حيث ينسب عناصر النهضة وقياداتها الذي يتحمّلون مسؤوليات في الحكومة الى الشقّ المعتدل ، الذي يعمل على بناء ديمقراطيّة ودولة مدنيّة ، ويسعون الى ايجاد شراكة سياسيّة مع مختلف القوى السياسيّة الاخرى ، واشهرهم سمير ديلو وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقاليّة ، ونور الدين البحيري وزير العدل ، وحتى حمّادي الجبالي رئيس الحكومة .
بينما تنسب قيادات اخرى في مجل الشورى للحركة وعلى رأسهم الحبيب اللّوز ( رئيس المجلس الدعوي والشعبي ) والصّادق شورو الى التيّار المتشدّد والأقر ب الى السلفيّة .
ففي حين تعمل الحكومة وفق براغماتيّة سياسيّة وتراعي التوزنات الداخليّة والخارجيّة وتسعى الى وضع خطط تتوافق ومصالح حلفائها وخاصّة منهم أمريكا ، فانّ الشقّ المتطرّف في الحركة يتمسّك بتضمين الشريعة في الدستور ، ويدعوا الى عدم محاسبة السلفيين حتى على خلفيّة احداث حرق السّفارة الأمريكيّة ، كما يدعون الى تلشدّد مع محاسبة التجمعيين والقصاص منهم ، ويدفعون بالحركة والحكومة الى الانقلاب على كلّ اتفّاقاتها السياسيّة حول الدولة المدنيّة ، ويطلبون ارساء أسس الدولة الاسلاميّة .
وقد انعكست هذه الخلافات على خطاب الحركة وتصريحات رئيسها التي جائت كلّها متذبذبة ومتناقضة ، تحاول ان تجمع بين التوجّهين ، ويبدو انّ الخلافات وصلت حدّا لم تعد فيه الحكومة قادرة على تسيير شؤون البلاد دون الحسم في مثل هذه المسائل وقد ظهرت هذا في حالتين يمكن اعتبارهما مؤشّرا على بداية التصدّع الحقيقي داخل حركة النهضة :
امّا الأوّل : فيتمثّل في تصريح تلفزي لسمير ديلو حول مسألة نداء تونس والباجي قائد السبسي ، قال فيه ” انا أحترم السيّد الباجي ، ولقد شكرناه في حركة النهضة سابقا ، وليس من المقبول أن نذمّه اليوم ، فمن شكر ثمّذمّ ، كذب مرّتين” واعتبر تصريح ديلو مثيرا للجدل لانّه مثّل ردّا على خطابات رئيس حركة النهضة ، وعبّر عن امتعاضه والفريق الحكومي من سياسات الحركة تجاه المشهد السياسي التونسي ، حيث أضاف ديلو ” انّ على الصفحات المواليّة للنهضة ، والنداء ان تكفّ عن شيطنة بعضها ” كما اسماه بالميليشيّات الفايسبوكيّة ، وكان تصريحه هذا مثيرا للجدل الواسع داخل حركة النهضة وانصارها ممّا أدى الى احتجحاب بعض الصفحات والمواقع الموالية للحركة والحكومة ليوم كامل احتجاجا على ما صرّح به ديلو ، هذا الى جانب تصريحات رئيس الحكومة ووزير الداخليّة الداعيّة الى التصرّف بحسم وشدّة مع المجموعات الشلفيّة وهو ما يناقض تصريحات الغنّوشي نفسه .
وامّا الثاني : فنجده في انطلاق بعض الاستقالات العلنيّة من حركة النهضة ، منها شباب في المكاتب المحليّة ، امّا اشهرها فهي استقالة عبد الحميد الطرودي القيادي في الحركة (نائب رئيس لجنة النظام الداخلي ، وعضو المجلس الشعبي والدعوي في الحركة ) وقيامه بحملة تصريحات ، تعلن انّ استقالته تمّت على خلفيّة انحراف الحركة عن خطّها التأسيسي ، برفضها تضمين الشريعة في الدستور ، وتصرّفها بشدّة مع السلفيين عوض الاتّفاق معهم ومسايرتهم حتى يستتبّ امر الدولة الاسلاميّة ، وقال الطرودي في تصريح اذاعي لشمس أف أم ، انّ هناك عديد القيادات التاريخيّة للنهضة ، ترفض ما آلت اليه الحركة اليوم وتسعى الى تصحيح الامور وتدعو الى الفضل بين الحزب السياسي ( حزب حركة النهضة ) الذي لم يعدّ يمثّل الخط التأسيسي لجماعة الاتّجاه الاسلامي ، وبين الحركة الدعويّة التي تسعى لاقامة دولة الاسلام والشريعة .
وللخلاصة وان كانت هذ الاستقالات منفردة ولا تزال آثارها غير واضحة ، وان كان راشد الغنّوشي لا يزال يحضى بالشعبيّة داخل الحركة من اجل الحفاز على وحدتها التنظيميّة وعلى تجميع مختلف الآراء ، الّا انّ جملة الاحداث السياسيّة التي تعرّضت لها حركة النهضة خاصّة في شقّها الحكومي ، الذي يمثلّه شخصيّات احتكّت كثيرا في حراكها الحقوقي السّابق بالعديد من مثّقفي اليسار والحركة الديمقراطيّة محليّا ودوليّا ، ممّا عدّل من رءاهم ، تخبرنا بانّ الوحدة التنظيميّة والايديولوجيّة لحركة النهضة ، ليست معطى غير قابل للتغيير وانّها مثل غيرها من الاحزاب السياسيّة قابلة للانشقاق والتفكّك تأثرّا بالمصالح السياسيّة او حتى الشخصيّة ، فهل ستحمل الأيّام القادمة جديدا في هذا الملفّ ؟
محمّد نجيب وهيبي
يا اخي رجاء راجعوا اخطاء الطباعة قبل النشر. النص مليء بالاخطاء المطبعية التي تسيء لنوعيةالتحليل
وللرسالة المقصودة فيه وشكرا
[…] parti islamiste Ennahda (حركة النهضة), après avoir peu à peu monopolisé tous les rouages de l’Etat, s’est avéré incapable de […]