فبعد إغلاق مكاتب الاقتراع، أطلت المنشطة إنصاف اليحياوي مصحوبة كعادتها بخليفة الشيباني، أكثر ضيوفها القارين إثارة للجدل بسبب قبعته الأمنية من جهة ومواقفه المساندة لسعيّد من جهة أخرى، والذي أثار سخرية رواد فايسبوك بسبب مواقفه وقراءته السياسية لنتائج الانتخابات. فالعميد خليفة الشيباني رأى أن صدور ترقيم جديد لتونس من وكالة موديز صبيحة الانتخابات التشريعية ليس أمرا عاديا، وقال بصراحة إنه لا يؤمن بالطقوس الانتخابية في الديمقراطية، وأن الانتخابات تكون بمن حضر.

من الداخلية إلى الوطنية

منذ أكثر من سنة، أصبح خليفة الشيباني الناطق الأسبق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني ولاحقا باسم وزارة الداخلية، ضيفا يتكرر ظهوره يوميا من أجل التعليق على الأحداث اليومية الكبرى في تونس في برنامج الوطنية الآن، وهو البرنامج السياسي الوحيد الذي تبثه القناة الوطنية الأولى. يرتدي الشيباني تارة قبعة العميد وأخرى الأستاذ عند تقديم المنشطة إنصاف اليحياوي ضيوف برنامجها، في حين يقدمه معدو البرنامج بصفته محللا سياسيا وأمنيا.

منذ بداية العام 2021، أضاف خليفة الشيباني صفة جديدة إلى رتبته الأمنية، وأصبح يُلقّب بالمحلل السياسي والأمني العميد خليفة الشيباني، كما مُنح كرسي الضيف القار في قناة الحوار التونسي، وفُتحت له بعد 25 جويلية 2021، أبواب الإذاعات مثل إذاعة شمس أف أم وديوان أف أم والقنوات التلفزية مثل نسمة والتاسعة والقناة الوطنية الأولى حتى أنه أصبح يطل في كل مرة من منابر قنوات أجنبية مثل قناة العربية والحدث وسكاي نيوز ودوتشي فيله، ليحلل الأوضاع ويتحدث في كل المجالات: الديمقراطية والاعتقالات وكرة القدم والاقتراض من صندوق النقد الدولي وعلاقة الاتحاد العام التونسي للشغل بالرئيس.

يرفض العميد المتقاعد خليفة الشيباني توضيح تفاصيل حضوره القار في الإعلام خاصة في القناة الوطنية الأولى، وما إذا كان يتقاضى راتباً مقابل ظهوره الدائم في برنامج الوطنية الآن. يقول في تصريح لموقع نواة إنه يحل بصفته ضيفا على القناة وأنه يرفض أي تفسير بخصوص تعاملها ، مضيفا أن الجدل بخصوص صفته وحضوره الدائم في القنوات التلفزية والإذاعات محسوم بالنسبة إليه لأنه متحصل على الأستاذية في الاتصال من معهد الصحافة وعلوم الأخبار وبالتالي فإن له الحق في تحليل الأوضاع حسب قوله.

دور جديد بخلفية قديمة

تقلّد خليفة الشيباني خطة ناطق رسمي لوزارة الداخلية في 6 نوفمبر 2017، ثمّ تمّ تعيينه في الإدارة العامّة للحرس الوطني في 7 جوان 2018. في جويلية 2018، أعفى وزير الداخلية بالنيابة غازي الجريبي خليفة الشيباني من خطّة الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني، وذلك بعد أقل من شهر على عودته إلى ذلك المنصب.

يقول الشيباني في أحد تصريحاته الإعلامية بعد مرور أشهر قليلة عن مغادرته وزارة الداخلية، إنه اختار التقاعد المبكر طواعية وإنه “يريد التفرغ للقيام بدور فاعل داخل المجتمع من خلال العمل الجمعياتي وإمكانية خوض تجربة سياسية حزبية والترشح للانتخابات إذا رأى بدّا لذلك”. لم يطل انتظار العميد المتقاعد حتى بدأ بممارسة السياسة من منابر القنوات التلفزية والإذاعات.

بعد 25 جويلية 2021، انقلب خليفة الشيباني على مفهوم الأحزاب، ليتهمها كلها في تصريح له على إذاعة شمس أف أم بأنها مارست العمل السياسي باعتباره غنيمة. في نوفمبر الماضي، تحدّث الشيباني في قناة القاهرة اليوم عن الثورة التونسية قائلا إن “الأحزاب لم تشارك في الثورة التونسية”، كما هاجم الديمقراطية في تصريح آخر بالقول إنها “جوّعت التونسيين وخلقت النزعة العروشية وبالتالي نحن لا نريد هذه الديمقراطية.” في المقابل لا يرى مانعا من تلبية دعوة جمعية بسيدي بوزيد لاستضافته وتكريمه بمناسبة العيد الثاني عشر للثورة التونسية.

في أغلب الأحيان، لا ينزع الناطق الأسبق باسم وزارة الداخلية قبعته الأمنية في تحليله وتفسيره للوضع في تونس، فقد دخل المنابر الإعلامية في البداية ببدلته الأمنية حاملا فوق كتفيه السيفين والشعار، وخطابه لم يغادر تلك البدلة حتى بعد مغادرته وزارة الداخلية منذ أكثر من أربع سنوات.

موقف الشيباني من الهجرة غير النظامية لا يختلف عن بلاغات وزارة الداخلية، حتى أن الحزب القومي التونسي الذي يتبنى خطابا عنصرياً تجاه مهاجري جنوب الصحراء، شارك تسجيلا صوتيا يوم 30 أكتوبر  2022قال فيه الشيباني إنه لا مجال للمزايدات بمسألة العنصرية عند الحديث عن هجرة الأفارقة من جنوب الصحراء إلى تونس، مضيفا أنه وجب مراقبتهم لأن النيجر والكوت دي فوار هي بؤر للقاعدة ولتنظيم بوكو حرام. كما تحدّث بصفته ضيفا دائما في برنامج ناس الديوان في إذاعة ديوان أف أم عن وجود المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء قائلا : “صفاقس أكثر الولايات محافظة لكن كثرة الأفارقة جعل نسيجها الاجتماعي والديموغرافي في خطر”.

بوق للسلطة عبر الأزمنة

يوم 14 جانفي الماضي، سخر الشيباني من المحتجين واصفا إياهم بأنهم عادوا إلى منازلهم “حزانى خاطر الأمن مضربهمش”، داعيا إلى تطبيق القانون مثلما تفعل فرنسا التي تستعمل فيها الشرطة العنف ردا على تجاوز القانون، حسب قوله.

من جهة أخرى، يساند خليفة الشيباني في كل منبر إذاعي أو تلفزيوني سياسة الرئيس قيس سعيد، مشددا على انتقاد حكم العشر سنوات الذي قادته حركة النهضة وحلفاؤها طيلة تلك الفترة، رغم أنه تقلد خلالها خطة المسؤول عن الإعلام والناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني ووزارة الداخلية. في محاولته التنصل من تلك المسيرة يبرر الشيباني “بـأنه كان ناطقا رسميا مهمته نشر وإذاعة التقارير الميدانية التي تصله “.

يوم 25 جويلية 2022، حلّ الشيباني ضيفا على برنامج في قناة الحدث، معددا خصال الرئيس قيس سعيّد “رجل لا يعرف الغرف المغلقة ولا الصفقات تحت الطاولة”، متحدثا عن مؤشرات إيجابية في تطويق الكوفيد وعودة السياحة وإنتاج الفسفاط، مؤشرات تتكتم عنها مؤسسات إعلامية كانت جزءا من المنظومة حسب قوله، رغم علمه بسياسة الرئيس في إغلاق أبواب القصر أمام وسائل الإعلام.

في كل مرة، يبدو خليفة الشيباني مدافعا شرسا عن سعيّد وخياراته، حتى أنه تشنج حين انتقد لطفي المرايحي سياسة الرئيس، ليجيبه حرفيا “ماهو وزنك حتى تكون بديلا لسعيّد”، موغلا في قراءات سياسية مضللة حول مبادرة الاتحاد وعلاقة المنظمة الجيدة بالرئيس، دليله في ذلك أن الطبوبي أكثر شخصية التقاها الرئيس، رغم أن التوتر بين المنظمة والرئاسة وصل إلى أقصاه ولا يمكن أن يخفى على أي متابع.

يتذكر المتابعون للشأن العام جيدا، في جريمة إغراق عمر العبيدي المعروف بشهيد الملاعب، أن الشيباني نفى بكل ثقة في النفس مطاردة الشرطة لعمر العبيدي خارج ملعب رادس، لتكشف كاميرات المراقبة زيف ادعاءاته بعد ذلك. فأي مصداقية تعتمدها وسائل الاعلام، خاصة تلك الممولة من دافعي الضرائب، لفرضه محللا في برامجها الحوارية؟