المواقع التونسية.
و عند قصف طائرتان مطاردتان فرنسيتان أماكن انتصاب القوات التونسية بدوائر بنزرت، رد الجيش التونسي بقصف قاعدة سيدي احمد بالمدفعية.
و تواصلت المعارك إلى يوم 22 جويلية 1961 وأوقفها قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة الذي أدان فرنسا و طلب جلاءها، كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها لفائدة تونس في 27 أوت 1961.
وفي يوم 15 جويلية1961 تم جلاء القوت الفرنسية من بنزرت ومن كامل تراب الجمهورية.
وقد أسفرت هذه المعركة على 670 شهيد و1115 جريح.
أحداث 1978-1980-1983: وقعت في تونس العاصمة أحداث شغب ثر خلاف بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، كما وقعت حوادث بمدينة قفصه تمثلت في هجوم مجموعة مسلحة على ثكنة المدينة في حانفي 1980.
و في 3 جانفي 1984 و وقعت حوادث أخرى للرفع في.
وطول هذه الازمات الثلاث، ساهمت القوات المسلحة التونسية بقسط كبير في حفظ النظام بالبلاد وتدخلت لمؤازرة قوات الأمن الداخلي وإنهاء الاضطرابات وإعادة الأمن للبلاد.
يقول الصحافي الأمريكي لويس وار : «وقد بقيت القيم الحية راسخة في وحدات القوة العسكرية خلال الأخطار التي واجهتها البلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي خلال فترة أحداث الثمانينات».
ملاحظة: سوف نفرد الدور المحوري للجيش التونسي من 2011 الى الان بمقال موالي.
برشة اخطاء في التوارخ يا طاهر.صحح او اسحب.
ليس غريبا أن يقوم الكاتب (وهو عسكري سابق) بالمرور مرور الكرام على الدور المحوري الذي لعبه الجيش “التونسي” في حماية النظام القائم باستعمال الرصاص ضد المواطنين العزّل. ففي جانفي 1978 (أحداث الخميس الأسود)، جانفي 1984 (أحداث الخبز) وجانفي 2011 (انتفاضة المهمشين*) وجّه هذا الجيش سلاحه إلى صدور مواطنيه ليسقط ما يزيد عن الألف من الشهداء في أحداث جانفي 1978، ستمائمة في أحداث جانفي 1984، و 364 في أحداث جانفي 2011. ولولا ألطاف الله لكان عدد الشهداء في 2011 يعدّ بعشرات الآلاف، فلولا ما قام به الظابط سامي سيك سالم في المسارعة بتمرير السلطة للغنوشي لحصل للتونسيّين ما يحصل منذ سنوات للسوريين واليمنيين وغيرهم من شعوب العربان المنكوبة. وهل يجب التذكير بمحتوى المحادثات الهاتفية التي كشفت غضب ذلك الجنرال البائس رشيد عمار عندما علم بما قام به سيك سالم وما فعله بعد ذلك بالرجل عقابا له على طيّ صفحة بن علي عبر “الدستور”؟ (تذكروا قولة “تونس مرّت بجانب “حمام الدم”!). صحيح أنّ الجيش “التونسي” قد دفع ثمنا باهضا في محاربته للإرهاب (وأغلب شهدائه من الجنود المتطوعين، أبناء الفقراء والجهات المهمشة) لكن لا يجب تقديس هذه القوات النظامية التي لا تختلف كثيرا عن بقية جيوش العربان من حيث العقيدة، فعندما يتعلق الأمر بحماية النظام الحاكم ودوائر المال والأعمال وشبكات الفساد التي تقوم عليها دويلات العربان لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص وجنازير الدبابات!!
(*) حسب تقرير لجنة بودربالة لتقصي الحقائق، سقط أكثر من ثلثي شهداء انتفاضة 2011 برصاص الجيش “التونسي”. هذا ليس دفاعا عن بوليس 7 نوفمبر المتوحش وإنما وقائع من الواجب تذكّرها في مثل هذه المواقع، وهذه من الحقائق المغيّبة تماما منذ سنوات
ملاحظة حول الظفرين: الجيش الذي يوجّه سلاحه إلى صدور مواطنيه لا يمكن أن يكون وطنيا
انا فضيلة مسعي ابنة مجند مع محمد القمودي احمد الصغير بن علي المكي محمدي و كان يجري معه و متميزا لكن جدتي منعته من السفر مع محمد القمودي ..ابي يعشق الحياة العسكرية و قد توفي لكن يهمني جدا تاريخه هل احد عند المساعدة..مودتي