Les articles publiés dans cette rubrique ne reflètent pas nécessairement les opinions de Nawaat.
بقلم أمين سقير،

هناك محاولة لتقسيم الشعب التونسي إلى أطراف متناحرة على المستوى الاديولوجي وحتى المادي (كما صار في المتلوي) وذلك لتبرير عودة نظام تسلطي بدعوى إرجاع الأمن يبدو أن الشعب التونسي بدأ يفقد اولوياته وهي إرساء نظام مؤسساتي صلب ويرتكز على إعلام حر (كم عدد القنوات والجرائد التي تم التصريح لها مؤخرا؟) وقضاء مستقل و نزيه وجهاز أمني في خدمة المواطن وليس في خدمة النظام أو مصالحه الخاصة ومحاسبة أكبر التجاوزات في حق الشعب و كلما تذكر الشعب هذه الأولويات كلما افتعلت مشكلة لإلهائه.

المؤسف في الأمر أن المثقفين هم من إندفعوا في كل مرة إلى صراعات جانبية وبلعوا جميع الطعوم التي القيت اليهم وكان أولها مسألة اللائكية التي أثارت حفيظة المواطن العادي وألقت بالكثير في احضان الإسلاميين قبل أن يكتشف الجميع أن الفصل الأول من الدستور هو بالفعل الحل الأمثل للدولة التونسية ولكن من المؤسف أن الإسلاميين تمكنوا من ايهام الكثيرين أن هوية تونس العربية المسلمة في خطر رغم أن هذه الهوية صمدت للإستعمار الفرنسي و لجميع محاولات طمسها، ثم محاولات أخرى للتمويه كافتعال وجود مسألة أمازيغية في تونس ثم المسألة الشيعية ثم مسألة الإلحاد ! الثابت أنه كلما تم التشكيك في هوية الشعب كلما زاد تمسكه بهويته العربية المسلمة وهذا أمر مرغوب فيه ولكن أمام جهل عامة الناس بأصول وثوابت الدين و وجود تيار الإسلام السياسي الذكي جدا واللذي يستطيع التلاعب بالعقول وإدعاء الوسطية فالأمر يصبح خطرا فمن السهل التحكم بإسم الدين في شعب يجهل كل شيء عنه في حين أن الخلط بين الإسلام والسياسة ليس في مصلحة الإسلام أصلاً!

النتيجة أن تحصل القطيعة بين نخبة صارت تخشى الإسلاميين إلى درجة التهجم على مظاهر التدين و أحياناً الدين نفسه رغم أنهم مسلمون وبين مواطنين عاديين يحنون إلى الماضي ويستهويهم الجانب الأبوي ولطف الإسلاميين وكرمهم وسخائهم بفضح تمويل أقل ما يقال عنه أنه مشبوه ويتحمسون كل الحماس للدفاع عن الإسلام الغير مهدد أصلا.

مالذي نخشاه؟ هل نخشى زمرة حزب التحرير والسلفية التكفيرية ودولة الخلافة؟ألم تثبت الأجهزة الأمنية قدرتها على السيطرة عليهم؟ أليس هذا التهديد مضخماً بصفة مقصودة ؟ألا يراد منه إخافة الشعب التونسي وإلهائه؟ التونسي يعرف أن الإسلام متسامح ولكن قد يقف مع المتطرفين و يتصرف بعنف إذا أحس أن دينه في خطر.

الخطر الحقيقي هو من ناحيتين:

– الإسلام السياسي التي يريد الإلتفاف على مفهوم الدولة التونسية الذي وضعه بورقيبة كدولة عربية مسلمة متفتحة على الغرب و وسطية وعلى مفهوم الوطنية والجمهورية الذي لولاه لم قام الجيش بالتصدي لبن علي، ثم تعويض هذه المفاهيم بأخرى دينية والإتجاه شرقاً نحو التبعية لدول الخليج .وهي حركة لن تقف أمام جناحها المتطرف لغايات إنتخابية أو ربما لأنها تحتاجه لاحقاً.

– ومن ناحية أخرى القوى التي تريد الإبقاء على نفسها بمنأى على المحاسبة و الحفاض على نفوذها مهما كان الثمن و لو تطلب ذلك ترك المجال للمتطرفين و عدم ملاحقتهم.

هل عرفتم الأن من يخلق هذه القطيعة؟و في مصلحة من تصب؟

يبدو أن بث فيلم لا ربي لا سيدي يمثل استفزازا وإباحية فكرية ربما كان من الأفضل اجتنابها في الوضع الراهن لأنها تفرق بين مثقف يحمي الثقافة وحرية التعبير رغم أنه مزعج من من أفكار الفيلم ومواطن عادي يحس أن دينه أهين .

الهوية العربية الإسلامية للشعب التونسي لا يمكن المساس بها حالياً ! الرجاء عدم استفزاز المشاعر الدينية واستكمال الإستعداد للإنتخابات ومراقبة عمل الأحزاب ومراقبة المال السياسي حتى لا تباع تونس بعيداً عن المبارزات الفكرية في هذه الفترة على الأقل.