والطاهر بطّيخ هو من بين هؤلاء الذين تمت تصفيتهم في صائفة1955 وبقي الغموض يكتنف اغتياله،بل قد شكّل موضوعا يتجنّب حتى الحديث فيه.وللتذكير فان الطاهر بطّيخ من مواليد سنة1910 بقصرهلال من ولاية المنستير،وقد انخرط بصفة مبكرة في الحركة الوطنية،واحتك بالعديد من رموزها كما مرّ بالتجربة السجنية،وأولها كانت مباشرة اثر أحداث 9أفريل1938،وقد قتل غيلة في جوان1955 ولا يعرف له قبر الى حد الآن،والروايات عديدة عن سبب قتله ومكانه،كما جاء في مذكرة لأحد أبنائه(أبو بكر بطّيخ) الذي تمكّن منذ عدة أسابيع من التعرف على مواطن أصيل قصرهلال ومستقر باحدى مدن ولاية المنستير،وهو متقاعد من وزارة الدفاع وقد ناهز عمره80 سنة(يستوجب هنا التصويب ذلك أنه مولود سنة1946 واذا كانت سنه عند الحادثة حوالي عشر سنوات فانه يبلغ الآن من السن 64 سنة لا غير)،وافق مشكورا على الادلاء بشهادة في شأن اغتيال والده الطاهر بطّيخ.
ويبدو أنه أقرب شاهد عيان،وبالرغم من تقدمه في السن ما زال يتقد حيوية،وذاكرته ما زالت حية ومتماسكة.يقول الشاهد أن عمره كان في حدود عشر سنوات سنة الواقعة،وكان والده على علاقة ومعرفة بالطاهر بطّيخ،وقد طلب منه في بداية الصائفة وبداية العطلة الدراسية أن يرسل اليه أحد أبنائه،وهو الشاهد المعني ليعينه في بعض الأنشطة الفلاحية في مزرعة له بجهة النفيضة.وفي اليوم الموعود وذات صباح باكر،التق ى الشاهد بالطاهر بطّيخ في محطة سيارات الأجرة بوسط مدينة قصرهلال(قائلا وقد اشترى لي سي الطاهر فطير)،واستقل واياه سيارة أجرة في اتجاه سوسة.ويذكر الشاهد أنه أخذ مكانه صحبة الطاهر بطّيخ بالمقاعد الخلفية للسيارة،في حين جلس ثلاثة أشخاص من نفس المدينة بالمقاعد الوسطى،وأخذ راكب آخر مكانه بجانب السائق.
ولم تقطع السيارة مسافة طويلة في طريقها الى سوسة حتى أجبر الأشخاص الثلاثة الذين أخذوا المقاعد الوسطى سائقها على التوقف على بعد أقل من كيلومترين من ذات الطريق بالمدخل الشمالي للمدينة،ثم أنزلوا الطاهر بطّيخ والطفل تحت التهديد باستعمال الأسلحة النارية،والعنف اللفظي والجسدي ووسط عبارات استغراب واستفسار الفقيد الذي يبدو أنه كان على جهل تام بالأسباب؟؟؟ويقول الشاهد أنه وقع اقتيادهما الى مكان لا يبعد كثيرا عن مكان الاختطاف من الناحية الغربية للطريق وسط حقول تغمرها غروس من “الهندي” هي الآن منطقة صناعية وتعرف بسانية فرج بنبلة سابقا. ويضيف الشاهد أنه تم اطلاق النار في ثلاثة مناسبات،كما شاهد آثار حفر قد تكون أعدت لغرض التخلص من الجثة،من جهة أخرى يقول الشاهد أن المختطفين مكنوه من بعض النقود ليستقل سيارة أجرة أخرى ويواصل طريقه الى سوسة،ثم الى النفيضة.
وفعلا قد تمكن من الوصول الى سوسة رغم حداثة سنه،غير أنه لم يواصل طريقه الى النفيضة،بل قفل راجعا الى مسقط رأسه،لكن الجماعة اقتفت أثره،وأخذته من منزلهم ليلا،ودون موافقة أبيه الذي لم يكن بامكانه أن يحمي ابنه أمام عنجهية المختطفين.ويقول الشاهد أنه قضى عدة أيام بمنزل لا يؤمه الا بعض النساء ليتم ارساله الى باجة حيث قضى عدة أشهر بمنزل معتمد المكان،ويذكر أنه ينحدر من قصرهلال،ليتم نقله فيما بعد الى قرية الداموس من ناحية سوسة حيث قضى عدة أشهر كذلك بمزرعة لا يتذكر الا اسم صاحبها ويدعى”صالح”، ليتمكن في نهاية المطاف وقد اشتد عوده ،كما يذكر،من الفرار والعودة الى مسقط رأسه قصرهلال،حيث تتبعته الجماعة بالتهديد والوعيد ان أدلى بشيء بخصوص الحادثة حتى دخلت في طي النسيان من ذاكرته اليومية؟؟؟
وان لا يبدو الشاهد قوي اليقين بخصوص مصير الجثة،مع أنه يؤكد على وجود آثار لكدس من التراب وآثار حفر،غير أنه على يقين قوي من الاغتيال باستعمال الطلق الناري في ثلاثة مناسبات.كما أنه متأكد من دقة معلوماته،وبأن الضحية المعنية هو الطاهر بطّيخ،مدليا بأوصافه مما يؤكد معرفته للضحية:الطاهر بطّيخ.كما ردد الشاهد بعض أسماء وألقاب مقترفي عملية الاغتيال،وهي أسماء بقيت مألوفة لدى أهالي قصرهلال،مما يؤكد انتسابهم للمدينة،كما أن ما لحق الشاهد بعد الحادثة يؤكد كذلك وجود أطراف أخرى وراء العملية،وأن الأشخاص المقترفين للجريمة،وكما يبدو هم أداة تنفيذ لا غير؟؟؟
وان يثير مثل هذا الملف قضية الاغتيالات في تلك الفترة وموضوع”صباط الظلام”فانه يثير من جهة أخرى كثيرا من الاستغراب حول موضوع تواصل الكتمان واخفاء حقيقة تلك الاغتيالات،وتجاهل رد اعتبار الضحايا،وفي هذا الباب فان عائلة الطاهر بطّيخ ولا سيما ابنه بوبكر بطّيخ تناشد الجهات المعنية،وكل من بامكانه المساعدة،كشف الحقيقة،ورد الاعتبار لوالده.
عن أسبوعية الطريق الجديد
العدد من10 الى16 أفريل2010
iThere are no comments
Add yours