في عشرية الثورة: شباب المناطق المهمشة والأحياء الشعبية ينتفض لكرامته

تعالت منذ مدة العديد من الأصوات التي تدعي بأن شباب الطبقات الشعبية انشغلوا، بعد فشل الانتفاضة الثورية، عن الشأن السياسي واتجهوا نحو الحلول الفردية كالـ”حرقة”، أو “الإجرام” أو الانحراف، في محاولة منهم لتحقيق مطالبهم التي فشلوا في تحقيقها بشكل جماعي. فيما رأى البعض الآخر، من بينهم يساريون، أن أغلب التحركات الحالية يطغى عليها الطابع المطلبي، وليس لها أفق سياسي ولا قدرة لها على إحداث تغيير جذري، في حين أن ما نراه اليوم من احتجاج في سليانة وسيدي حسين وحي التضامن والكرم وبنزرت وغيرها من مناطق الجمهورية، يقوم بها أولئك اللذين أُقفل أمامهم المجال السياسي.

تونس الأخرى بين مطرقة السياسات الامنية وسندان القضاء

فرض ميزان القوى الذي أنتجته الثورة على الحكومات المتعاقبة إجراء إصلاحات في الأجهزة البوليسية لكنها ظلت غير قادرة على مواجهة بعض الممارسات المتجذّرة. سبع سنوات تقريبا من اندلاع الثورة تغيبت خلالها شبه كليا مسألة التسلط الأمني والتعسف القضائي كقضية مفصلية عن الساحة السياسية وهذا يعود أساسا إلى انقلاب موازين القوى الذي أنتجته الثورة والذي تولّد عنه إقصاء المجموعات المضطهدة من المح‍ڤورين من العملية الديمقراطية وإخماد صوتهم، فمركزيتهم و مركزية مطالبهم لم تدم طويلا ونجحت الثورة المضادة في إعادتهم إلى الهامش.

”الفراريزم“: من التداول اليومي إلى الوصم والتوظيف السلطوي

نُشِر مؤخرا على موقع نواة مقال بعنوان ”فرار، مصطلح مشحون بالحقرة وديكتاتورية المعايير الجمعية“ لكاتبه سيف الدين العامري، وقد أثار هذا المقال جملة من ردود الفعل المتباينة، بين مؤيد ومعارض لوجهة نظر الكاتب. ولعل ما يثير الانتباه هو عنف أغلب الردود ومحاولة تحقيرها لموضوع النص، بما يؤكد ما ورد في النص حول العنصرية التي تشق صفوف المجتمع التونسي والعنف الذي قد يمارسه حراس النمط حين تُوجه لهم ”أصابع الاتهام“، هم من يعتبرون أنفسهم أرفع من أي نقد. كما أن بعض الردود الأخرى على الكاتب انتقدت لجوءه إلى مفهوم العنصرية باعتبار أن تونس لا يوجد فيها سوى عرق واحد. حاولت في هذا المقال العودة أولا إلى عبارة ”فرار“، وفي مرحلة ثانية إلى مفهوم العنصرية واستعمالاتها التاريخية.

التلفزيون لا يقول الحقيقة

إذا نظرنا اليوم إلي ما تعيشه الجهات الداخلية والأحياء الشعبية (أبناء النزوح الريفي) من منظور الهيمنة يمكننا العودة إلى الصورة النمطية التي تشكلت عبر الإنتاج الدرامي التونسي على مر السنين والتي لا تخرج عن الثنائية البورقبية التي تُمايز بين الناس حسب اعتبارهم داخل المنظومة الحداثية أو خارجها.