حكومة علي لعريض تختار السير على خطى بن علي وعصاباته من خلال التنكيل بالمستشارين الجبائيين والالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا
بقلم الاسعد الذوادي،
اختارت حكومة علي لعريض ان تسير على هدى بن علي وعصاباته من داخل وخارج الادارة حين قررت الامعان في التنكيل بالمستشارين الجبائيين والالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية من خلال عدم المصادقة على مشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة في 31 ديسمبر 2013 والمعد منذ سنة 1994 بعد ان اختارت تعطيله في مرحلة اولى خلال جلسة العمل الوزارية المنعقدة في 24 جوان 2013 نتيجة على الاقل لجهل الحاضرين بتلك الجلسة التي تراسها رضا السعيدي بفحوى الراي الاستشاري عدد 495/2012 الصادر في شهر اوت 2012 عن المحكمة الادارية والذي اوضحت فيه دون لبس ان قانون مهنة ما ليس له لي تاثير على قانون مهنة اخرى لترد بذلك على بعض المحامين الجهلة من اعداء حقوق الانسان الذين زعموا ان المرسوم الاجرامي عدد 79 لسنة 2011 متعلق بتنظيم مهنة المحاماة الذي سن في ظروف فاسدة وقذرة نسخ قانون المستشارين الجبائيين. كما اوضحت المحكمة الادارية من خلال ذاك الراي ان قانون المستشارين الجبائيين لا زال ساري المفعول كقانون دولة وان مهام المستشار الجبائي مضبوطة بدقة من خلال فصله الاول الذي نص بوضوح على ما يلي :” إن جميع الشركات أو الأشخاص الماديين الذين تقتضي مهنتهم القيام بالموجبات الجبائية لفائدة المطلوبين ومدهم بيد المساعدة والنصائح أو الدفاع على حقوقهم لدى الإدارة الجبائية أو المحاكم التي تبت في النوازل الجبائية يعتبرون كمستشارين جبائيين سواء أكان قيامهم بتلك المهنة بصفة أصلية أو ثانوية”. اما الفصل 10 من نفس القانون فقد نص على ان المحامي يقوم بصفة ثانوية بمهام المستشار الجبائي.
كما ان حكومة لعريض التي صادقت في 31 ديسمبر 2013 على مشروعي قانون يتعلقان بمهنتي عدول الاشهاد وعدول التنفيذ المنظمتين بنصوص متطورة مقارنة بقانون المستشارين الجبائيين رفضت رفع المظلمة المرتكبة في حق المستشارين الجبائيين بمقتضى القانون الاجرامي عدد 11 لسنة 2006 الذي سن في اطار صفقة قذرة بين بن علي وبعض المحامين لقطع رزق المستشارين الجبائيين ويكفي الاطلاع على الاعمال التحضيرية لذاك القانون الاجرامي لمعرفة اعمال الزور والمغالطة والكذب التي قام بها بشير التكاري لتمرير ذاك القانون الاجرامي. كما ان عبد الستار بن موسى المستفيد من تلك الجريمة تم استدعاؤه من قبل المحامين التجمعيين الفاسدين الذين ساهموا في التنكيل بالمستشارين الجبائيين من خلال خلق صعوبات لهم عند القيام بمهامهم في القضايا التي تفوق 25 الف دينار. هذه الجريمة الشنيعة هي موضوع عريضة مرفوعة ضد الحكومة لدى المفوضية السامية لحقوق الانسان بجونيف والتي احالتها لمكتبها بتونس للتحقيق فيها في انتظار رفع الامر من قبل المستشارين الجبائيين لدى مجلس حقوق الانسان باعتبار ان الحكومة التونسية خرقت على الاقل الفصلين 2 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك الفصل 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واعلان مبادئ العدل الاساسية المتعلقة بضحايا الجريمة والتعسف في استعمال السلطة ومبادئ باريس.
فقد لعب وزير المالية الحالي على غرار وزراء مالية عصابة بن علي والمهن المحاسبية المناشدة والمعادية دورا لا يستهان به في التصدي لمشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشارين الجبائيين المحكومة والمهمشة اليوم بمقتضى القانون المتخلف عدد 34 لسنة 1960، علما ان المطالب المنادية بتاهيل المهنة بالنظر للمعايير الاروبية وبالاخص تلك الموضوعة من قبل الكونفدرالية الاروبية للجباية الممثلة لاكثر من 180 الف مستشار جبائي ترجع الى سنة 1986. كما ان بقية اعضاء الحكومة برئاسة علي لعريض شاركوا في تلك الجريمة من خلال الانسياق وراء الاكاذيب والمغالطات التي ساقها وزير المالية واهمها ان المشروع موضوع جدل لدى اعداء المهنة كالمحامين وكذلك الخبراء المحاسبين الذين كانت هيئتهم موالية ومناشدة لبن علي والذين لعبوا دورا لا يستهان به في التنكيل بالمهنة وتهميشها والتصدي لمشروع القانون المتعلق بها الذي يرجع الى سنة 1994 وكذلك اغتصاب مهامها من خلال الاحكام الاجرامية التي لا نجد لها مثيلا بالتشاريع الجبائية الاجنبية وبالاخص الاروبية والتي تشترط الانتفاع بحق او بامتياز بمصادقة مراقب حسابات على القوائم المالية للمؤسسة، علما ان تلك الاحكام المافوية رفضت الحكومات المتعاقبة بعد 14 جانفي 2011 حذفها وتطهير التشريع الجبائي منها. الا يعلم اعضاء الحكومة الذين شاركوا في تلك الجريمة ان المستشارين الجبائيين ضحية منذ عشرات السنين للفساد وتضارب المصالح والمافيات والعصابات والمناشدين ومخربي الخزينة العامة من خلال على الاقل منح وزير المالية الالاف من المعرفات الجبائية للمتلبسين بلقب المستشار الجبائي من الراشين والمرتشين والمتحيلين والسماسرة وكذلك اعضاء لجنة البرنامج الجبائي المستقبلي لبن علي الذين يقبل بالتعامل معهم في خرق للفصل 56 من مجلة الضريبة على الدخل والفصل 29 من مجلة الاجراءات الجزائية والفصلين 96 و172 من المجلة الجزائية والفصل 15 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية، علما ان هؤلاء السماسرة يكلفون الخزينة العامة سنويا الاف المليارات. فقد رفض وزير المالية الحالي تحوير الفصول 39 و42 و60 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية التي تسمح للسماسرة ومخربي الخزينة العامة والفاسدين بالتدخل في الملفات الجبائية وحذف لجنة اعادة النظر في قرارات التوظيف الاجباري التي تعتبر محكمة خارج اطار المنظومة القضائية وسحب المعرفات الجبائية الممنوحة للمتحيلين والفاسدين. الا يعلم اعضاء الحكومة ان المستشارين الجبائيين يستعدون لمقاضاة كل وزراء المالية والفاسدين من داخل وخارج الحكومة من اجل الجرائم المرتكبة في حقهم طيلة عشرات السنين والى حد هذه اللحظة وبالاخص شطب الديون العمومية وبالاخص الجبائية في خرق للفصل 25 من مجلة المحاسبة العمومية.
الا يعلم وزير المالية ان مهام الخبير المحاسب ليست لها اية علاقة بمهام المستشار الجبائي بل ممنوع عليه قانونا مباشرتها وان استشارة مهن معروفة بعدائها لمهنة المستشار الجبائي ينم اما عن جهل بالقوانين المهنية او يندرج ضمن مخطط يرمي الى مواصلة التنكيل بالمهنة من خلال تعطيل مشروع القانون وتحصين السماسرة ورفض سحب المعرفات الجبائية الممنوحة للمتحيلين والمتلبسين بلقب المستشار الجبائي. هل يعقل ان يجد القاضي الجبائي اليوم نفسه مجبرا على تعيين خبير عدلي في المجال الجبائي من بين ممتهني المحاسبة محجر عليه مباشرة مهام المستشار الجبائي في خرق للقانون عدد 61 لسنة 1993 متعلق بالخبراء العدليين الذي يفرض ان يكون الخبير العدلي قد تحصل على خبرة مهنية في مجال تدخله.
وللدلالة على المغالطات السافرة التي سوق لها وزير المالية لتعطيل مشروع قانون المهنة الذي استوفى كل مراحل الاعداد منذ سنة 1994، يكفي ان يعرف اعضاء الحكومة ممن شاركوه تلك الجريمة ان مشروع القانون لا يرمي الى توسيع مجال تدخل المستشار الجبائي كما يروج لذلمك الفاسدون والمغرضون نتيجة جهل بعض اعضاء الحكومة بالراي الاستشاري عدد 495/2012 الصادر عن المحكمة الادارية وانما الى تنظيم المهنة المحكومة بالقانون المتخلف عدد 34 لسنة 1960 بالنظر للمعايير الاروبية مما يجعل اتخاذ قرار باسشارة المهن المعادية في جلسة 24 جوان 2013 يندرج في اطار خلق تعلات واهية وكاذبة لتبرير مزيد التنكيل بالمهنة. فالذي يرغب في دراسة المشروع كان لزاما عليه ان يقيمه بالنظر للقانون عدد 34 لسنة 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين وليس بالنظر للقوانين المهنية الاخرى والمهن المعادية وبالاخص المهن المحاسبية المناشدة التي خططت للاستحواذ على مهام المستشار الجبائي والمحامي مثلما يتضح ذلك جليا من خلال الصفحة 67 من البرنامج الانتخابي لبن علي 2009-2014 :”تخفيف الاجراءات بالنسبة الى المؤسسات من خلال تمكين بعض المهن ذات العلاقة بالمجال الجبائي من القيام بهذه الاجراءات لحساب المطالبين بالضريبة”. الا يعلم اعضاء الحكومة انهم ساهموا جريمة شنيعة من خلال مواصلة التنكيل بالمستشارين الجبائيين وبالالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا الذين لا يمكنهم اليوم الانتصاب لحسابهم الخاص جراء اطلاق العنان لكبار السماسرة في الملفات الجبائية بنفس الاساليب القذرة التي اعتمدتها عصابات بن علي التي مكنت الى حد الان من لا يحملون شهادة علمية ومن هم ممنوعون من مباشرة المهنة من بعث شركة “مستشارين جبائيين” لينتحلوا صفة المستشار الجبائي والمحامي.
الا يعلم اعضاء الحكومة ان الهرولة للحصول على مرتبة الشريك المميز للحصول علىا الصدقات المسمومة لا غير تفرض عليهم ملاءمة التشريع المهني التونسي مع التوصية الاروبية المتعلقة بالخدمات المؤرخة في 12 ديسمبر 2006 مثلما اقتضى ذلك البروتوكول المتعلق بسياسة الجوار الاروبية الذي وقعت عليه تونس خلال سنة 2005 ومراجعة القانون عدد 34 لسنة 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الذي تجاوزه الزمن بالنظر لاحكام تلك التوصية والقواعد المتفق عليها داخل الكونفدرالية الاروبية للجباية التي مددنا بها وزارة العدل ووزارة المالية ورئاسة الحكومة.
الا يعلم اعضاء الحكومة الذين شاركوا في جريمة التنكيل بالمستشارين الجبائيين والعاطلين عن العمل ان اخر وعد كاذب بخصوص تاهيل المهنة يرجع الى سنة 2003 مثلما يتضح ذلك من خلال الصفحة 400 من مداولات مجلس النواب المؤرخة في 17 ديسمبر 2003 : “تأهيل مهنة المستشار الجبائي، بكل عجالة أقول أن لنا مشروع قانون جاهز سنحيله على هذا المجلس الموقر في بحر الأيام القليلة القادمة” و يبدو ان بحر الفاسدين من امثال توفيق بكار الذي ينعم بالحرية في العهد النوفمبري الجديد تحول الى محيط.
ان هذه الجريمة الشنيعة التي يقف وراءها الفاسدون والمستفيدون من نظام بن علي خاصة من بين الناهبين لعقارات الشعب والمرتكبة في حق مهنة جد حساسة طيلة عشرات السنين ومنذ اول عريضة صادرة سنة 1986 مطالبة وزارة المالية بتاهيل المهنة المحكومة بقانون متخلف بالنظر للمعايير الاروبية يرجع الى سنة 1960 لا تزال متواصلة ايضا تحت قبة المجلس التاسيسي اين يعطل رئيس لجنة المالية ورئيسة لجنة التشريع مشروع القانون المقدم من قبل مجموعة من النواب في 13 جويلية 2012 والذي تم اخفاؤه نتيجة الفساد الاداري المستشري صلب المجلس ولم يتم وضعه على الموقع الالكتروني للمجلس الا بعد فضح تلك الممارسات القذرة من قبل النائب مبروك الحريزي في موفى اكتوبر 2012.
أستخلص من كل ما جاء في هذا التقرير، أن المقيمين على إدارة الشأن المالي للبلاد، غير قادرين على مواجهة الفساد وإقامة برامج الإصلاح الجبائي، ليس لعدم أهليتهم وإنما لقلة جرأتهم و هوان إرادتهم، وذلك إما لعجز، أو لمصالح ذاتية انتهازية، أو لظغوطات لوبيات وطنية ودولية وعليه فإن المواطن المسكين سيبقى تحت الإستغلال الشنيع إلى أن يسترجع استقلاله التام والسيادة في القرار. ومن هنا إلى ذلك الوقت لا بد من الوعي بهذه المعضلة أن يشيع بين الناس وإلا سأبقى أردد( إذا دخلت افريقية فعليك أن توافق أو تنافق أو غادر البلاد).