تتمتع الاغلبية في عديد الانظمة السياسية في العالم بصلاحيات كبيرة و قدرة على التحكم في الحياة السياسية و لم يخرج النظام المؤقت للسلط العمومية في تونس المؤرخ في 24 ديسمبر 2011 عن هذه القاعدة و هو ما ينعكس خاصة في عديدد الفصول ( 3 المصادقة على الدستور الفصل 4 المصادقة على القوانين الاساسية الفصل الخامس المتعلق باعفاء رئيس المجلس التاسيسي و الفصل 7 المتعلق بالظروف الاستثنائية الفصل 8 و 13 الخاصين برئيس الجمهورية و الفصل 19 المتعلق بسحب الثقة من الحكومة و الفصل 20 المتعلق بفض النزعات بين السلط و الفصل 26 المتعلق بتعين محافظ البنك المركزي )
الا ان المشرع لم يتناسى دور الاقلية و تمظهر ذلك في حالتين الحالة الاولى تتعلق بالحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في المجلس الوطني التأسيسي و هي و ان كانت اقلية فانها تتمتع حصريا بحق ترشيح رئيس الحكومة بقطع النظر عن نسبة اعضاء ذلك الحزب او عددهم اما الحالة الثانية فتخص ثلث اعضاء المجلس التاسيسي
لذلك سنتناول في مرحلة اولى سلطة الاقلية و مدى نفوذها في مرحلة ثانية
1. سلطة الاقلية في المجلس التاسيسي
تنقسم سلطة الاقلية الى سلطة مبادرة و سلطة معطلة
1.1: الاقلية سلطة مبادرة
تتمظهر هذه السلطة في الحالات التالية
– المطالبة بإعفاء رئيس المجلس التاسيسي من مهامه بموافقة الأغلبية المطلقة من أعضائه على الأقل بناء على طلب معلل يقدم لمكتب المجلس (الفصل 5)
– الدعوة لانهاء التفويض في الحالات الاستثنائية ( الفصل7)
– المطالبة باعفاء رئيس الجمهورية من مهامه على طلب معلل يقدم لرئيس المجلس ( الفصل 13)
– طلب عرض لائحة لوم الحكومة او احد الوزراء ( الفصل 19)
– طلب اعفاء محافظ البنك المركزي ( الفصل 26)
1.2 الاقلية سلطة معطلة
و نقصد هنا تلك الحالة التي يستوجب فيها قرار ما موافقة اغلبية الثلثين وهنا تلعب الاقلية دور المعطل عند تصويتها السلبي و تتمظهر تلك الحالات في
– عدم المصادقة على الدستور برمته ( الفصل3)
– عدم الموافقة على اشهار الحرب او عقد السلم من طرف رئيس الجمهورية ( الفصل 11)
2. مدى نفوذ سلطة الاقلية
بعد استعراضنا لمظاهر نفوذ سلطة الاقلية نلاحظ انها من جهة محدودة و من جهة اخرى مقيدة
1.2 سلطة الاقلية سلطة محدودة
هي سلطة محدودة باعتبار انها تنحصر في 7 حالات تنحصر في جانبها الايجابي في حق المطالبة دون امكانية التقرير و اختصاصها في هذا المجال محدد في المطالبة بعزل كبار المسؤولين سواء في الرئاسة او المجلس التاسيسي او الحكومة او البنك المركزي
و في جانبها السلبي التعطيلي فان اختصاصها ينحصر عدم المصادقة على الدستور برمته و عدم الموافقة على اشهار الحرب و السلم.
فبالنسبة للمصادقة على الدستور فيمكن تجاوز ذلك الحاجز بعرض الامر على الاستفتاء بالتالي فالدور التعطيلي اضحى مؤقت باعتبار امكانية عرض الامر على الشعب مما يسحب من الاقلية السلطة التقريرية النهائية في هذا المجال اما بالنسبة لاعلان للحرب و السلم فانها فرضية صعبة التحقق و على كل حال فان حالة الحرب هي من الاحالات الاستثنائية التي عادة ما يتعطل خلالها اعمال المجلس التاسيسي و تفوض الاختصاصات للرؤساء الثلاث طبق الفصل 7 و 11 من القانون المنظم للسلط العمومية مما يفقد هذه الفرضية جدواها العملية
2.2 سلطة الاقلية سلطة مقيدة
سلطة الاقلية هي سلطة مقيدة فضلا عن كونها محدودة كما اشرنا لذلك سابقا اذا وضع المشرع شروط لطلبات الاقلية من ذلك ان فرض تعيل طلب اعفاء رئيس المجلس التاسيسي( الفصل5 ) وكذلك الامر بالنسبة لرئيس الجمهورية الفصل 13 و السؤال المطروح ما معنى ان يكون الطلب معللا و من له سلطة مراقبة حسن التعليل او ضعفه خاصة و ان مصطلح حسن او ضعف التعليل هو من المطلحات القضائية التي عادة ما تستعملها محكمة التعقيب لنقض قرارات المحاكم الاقل درجة دون بيان مفهومه فما هو يا ترى مفهوم حسن او سوء التعليل في المجال السياسي ؟
التقييد قد يكون مزدوج أي مرتبط بضرورة التعليل و ايضا بالزمن كما هو الحال بالنسبة لطلب إصدار لائحة لوم ضد الحكومة او احد الوزراء اذ ينص الفصل 19 انه يمكن التصويت على لائحة لوم الحكومة أو أحد الوزراء بعد طلب معلل يقدم لرئيس المجلس الوطني التأسيسي من ثلث الأعضاء على الأقل.
ويشترط لسحب الثقة موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس.
في صورة عدم تحقق الأغلبية المذكورة، لا يمكن أن تعاد لائحة اللوم ضد الحكومة أو طلب سحب الثقة من نفس الوزير إلا بعد ثلاثة أشهر.
اما بخصوص طلب انهاء الحالات الاستثنائية فقد اشترط الفصل السابع ان يكون طلب الانهاء “صادر عن ثلث اعضاء المجلس عند تيسر اجتماعهم “مما يحول دون ان يكون ذلك الطلب كتابيا او بالمراسلة ليطرح السؤال هنا من يدعو للاجتماع و اين ينعقد و من له صلاحية التحقق من تيسر الاجتماع و من يشرف عليه او يتراسه.
بقيت حالة محافظ البنك المركزي اذ بنص الفصل 26 انه يمكن لثلث اعضاء المجلس التاسيسي المطالبة باعفاء المحافظ من مهامه و هي الحالة الوحيدة الغير مقيدة لا باجل كما هو الحال بالنسبة للائحة اللوم و لا بضرورة التعليل كما هو الحال بالنسبة لطلب اعفاء رئيس الجمهورية او رئيس المجلس التاسيسي أي بمعنى انه يمكن للاقلية في أي وقت تراه مناسب المطالبة باعفاء محافظ البنك المركزي دون قيد او شرط مما يدفعنا للقول ان تعيين محافظ البنك المركزي و لئن كان رهين قرار الاغلبية فان استقراره في .مهامه و من وراء ذلك استقرار البنك المركزي رهين تحرك الاقلية
بليغ العباسي
iThere are no comments
Add yours