وبحسب وثيقة محضر جلسة عقدت بتاريخ 4 ديسمبر 2020، بمقر ولاية تونس

حضرها الوالي الشاذلي بوعلاق والأطراف المعنية بملف نزل الهناء الدولي، وتحصلت “نواة” على نسخة منها، فإن مطالب العمال يمكن تحديدها كالتالي:

  • خلاص أجور ماي وجويلية وأوت وسبتمبر وأكتوبر ونوفمبر لسنة 2020
  • تقديم منحة الإنتاج عن سنوات 2015 و2016 و2017 و2019 و2020 وبقية منحة سنة 2018
  • خلاص شهري أوت وسبتمبر 2016
  • زيادات في الأجور منذ سنة 2016 وقيمة لباس شغل منذ سنة 2015

⬇︎ PDF

نحو التصعيد

كاتب عام النقابة أفادنا بأنهم دخلوا في عدة تحركات احتجاجية منذ شهر ماي 2020 لتحقيق مطالبهم دون نتيجة تذكر، “ومازلنا ماشين للتصعيد ولإضراب عن الطعام إذا لم تتم الاستجابة لمطالبنا”.

وعن سبب تعطّل ملفهم وعدم التوصل لنتيجة لحد الآن برغم الاحتجاجات والاتصال بالجهات الرسمية ذات العلاقة بالملف في وزارة السياحة ووزارة الشؤون الاجتماعية والولاية، قال “تفسيري الوحيد هو أن رؤوف المهني أقوى من السلطة السياسية الغائبة عن الوجود، وقد قالها لنا بالحرف الواحد: “أنا القانون وأنا السلطة وأنا الدولة”.

العربي البجاوي، قابض النزل وأمين مال النقابة الأساسية، الذي استقبلنا في أول زيارة لمقر الاحتجاج، وشرح لنا وضعية النزل منذ بداية المشكلة لحد مقابلتنا له، قال “ذهبنا للولاية ووزارة السياحة ومقر الشركة بنهج روسيا وذهبنا لمنزله كذلك ولا حياة لمن تنادى”. وأضاف “حضرنا خمسة جلسات في الولاية، وعندما لم يجد الحاضرون تجاوبا من طرف صاحب النزل رفعنا قضايا وأصبح الملف لدى المحكمة”.

⬇︎ PDF

الشجرة التي تخفي الغابة

العديد من المشاكل الأخرى يخفيها ملف توقف النشاط بنزل الهناء الدولي كنا نعمل مرسمين ووضعيتنا جيدة إلا أنه ومنذ 2015، لم نعد نحصل على أجورنا بشكل طبيعي وبدأت وضعيتنا تتدهور، وما حصلناش على لباس الشغل الموحد من سنة 2016، لدرجة أن كل خدّام اضطر يشري اللباس الموحد على كاستو الخاصة “، ويتابع العربي سرد قصتهم ” لدينا قروض سكنية من بنك الإسكان الذي رهن بيوتنا وإذا لم ندفع أقساطنا المتبقية فإنهم سيفتكون منا بيوتنا ونصبح في الشارع، ناهيك أننا منذ 2015 لم يُنزّل رواتب في حسابنا، وصار يدفع لنا كل أسبوع 100 أو 50 دينار، وبعد أربعة شهور ناخذو شهرية كاملة”.

ويضيف متحسرا “حاولنا في البداية أن نحافظ على مواطن شغلنا ونصبر لكن، كما يقال، رضينا بالهم والهم ما رضا بينا، حتى منحة 150دينار لم يعد يقدمها لنا، بل أكثر من ذلك يقتطع من أجورنا ولا يدفع للضمان الاجتماعي”.

جميع العمال الذين التقيناهم أكّدوا لنا أنهم يعيشون من دون تغطية اجتماعية وتأمين صحي منذ سنوات مما اضطر بعضهم لدفع نفقات العلاج على حسابه الخاص كما هو الحال مع محمد خلفاوي، عامل بالنزل منذ سنة 1995، الذي اضطر دفع تكاليف عملية جراحية على البطن على نفقته الخاصة لأن المشغل لم يدفع مستحقات الضمان الاجتماعي للثلاثيات الأخيرة بالرغم من أن صلوحية بطاقة العلاج لا تزال سارية، كما عبّر عن حيرته مما يجب فعله لتوفير الدواء لزوجته المريضة بالسرطان في هذه الوضعية.

“عمري 51 سنة ولم أعد أقدر على العمل، لدي فقرات في ظهري تشوكت بسبب العمل والتحميل الأثقال ولم أحصل على ترقية منذ 1991”، قصة أخرى يرويها محمد الغزواني طباخ مصاب بأمراض مزمنة، يقول أيضا” ذهبت للعلاج ولم يُقبل دفتري بسبب عدم دفع مستحقات الضمان الاجتماعي. لا أجد المال لشراء الدواء، لا أقدر حاليا أن أوفر مصاريف لأي شيء، بقينا بلا مال أنا وعائلتي”.

تكاليف العلاج والتغطية الاجتماعية ليست الأضرار الوحيدة الناجمة عن توقف النزل عن النشاط، هنالك من وجد نفسه مهددا بالمبيت في الشارع هو وعائلته، بحسب الوثائق التي حصلت عليها “نواة”. طارق بن يحيى، عامل، يقول “عندي 9 أشهر لم أحصل على مستحقاتي المالية، لم أجد مالا أدفع به الإيجار، تضررت كثيرا، صدر ضدي حكم بالخروج من المنزل المستأجر لعدم دفع كراء 9 أشهر بما قيمته 3150 دينار، وحاليا هنالك حكم بالنفاذ العاجل، ورغم ذلك لم يقم رؤوف المهني بأي خطوة لإيجاد حل!”.

تضرر قطاع السياحة

على غرار باقي دول العالم، تضرر قطاع السياح في تونس كثيرا بسبب أزمة كورونا، وقال وزير السياحة والصناعات التقليدية الحبيب عمار، بتاريخ 6 فيفري الجاري، أن سنة 2020 هي الأسوأ في تاريخ السياحة التونسية في ظل تداعيات جائحة كورونا. وأشار إلى أن العائدات السياحة قد انخفضت بنسبة 64 بالمائة وتراجع عدد الليالي المقضاة بنسبة 80 بالمائة وعدد الوافدين على البلاد بنسبة 73 بالمائة. وتطرق في هذا السياق إلى منحة 200 دينار المرصودة للعمال وتكفل الدولة بالضمان الاجتماعي للمؤسسات الناشطة في قطاع السياحة والصناعات التقليدية.

لكن هذه الحوافز لم يستفد منها عمال نزل الهناء الدولي، فلم يحصل العمال على منحة مالية ولا على تغطية اجتماعية. يعود ذلك، حسب أنس بوخريص مندوب السياحة بتونس الشمالية والعضو المفاوض عن وزارة السياحة في ملف عمال نزل الهناء الدولي، إلى وضعية الفندق غير الواضحة بسبب عدم سداد قروض سابقة حصل عليها صاحب النزل من بنوك عمومية وخاصة. قابض النزل الذي أوضح لنا أن وضعيّة رؤوف المهني الجبائية عالقة بسبب عدم دفع الضرائب وسداد القروض، وتسببت له في عقلة على حساباته البنكية المتعلقة بالفندق. “وقد وصل به الأمر لأخذ قروض من البنوك للإيهام بالقيام ببعض الإصلاحات في الفندق في حين هو مجرد ذر رماد على الأعين ليقوم فيما بعد بإدخال أغلبية المبلغ الحاصل من القرض لحاسباته البنكية”. نفس المعلومة أكدها لنا كذلك مندوب السياحة.

وعن دور وزارة السياحة في ملف الهناء الدولي، أفاد أنس بوخريص أن الوزارة تدخلت كوسيط للصلح وإيجاد حل لعودة الفندق للعمل، وهو ما يصب في مصلحة العمال، “وقد عقدنا 6 جلسات تقريبا مع الأطراف المعنية من نقابة عمال النزل وعلي المهني، إبن رؤوف المهني صاحب النزل، ووزارة الشؤون الاجتماعية، وقد وعدهم صاحب النزل بسداد مستحقاتهم حينما يحصل على قرض جديد لكنه أخلف وعده معهم مما تسبب في أزمة ثقة بين الطرفين”.

وأوضح قائلا ” الوزارة دافعت على إعطاء أصحاب النزل قروضا لإعادة تشغيله والحفاظ على مورد رزق العمال إلا أن رؤوف المهني لا يستجيب لأي شرط من شروط إسداء القروض، ولا يمكن أن تضمنه الدولة لأنه لم يسوي وضعيته المالية السابقة”.

صورة السياحة

وعن تأثير الوضعية المعلقة للفندق على صورة السياحة في تونس، قال “نحن غير مرتاحين لوضعية الفندق المغلق في قلب العاصمة وفي شارع رمز مثل شارع الحبيب بورقيبة، وليس لدينا لا الصلاحية ولا الاختصاص للتدخل وفض تجمع العمال وإسقاط شعاراتهم”، وأضاف

“الوزارة تبتعد عن الغلق الإداري لمؤسسة سياحية لما له من تأثير على قطاع السياحة، والمثال نزل البحيرة والفنادق المهجورة في سوسة والتي تحولت لخربة تنفّر السواح والزائرين”.

من جانبه، قال العربي البجاوي أن الفندق كان يستقبل في السابق الملوك والأمراء، وكانت حافلات السياحة القادمة للمدينة العتيقة تتوقف عنده، “لكن انظروا ماذا حلّ به الآن بسبب تعنت صاحبه وظلمه للعمال”.

“نواة” قامت بزيارة مقر شركات رؤوف المهني أكثر من مرة، وأجرت اتصالات عديدة، لمعرفة رأيه من كل ما قيل حوله والاتهامات الموجهة إليه بهضم حقوق العمال، لكن الإدارة أعلمتنا بأنه لا يجيب على الصحافيين في هذا الموضوع، وأحالتنا على مدير الفندق الذي نفى هو الآخر أي دور له في الموضوع بالرغم من حضوره جلسة المفاوضات بتاريخ 4 ديسمبر في مقر الولاية ممثلا لرؤوف المهني وإدارة النزل. الإفادة الوحيدة التي حصلنا عليها منه هو أن المشكل الذي يعيشه العمال سببه جائحة كوفيد-19 مثل باقي النزل في تونس. وعندما ذكرناه بالمستحقات المالية للعمال والمنح والضمان الاجتماعي التي تعود لسنة 2015 قال بأن عمال نزل الهناء، وعلى خلاف أغلبية النزل في تونس، يتمتعون بالترسيم وهذا ما دفعهم للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية.

سواء أكان نزل الهناء الدولي أو أي نزل آخر، تأثيرات كوفيد-19 أضرت بالكثيرين في قطاع السياحة بشهادة أهل الاختصاص في تونس والعالم، لكن الغريب أن فندقا بقيمة الهناء الدولي يهضم حقوق 113 عاملا منذ سنوات عديدة دون تدخّل من الدولة ووزارة الشؤون الاجتماعية بشكل حازم لوضع حد لهذه المظلمة، خصوصا وأن صاحب النزل تحصّل على قروض عديدة لم يتم تسويتها، وهذا ما يحيلنا لرده على العمال عندما ذهب ليطالبوا بحقوقهم، فأجابهم “أنا القانون.. أنا السلطة.. أنا الدولة”.