فيما يلي أهم النقاط التي جاءت في رد مروان مبروك على مقالنا وتعليقنا عليها.

الفساد المالي والقروض البنكية

بالنسبة لقضيّة الفساد المالي والاعتداء على المال العام والانتفاع بقروض دون ضمانات أو بضمانات وهمية وعدم استرجاع قروض وتمويل مشاريع وهمية وتبييض أموال التي شكّكت في ورودها بالتقرير النهائي لهيئة الحقيقة والكرامة، بالقول “من أين لك أن هيئة الحقيقة والكرامة سبق لها التعرض لمروان المبروك في تقريرها الختامي..” إلى آخر الفقرة. يبدو جليّا أنك لم ترهق نفسك بالإطلاع على تقرير الهيئة حتى تكون ملاحظتك في محلها ومرتكزة على إثباتات ملموسة وهذه وحدها كفيلة بإضعاف ملاحظتك سواء كتبتها بقلم “الزميل” كما أشارت في مراسلتك أو بخلفية المحامي الذي أنت عليه.

وحتى أريحك من عناء البحث وأسهل خصوصا على القراء متابعة الملف فإني أحيلك على “الجزء الثالث من التقرير: تفكيك منظومة الفساد” (الصفحة 42-47) في الباب الذي يتحدث فيه التقرير على الانتهاكات في القطاع البنكي والمالي، ستجد فيه إثباتا واضحا لما كتبته في المقال حول هذه المسألة. في هذا المستوى بالذات يبدو أنك لم تعدّ درسك جيّدا كما يقال.

الأحكام القضائية في الأملاك المصادرة

بالنسبة للسؤال الإنكاري الذي طرحته حول “وجود أحكام قضائية باتة منذ سنة 2018 بمصادرة أموال مروان المبروك العائدة ملكيتها للدولة وعدم تنفيذ هذه الأحكام لحد اليوم..” إلى آخر الفقرة، أحيطكم علما بأن القضاء الإداري أصدر حكمه في قضيّة الأملاك المصادرة لمنوبك مروان المبروك سنة 2018 لكن رئيس المحكمة الإدارية حسب بيان جمعية القضاة لم يجب على طلبات تلخيص الحكم وإحالته على دائرة الاتهام التي أصدرت الحكم في القضية. كما أنّ جمعية القضاة التونسيين ذكرت أن الرئيس الأول للمحكمة الإدارية لم يحرص على إعلام المكلف العام بنزاعات الدولة بأنه يكفي الحصول على شهادة في منطوق الحكم لتنفيذه وإنفاذ مفعول قرار المصادرة باسترجاع الدولة للتصرف في الأملاك المصادرة.

أما حديثك عن تصديق ” الخطب الرنانة لبعض الوزراء” الذين “يلوكون نفس العلكة” فإنني أجد نفسي مضطرا لتوضيح هذه النقطة بالرغم من أنك “زميل سابق” كما ذكرت. بالنسبة للمصادر الصحافية، فإن الوزراء يعتبرون مصدرا رسميا للمعلومة، مدى مصداقيتهم في الواقع مسألة أخرى. أضف إلى ذلك أن الوزير الذي ألمحت إليه لم يتحدث من فراغ ولكن اعتمادا على أحكام قضائيّة كثيرة بمصادرة أموالكم منوبكم صدرت في 2018 ولم يقع لحد الآن تنفيذها واسترجاع ملك الدولة المنهوب من قبل مروان المبروك.

توظيف الإعلام

فيما يتعلّق بالنقطة التي تساءلت فيها مستنكرا “من أين لك أن مروان المبروك وظّف القوة الناعمة للصحافة بطريقة ذكية” للقفز على مسار العدالة الانتقالية والتملص من المحاسبة القانونية والقضائية” لتضيف أن منوبك “محل متابعة سواء لدى القضاء العدلي أو ضمن مسار العدالة الانتقالية”، أعتقد أنك لم تفهم جيدا هذا الجزء من المقال أو فهمته على طريقتك لأن مروان المبروك، وبكل بساطة، وإن كان محل متابعة قضائية إلا أنه لم يستجب للحكم القاضي بإعادة الأملاك المصادرة للدولة. كما أنه وإن كان “ضمن مسار العدالة الانتقالية” إلا أنه لم يسعى لتسوية وضعيته ضمن هذا المسار واتبع مسارات ملتوية وانتقائية لرفع الحجر عن أمواله المجمدة لدى الاتحاد الأوروبي عبر الطلب الذي تقدمت به حكومة يوسف الشاهد السابقة لدى الاتحاد لرفع التجميد عن أمواله، والذي أحاله الاتحاد الأوروبي على هيئة الحقيقة والكرامة لمعرفة ما إذا كان منوبك معنيا بالمسألة في إطار العدالة الانتقالية إلا أن الهيئة اعترضت على هذه المعاملة التمييزيّة في رفع العقوبات بشكل استثنائي وغير مبرر، وهذا هو معنى القفز على مسار العدالة الانتقالية والتملص من المحاسبة القانونية. طبعا هذا الاستنتاج خرجنا به بعد تحليل المعلومات والبيانات المتوفرة ولم يأتي من فراغ.

تحدثتم في نهاية ردكم عن “مبادئ الصحافة” و”أخلاقيات المهنة” وطلبتم “الاعتذار” لما ورد في المقال، إجابتنا لكم هي كالتالي: أنتم لستم مؤهلين لإعطاء الآخرين دروس في مبادئ وأخلاقيات الصحافة وكان من الأجدى احترام القانون وتنفيذ أحكام القضاء وإعادة أملاك الدولة المصادرة. وبالنسبة لطلب الاعتذار من الصحافي الذي كتب المقال والتهديد المبطن من ورائه، يؤسفنا أن نعلمكم بأنه لا يعتذر للفساد ولنهب المال العام.

ملاحظة أخيرة: نسيت التعقيب على تلميحاتكم بوجود “قوة غير ناعمة” “ربما” أوعزت بكتابة هذا المقال. صحيح، هذه النقطة الوحيدة في ردكم التي جاءت في محلها: نعم هي قوة  غير ناعمة وغير مهادنة، هي ضميرنا المهني الذي يؤمن بأهميّة دور الإعلام في محاربة الفساد وكشف المفسدين ومن يدورون في فلكهم.