تواصل لجنة الماليّة والتّخطيط والتّنمية أعمالها خلال العطلة البرلمانيّة طبقا لقرار مكتب المجلس المنعقد بتاريخ 30 جويلية 2020 والقاضي بإبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم. وتناقش اللجنة مشروع قانون يتعلّق بتنشيط الاقتصاد وإدماج القطاع الموازي ومقاومة التهرب الجبائي، من خلال الاستماع إلى عدد من الخبراء والمستثمرين والنقابيّين. واستمعت بتاريخ 17 سبتمبر 2020 إلى “مستثمر في قطاع الطّيران”  يُدعى أنيس الرّياحي، تمّ تعيينه أمين مال حزب نداء تونس بتاريخ 19 أكتوبر 2018. وقد نشرت نواة بتاريخ 22 جانفي 2019 تحقيقًا حول شبُهات تضارب المصالح تتعلق برجل الأعمال المذكور، حيث كان أمين مال الحزب ومُموّله في آن واحد.

كما اتهمه هشام العجبوني القيادي في حزب التيار ونائب رئيس لجنة المالية في البرلمان، في تدوينة على صفحته بالفايسبوك،  بتمويل حزب قلب تونس في انتخابات أكتوبر 2019، مما يضع دعوة الرياحي لحضور جلسة استماع في البرلمان من قبل القيادي في حزب قلب تونس ورئيس لجنة المالية عياض اللومي، في خانة تضارب المصالح.

في إنتظار تبادل الأدوار داخل اللجنة

لم يمرَّ الاستماع إلى أنيس الرّياحي، داخل اللّجنة بصفته مستثمرًا في قطاع الطّيران مرور الكرام. حيث نشر رئيس الكتلة الدّيمقراطية وعضو لجنة الماليّة بصفته مقرّرًا مساعدًا هشام العجبوني تدوينة علّق فيها على جلسة الاستماع إلى المستثمر أنيس الرياحي المتهم بتمويل حزب قلب تونس، وذكر أنّ مكتب اللجنة تعهّد –حسب ما ذكر النائب في تدوينته– بالاستماع إلى الهياكل المعنيّة بفحوى مشروع القانون المتعلّق بتنشيط الاقتصاد وإدماج القطاع الموازي ومقاومة التهرب الجبائي، وهي اتحاد الشغل و اتحاد الأعراف والبنك المركزي وهيئة الخبراء المحاسبين. فما كان من رئيس لجنة الماليّة وعضو حزب قلب تونس عياض اللّومي إلاّ أنّ نشر تدوينة نعت فيها زميله بالمريض والوقح والكاذب، على اعتبار أنّ هشام العجبوني على علم بانعقاد الجلسات وبالأطراف الّتي سيتمّ الاستماع إليها.

صورة لأحمد زروقي

يبدو من خلال هذا المشهد أنّ التيّار الدّيمقراطي يُريد بثّ الحياة من جديد في رأس ماله السّياسي الّذي تأسّس عليه، وهو مكافحة الفساد عبر التّشهير بالممارسات الفاسدة وكلّ ما له علاقة بتضارب المصالح، خاصّة وأنّ رئاسة لجنة الماليّة تُسند إلى المعارضة بمقتضى الفصل 60 من الدستور. وفي انتظار إعادة تشكيل تركيبة مكاتب اللجان التشريعيّة بصفة رسميّة في بداية الدّورة النيابيّة الثانية، فإنّ قلب تونس لن يحظى برئاسة لجنة الماليّة لأنّه منح الثّقة لأعضاء الحكومة الحاليّة بإجماع أعضائه الحاضرين (26 عضوًا) وفق الموقع الرسمي لمجلس نوّاب الشعب.

وللتّذكير، فإنّ لجنة الماليّة كانت في مناسبات عديدة محلّ شبهات وتضارب مصالح من خلال دفاع أعضائها عن بعض المقترحات الّتي تخدم مصالحهم بصفة مباشرة أو غير مباشرة. ولعلّ أبرز هذه المحاولات ما حدث خلال مناقشة مشروع قانون الماليّة لسنة 2019 والّذي تمّ فيه تأجيل دفع الضريبة المفروضة على المساحات الكبرى وعلى وكلاء السيّارات من جانفي 2019 إلى جانفي 2020. وقد اعتبرت المعارضة آنذاك أنّ هذا التّأجيل يخدم مصالح رجال الأعمال الموالين لحزب تحيا تونس الذي يرأسه يوسف الشاهد، رئيس الحكومة آنذاك.

علاقة المستثمر بحزب نداء تونس

خلال الندوة الوطنيّة للمنسّقين الجهويّين لحزب نداء تونس المنعقدة بتاريخ 21 ديسمبر 2018 في أحد النّزل بولاية المهديّة، تمّ إيواء عدد من قياديّي نداء تونس من بينهم سفيان طوبال ورضا بالحاجّ ورضا شرف الدّين بأحد النّزل بالمهديّة بتكلفة 8961.800 دينارا تكفّلت بها شركة Express Logistic الّتي يُديرها أنيس الرياحي. وتُعتبر هذه الشركة  الممثّل الرسمي في تونس لشركة(UPS) United Parcel Service الأمريكية المختصّة في مجال الخدمات البريديّة ونقل البضائع جوًّا. ويُحجّر المرسوم عدد 80 المتعلّق بتنظيم الأحزاب السياسيّة في فصله 19 “المساعدات والتبرعات والهبات الصادرة عن الذوات المعنوية، خاصة كانت أو عمومية باستثناء التمويل المحمول على ميزانية الدولة”. كما يتعرّض من يُخالف هذه الأحكام وفقًأ للفصل 30 من المرسوم ذاته إلى عقوبة سجنيّة. ” يُعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات كل من خالف أحكام الفقرة الأولى أو الثانية من الفصل 19 أعلاه”.

أنيس الرّياحي

كما تمنع مدوّنة قواعد السّلوك الخاصّة بالشركة الأجنبيّة (UPS) المشاركة في النشاطات السياسية للأحزاب من خلال استخدام موارد الشركة وأموالها.

“كمواطنين، يمكننا المشاركة في العملية السياسية، ويشمل ذلك المساهمات الموجّهة لدعم المرشحين والأحزاب السياسية التي نختارها. ومع ذلك، فإن مثل هذه الأنشطة والسياسات الذاتيّة والمساهمات لا يجب أن ترتبط بأموال وموارد  UPSأو تعطي انطباعا بذلك”.

كما يُشير التحقيق الّذي نشرته “نواة” أنّ أنيس الرّياحي قد استفاد من قربه من نداء تونس. فمباشرة إثر تأسيسه شركة Express Air Cargo  المختصّة في الشّحن الجوّي في أكتوبر 2015، تحصّل على “شهادة المشغّل الجوّي” Air Operator Certificates (ACO) من وزارة النّقل الّتي كان على رأسها أنيس غديرة عن حزب نداء تونس. كما أمضى عقدا مع شركة بوينغ في جويلية 2017 بحضور رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد. وقد احتجّ عدد من نقابيّي الناقلة الجويّةTunisair  على ممارسات شركة Express Air Cargo باعتبارها تشتغل على خلاف الصّيغ القانونيّة وتستحوذ على خدمات الشّحن وتهدّد بذلك مصالح الشركة الوطنيّة للخطوط التونسيّة.