Littérature tunisienne 11

الترجمة بالدارجة التونسيّة: أي دوافع واشكاليات لهذه الموجة الجديدة؟

تبدو الكتابة بالعاميّة خيارا سهلا في الظاهر قد يُشبع حاجتنا الملحّة في التعبير عن أفكارنا وعواطفنا دون الخضوع إلى ترسانة من القواعد النحويّة الصارمة كالكتابة بالفصحى فهي شبيهة بالمشي فوق حبل رفيع. الجدل حول الكتابة بالعاميّة ثابت مُتجدّد ويتخذ أبعادا سياسيّة فيما وصفته التيارات القومية العروبية والاسلامية بمحاولات “وأد اللغة العربية”. جيل جديد من الشباب يحاول إعادة إحياء مشروع إقحام الدارجة في الكتابة وجعلها ليس فقط لغة كتابة أدبية ذاتيّة وإنّما لغة ترجمة أيضا. قد تتباين دوافع عزيز عمامي ومجد مستورة وضياء بوسالمي، لكن المشروع في المطلق واحد.

”نظارات أمي“ لعز الدين الحزقي: دوعاجيات السجن

يُصرّح عز الدين الحزقي في كتابه أنه لم يحلم أبدا داخل السجن، والحال أن أشرطة التذكر كانت تلازمه ليلا حين كان يمارس فسحة الهروب من السجن حاملا معه ”بعضا من رفاقه تشفيا وشماتة في الحاكم“. ”نظارات أمي“ هي تاريخ السجين المستيقظ، صفحات أخرى تُضاف إلى دفاتر اليسار لتُمتّن جدار الذاكرة بأحجار أخرى من الكتابة. تأخّر الرجل كثيرا في إصدار مذكراته السجنية. صدر الكتاب بدار كلمات عابرة في فيفري 2018. حاول من خلاله عزالدين الحزقي تسليط الضوء على فترته السجنية الممتدة من 14 نوفمبر 1973 إلى حدود ماي 1979، بسبب انتمائه إلى تجمع الدراسات والعمل الإشتراكي المسماة إختصارا ونسبة إلى جريدتها الناطقة بالعامية آفاق أو برسبكتيف.

”السيدة كليمونتين“ لأمل خليف: نصّ مؤنّث أم كتابة نسويّة؟

”السيّدة كليمونتين“ للكاتبة التونسيّة أمل خليف، صدر عن دار النشر المصريّة ”هنّ“ في ديسمبر 2017. ”هنّ“ هي دار نشر نسوية لصاحبها رجائي موسى الذي استلهم فكرة بعث مؤسسة تُعنى بالكتابة النسويّة من رواية الكاتبة الإيرانيّة آذار نفيسي ”أن تقرأ لوليتا في طهران“، والتي جاءت على ذكر وجود دار نشر نسويّة في فرنسا بسبعينات القرن الماضي. يبدو كلّ شيء مناسبا كي تحتفل أمل بديوانها الثاني بعد ”قلب على رأس إبرة“ (2015) وتعلن عن نضوج تجربتها. في ”السيدة كليمونتين“، تنفلت أمل من صرامة الضوابط اللغويّة لتكتب نصوصا حرّة ذات خصوصيّة مؤنّثة. بإمكان القارئ وبغضّ النظر عن جنسه، أن يتماهى مع أمل، أن تنصهر ذاته مع ذوات قبيلة النساء التي يغصّ بها حلقها، أن يعاشر نصوصها، يقتحم حميميّتها، ويتجوّل في خيالها الشيزوفرينيّ.

ثورة الكيراتين واعتصام الست نجوم

ما العجب في عودة الطبيب النفساني فرانتز فانون إلى الرازي ؟ وأين الغرابة في عودة غريمه سليٌم عمار، الذي كان أبعده من المستشفى أواخر الخمسينات، إلى المشهد ؟ عاد سليٌم عمار بعينيه الزرقاوين ” محنطا ملفوفا كمومياء رفقة زبانيته لتهشيم عظام كل من يلتحق بفانون “. أما المفكر والمناضل الثائر على الاستعمار فعاد محملا بمشروع ” الكارتين الذي يهدف إلى تحويل أقسام المستشفى إلى معاهد تجميل ومنتجعات راحة “. مشروع بديل ضرب لوبيات الأطباء ومخابرالأدوية في الصميم. هذيان أيمن الدّبوسي الأدبي أشعل ثورة الضحك للإطاحة بمضادات الذهان الكلاسيكية وغير التقليدية، مستعملا كل مفردات الثورة.

”سهرت منه الليالي“ لعلي الدوعاجي : عن الأدب المرح والنقد اللاذع

إن المتمعن في أقصوصات “أبو القصة في تونس”، كما سماه الناقد توفيق بكار، يلاحظ أنه جعل نصوصه مطية لتضمين آرائه في السياسة الاستعمارية وانعكاساتها السلبية على المجتمع التونسي آنذاك. ولعل ما يميزه عن غيره وجعله رائدا من رواد الأدب التونسي هو قدرته على إضفاء بعد هزلي رغم جدية وحساسية المواضيع المطروحة في قصصه فهو لا يفضل الوعظ الثقيل فالقصة “صورة صادقة لمنظر شاذ” على حد تعبيره.

منور صمادح : شاعر حاضر رغم التغييب

“إبتسم يا شعب” هي أولى الكلمات التي كتبها منور صمادح سنة 1948 والتي ستبقى كوصية للأجيال المتعاقبة وكدعوة للفرح والإقبال على الحياة. لقد توجه الشاعر إلى أبناء شعبه تماما كما صرخ فرحات حشاد من الأعماق “أحبك يا شعب”. ولأن صمادح من طينة الشخصيات الكبار فقد بث حبه للشعب وغيرته على الوطن عبر قصائده. لكن شعر صمادح إستهدفه النظام البورقيبي الذي عمق الهوة بين الشاعر والعامة من خلال منع دواوينه والتضييق عليه.

الشّاعر و القلق الوجوديّ : قراءة في مذكّرات أبو القاسم الشّابي

إنّ القلق الوجودي هو محرّك وركيزة لدى كثير من الأدباء والمفكّرين الكبار الذين تركوا أعمالا خالدة على مرّ العصور ( لعلّ أشهرهم الكاتبإ البرتغالي فيرناندو بيسوا بكتاب اللاّطمأنينة ) وأبو القاسم الشابي بمذكراته سجّل إسمه في قائمة الكتّاب الذين حولوا قلقهم إلى مادة إشتغلوا عليها ليخرجوا نصوصًا تستفزّ القارئ. و الحقيقة أنّ من يتتبّع مذكرات الشابي و يمعن في أدقّ تفاصيلها يكشف شخصيّة متفرّدة و متشائمة، تشاؤما يصل حدّ العدميّة في كثير من الأحيان

كمال الزّغباني و مغامرة البحث عن السّعادة

عندما شرعت في قراءة رواية “مَكِينَة السّعادة” لكمال الزّغباني، لم أستطع أن أمحو من ذهني صورة الفلسوف و أفكاره. فمؤلّف “أخلاط في البهيموقراطيّة و الثورة” فيلسوف و أديب في الآن ننفسه.فعلى القارئ – و منذ البداية و فى كلّ صفحة – ان يحاول إستيعاب التأمّلات الفلسفيّة من جهة و كذلك فهم الرسائل المضمّنة في طيّات هذه الرّواية.

“عشيقات النّذل” لكمال الرّياحي : رواية عن عالم النّذالة

يجد القارئ نفسه في متاهة منذ بداية هذه الرواية إذ يقحمه الرياحي في شبكة من العلاقات المشبوهة و الأحداث التي تتسارع فيتبعها مُرْغَمًا بغية الوصول إلى الحقيقة لكن دون جدوى. ففي كلّ مرّة تعتقد أنك حللت لغزا و فهمت أحجية “الشخصيّات-الأنذال”، تعود الأمور إلى سيرتها الأولى و يعود التشويق إلى أوجه. ينقل لنا مؤلّف “المشرط” مجتمعا قذرا مليئ بالمكائد و الدسائس و الجنون و الجريمة، صورة قبيحة سوداء يجعلنا الكاتب نتتبع أهمّ الشخصيّات الفاعلة داخلها.

رواية ”سان دني“ لعلي مصباح : تاريخ جيل من المهاجرين

تبدأ الرواية في أولى فصولها بوصف دقيق لمشهد تكرّر آلاف المرات و موقف يعرفه الشباب المهاجر في سبعينات و ثماينات القرن الماضي إذ يسعى مصباح لنقل و رصد أهمّ الصراعات النفسيّة التي يعيشونها و الحالة المزرية التي يعاني منها شباب تونسي لم يمض على ستقلال بلاده سوى عشرين سنة. كأنّ الكاتب أراد تخليد الإحساس و الإمساك بهذا المشهد ليكون بمثابة شاهد على عصره يبعث برسائل تحذير وتذكير إلى أجيال ستأتي بعده.

”إنتصاب أسود“ أو عندما تتحوّل الرّواية البورنوغرافيّة في تونس إلى سلاح ضدّ الرّجعية

”إنتصاب أسود“ تعتبر صرخة جيل لطالما حلم بالحريّة و الثّورة و الإنعتاق و التخلّص من العقد التي إستولت على العقل العربي منذ مئات السّنين، إنّها بداية ثورة و دعوة للإنفتاح على الآخر المختلف و ثقافته و جسده و هكذا يتمّ ”تناكح الثّقافات“ كما جاء على لسان البطل بطريقة ساخرة