ملف: مشروع قانون ”الزجر“، 5 سنوات عمل برلماني من أجل دولة بوليسية
Dossier
ملف: مشروع قانون ”الزجر“، 5 سنوات عمل برلماني من أجل دولة بوليسية
Mahdi Jlassi

Mahdi Jlassi

يستهل مجلس نواب الشعب دورته النيابية الثانية بجلسة للمصادقة على مشروع قانون زجر الاعتداءات ضد القوات الحاملة للسلاح، الذي تغير اسمه إلى مشروع قانون حماية قوات الأمن والديوانة. مشروع قانون مازال يثير الجدل منذ عرضه على البرلمان أول مرة سنة 2015 ورفضته المنظمات الحقوقية لما فيه من حصانة مبالغ فيها لقوات الأمن وتكريسه لثقافة الإفلات من العقاب ولما تضمنه من فصول تعسفية مخالفة للدستور، هدفها تقييد الحريات وفسح المجال أمام انتهاكات حقوق الإنسان في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى قوانين تحمي المواطنين وتضمن لهم حد أدنى من حقوقهم خاصة أثناء تعاملهم مع قوات الأمن.

صادقت لجنة التشريع العام في 24 جوان 2020 على مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح والذي يتضمن 15 فصلا. تقول رئيسة اللجنة سامية عبو إن النواب أدخلوا ”تعديلات كثيرة وجوهرية“ على مشروع القانون وذلك عبر تنقيح الفصول التي تمس من الحقوق والحريات وأصبحت ”فلسفة مشروع هذا النص القانوني قائمة على حماية الأمني دون انتهاك الحقوق والحرّيات الفردية والعامة ودون السّماح بالتجاوزات من طرف سلك الأمن“. هذه التعديلات بدأت من عنوان المشروع الذي تغير من مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة إلى مشروع قانون أساسي يتعلّق بحماية قوّات الأمن الدّاخلي والديوانة.  كما تم تصنيفه على أنه قانون أساسي وليس قانونا عاديا وهو ما يستوجب موافقة أغلبية النصف زائد واحد وليس أغلبية الحضور أثناء التصويت عليه في الجلسة العامة، بالإضافة إلى حذف القوات العسكرية من المشروع باعتبار أنها تتمتع بوضع خاص خلافا لقوات الأمن والديوانة.

رغم هذه ”التعديلات الجوهرية“ لا يزال المشروع يواجه رفضا واسعا من قبل منظمات المجتمع المدني وسط تخوفات من تكريس ثقافة الإفلات من العقاب بالنسبة لقوات الأمن، خاصة وأن تونس تسجل يوميا اعتداءات على المواطنين من قبل عناصر من الشرطة في الشارع أو في مراكز الإيقاف، وهو ما يستدعى توفير ضمانات بعدم انتهاك حقوقهم وحرياتهم. وتستعد المنظمات والمبادرات الشبابية لتنظيم تظاهرات مناهضة لمشروع القانون والضغط على النواب من أجل رفضه وإسقاطه في الجلسة العامة.

واعتبرت الناشطة في حملة ”حاسبهم“ مريم صوالحية في تصريح لنواة أن رفضها لمشروع القانون ”جاء من منطلق مخالفته لحقوق وحريات دستورية جوهرية، فالقانون ورغم التعديلات التي طورت منه بعض الشيء لا يزال يتضمن مفردات فضفاضة مثل ”التهديدات الجدية“ التي اعتبرها القانون موجبة لعقوبات سجنية“. وأضافت أن:

مشروع القانون يخالف نصوصا دستورية جوهرية وهي الفصل 21 الذي ينص على المساواة بين المواطنين والمواطنات. وهو ضرب لهذا المبدأ ليس فقط بحماية الأمنين بصفتهم بل بسحب الحماية على عائلاتهم بموجب الفصل الثاني من مشروع القانون.

وحذرت مريم صوالحية من خطورة بعض الفصول التي تكرس الإفلات من العقاب وذلك بعدم مؤاخذة العون جزائيا ”عند قيامه بمهمات أو تدخلات أثناء أدائه لوظائفه أو في علاقة بصفته، وكذلك في إطار تطبيق الأطر الترتيبية. ونتج عن ذلك أضرار مادية أو بدنية أو وفاة“. وقالت ”نعتبر أن هذا الفصل هو الأخطر في مشروع القانون لأنه يكرس الإفلات من العقاب ويعتدي على الحرمة الجسدية للمواطنين وينسف الحق في الحياة ويضع الأمني في مكانة فوق القانون الجزائي“.

بعرض هذا المشروع على الجلسة العامة في مستهل هذه الدورة النيابية الثانية، تحقق وزارة الداخلية والنقابات الأمنية انتصارا معنويا وذلك عبر استمالة نواب كانوا رافضين للمشروع وأصبحوا مساندين له بعد إدخال تعديلات على فصوله. لكن جميع المنظمات الحقوقية تعتبر أن التعديلات لم تقلص من خطورة مشروع القانون، فرغم بعض ”التحسينات“ لا تزال عديد الثغرات ترافق مشروع القانون خاصة في علاقة بتكريس ثقافة الإفلات من العقاب وعدم محاسبة الأمنيين وتمييزهم على بقية المواطنين بموافقة نواب الشعب، وذلك عبر تمتيعهم من حماية خاصة رغم أنهم قوات حاملة للسلاح، بدل التشريع لقوانين تحمي المواطنين من التعسف وانتهاكات حقوق الإنسان.

نواة في دقيقة: مشروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين يعود من جديد

بعد تأجيل النظر فيه لما يزيد عن السنتين، يعود مشروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين إلى طاولة النقاش داخل لجنة التشريع العام بالبرلمان إثر ورود طلب استعجال نظر من حكومة يوسف الشاهد المتخلّية. وقد عارض عدد من المكونات الحقوقية والسياسية لهذه المبادرة التشريعية لما تُمثّله من تضييق للحريات ومن تراجع عن مكاسب الثورة خاصّة فيما يتعلّق باحترام حقوق الإنسان. ومن المُنتظر أن تستكمل اللجنة البرلمانية المختصّة قائمة الاستماعات إلى الخبراء والحقوقيين.


مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة : المسار الزمني (2013-2017)

استمع مجلس نواب الشعب يومي الأربعاء والخميس 8 و9 نوفمبر 2017 إلى ممثلي منظمات المجتمع المدني بخصوص مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح. بالتزامن مع ذلك نظّم عدد من أعوان البوليس تظاهرة الأربعاء 8 نوفمبر قرب مجلس نواب الشعب للمطالبة بالمصادقة على مشروع القانون المذكور. وقد عاد الجدل حول هذا القانون إثر الاعتداء الذي طال عوني أمن قرب مجلس النواب أول شهر أكتوبر، مما أدى إلى وفاة أحدهما. من جهته أعرب الرئيس الباجي قايد السبسي عن انشغاله بضرورة التسريع بإقرار نص القانون، بالرغم من وجود العديد من القوانين التي تفرض عقوبات متصلة بالاعتداء على البوليس. وقد سلطت النقابات البوليسية العديد من الضغوطات على المشرع لفرض هذا القانون منذ سنة 2013.


قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة: مشروع يؤسس لدولة بوليسية على مقاس الثورة المضادة

وقعت 11 جمعية ومنظمة بيانا، الخميس 14 جويلية، عبرت فيه عن رفضها القاطع لمشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات المسلحة والذي اسمتعت في إطار نقاشه لجنة التشريع لوزيري الدفاع والداخلية، أمس الخميس 13 جويلية، في مجلس نواب الشعب.


قانون الزجر: وثيقة ”تغوّل أمني“ غير دستورية لضرب الإعلام والحريات

يحمل مشروع قانون “زجر الإعتداء على القوات المسلحة” في طياته جملة من الفصول التي تتعارض مع ما جاء في دستور تونس الجديد من مساواة بين جميع المواطنين وحماية للحقوق والحريات والحق في الحياة. وسنقدم في ما يلي مقارنة بين بعض هذه الفصول وبعض فصول الدستور ما يثبت هذا التعارض غير المبرّر سوى برغبة بعض الأطراف في فرض نظام بوليسي يسعى التونسيون للتخلص منه.

Inscrivez-vous

à notre newsletter

pour ne rien rater de nawaat

1Comment

Add yours

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *