يُمكن لرئيس الجمهورية بمقتضى الفصل 70 من الدستور أن يُصدر مراسيم -في صورة حلّ البرلمان- على أن تُعرض على المجلس التشريعي للمصادقة في الدورة النيابية اللاحقة. وتُستثنى المادّة الانتخابيّة من إصدار مراسيم، بما يعني استحالة تغيير القانون الانتخابي الحالي أو نسخه أو تنقيحه بمرسوم رئاسي في ظلّ ما ينصّ عليه الدّستور الحالي.

من خلال قراءة أوليّة لما يُمهّد له رئيس الجمهورية، فهو أمام خيارَيْن: فإمّا أن يعود السّير الطّبيعي لعمل مجلس نوّاب الشّعب، على أن يتمّ تنقيح القانون الانتخابي بالأغلبيّة المُطلَقة، أي ما لا يقلّ عن 109 أصوات. في هذه الحالة، يُمكن أن ترفض النّهضة وأنصارها مقترحات التعديل وبذلك تتعمّق الأزمة السياسيّة. ولا يُمكن استبعاد فرضيّة قبولها لقواعد اللّعبة من خلال التصويت لفائدة التعديلات وتبنّي سرديّة “إنقاذ البلاد” و “التضحية في سبيل إنجاح المسار الدّيمقراطي” كما سبق وأعلنت ذلك خلال أزمة الحكم في 2013.

أمّا السّيناريو الثاني المطروح أما قيس سعيّد، فهو إنهاء العمل بالدّستور الحالي وإعداد مرسوم يتعلّق بتنظيم السّلط العموميّة، شبيه بمرسوم 23 مارس 2011. ويمكن أن يطرح المرسوم عددا من الإجراءات من بينها إلغاء العمل بالدستور وحلّ البرلمان.  وجدير بالذّكر هنا أنّ تعليق العمل بالدستور أسهل إجرائيّا من تنقيحه. فالتنقيح يتطلّب أوّلا رأي المحكمة الدستورية في وجاهة التنقيح وعدم مساسه بالمبادئ والفصول التي لا يمكن تنقيحها، وهي الفصلان الأوّل والثاني من الدستور، ومن ثمّ عرض مبدأ التنقيح على البرلمان للتصويت عليه بالأغلبية المُطلقة للأعضاء، أي لا ما يقلّ عن 109 أصوات. وفي مرحلة لاحقة، يتمّ التصويت على جوهر التعديل بأغلبية الثُّلثَين، أي ما لا يقلّ عن 145 صوتا. وهو أمر غير وارد في ظلّ الظروف الحاليّة لغياب المحكمة الدستورية أوّلاً، ولغياب الأغلبية المطلقة والمُعزّزة في البرلمان ثانيا، ولمواصلة قرار تجميد نشاطات البرلمان ثالثا.

وعليه، فإنّ إمكانيّة تنقيح القانون الانتخابي أو إلغاء العمل به من خلال نسخه وإعداد مشروع قانون ثان غير واردة في ظلّ الظروف الحاليّة، من الناحية الإجرائيّة. فإمّا أن يكون رئيس الدّولة غير عابئ بمؤسسات الدّولة وبدستورها، وهو أمر مُستبعَد لأنّه طالما أكّد التزامه بالدستور وعدم الخروج عنه، أو أنّه يريد قلب الطّاولة بمن فيها والتمهيد لإنجاز مشروع سياسي جديد.