من احتكار سوق الدّين في تونس إلى تحريرها

على نقيض الدكتاتورية التي تحنّط المجتمع ثم تنفث في رفاته إيهاما بأنه حيٌّ يُرزق، تختزل الثورة تاريخَه وتؤجّج حراكَه. من هذا الباب يبدو وضع الدين في تونس الراهنة جديرا بالمتابعة. فقد شهد مجال التديّن والمقدّس تحولات هائلة قطعت مع ما ساد سلفا. انتقل فيها التعامل مع الشأن الديني من التسيير والتوجيه والاحتكار، عبر هياكل الدولة النافذة: ، المجلس الإسلامي الأعلى، مؤسسة الإفتاء، الجامعة الزيتونية، وزارة الداخلية، إلى ضرب مغاير كليا، يماثل ما يطلق عليه علم الاجتماع الديني الأمريكي “تحرير السوق الدينية […]

راشد الغنّوشي الذي عرفت۰۰۰

أمْلى عليّ أمران الانشغال بحركة النهضة: الأوّل انطلاق تحصيلي الديني في الجامعة الزيتونية، المعقل الذي ضمّ حشدا غفيرا من أنصار تلك الحركة في ثمانينيات القرن الماضي، ما جعلها تكون عرضة لنصيب وافر من بأْس الطغيان؛ والثاني متابعتي للإسلام السياسي بموجب تخصّصي في دراسات الأديان، الأمر الذي دفعني دفعا إلى رصد تطوّرات الفكر الديني.

حتى لا تبقى الزيتونة بئرا معطَّلة

بقلم عزالدّين عناية -رغم الثقل التاريخي الرمزي للزيتونة، تحوّلت منذ مطلع الاستقلال إلى هيكل علمي وديني خاو. ولم تفتأ حتى العائلات الأرستقراطية التونسية، مثل النيافرة والجعايطة والبيارمة والعاشوريين وغيرهم، التي طالما تحكّمت بمقاليدها وعمّرت أروقتها، أن هجرتها وما عاد لديها رهان على دورها العلمي أو الريادي في تشكيل النخبة التونسية.

إصلاح العقل الزّيتوني

ثمة مغالطةٌ شائعةٌ لدى عديد المتابعين للشأن الديني في تونس، عند التطرّق لمآلات الزيتونة، تتمثّل في اختزال أزمة تلك الجامعة العريقة في معادلة كمّية تتحدّث عن تراجع أعداد الطلاّب. حيث يُردَّد بأن الدارسين الزواتنة، في الفترة الاستعمارية، كانوا أكثر نفرا منه في ظلّ حقبة الاستقلال. والحقيقة أن ذلك تقييم واهمٌ طالما شاع بين كثيرين، فقد كانت الزيتونة تعيش أزمتها حين كان العدد بالآلاف ولما تراجع إلى بعض المئات أيضا

تحرير السّوق الدّينية في تونس

بقلم عزالدين عناية – لم تشهد البلدان العربية، على مدى تاريخها المعاصر، تعاملا ديمقراطيا في تعاطيها مع الشأن الديني، وبالمثل لم تُطوَّر مقاربة علمية في معالجة الظواهر الدينية. ولم تشذ تونس عن ذلك السياق العام رغم المنزع الحداثي المبكّر للدولة منذ مطلع الاستقلال. وهو ما جعل البلاد بعيدة عن مفهوم “الدين المدني”، وأبقى تعاطي السلطة مع الدين، بشتى أبعاده المعرفية والعلمية والتربوية، مفتقدا لرؤية حداثية حقيقية، ودون مطمح الريادة الحضارية التي تطلّعت إليها تونس بين البلدان العربية.

Inscrivez-vous

à notre newsletter

pour ne rien rater de nawaat.org