هلل الجميع في الداخل و الخارج بسير العملية الانتخابية في تونس يوم خرج الملايين ليدلوا بأصواتهم في أول تجربة ديمقراطية شفافة بعد الثورة. و قال المراقبون المحليون و الأجانب إنّ العملية برمّتها سليمة رغم ما شابها من تلك التجاوزات المتفرقة التي لا يرقى حجمها إلى مستوى التشكيك في النتائج المعلنة.
و ما حصل من احتجاجات أمام قصر المؤتمرات على خلفية تلك التجاوزات يذكرنا بجماهير كرة القدم التي تحتج على خسارة فريقها و يُفهم على أنّه رفض للنتيجة و قد أغضبت الثلة المتعاطفة مع الحداثيين أو التقدميين الذين انهزموا.
لكنّ اللافت حقا أن المنتصر لا يرغب في إقصاء الفريق المنهزم من المشاركة في مسار الانتقال الديمقراطي بل يوجّه إليه الدعوة ليشاركه الحكم و يؤسّس معه لمرحلة انتقالية تقوم على الحوار و الوفاق خدمة للمصلحة العليا لشعب يرغب في القطع مع عقلية احتكار السلطة و الثروة. و بذلك يكون الشعب قد اختار “الحداثيين الحقيقيين” الذين ينفتحون على جميع القوى السياسية في البلاد و يرغبون في تقسيم المسؤوليات بتكوين حكومة تستوعب المنتصرين و لا تستثني المنهزمين الذين لهم رصيد نضالي محترم.
ولعلّ حركة النهضة تثبت بهذا المنطق مقولاتها السابقة باعتبارها حزبا مدنيا ديمقراطيا منفتحا لا تيارا انقلابيا يريد أن يحكم بنفسه لتطبيق الشريعة و تهديد المكاسب التاريخية للمرأة و الحريات الفردية للتونسيين عموما. و هي بمثل هذا التعامل مع الانتصار الذي حازت عليه تعزز حظوظها في انتصارات لاحقة إذا أثبتت ذلك الانفتاح قولا و فعلا لتبدد نهائيا تهم القائلين بازدواجية الخطاب لدى قياداتها.
و مع ذلك مازالت ردود الأفعال تتوالى عن سرّ ذلك الفوز، فقدم المحللون قراءات كثيرة أطرفها يقول إنّ الانتصار يمكن أن يتحول لصالح اليسار الذي تشتت و لكنه موجود في المجلس التأسيسيّ و بإمكانه أن يتحوّل إلى كتلة متجانسة تعمل على معارضة النهضة و تعطيل هيمنتها المفترضة في كتابة الدستور الجديد. و تبنّى محللون آخرون ما ذهبت إليه بعض التيارات المنهزمة من تفسيرات متعالية على الشعب و هي تتهمه بالجهل والتخلّف و في ذلك تنكّر واضح لتوصيفات سابقة وضعت الشعب التونسيّ المتعلّم في مقام الأمم التي بادرت بالثورة على نظام دكتاتوريّ بفضل ما وصل إليه من وعي و ذكاء.
لقد خرج الشعب يوم الانتخابات بكثافة غير مسبوقة فأثبت تجاوبه مع قواعد الممارسة الديمقراطيّة التي نريد إرساءها في هذا الوطن. لذلك فإنّ الانتصار الحقيقيّ كان للشعب فهو من طرد الدكتاتور و هو من قام بالاختيار عن و عي و دراية. و الشعب وحده المؤهل بمحاسبة من اختاره ليتولى تسيير شؤون البلاد فكيف يسمح البعض لنفسه بمحاسبة هذا الشعب و مساءلته عن الأسباب التي دفعته إلى التصويت لحزب دون آخر أو اتهامه بالجهل و الغباء و السذاجة و الطمع و كلها مفردات جاءت على لسان من انتصب محللا لدوافع مريبة أدت إلى تلك النتائج.
المنهزمون أحوج ما يكون لمحاسبة أنفسهم و البحث عن أخطاء مفترضة في خطابهم أو في برامجهم لتصويب ما يجب تعديله لأنّ ذلك أسلم و أيسر من تغيير الشعب أو تفصيل الناس على مقاس أفكارهم حتى ينتخبوهم في المواعيد القادمة. و تغيير الشعوب مشروع حضاريّ ضخم لا يمكن تحقيقه بين عشية و ضحاها. و لا يمكن إنجاحه بدون تعليم يمتدّ على عقود “لتنوير” الأجيال القادمة التي ستتولى أمرها. و قد عملت بعض النخب على تحقيق تلك الأهداف مستعينة بدعم ماديّ فرنسيّ مسّ أغلبه الأعمال الفنيّة من مسرح و سينما في إطار تعاون ثقافيّ يخدم “التوجهات الحداثيّة” عموما و لكنّه لم يؤثر على ما يبدو في القناعات الرئيسيّة التي تتعلق بالهويّة أو العقيدة و لم يتجاوز ذلك التأثير – إن ظهر- نخبة بعينها تعيش في أحياء غنيّة بالعاصمة التونسيّة لا غير.
و إثباتا لهذه المقولة التي تحكم بالفشل على المشروع الثقافي الفرنسيّ بمسمياته المتنوّعة ما أعلنه ساركوزي منذ أيام في أوّل ردود الفعل الفرنسيّة الرسميّة بعد فوز حركة النهضة فقال مطمئنا للمنهزمين : ” إنّ فرنسا ستكون متيقظة بشأن احترام حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية في تونس”. و هذا أمر نصدّقه حقا فقد رأيناه في عهد بن علي داعما حقيقيّا لتلك المبادئ و الحقوق ما ساعد النظام القائم على الاستمرار في حكمنا لعقدين من الزمان بجميع الوسائل القمعيّة فشكرا جزيلا لفرنسا و حكامها من رعاة الديمقراطيّة و حراس الحقوق الكونيّة. و اطمئنوا إذن أيها المتباكون على نتائج الانتخابات فأنتم في رعاية الفرنسيين أدام الله حبّهم لنا و غيرتهم على مصالحنا و على الخطوط الحمراء التي طوّقونا بها، فهذا ألان جوبيه وزير الخارجيّة الفرنسي يؤكّد أنّ المساعدة التي ستقدمها مجموعة الثمانية لتونس ستكون مرتبطة بمدى احترام مبادئ الديمقراطية. فيقول موضّحا ”سنقدم هذه المساعدة في حال عدم تجاوز الخطوط الحمراء، وأعتقد أنه من المهم أن نشترط ذلك”.
و قد وضح لنا “أن احترام التداول الديمقراطي على السلطة وحقوق الإنسان والمساواة بين الرجل والمرأة جانب من تلك الخطوط الحمراء، والمجتمع التونسي متطورا جدا ولا يجب أن يتراجع إلى الوراء”.
و كلّ هذه التوضيحات نزعم أنّنا فهمناها و فهمتها حركة النهضة و فهمها الجميع فنحن شعب متعلّم و متطوّر و لا يمكن أن نتراجع إلى الوراء و هذا بشهادة ألان جوبيه الذي فهمنا بدوره واعترف أن الانتخابات جرت في كنف الحرية ولم تتعرض إلى التزوير و قال إنّ: ” الشعب التونسي عبّر عن اختياره، وعلينا أن نحترم نتيجة الاقتراع”.
فهل سيحافظ المنهزمون على خطابهم المتعالي و يدّعون أنّ الحداثة و الانفتاح حكر عليهم أم أنهم سيتصالحون مع شعبهم قائلين كما قال بن علي سابقا ” أنا اليوم فهمتكم ، فهمت الجميع!”.
@ A. Guirat
comme prevus et attendu , vous ecrivez bien et avec planification et etude de votre sujet , qui et a mon avis personnel , est excellent , vous avez bien met les points sur les ies, mais malheureusement et comme vous l’avez dit , la politique Tunisienne est comme un match de foot , des que l’equipe perd son match , ils commence a pleurnicher et a dire que c’est la faute de ceci ou cela, mais ils ne voient jamais que en realitee c’est la faute de l’entraineur et des joueurs , et lui de ne pas bien preparer l’equipe , phisyquement et mentalement et bien choisir les joueurs pour les positions necessaires, et pour les joueurs eux meme pour ne pas donner le maximum et d’utiliser leur matiere grace pour avoir un meilleur resultat et de jouer le match sur terrain et pas sur papier.
Je pense que on ne doit pas perdre du temps en discutant ce qui est deja fait , mais en commencant a travailler tous ensemble , maintenant c’est le tour pour une equipe nationale qui represente toute la Tunisie ,et non plus de regionalisme.
et encore une fois de plus : je n’ai pas voter pour Ennahdha , mais sa n’empeche de les feliciter du fond de mon coeur , et j’espere qu’ils feront le travail promis et attendus d’eux , soit la justice sociale et economique avec un esprit ouvert et en toute democratie.
cordialement et patriotiquement
wild el bled
USA.
@wild elbled
أخي القارئ الوفي ولد البلاد
كم أنت كريم في ملاحظاتك المشجعة لكلّ من يكتب بصدق ، لا أعرف كيف أشكرك بالقدر الذي يكافئ ذلك الكرم و تلك العناية التي أشعر بها في توجيهك لملاحظات ترقى في أغلب الأحيان إلى مستوى الاضافة و التحليل لفكرة جزئيّة أهملها كاتب المقالة
حديثك عن فشل المدرب لفريقه من اللاعبين على الميدان أوضحت بدقتها ما أردت قوله بعجالة و موقفك النهائيّ من نتيجة الانتخابات يعكس النضج الذي نحتاج إليه في تونس اليوم
شكرا لك من جديد و شكرا لجميع القراء
عبد الرزاق قيراط
on vous a payé pour faire cet article ou quoi ?
il s’agit d’une nouvelle dictature, sinon renseignez vous d’abord
comment le premier parti a t’il gagné ?
ils ont distribué 30 dinars et des agneaux pour l’aid à des viallageois qui ne connaissent rien en politique en contre partie ces gens là donnet une photocopie de leurs cartes d’identité….
vive la démocratie!
vous comptez allez ou avec ça ?
@ Homer
أشكرك على تعليقك و لكنّي أؤكد لك أنّ ما أكتبه من مقالات على نواة أو القدس العربي أو غيرهما من المواقع نابع من نظرة أحاول أن تكون موضوعيّة
و صادر عن رغبة شخصيّة في الإدلاء برأي حرّ غايته الأولى و الأخيرة المساهمة في الحوار الذي نريد أن نؤسس له في دولة تحترم الحقّ في التعبير و الاختلاف
شكرا من جديد
عبد الرزاق قيراط
Homer toi et tes semblables font vraiment pitie! Vos reactions sont celles d’un enfant gate ‘looser’ qui veut justifie son echec, sa maladresse sur tout le monde sauf lui meme!!! POUR VOTRE INFO ENAHTHA A GAGNE BEAUCOUP PLUS QUE 40% DES VOIX… LE POURCENTAGE DES VOIX EST DIFFERENT DU POURCENTAGES DES MEMBRES ELUS…
meme les chauffeurs candidats pour l’ASSEBLEE’ CONSTITUTION ??
la Tunisie et son avenir appartient aux tunisiens et non aux partis politique donc vigilance
bonjour
la modernité signifie entre autres que personne ne détient la vérité, que personne ne peut sacraliser ses choix, que le respect de l’autre ne signifie pas l(identité de vues, que le monde est pluriel et que la liberté de critiquer et de s’exprimer est un droit humain fondamental.
Les élections ne sont qu’une étape vers une société démocratique. Ceux qui croient qu’elles sont une finalité ou une étape vers l’hégémonie culturelle et politique ne peuvent être qualifiés de démocrates.
Ceux qui refusent le résultat des urnes parce qu’il leur est défavorable ne peuvent être qualifiés de démocrates.
Ceux qui dénigrent leurs adversaires politiques manquent de culture démocratique.
La démocratie est à la fois un mode d’organisation politique, une culture et un comportement vis à vis des hommes et de la Cité.
Au moins un article qui sent le professionnalisme et la maturité intellectuelle et qui se diffère des pseudo-intello qui sont en train de pleurnicher à côté de la banlieue. Bravo et bonne continuation.
Je crois que la démocratie ne peut être maintenue sans une presse illuminée et orientée.
Toute conditionnement de l’aide Europeen en Tunisie releve de l’ingerence dans les affaires interieures de la Tunisie, enfin un pays souverain et non plus un vaste domaine privatif des Bourguiba et autres Benali. De toute les facons, la Chine est aujourd’hui le banquier du monde et non plus l’Europe ni les Etats-Unis. La Tunisie peut jouer le role de fer de lance asiatique dans les marches de l’Europe. A quoi bon fabriquer des Renault, voitures de deuxieme choix, en Tunisie ne serait-ce que pour que les proches du pouvoir, francophones et amateurs des nuits parisiennes, puissent se remplir les poches pendant les voyages dans la ville Lumiere? Les coreens peuvent mieux faire, en premier lieu en traitant avec les Tunisiens vraiment travailleurs. Quiconque peut critiquer Ennahdha sur beaucoup de plans mais pas celui du travail et de l’application. C’est ce dont les Tunisiens ont besoin plus que tout aujourd’hui, il me semble.
[…] عبد الرزاق قيراط- نواة […]
@Guirat:Je trouve le titre assez choquant, ceci est d’autant plus que je ne trouve pas un lien évident et assez clair avec le contenu de l’article.
“مساءلة الشعب التونسي” :je pense que “NUL” n’a le droit d’OSER questionné le peuple tunisien sur son choix. Le peuple est souverrain et il a dit SON DERNIER MOT lors d’un scrutin libre, transparent et indépendant.
“محاسبته على اختياره الغبي”:là aussi il ya un problème: qui se permet- il de juger la légitimité d’un peuple? qui ose -t- il qualifier le choix du peuple tunisien de “stupide”?
Au-delà du titre de l’article,l’auteur a effectué une revue post-électorale de la situation politique en mettant en valeur les bienfaits et les malfaits des uns et des autres, tunisiens et étrangers. Mais, avec toute la bonne volonté “analytique” que l’auteur a bien voulu introduire dans son texte, elle me semble très superficielle.
@ Universitaire
شكرا لك على ملاحظاتك و نقدك الذي أقبله بصدر رحب
بالنسبة إلى العنوان فهو مستوحى من ردود الأفعال المتسرعة التي ظهرت على إثر النتائج المعلنة و في المقالة عبرتُ عن الموقف الذي تبنيتَه و هو أنه لا يمكن بالفعل محاسبة الشعب التونسي الذي ثار ثم اختار
أما بالنسبة للتحليل السطحي فأعدك أن أبذل كل جهدي لأتعمق أكثر في المرات القادمة و هذا يتوقف على نقدك القراء و ملاحظاتهم البناءة و منهمك من يخالفك الرأي
شكرا عل عنايتدكم
عبد الرزاق قيراط