في خضم ما تشهده تونس من انفجار للحركات الاحتجاجية المتصاعدة على مستوى الجهات نتيجة احتقان الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، جاء إعلان فرنسا عن تفعيل قرار تحويل جزء من المديونية التونسية إلى مشروع تنموي، ليعيد إلى واجهة الأحداث معضلة المديونيّة المفرطة التي تردّت فيها تونس نتيجة السياسات المتبعة بهذا الشأن من الحكومات المتعاقبة بعد الثورة.
ويجدر التذكير في هذا الصدد بالمقالات التي سبق لي نشرها خلال شهر مارس 2015 للتنبيه من مخاطر استفحال المديونيّة التونسية إلى مستويات تتجاوز قدرات تونس على التسديد وتهدد سيادتها واستقلالية قرارها في تحديد خياراتها ورسم سياساتها الاقتصادية والإجتماعية، وهذا التشخيص ينسجم مع مواقف جل الخبراء والمختصين وعديد الجامعيين والاقتصاديين التونسيين والأجانب الذين كان بعضهم سباقا في إثارة هذه المعضلة غداة اندلاع الثورة محذرين من مغبّة انهيار التوازنات الماليّة الكبرى للدولة في حالة المضي في تكريس سياسة النظام السابق القائمة على سد العجز المزمن في الميزانية باللجوء إلى المديونية الخارجية.
و الملاحظ ان تبعية تونس إزاء التمويلات و الاستثمارات الخارجية هي نتيجة حتمية لأزمة المديونية لمطلع الثمانينات التي أدت الى خضوع تونس لأول مرة للبرامج و القروض المشروطة لصندوق النقد الدولي و ما ترتب عنها من ارتهان للقرار السيادي الوطني نتيجة تقلص موارد الدولة بفعل تكريس سياسة الخوصصة والانخراط في العولمة الاقتصادية و التبادل الحر من بوابة الشراكة مع اوروبا.
الحقائق المخفية لأزمة المديونية
لكنه لم يسبق ان بلغت المديونية الخارجية لتونس هذه الدرجة من الخطورة بعد خروجها الكلي عن السيطرة نتيجة سوء ادارة هذا الملف غداة الثورة باللجؤ المفرط للاقتراض و التداين الخارجي و الخضوع مجددا منذ 2013 للقروض المشروطة لصندوق النقد الدولي مع الإشارة الى اعتزام الحكومة ابرام برنامج تمويلات جديد مع هذه المؤسسة للسنوات الأربع القادمة.
و في ظل هذه الظروف من الهشاشة الاقتصادية و المالية ألقصوى تستعد تونس للتفاوض مع الإتحاد الأوروبي حول إتفاق التبادل الحر الشامل و المعمق مما قد يضطرها للقبول بتوسيع هذه الشراكة على نحو مضر بالمصلحة الوطنية خاصة و أن الاقتصاد التونسي غير مهيئا لتحمل المنافسة الأوروبية غير المتكافئة.
و على صعيد متصل تجدر الإشارة الى الدراسة الصادرة أواخر 2015 عن الخبير و النائب بمجلس نواب الشعب الأستاذ فتحي الشامخي المؤكدة على الطابع الهيكلي لازمة المديونية و المنحى التصاعدي الخطير الذي اتخذته بعد الثورة.
غير ان المسؤولين الحكوميين يتمسكون بهذه السياسة بحجة انه لا توجد بدائل أخرى متاحة لتونس كما ترفض الحكومة الخوض في اقتراح حزب الجبهة الشعبية الداعي لتعليق تسديد الديون لمدة ثلاث سنوات مع إجراء تدقيق لتحديد نسبة الديون القذرة للنظام السابق التي يجيز العرف و القانون الدولي النظر في سبل الغائها.
هذا المقال لا يدعي تقديم الحلول السحرية لمعضلة المديونية و لكنه سيسلط الأضواء على اقتراح اعتقد انه جدير بالعناية و الاهتمام وهو صادر عن الاستاذ الجامعي عبد المجيد عمار في كتابه المنشور سنة 2014، و يلتقي هذا الاقتراح مع فكرة تحويل جزء من الديون التونسية الى مشاريع تنموية و لكنه يتعلق بما يسمى بالتحويلات الصافية اي المبالغ الاضافية التي غالبا ما تدفعها سنويا تونس الى دائنيها إضافة الى الأقساط المدفوعة اصلا و فائدة لتسديد خدمة الدين مما يجعلها دولة مصدرة للأموال و غير مستفيدة من الاقتراض الخارجي.
الجدير بالتذكير ان السلطات الجديدة آثرت الاستمرار في نفس السياسات والتوجهات الاقتصادية المتبعة قبل الثورة وتعهدت في هذا الاطار بتسديد مديونية النظام السابق و ذلك بحجة الحفاظ على الترقيم السيادي لتونس الذي يخوّل لها الاقتراض غير المشروط من الأسواق الماليّة الدولية.
وجاء هذا الموقف ردا على مواقف الأطراف السياسية التونسية المطالبة بإجراء تدقيق في المديونية بناء على نظريّة المديونية القذرة لكن الجهات الرسمية تدعي ان هذا الخيار سيؤدي الى فقدان تونس لإمكانيات الحصول على مساعدات و قروض جديدة من شركائها الاستراتيجيين ومن المؤسسات المالية الدولية.
غير أنّ خيار المضي في تسديد المديونية ألقديمة بحجة ضمان استمرارية ألدولة لم يحل دون انهيار الترقيم السيادي لتونس واضطرارها للخضوع مجددا منذ 2013 للبرامج “ألإصلاحية” والقروض المشروطة لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي وكذلك الشأن بالنسبة للقروض و التمويلات الممنوحة لبلادنا من مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
والملاحظ أنّ لجوء تونس المتزايد إلى المديونية الخارجية لتغطية العجز في الميزانية و النفقات العامة وتسديد مديونية النظام السابق، أدّى إلى ارتفاع مفزع في الحجم الكلي للديون الخارجيّة المقترضة خلال الخمس سنوات الماضية وذلك بالتوازي مع التدهور المستمر لكافّة المؤشرات الاقتصادية وخاصّة منها نسبة النمو التي تناهز الصفر بالنسبة للعام المنقضي ونسبة التداين قياسا بالناتج المحلي الإجمالي.
تضاعف حجم المديونية التونسية منذ اندلاع الثورة
وفي هذا الصدد، تفيد أرقام ميزانية 2016 أنّ تونس ستخصص، على غرار السنة الماضية، ما قدره 5130 مليون دينار أي ما يعادل 2.13 مليار أورو لتسديد المديونية ، أصلا وفائدة، مع الإشارة إلى أنّ ذلك المبلغ يساوي الميزانيات المجتمعة لوزارات الصحة، والشؤون الاجتماعية، والتشغيل والتكوين المهني، و التنمية، والبيئة، والنقل، والتعليم العالي،الى جانب الثقافة والسياحة.
و يجدر التذكير بتصريحات صادرة مطلع 2014 عن النائبة الأوروبية Christine Vergiat حيث حذرت من انفلات المديونية التونسية بعد الثورة الى مستويات خطيرة منددة بموقف الدول و المؤسسات الرئيسية المقرضة ومن بينها فرنسا التي تساهم في اغراق تونس بالتمويلات المشروطة وبالديون القذرة التي يخصص جلها لتسديد الديون القديمة بما يضمن للإطراف الدائنة استرداد الاقساط السنوية المستحقة من القروض الجديدة الممنوحة لتونس، و اوضحت في هذا الصدد ان الاموال المدفوعة بعنوان تسديد الديون خلال السنوات الثلاث الاولى الموالية للثورة تتجاوز ب 2.5 مليار اورو ما تلقته تونس في شكل قروض جديدة بالنسبة لنفس الفترة.
وهكذا يتضح أنّ الميزان السنوي للمديونية التونسية أضحى في الغالب سلبيا بسبب ارتفاع خدمة الدين و إعطاء الحكومات المتعاقبة بعد الثورة الأولوية المطلقة لتسديد المديونية الخارجية على حساب التنمية علما أنّ الأرقام الرسمية تشير إلى تضاعف كتلة الديون منذ اندلاع الثورة لترتفع من 25 مليار دينار (حوالي 11.2 مليار أورو) إلى 50.3 مليار دينار (22.6 مليار أورو) وهو ما يناهز 53% من الناتج المحلي الإجمالي. لكن النسبة الأوفر لهذه الأموال، أي ما يقارب 82% رصدت لتسديد الاقساط السنوية المستحقة لمديونية النظام السابق وذلك في شكل تحويلات سلبية صافية لصالح الدائنين.
وستتصاعد هذه النسبة بداية من العام الجاري مع انطلاق تسديد مديونية فترة حكم الترويكا التي قد ترتفع لتصل إلى 8 مليار دينار بداية من السنة القادمة وفقا لتصريحات وزير الاقتصاد والمالية السابق حكيم بن حمودة وكذلك تصريحات المسؤولين الحكوميين الحاليين الذين صرحوا بأنّ تونس قد تصبح عاجزة مستقبلا عن الإيفاء بتعهدات المديونية في حالة استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية وتواصل عزوف المستثمرين الأجانب وعدم إيفاء الأطراف الدوليّة بالتعهدات التي قطعتها على نفسها غداة الثورة بإغاثة الاقتصاد التونسي من خلال برنامج ضخم للتمويلات الموعود بها أثناء قمّة دوفيل لمجموعة السبعة المنعقدة بفرنسا في ماي 2011.
ويجدر التذكير بأنّ تونس جددت مساعيها لدى مجموعة السبعة للدول الصناعية الكبرى خلال قمّتها المنعقدة بألمانيا في شهر جوان 2015 حيث طلبت مدّها بقروض بشروط ميسّرة لمواجهة اوضاعها المالية الصعبة وفقا للوعود المقدمة غداة الثورة، لكنه يبدو أنّه لم تقع الاستجابة لهذه المساعي بدليل أنّ محافظ البنك المركزي أعلن أنّ تونس ستلجأ مجددا إلى صندوق النقد الدولي بعد استيفاء صرف اقساط القرض الائتماني المبرم سنة 2013 والبالغ 1.7 مليار دولار.
عدم احترام تعهدات مجموعة السبعة زاد في تفاقم أزمة المديونية
وعلى صعيد متصل، أخفقت مساعي تونس لإسترجاع الأموال المهربة الى الخارج إبان الدكتاتورية وذلك رغم أن هذا الملف كان ايضا محل تعهدات للدول الصناعية الكبرى لمجموعة السبعة التي التزمت اثناء قمتها المشار اليها المنعقدة بمدينة دوفيل الفرنسية سنة 2011 ببرنامج مساعدات مالية ضخمة لتونس بشروط ميسرة لمساعدتها على انجاح الانتقال الديمقراطي و كذلك بإعادة هذه الأموال المنهوبة مقابل إستمرار تونس في تسديد الديون القديمة و تمسكها بنفس السياسات الاقتصادية القائمة على إنتهاج منظومة اقتصاد السوق والتبادل الحر وتوسيع الشراكة مع الاتحاد الأوروبي من خلال إتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق الجاري التفاوض بشأنها منذ شهر أكتوبر المنقضي.
لكنه و بدلا من إسترجاع الأموال المنهوبة فان نزيف تهريبها إلي خارج تونس إزداد نسقه بعشرين في المائة بعد الثورة قياسا بعام 2011 ليصل إلى 1993 مليار دولار سنة 2013 أي بمعدل سنوي يبلغ 1684 مليار دولار وفقا لتقرير صادر في ديسمبر 2015 عن الجمعية الحكومية الأمريكية Global financial integrity التي تكشف أيضا أن مجمل المبالغ المهربة قبل الثورة وبعدها بلغ 60 مليار دولار لم تسترجع منه تونس إلاّ النزر اليسير بسبب قلّة التعاون من الدول الحاضنة لهذه الأموال من ناحية ومن ناحية اخرى ضعف الإرادة السياسية لدى المسؤولين التونسيين لمقاومة الفساد و لمتابعة هذه الملفات بما تقتضيه الأوضاع المالية المتدهورة لتونس، من حزم ومثابرة.
وبعد إندلاع الموجة الأخيرة من الاحتجاجات الاجتماعية انطلاقا من مدينة القصرين، أعلنت فرنسا عن تفعيل مبادرة قديمة قدمت سنة 2013 بتحويل مبلغ رمزي من ديون تونس لديها (60 مليون أورو) إلى مشروع انجاز مستشفى بمدينة قفصة، و تجدر الشارة الى ان هذا المبلغ لا يشكل سوى قسط يسير من التحويلات السنوية الصافية المدفوعة من تونس لصالح فرنسا بعنوان تسديد الديون القديمة المستحقة.
كما اعلن بنفس المناسبة عن برنامج مساعدات مالية فرنسية لتونس في شكل قرض بقيمة مليار اورو تصرف خلال السنوات الخمس القادمة ، و اذا لم يحصل تغيير في كيفية ادارة تونس لملف المديونية الخارجية فان هذه الإعتمادات ستهدر كما حصل في السابق دون أي مردود إيجابي او إستثماري لصالح تونس.
ما هي حقيقة تحويل القروض إلى مشاريع تنموية ؟
في حقيقة الأمر كانت ألمانيا أول شريك أوروبي يلتزم سنة 2012 بتحويل ثلث الديون التونسية إلى مشاريع في حدود 60 مليون اورو وتم التنازل الفعلي عن الاعتمادات في ماي 2013 ، و كما هو الشان بالنسبة لفرنسا فان هذا المبلغ يساوي في الواقع ما تدفعه تونس سنويا من تحويلات صافية لصالح المانيا تضاف الى اصل الدين و الفوائد.هذا و قد اتخذت الحكومة البلجيكية خطوة مماثلة سنة 2014 حيث تنازلت عن 10،6 من مجمل الديون المتخلّدة بذمة تونس والبالغة 13،3 مليون أورو. أما إيطاليا، فقد أعلنت سنة 2015 في أعقاب هجوم باردو الإرهابي عن إلغاء ديون تونسية بقيمة 25 مليون أورو.
وبالعودة إلى القرار الفرنسي، فإن المبلغ المحوّل يعتبر زهيدا قياسا بجملة الديون المتخلدة بذمة تونس إزاء فرنسا وهي مقدّرة بـ1،5 مليار أورو علما أن فرنسا هي من المقرضين الرئيسيين و من أكبر المستفيدين من الأسواق التونسية باعتبارها أول شريك تجاري واستثماري لتونس داخل الاتحاد الأوروبي.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى الكتاب الصادر سنة 2014 حول المديونية التونسية بإمضاء الأستاذ الجامعي التونسي المتخصص في القضايا المالية عبد المجيد عمار وهو بعنوان l’endettement extérieur Tunisien-L’engrenage fatal ويكشف هذا الكتاب حقائق مثيرة حول معضلة المديونية ومن بينها أن إرتفاع المديونية إلى مستويات خطيرة تتعدّى القدرة على التسديد ـ كما هو الحال بالنسبة لتونس ـ تؤدي إلى تحوّل الدولة المدينة إلى مصدر للأموال حيث تتجاوز المبالغ المدفوعة سنويا إلى الأطراف الدائنة أصلا وفائدة ما يتحصل عليه الطرف المدين في تلك السنة من القروض الجديدة التي يعاد تحويل الجزء الكبير منها إلى الأطراف المقرضة لتسديد القروض القديمة.
وهذا هو الواقع المأساوي الذي تعيشه تونس بدرجات متفاوتة من الخطورة منذ نهاية الثمانينات وقد ازداد الأمر تعقيدا بعد الثورة مع الارتفاع المطرد للتحويلات الصافية التي بلغت 2،5 مليار أورو بالنسبة للسنوات الثلاث الأولى الموالية لاندلاع الثورة وهي في تزايد مستمر. وهذا ما يفسر إضطرار تونس حاليا إلى تخصيص مبالغ طائلة تتجاوز 80٪ من القروض الجديدة لتسديد أعباء القروض القديمة.
أما التحويلات التونسية الصافية بالنسبة للفترة ما بين 1988 و2010 لصالح المقرضين، فقد بلغت 6534 مليون دينار أي بمعدل سنوي سلبي يساوي- 284 مليون دينار.
وإعتبارا إلى أن المديونية التونسية لم تعد والحالة تلك ذات جدوى إقتصادية لعدم توظيفها لبعث مشاريع استثمارية، يقترح الكاتب المذكور الدخول في مفاوضات مع الأطراف المقرضة لتحويل المبالغ السنوية الصافية المستحقة لهم إلى مشاريع تنموية لصالح الجانبين.
وعلى ضوء البيانات الواردة في هذا الكتاب، المنقولة عن تقرير للبنك العالمي، يتضح أن التحويلات الصافية من تونس لصالح الدائنين الرئيسيين كانت سلبية وهي على النحو التالي بالنسبة للفترة 1994 ـ 2010 حيث بلغت 1340 ـ مليون دينار لصالح الولايات المتحدة الأمريكية و1030 ـ م د لصالح ألمانيا و516 ـ م د لفائدة فرنسا و506،6 ـ م د لصالح اليابان وكذلك 459،8 ـ م د لفائدة إيطاليا.
وهذا دون احتساب التحويلات الصافية المستحقة والمدفوعة خلال السنوات الأخيرة الموالية للثورة و المقدرة ب 2.5 مليار اورو سنة 2014. وبالتالي فإن المبالغ المستحقة من الديون التونسية المعلن عن طرحها أو تحويلها إلى مشاريع تنموية من قبل ألمانيا وإيطاليا وأخيرا فرنسا هي في واقع الأمر جزء يسير من مجمل التحويلات الصافية التي تكبدتها و ما زالت تتكبدها تونس لصالح هذه الدول منذ الثمانينات وخلال الثلاثة عقود الماضية فضلا عن السنوات الموالية للثورة.
و اعتبارا لقبول الدول المذكورة لمبدأ تحويل الديون لمشاريع تنموية و تأكيداتها المتكررة على الرغبة في مساعدة تونس على تخطي أوضاعها الاقتصادية و المالية الصعبة ، فانه يمكن لتونس ان تسعى لدى هذه الاطراف للنظر معها في الصيغ الكفيلة بإيقاف نزيف التحويلات السنوية الصافية نهائيا بتحويلها بصفة آلية الى مشاريع تنموية انتاجية يتم الإتفاق عليها وفقا لسلم أولويات تحدده الدولة التونسية. و يمكن ايضا النسج على هذا المنوال بالنسبة لكافة المبالغ المحولة بنفس العنوان بعد الثورة أخذا بعين الاعتبار أن تونس إستمرت في تسديد الديون القديمة دون الحصول في المقابل على أموالها المنهوبة و القروض الميسرة الموعود بها في قمة دوفيل.
الحل الجذري لمعضلة المديونية يحتاج الى الوحدة الوطنية و مراجعة الخيارات الإقتصادية
إلا أن هذا الإقتراح لا يشكل حلا جذريا لمعضلة المديونية التي تحتاج إلى مقاربة متكاملة تشمل مراجعة جذرية لسياسة التداين المفرط و للسياسة الإقتصادية و التنموية و لعلاقات الشراكة و التعاون مع شركائنا الإستراتيجيين فضلا عن مقاومة الفساد المستشري و المتنامي بالنجاعة المطلوبة. كما تحتاج الى مراجعة حصيلة العلاقات المختلة مع الاتحاد الاوروبي و المؤسسات المالية الدولية و ايضا ايجاد السبل الكفيلة بإيقاف نزيف تدفق الثروات خارج تونس و منها تحويل المرابيح لصالح المستثمرين الأجانب بما فيها التحويلات غير القانونية المندرجة في إطار تهريب الأموال المتواصل بنسق تصاعدي و غير ذلك من التدابير الضرورية لتجنب الإفلاس و إستعادة تونس لعافيتها المالية و الاقتصادية.هذا و تحتاج تونس أيضا إلى إسترداد استقلالية قرارها الوطني بما يجعلها قادرة على الصمود أمام الضغوط الخارجية و الدفاع عن مصالح تونس خاصة أثناء المفاوضات المصيرية مع شركائنا الرئيسيين و تحديدا مجموعة السبعة و الاتحاد الاوروبي.
وخلاصة القول إن معضلة المديونية يفترض ان تتحول الى قضية جامعة ذات اولوية على المستوى الوطني و أن تتبلور بشأنها حلول توافقية تحظى بدعم القوى السياسية الفاعلة و تراعي كافة العناصر الداخلية و الخارجية ذات الصلة و ذلك على نحو يقطع مع حالة الانقسام و التشرذم الحالية خاصة بعد ثبوت فشل السياسات الحكومية المتبعة بهذا الشأن بعد الثورة و عدم ايفاء الأطراف الخارجية بتعهداتها إزاء تونس مما يتطلب تكوين جبهة داخلية صلبة تسمح لتونس بالدفاع عن مصالحها اثناء الاستحقاقات و المواعيد المقبلة و منها خاصة مجلس الشراكة مع الإتحاد الأوروبي.
Il est évident qu’un banquier ne pourra s’engager dans des solutions uniquement profitables aux emprunteurs… c’est valable pour les banques au niveau des crédits de consommation mais aussi à échelles entre les pays … l’idée de réviser structurellement la question de la dette souveraine avec l’idée d’une profitabilité mutuelle parait pour moi un état de conscience très naïve, vu le déroulement des événements, des grands événements financiers et militaires au niveau mondial.
L’impossibilité d’aller à des négociations profondes qui fondent une nouvelle manière de faire avec les pays endettés jusqu’au coup (dépourvus de toute souveraineté sur leurs décisions nationales), n’est pas pour moi que question (de dominant-dominé). Cette impossibilité est nourrie chez les grands comme chez les pays comme la Tunisie, par le sentiment d’être en danger, en crise, menacés … à titre d’exemple depuis la crise en 2007 (les supers primes) aux USA et puis en 2008 la crise économique mondiale, François Bayrou a parlé pour la France du danger de la dette souveraine… il a attirer l’attention … mais personne ne l’a cru … pour qu’en 2010 vient Nicolas Sarkozy alors président de la république pour évoquer le danger de la dette souveraine … vient l’idée en France de la RGPP , la révision générale des politiques publiques, avec toutes ses conséquence fâcheuse sur l’emploi, la couverture sociale, … .
Pour moi, le sentiment de chacun de se voir menacé empêche les deux partis de travailler sérieusement sur une solution qui profitera aux deux parties. Le cas grec est un exemple. A titre d’exemple sur les 280 milliards mis à disposition de la Grèce, plus de 80% sont de versements net –négatifs certes comme vous le dites dans l’article pour la Tunisie-, les 20% restant n’iront pas uniquement pour l’investissement, une grande partie partira pour pays les salaires des fonctionnaires. 700 mille ou presque des fonctionnaires en Tunisie, et bien il faut les nourrirent.
Et puis, si nous restons dans la logique économique, les bailleurs de fonds FMI, … et pays comme la France, l’Allemagne … pourrons s’assoir avec la Tunisie pour discuter sur une solution à profitabilité mutuelle, si la Tunisie met dans sa pratique économique/fiscale/développement une solution nationale qui apportera du concret positif dans les mécanismes de gouvernances et dans l’avancement des projets de développement (donc la création de l’emploi). Et là encore ce n’est pas gagner, le tout ne pas gratuit, faut-il que les alliés du sud –la Tunisie…- épousent les mêmes projets stratégiques aux grandes puissances. La coopération ouverte avec l’UE, le fait d’être membre –sous une forme bizarre dans l’OTAN, … mais faut-il convaincre ? le fait de ne pas ouvrir le ciel et terre tunisiens aux forces occidentales pour attaquer en Libye, c’est chose vue d’un mauvais œil par l’oncle SAM et …
Pour arriver en Tunisie à une solution nationale crédible au niveau de faire avec la dette souveraine, l’actuelle démocratie à justifier. Donc il faut chercher un consensus… le front populaire pourra venir avec des milliers de propositions, d’autres partis et famille politiques aussi pourront faire des propositions … mais faut-il s’entendre sur le peu qui les réunit…
Il y a beaucoup à dire…
Juste, une chose : les prépositions (plans) des grands envers les pays du sud endettés, sont des mécanismes de paupérisation économiques par excellence… rien ne marchera sans la lutte contre les mécanismes d’el fassed … rien ne marchera sans mettre fin à une situation, que les 2/3 des recettes iront aux salaires des fonctionnaires … c’est une logique horrible qi gouverne la Tunisie …
Sachant que des débuts de solution et dès maintenant, sont possible… mais faut-il avoir la volonté politique commune.
Merci pour votre article.
Pour arriver en Tunisie à une solution nationale crédible au niveau de faire positivement vers une solution de sortie, de la dette souveraine, l’actuelle démocratie à justifier de ses limites. Donc il faut chercher un consensus… le front populaire pourra toujours venir avec des milliers de propositions, d’autres partis et familles politiques aussi pourront faire des propositions … mais faut-il s’entendre sur le peu qui les réunit…